الخميس 16 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

عمار يا مصر .. في نفوسهم مرض وفي هواهم غرض!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
سؤال من عينة الأسئلة التي لا تجد لها إجابات واضحة وصريحة كثيرا ما وقفت أمامه مستغربا ومندهشا، لأنه يطرح قضية غاية في الخطورة خصوصا في هذا التوقيت الحرج الذي تعيشه مصر وفي هذا الممر الضيق الذي تحاول الدولة الخروج منه بأقل الخسائر الممكنة لتستطيع استكمال مسيرتها نحو المستقبل الذي يريده شعبها هو : لماذا يكره البعض الجيش ويناصب الشرطة العداء لدرجة استباحة قتل أفرادهما من الضباط والجنود؟! ولأنني لا أحصل على إجابة مقنعة منهم أعيد على نفسي قراءة المشهد من 25 يناير 2011 وحتى الآن وأسأل: هل كان يمكن للثورة التي انطلقت بدون رأس أو برنامج ثوري أو آلية واضحة أن تخلع النظام وتجبره على الخروج لولا تدخل الجيش وهو القوة الصلبة والمؤسسة القوية في الدولة وقد حدث ذلك منه قبل خلع مبارك بعشرة أيام؟ الإجابة بالقطع (لا).. لكن هذا البعض يرد ويقول هذا دور الجيش الطبيعي وكان لزاما عليه هذا الفعل رغم أن حولنا جيوشا لم تسلك هذا المسلك والتزمت جانب السلطة والشرعية الدستورية القائمة وانحازت إلى رئيسها في ليبيا واليمن وسوريا، ونعرف جميعا تداعيات ما حدث ويحدث حتى الآن! 
وأسأل مرة أخري: هل كان لثورة 30 يونيو أن تنجح دون أن ينحاز إليها الجيش ويأخذ زمام المبادرة ويتحمل قائده العام مخاطرة كان يمكن أن تكلفه حياته وتكلف مصر مخاطر التعرض للتقسيم والعقاب من رئيس وجماعة وتنظيم دولي وأجهزة مخابرات عالمية كانوا يعملون جميعا لإضرام نار الحرب الأهلية فيها تمهيدا لتقسيمها إلى دويلات صغيرة منها.. الإسلامية والمسيحية والعرقية والحدودية كما سوف نري في العراق وليبيا وسوريا وكما رأينا في السودان والبقية تأتي، وما حدث وما سوف يحدث نتيجة طبيعية لتفتيت جيوش هذه الدول أو تفكيكها أو إدخالها في حالة اقتتال مع الشعب؟! الإجابة بالقطع (لا) وسوف يرد هذا البعض أيضا بأن الجيش لم يكن أمامه غير هذا الخيار.. والحقيقة أن هذه رؤية خاطئة فإن كان يمكن القول إن ذلك يجوز في المرة الأولي.. فإن خيارا آخر كان يستطيع القائد العام للجيش اختياره هو أن يبتعد عن دائرة الصراع السياسي ويلتزم ثكناته ولن يلومه أحد، وأن تسير علاقة الجيش بالرئيس على أحسن ما يكون! لكن لأن عقيدة الجيش المصري لا تسمح لنفسها أن تري الوطن يتعرض للخطر والضياع وتصمت، ووقف الجيش هذه المرة باختياره الوطني مشفوعا بإرادة شعبية واسعة طالبته بتنفيذ واجبه الدستوري في حماية الدولة الوطنية من التفكك والضياع .
وأعود وأسأل: لماذا يكره البعض الجيش بعد هذا الذي قلته؟! فيقولون نحن لا نكره الجيش لكننا لا نوافق على أن يكون له دور سياسي في الوطن، فأسأل: بماذا تصفون ما حدث منه في 25 يناير و30 يونيو من انحياز للثورة والشعب؟ فلا تمسك عليهم إجابة غير أن هذا دوره وفقط، والحقيقة أنهم لا يعرفون بماذا يردون رغم علمهم بالحقيقة أن نجاح الثورتين كان مرهونا برعاية الجيش وحمايته لهما دون أدنى شك أو مزايدة أو مكابرة واجتراء على الواقع المنظور!! والمشكلة الأكبر أن هؤلاء يسقطون كل كراهيتهم للجيش على المشير السيسي المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية وفي ذات الوقت يطلبون منه أن يستمر وزيرا للدفاع وقائدا عاما للجيش وهم في الحالتين في ضلال فكري مقصود وغير مقصود أحيانا أخري.
أما الحديث عن كراهيتهم للشرطة فربما يكون مبررا أحيانا وغير مبرر في الغالب الأعم إذ ربما تكون بعض التجاوزات التي كانت تحدث من قبل من بعض ضباط الشرطة في الأقسام أو في السجون، أو في التعامل عند إنجاز أي معاملات في الشرطة قد ترك عند هذا البعض جروحا لم تندمل بعد وخلف وراءه ثأرًا  شخصيا يستوجب الوفاء به على أي شكل!! لكن الشرطة منذ 30 يونيو انحازت بشكل مباشر للشعب وقررت تغيير عقيدتها لتعود مرة أخرى في خدمة الشعب حقا وصدقا، ونعلم جميعا أن رغبة التغيير جاءت من الرتب الصغيرة في الوزارة طواعية منهم وتبعهم كل القيادات في الوزارة، ونعلم جميعا الآن حجم الثمن الذي يدفعونه للوطن وللشعب من تضحية بالأرواح والدماء , ومع ذلك بينما يسقط كل يوم وربما كل ساعة شهداء منهم وهم يواجهون الإرهاب الأسود نجد للأسف من يخرج علينا من الشاشات وهو يحمل صورة لضابط وهو يسوق أمامه بلطجي أو إرهابي كان يلقي مولوتوف أو حجارة أو كان يحرق سيارة شرطة أو خاصة ويقول هذه هي الشرطة التي لا تحترم حقوق الإنسانن وتنتفخ أوداجه وهو يقول (حتى لو أن هذا المتهم كان يحرق أو يقتل لا يجب أن تعامله الشرطة هكذا) .. هذا البعض الضال نسي أن يحمل معه صورة للجندي الذي قتله إرهاب من يدافع عنهم أمام كنيسة 6 أكتوبر وصورة للشهيد اللواء محمد السعيد الذي اغتيل أمام منزله وغيرهما مئات الصور التي لا يجرؤ هذا البعض على حملها لأنها تتعارض مع ما يؤمن به!! البعض يؤمن بضرورة هدم الجيش وكسر الشرطة لتنهار الدولة وهو يقسم أنه يحب البلد ويحب الحرية والديمقراطية ويؤمن بحقوق الإنسان.. لكن بأي إنسان يؤمن؟!.. هذه هي القضية.
هؤلاء الذين يكرهون الجيش ويناصبون الشرطة العداء لدرجة القتل والاغتيال أعتقد أن في نفوسهم مرض عضال لا شفاء منه إلا من رحم ربي.. وفي هواهم غرض يهون أمامه الوطن ويتلاشى أمامه الانتماء وتسقط أمامه القيم والأخلاق!.