السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بروفايل

"روجيه جارودي".. الباحث عن الحقيقة

روجيه جارودي
روجيه جارودي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تحل اليوم الذكر الثامنة على رحيل الفيلسوف الفرنسي روجيه جارودي، والذي رحل عن عالمنا في الـ 13 من يونيو عام 2012 عن عمر يناهز الـ 99 عامًا. 
روجيه جارودي هو فيلسوفُ وسياسي فرنسي، الذي حارب مع المقاومة الفرنسية في الحربِ العالمية الثانية، وبعد الحربِ عمل في البرلمانِ ممثلًا عن الحزبِ الشيوعي، وعضوًا في مجلس الشعب، وكان على مدى سنوات محبوبًا من الوسائل الإعلامية الفرنسية؛ بسبب أعماله الفلسفية وجرأته السياسية.
أثار كتابة "منعطف الاشتراكية الكبير" الكثير من الجدل والذي بدأه بعبارة "لم يعد الصمت ممكنا.. فالشيوعية الدولية في أزمة"، كما كان سببًا في فصله من عضوية المكتب السياسي للحزب الشيوعي الفرنسي، ليكون ذلك الفصل هو بداية فصلًا جديدًا من حياة "جارودي" وهي رحلة البحث عن الحقيقة، فقد راح يسعى لإيجاد أجوبة على الأسئلة التي تدور بداخله، فقد أدرك وقتها أن الماركسية لن تستطيع وحدها في الإجابة عن الكثير من الأسئلة الوجودية الكبرى، فانشغل بهموم الإنسان والبحث عن سعادته من خلال تحقيق العدالة الاجتماعية، فكان "غاردوي واسع الإطلاع على شتى ثقافات العالم، فكان نظرته إلى الحياة نظرة شمولية، وكان يتأمل بعقل المفكر والفيلسوف من خلال دراسته في الإنسان وأبعاده المتعددة. 
وبالنظر إلى حياة غارودي نجد أننا حياة إنسان مليئة بالتفاصيل فتميزت مسيرته المهنية بالنزعات، فعندما كان طالبًا جامعيًّا انضمَّ إلى الحزبِ الشيوعي الفرنسي عام 1933، ولكنّه فُصل من الحزبِ في عام 1970 بعد انتقاده غزو الاتحاد السوفيتي لتشيكوسلوفاكيا عام 1968، بالرغم من أنّه كان مؤيدًا للتدخل السوفيتي في هنغاريا قبل 12 سنةً، ووجد نفسه منجذبًا إلى الإسلام حتى أعلن اعتناقه للإسلام في العام 1982.
لقد كان غارودي فيلسوفا، باحثا عن الحقيقة، ورجل موقف جعل قضيته بسعة العالم، من خلال مواقفه الشجاعة، التي من بينها موقفه من العدوان الأطلسي على العراق وتدميره، إضافة إلى موقفه من قضية الشعب الفلسطيني المظلوم، التي كان واضحا في التعبير عنها، لاسيما بعد الاجتياح الإسرائيلي للبنان، الذي كان من ابرز نتائجه مجزرة المخيمين الفلسطينيين "صبرا وشاتيلا" في العام 1982 حيث نشر في جريدة "لوموند" الفرنسية مقالا تحت عنوان "معنى العدوان الإسرائيلي بعد مجازر لبنان".
ولد جارودي، في العام 1913 في فرنسا، من أم كاثوليكية وأب ملحد، ودخل الجامعة في مرسيليا، مسقط رأسه، واعتنق البروتستانتية وهو في سن الرابعة عشرة، ثم انضم إلى صفوف الحزب الشيوعي الفرنسي، وفي العام 1937 عين أستاذا للفلسفة في مدرسة الليسية من ألبي. خلال الحرب العالمية الثانية، وبعد الاحتلال الألماني "النازي" لفرنسا، انضم لحركة المقاومة الفرنسية، واعتقل من قبل حكومة "الفيشيين" وأرسل إلى معسكر في الجزائر التي كانت وقتذاك تابعة لفرنسا، فقام مع زملائه المعتقلين الفرنسيين بحركة احتجاج داخل المعسكر الذي كان يقوم على حراسته، جنود جزائريون، مسلمون، وعندما صدرت الأوامر لهؤلاء بإطلاق النار على المحتجين، رفضوا ذلك، لينقذوا أرواح المعتقلين ومن بينهم جارودي الذي مثلت تلك الواقعة بداية إعجابه بالإسلام، حيث كان من أبرز مؤلفاته "ما يعد به الإسلام"، و"الإسلام دين المستقبل"، و"لماذا أسلمت.. نصف قرن من البحث عن الحقيقة" و"الأصوليات المعاصرة أسبابها ومظاهرها" إضافة إلى مؤلفات أخرى، مثل "محاكمة الصهيونية الإسرائيلية"و"حفارو القبور.. الحضارة التي تحفر للإنسانية قبرها"و"الولايات المتحدة طليعة الانحطاط" و"حوار الحضارات" و"كيف نصنع المستقبل؟".
ويقول غارودي عن الإسلام:"انتمائي للإسلام لم يأتي بمحض الصدفة، وإنما جاء بعد رحله عناء ورحلة بحث، طويلة تخللتها منعطفات طويلة، حتى وصلت لمرحلة اليقين الكامل، فالإسلام في نظري هو الاستقرار"