السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

«هى».. وشهر مارس

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تحظى المرأة عمومًا والأم على وجه التخصيص بيومين في شهر مارس يمثلان احتفالية خاصة بها من بين تسعة عشر يومًا عالميًا بجانب عيدها المحلى الخاص بالأمومة. ومن حُسن الطالع أن يأتى يوم السعادة العالمى قبيل عيد الأم بيوم واحد، وكأنه يهيىء الأذهان منا والوجدان حيال هذه المناسبة التى اتفق العالم عليها فكرة وإن اختلف عليها موعدًا. 
والواقع فإذا كان حضور شهر مارس هذا العام قد صاحبه تلك الكارثة الكونية الوبائية الممثلة في فيروس كورونا (كوفيد 19)، فقد ألقى الحدث بظلاله على كل المناسبات العالمية والمحلية التى يعرفها مجتمعنا لاسيما عيد الأم. فإذا كان يوم المرأة العالمى قد اصطبغ بصبغة رسمية جعلته حاضرًا في مفكرة المجالس والمؤسسات المعنية بالمرأة حكومية كانت أم أهلية، فإن عيد الأم لا يزال في الوجدان الشعبى بأكثر مما هو عليه في الحضور الرسمى الممثل في اختيار الأم المثالية بمستويات انتقائية متباينة. بيد أن ما يجابهه المجتمع الدولى ومن ثم المحلى في بر المحروسة قد جعل للمرأة بعامة والأم بخاصة دورًا يتسق وطبيعة المناسبتين السنويتين. فالمجتمع الذى يحتفل سنويًا بالمرأة وكذا بالأمومة كواحدة من أهم القيم النسوية بات اليوم ينتظر ما سوف تقدمه المرأة المصرية في شهرها المتميز. وأحسب أن أولى هذه التطلعات هى الموقف الرسمى المعلن من قبل المؤسسات المعنية بالمرأة في مصر والتى لا تزال مشاركتها المجتمعية خفيضة الصوت أو كسيحة الحركة إذا قورنت بالدور الرسمى للدولة أو الجهود الفردية على كل الأصعدة. لاسيما وأن تزامن الإعصار مع تهديد الوباء قد استلزما تكثيف الجهود للمواجهة بعدما باتا يمثلان تحديًا لم نجد للحضور الأنثوى حياله أية صدى يمكن تلمسه. ويبدو أن ثمة افتقاد للرؤية الشمولية المرتبطة بالكوارث كانت واحدة من أسباب هذا القصور، في الوقت الذى تمنيت فيه حضورًا إعلاميًا موازيًا يذكرنا بالجمعيات النسوية النشطة التى لم يعدمها المجتمع المصرى عبر مسيرة شراكة المرأة فيه في الأحداث الوطنية!!
إن حضور المرأة المصرية كان كفيلًا بأن يجعل لمناسبتيها مذاقهما الخاص ويُحيى في نفوس أمهات المستقبل قيمة الإحساس بالهم الوطنى، بيد أن افتقاد التأهيل الخاص بالتمريض التطوعى أو التوجيه التوعوى مثالًا لا حصرًا قد جعل حضور المرأة المصرية باهتًا بحكم افتقاد عنصر المبادرة الذى تعودناه منها. وبالطبع فإن الأداء العالى والملتزم للطبيبات والممرضات مثلًا لا يحسب ضمن عطاء المرأة التطوعى لأنه يدخل ضمن تكليفات العمل الرسمية، والتى لا تقلل بالطبع من حجم الجهد الجبار الذى يؤكد على المعدن الراقى للمرأة المصرية الذى هو جزء من معدن المواطن المنتمى إخلاصًا وافتداءً.
وفى المقابل نجد أن الأدوار الفردية للأم المصرية العادية باتت ملموسة النتائج، فقد نقلت بحسها الفطرى لأفراد أسرتها طبيعة الموقف وأسلوب المواجهة. وبالتالى رأينا إيجابية رائعة في الالتزام بمستوى النظافة المنزلية والاستجابة لمنع الأبناء من الذهاب للمدارس و(السناتر) ربما قبل قرار الحظر. بل وكان الإقبال على تلقى المعلومات بل والأخبار من مصادرها أمرًا ملموسًا، وإن أوجدت هذه الطفرة المعرفية مساحة من التضليل الشائعى بحكم تنامى سلوك (العليم ببواطن الأمور) أو حضور شخصية (أبوالعُريف) لدى البعض. ولكم تمنيت أن يكون الحضور التوعوى لجمعيات المرأة مستهدفًا التجمعات الشعبية والقروية التى يكثر فيها اللغط وتعلو درجة المسامرة المتبادلة كأسلوب موازٍ لأحاديث (جنرالات المصاطب) أو (حزب الكنبة) في خطوب الوطن الجسام على المستويين السياسى والعسكرى.
لقد كان لزامًا على المرأة المتعلمة والمنتمية تنظيميًا لكيانات ذات مسميات براقة أن تجعل من مناسبتى «يوم المرأة» و«عيد الأم» بمثابة العطاء المقابل لكل أوجه التكريمات والاحتفاليات التى حظيت بها من المجتمع المصرى منذ أن تم الإقرار بهما. وبالطبع فلست متشائمًا من تنامى الجهود الخافتة فلا يزال في الوقت متسعًا، لا سيما في مدة الأسبوعين المقبلين بما يمثلان من تحديات جادة حيال مؤشر الإصابة التصاعدى أو انحساره التنازلى. ولسوف أتمنى على (المجلس القومى للمرأة) تحديدًا الاضطلاع بالعبء التنظيمى لكل جهود المرأة في المؤسسات الأهلية التطوعية أو أمانات المرأة الحزبية. ذلك أن تشتت الجهود بحكم تعدد الجمعيات النسوية يحتاج بالفعل إلى جهد تنظيمى يستند على توزيع الجهد وفقاُ للإمكانات البشرية والمادية المتباينة وبما يضمن عدالة في توزيع المشاركات وأسلوبها. عسانا معها نضيف لحظ المرأة من مارس نصيبًا لها من «اليوم العالمى للسعادة»، اللهم إلا إذا اكتفت أن تحظى بذات النصيب وفى مارس أيضًا ولكنه هذه المرة في «اليوم العالمى للمسرح» !!.