السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

بنات صدقي 1 من 2

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
على صدقى عبدالقادر (1924- 2008) شاعر الشباب والحب، وصاحب الوردة الحمراء، وهو التجربة الشعرية الليبية الاستثناء في إثارة الجدل حولها، بين مُعترف بها، ومعارض لها- حد نفى الصفة الشعرية عنه، وقد عرفهُ محبوه مندهشين، بتلك العبارات المؤكدة التى يشى فيها بسنى حياته التى ستمتد إلى مئات الأعوام.. أو غرائبية مفردات نصوصه الأخيرة التى ثابر على نشرها، إلى قبيل وفاته بأيام كنص أسبوعى في ملحق ثقافى بجريدة محلية، وما قدمه في سلسلة رمضانية تليفزيونية، جدلٌ لم تحسمه بعد دراسات تتصدى نقدا لتجربته ولقاموسه الشعرى- إن جاز التعبير- ولمغامرته المبكرة في كتابة الشعر الحر محليا وربما عربيا «نشر نصه الحر بدورية عام 1946م»، كذا تاريخه الذى سطره في انحيازه لكل تأنيث، فقصيدته «لأنى امرأة» هى أقدم النماذج الشعرية في تاريخ القصائد الليبية التى وقف من خلالها موقفا واضحا إلى جانب حق المرأة مطالبا برفع القيود عن كاهلها، غير أن ذلك الانحياز لم يكن شعارات وأقوالا وقصائد يرددها فقط، فكما نادى شعرا ورأيا بالحرية والاستقلال والجلاء التام للمستعمر عن ليبيا سنى شبابه، نحت في ظلال تاريخ نساء عائلته بتنوره، وفكره المتحرر ما آمن به لوطنه، في مرحلة تجاذبتها آراء ونقاشات نُخبتين (ما نتلمسه في الدوريات المحلية أربعينيات القرن الماضى نموذجها جريدة طرابلس الغرب) بين من تعلن مناداتها بدورٍ للمرأة في تنمية البلاد بتمكينها من ولوج مجالات العلم والعمل بمحاذاة الرجل، وبين إلحاح مرده الدينى والاجتماعي المحافظ الذى يرفع سيف حجبها وقصر حراكها بين أسرتها، ثم زوجها، فقبرها، إلا أن الشاعر والقانونى على صدقى «اسمهُ مركب» من تمسك رغم إكراهات ومناوشات المحيط بدور المُساند، والراعي، والمدافع- إذا ما لزم الأمر- فشقيقتيه «زينوبه، وخديجة»، وابنتاه «أحلام، وتماضر»، هو من دفع بهن كنماذج تُحتذى في امتلاك روح المبادرة، والمشاركة الفاعلة المبكرة، فهن من عاصرن جيلين في مشروع النهضة النسوية بطرابلس، حين دأبت رائدات منها على محو أمية فتيات مدينتهن، «كصالحة ظافر، وجميلة الأزمرلي، وزعيمة الباروني، ونديمة شرف الدين، وفاطمة كارة، وعايده طالب،وافطيطيمه بوحلقة...»، ثم السفر ومغادرة الإقليم لتأكيد حضور المرأة الليبية مع شقيقاتها العربيات، ثم المشاركة بالكتابة الصحفية وتحريض من تخلفن عن المسيرة النهضوية، كما شجعهن على الكتابة التوثيقية «أدب الرحلات»، فخديجة شقيقته الصغرى خديجة هى أول ليبية أرخت لرحلتيها للدراسة في مصر «1954م» ولندن «1961م»، وهى سيرة رائدة لا تفتأ تشير فيها لدور الشقيق الأكبر «على»، ولعل الخطوة الأبرز صياغته للقانون التأسيسى لجمعية النهضة النسائية «1958م»، التى كانت خديجة نائبة لرئيستها، أما ابنته تماضر من تحصلت على الترتيب الأول في كتابة الخاطرة ثمانينيات القرن الماضى بمسابقة بطرابلس، وما زالت تحتفظ بملاحظاته على نصوصها، بما اعتبره والدها بذرة لكاتبة متمكنة مشجعا لها على نشره.
حين قابلت أحلام ببيتها، وهى الابنة الكبرى لشاعر الشباب، وخريجة الدفعة الأولى لكلية العلوم بطرابلس، حدثتنى عن عمتها الرائدة خديجة، عضوة جمعية النهضة، والكاتبة الصحفية، والمختصة بتنمية المجتمع، قالت: خديجة عمتى عندما غادرتْ للمرة الأولى لمعهد سرس الليان بمصر كان في ذلك 1954م، وقتها كانت آنسة وعمرها لم يتجاوز 17 عاما، بنات شارعنا بعضهن لا يغادرن بيوتهن للمدرسة، لكن والدى شجعها في السفريتين مصر ولندن، هو من سعى لدفعها لملء نموذج إعلان المركز الثقافى البريطاني، لتصير أول ليبية تتلقى دورة في علم المكتبات الذى حتى كتخصص دراسى جامعى تأخر في بلدنا. والدى سعى معها وشجعها في الدراسة بالداخل والخارج، حتى ما كتبته، شجعها على الكتابة وباستمرار، ولها مقالات، وقصة قصيرة عن زلزال مدينة المرج (شرق ليبيا) بجريدة طرابلس الغرب، أذكر يومياتها «ليبية في بلاد الإنجليز»، تكتبها عمتى خديجة فيأخذها ويراجعها، ثم يحملها إلى جريدة طرابلس الغرب، حلقات تطلع كل أسبوع، كنت أتابعها، بل كانت لها مُتابعات مثلي.