الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

عزله ناصر وكرمه السادات والسيسي.. أحمد إسماعيل حكاية «مشير» نجا من القتل ليحقق أعظم نصر عسكري في تاريخ مصر الحديث

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
"كنت أعرف جيدًا معنى أن تفقد مصر جيشها، إن مصر لا تحتمل نكسة ثانية مثل نكسة يونيو 1967 وإذا فقدت مصر جيشها فعليها الاستسلام لفترة طويلة.. ولقد حققنا انتصارًا كبيرًا بل حققنا انتصارًا مضاعفًا لأننى تمكنت من الخروج بقواتي سليمة بعد التدخل الأمريكي السافر في المعركة"، تلك كلمات خالدة محفورة في التاريخ لواحد من أشجع رجال نصر أكتوبر، إنه المشير أحمد إسماعيل، الذي حول سقطاته المتكررة إلى أعظم انتصار في تاريخ مصر الحديث. 
لا يعرف الكثيرون منا أن "إسماعيل" الذي كان ضلعا رئيسيا في نصر أكتوبر المجيد نجا من القتل، فنتيجة لإنجاب والدته للعديد من الفتيات فكرت في الإجهاض بحملها الذي لم تكن تعلم أنها ستنجب واحدًا من أفضل القادة العسكريين في العالم ووزير حربية نصر أكتوبر، حيث صنفته مجلة الجيش الأمريكى كواحد من بين ٥٠ شخصية عسكرية عالمية أضافت للحرب تكتيكًا جديدًا.

لعبة القدر
وبعد أن أنقذه القدر.. ولد في ١٤ أكتوبر ١٩١٧ في الكحالة بشبرا في محافظة القاهرة، وعلى الرغم من حصوله على الثانوية العامة إلا أنه فشل في الالتحاق بالكلية الحربية مرتين (لأنه من عامة الشعب) والتحق بكلية التجارة إلى أن تقدم للكلية الحربية بعد إعلانها عن قبول دفعة من الطلاب لظروف الحرب العالمية ونجح هذه المرة ليلتحق بالحربية التي تعرف خلالها على 2 من رؤساء مصر الزعيم جمال عبد الناصر، والرئيس الراحل محمد أنور السادات، ويتخرج في ١٩٣٨. 
شارك أحمد إسماعيل في العديد من الحروب الكبرى وأبرزها الحرب العالمية الثانية كضابط مخابرات في الصحراء الغربية، وحرب فلسطين 1948، إلا أن الدور الأكبر لوزير نصر أكتوبر برز أثناء حرب الاستنزاف حيث عينه الزعيم عبد الناصر قائدا لقوات شرق قناة السويس، وبعد ثلاثة شهور فقط من معارك 1967 أقام أول خط دفاعى، وكان لهذه القوات معارك تاريخية تصدت خلالها للعدو، وخاضت ملاحم تاريخية.
3 معارك شكلك ملامح القائد
ولعل أبرز الملاحم التاريخية التي سطرتها القوات المصرية كانت تحت قيادة أحمد إسماعيل أثناء حرب الاستنزاف، وهي معركة رأس العش، ومعركة الجزيرة الخضراء، وتدمير وإغراق المدمرة الإسرائيلية "إيلات".
معركة رأس العش
معركة رأس العش هي إحدى معارك حرب الاستنزاف، وقعت في 1 يوليو 1967، وتعد أول مواجهة عسكرية في أعقاب النكسة، حيث داهمت المدرعات الإسرائيلية منطقة بور فؤاد لكن قوة من الصاعقة المصرية نجحت في صد الاعتداء الإسرائيلي، وكانت الحادثة بمثابة الشرارة التي أدت لاندلاع حرب الاستنزاف.
ولعل أبرز من كتب على هذه المعركة اللواء محمد عبد الغني الجمسي رئيس هيئة العمليات أثناء حرب أكتوبر في مذكراته عن الحرب حيث كتب: "اليوم الأول الذي تولى فيه اللواء أحمد إسماعيل على قيادة الجبهة في أول يوليو 1967 تقدمت قوة إسرائيلية شمالا من مدينة القنطرة شرق ـ شرق القناة ـ في اتجاه بور فؤاد ـ شرق بورسعيد ـ لاحتلاله، وهى المنطقة الوحيدة في سيناء التي لم تحتلها إسرائيل أثناء حرب يونيو. تصدت لها قواتنا ودارت معركة رأس العش، إلا أن العدو فشل في اقتحام الموقع وكانت النتيجة تدمير مركبات العدو بالإضافة لخسائر بشرية واضطرت القوة الإسرائيلية للانسحاب، وظل قطاع بور فؤاد هو الجزء الوحيد من سيناء الذي ظل تحت السيطرة المصرية حتى نشوب حرب أكتوبر 1973.
تدمير إيلات
ومن العلامات البارزة في حياة المشير أحمد اإسماعيل هي وضع الخطة العسكرية لعملية تدمير وإغراق المدمرة إيلات، والتي نفذتها القوات البحرية في 21 أكتوبر 1967، وتم إغراق المدمرة إيلات وهي في مياه بورسعيد الإقليمية، وأسهمت الواقعة في رفع الروح المعنوية للجنوب المصريين المنكسرين في أعقاب نكسة 1967.
معركة الجزيرة الخضراء
الجزيرة الخضراء هي حصن صخري بنته القوات البريطانية خلال الحرب العالمية الثانية للدفاع عن قناة السويس ضد هجمات دول المحور، وتقع الجزيرة على بعد 4 كيلومترات جنوب مدينة السويس ومدخل قناة السويس، وفي ليلة 19 يوليو 1969، أغارت وحدات من قوات العمليات الخاصة الإسرائيلية على الجزيرة الخضراء، بهدف احتلالها وتدمير موقع للرادار ونقطة لسلاح الإشارة المصري، إلا أن القوات المصرية المكونة من 100 ضابط وجندي تصدت للغارة الإسرائيلية وكبدت العدو خسائر تقدر بأكثر من 60 قتيلا و100 مصاب، وإغراق عددًا من الزوارق الإسرائيلية والعديد من غنائم الأسلحة بخلاف الخسارة الجوية. 

من الإقصاء إلى التكريم 
موقعة الزعفرانة، هي عملية إنزال البرمائي على شاطئ خليج السويس في منطقة الزعفرانة، وكانت السبب وراء خلاف كبير بين الزعيم جمال عبد الناصر اللواء أحمد إسماعيل من منصبه حيث كان يشغل رئيس أركان الحرب آنذاك على أثر عصيانه أمرًا للرئيس ناصر عندما طلب منه التوجه إلى الزعفرانة لإدارة العمليات إلا أن إسماعيل فضل العودة إلى القاهرة مخالفًا أوامر الرئيس عبد الناصر، وهو الأمر الذي واجهه الرئيس بقرار صارم بعزل إسماعيل. 
بعد تولي الرئيس السادات الحكم عين اللواء أحمد إسماعيل مديرًا لجهاز المخابرات العامة ثم وزيرًا للحربية في 26 أكتوبر 1972 وكان للمشير أحمد إسماعيل دور قيادي ومعنوي في حرب أكتوبر عام 1973، حيث اعتمد عليه الرئيس السادات بشكل كامل في إدارة العمليات وتنفيذ خطة الحرب. 
وبعد النصر منح الرئيس السادات رتبة المشير لأحمد إسماعيل، كما منحه أيضًا الرئيس السادات نجمة سيناء في 19 فبراير عام 1974 في الجلسة الاستثنائية لمجلس الشعب والخاصة بتكريم قادة حرب أكتوبر.
وسرعان ما باغت الوزير القوي مرض "السرطان"، حيث أصيب بسرطان الرئة، ليلقى ربه في ثاني أيام عيد الأضحى الموافق 25 ديسمبر 1974 عن عمر يناهز 57 عاما.
ولم يكن رحيله نهاية لتكريمات كثيرة حصل عليها أحمد إسماعيل أحد أبرز أبطال نصر أكتوبر، ففي عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، تم تكريم أسرة المشير الراحل أحمد إسماعيل، بمناسبة أعياد تحرير سيناء 2013، كما تم إطلاق اسم المشير على محور روض الفرج أحد أبرز المشروعات القومية العملاقة في مصر حاليا.