السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة لايت

دكتور أحمد الخليع: المفاهيم المغلوطة تحوّل التصوف إلى بدع وخرافات

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
هل جربت أن تهيم في ملكوت خاص على أنغام صوفية، حين يكون للصوت سطوة، وللأجواء رونق، وللحضور سحر، فاعلم أنك في حضرة فرقة «ابن عربي»، وهى فرقة عربية للإنشاد الصوفى تعتبر من أقدم الفرق، وتأسست عام ١٩٨٨ في مدينة طنجة بالمغرب، ولا تزال تمارس نشاطها حتى الوقت الحالي، وقتها عقد مؤسس الفكرة 

دكتور أحمد الخليع العزم على تأسيس فرقته، ليسمو بقيم الصوفية عاليا، أسماها «ابن عربي» تيمنا بالشيخ محيى الدين بن عربي، أستاذه الأكبر، ومن وقتها مارسوا فنهم وسافروا إلى دول متعددة في قارات مختلفة، ولاقت أغنياتهم قبول وإعجاب الكثيرين إعجابا بفنهم الراقي، ليواصلوا طريقهم غير عابئين باتهامات بعض المتصوفة لهم أنهم بعيدون عن أصول الدين.
«البوابة» حاورت مؤسس الفرقة دكتور أحمد الخليع، والذى حصل على درجة الدكتوراة في التصوف من جامعة السوربون.. وإلى نص الحوار.
■ ماذا عن النشأة والبدايات؟
البداية كانت في عام ١٩٨٨، كنا مجموعة فكرت أن ننشر موسيقى السماع في ربوع العالم، ولم أقم بذلك بدون أخذ المشورة، فأخذت رأى شيوخى في ذلك فوافقوا على الفور، كنت دومًا مهووسًا بمحاولة جعل التغنى داخل الزوايا مسألة عامة يعرفها الناس في المسارح، كى لا يُنسى التصوف، فكلام ابن الفارض لا يعرفه أحد وهذا أمر محزن جدا، هناك قصائد راقية للغاية، منها؛ «إن يمنعوا عنى جمالك أن يرى.. لن يحجبوا عنى خيالك في الكرى.. يا من ببهجته تحيرت الورى.. زدنى بفرط الحب فيك تحيرًا.. وارحم حشا بفرط هواك تسعرًا»، هذه القصيدة لا يعرفها غير الدارسين، نُحاول إيصال المعنى لهؤلاء الناس، فهناك مفاهيم مغلوطة تجعل التصوف خرافة وبدعة.
■ كيف تم تشكيل الفرقة ؟
وقت انطلاقنا كنا ثلاثة فقط، أسامة الخليع، وعبدالواحد صنهاجي، ومعهم أنا مؤسس الفرقة، ظللنا نعزف مقطوعات صوفية للمشاهير، كان عقلى يحفظ الألحان القديمة، فكثير من الألحان التى نقدمها حفظتها من قبل ودونّاها، وهذه المقامات بعضها يوجد في شمال المغرب وقونية بتركيا عند طرق المولوية.
■ ماهى أصعب اللحظات التى مرت عليكم ؟
بالتأكيد، هناك الكثير لا ينسي، ففى عام ٢٠٠٦ قالت لى سيدة في حفلة أقمناها: «أحب الإسلام وموسيقاكم»، لكنها على غير الدين الإسلامي، وبكيت كثيرًا، هذه السيدة أقامت مشاريع عديدة كما شاركت في بناء مساجد، كذلك لم أنس الحفلة التى أقمناها بباريس، بعد حادث «شارلى إيبدو» بيوم واحد «باريس مقلوبة وفيه بوليس»، والمفترض والعقل يقول إنه لن يأت أحد، غير أن الحفلة اكتمل عددها بالإضافة إلى ٥٠٠ شخص منتظرين بالخارج، وكانت نسبة كبيرة منهم أجانب.
■ لماذا يتهم البعض المتصوفين بالبعد عن الواقع والدين؟
إما أن نكون له دارسين كما يفعل المستشرقون وهم يسلمون أخيرا على غالبيتهم، أو يكون مأخوذا من التراث الذى مر عليه ألف سنة، هكذا التصوف، ومن شروط الصوفى أن يكون له شيخ عارف بالله،
مُربٍ عارف بأمراض القلوب وأدوائها، تلك العبارة يجب أن يضعها الناس أمامهم، وكما ربى رسول الله أصحابه، فقد قال الصوفية من لا شيخ له فشيخه الشيطان، في التصوف مفهوم الشيخ والمريد ضرورى جدا، والعمل بهذا المفهوم «هو اتباع الخط النبوي، أما قول الإنسان إنى سأكون صوفيًا بنفسى ومن نفسي، فهو زاهد ومتعبد، هذا ليس متصوفًا».
■ ما هو «السماع» بحكم أنكم لا تؤدون أناشيد وليس أغاني؟
بالفعل طبعا هُناك سماع إلهى وهذا ما نود وصوله للعالم، الصوفية مجمعون أن سبب كون العالم سماع وسبب وجوده محبة، الله قال «كن فيكون»، سمع العدم كن فكان، في الحديث صحيح المعنى، يقول المولى: كنت كنزًا مخفيًا فأحببت أُعرف فخلقت الخلق ليعرفوا، يعبدون أى يعرفون، العبادة هى معرفة الله، وإلا حركات فقط، أما السماع الطبيعى فهو ما تقبله طريق أهل كل بلد كالصعايدة في مصر
■ «أدابًا للسماع» ما معنى تلك العبارة التى كتبت على صفحتكم؟
كثيرًا ما يأتى إلينا من يعتبرها نزهة للطعام والكلام، ولكن السماع لا يكون إلا بزمان أو مكان وإخوان، زمان ترتاح إليه النفس والروح، فلا يعمل السماع إلا لمن يستمع، فعلى عكس كل من يغني، ففى السماع الصوفى المردود على المستمع، لأنك في استماعك تسمع بحق فتصل إلى الحقيقة، يُطرد المتكلمون في مجالس الاستماع، لأن الناس تهتم بالذى يُقال فلا تفهم ما يتم تأديته.
■ «سلبت ليلى» التى تغنيتم بها لا علاقة لها بالحب الإلهي؟
الذى يشغل الصوفية هو الحب في ذاته وليس شخص، الحب ارتباط مباشر بالخالق، فهو يحبهم ويحبونه، ولولا يحبهم ما كانوا يحبونه، وإذا أحب الإنسان الصورة فقط فلن تكفيه، وسيسعى لشيء أعلى منها حين يصل إليها، فالحب الإلهى أبقى، حتى إن قيس بن الملوح الذى كتب كل هذه الأشعار في محبوبته ليلى كان رجلًا من العارفين.
■ كيف ترى الإرهاب الذى يجتاح دولًا عديدة من بينها مصر؟
من الطبيعى للفرقة أن تواجه كل أساليب التطرف والتشدد والإرهاب، بناء على ما ينشره التصوف الذى هو لب الإسلام من خلال رجالاته رضى الله تعالى عنهم، من نشر تعاليم التسامح والمحبة والسلام بين البشر، وقد عظم الصوفية رضى الله تعالى عنهم الإنسان، عكس المتطرفين الذين استرخصوا أرواح الناس، فتجد مؤلفاتهم شاملة لتكريم الإنسان ووظيفته الكونية، ومن أهمهم الشيخ الأكبر محيى الدين بن عربي، الذى تحمل الفرقة اسمه، حيث قال «خلق الله الإنسان مختصرا شريفا، جمع فيه معانى العالم، وجعله نسخة لما في العالم الكبير».
■ «ابن عربي» ترمز لشىء لا يعرفه أحد هل يمكنك إخبارنا به؟
محيى الدين بن عربى شخصية عظيمة، فمن ذكر ابن عربى فهو يذكر التصوف ومن هنا انطلقنا.
■ ترجمة الكلمات أمر صعب على الأوروبيين.. كيف تفعلون ذلك؟
ننقل المقدمات بالفرنسية والإنجليزية ذلك في أوروبا وكذلك نفعل في باقى الدول، إذ نحاول نقل المعانى لهم مع ترجمات، ولأننا وسط الناس، فمن الضرورى التعلم منهم والتحدث معهم.
■ من يختار الدول التى تحيون حفلاتكم فيها؟
ذلك يحدث عن طريق توجيه دعوات لنا ونلبيها كلها، لكننا نختار أحيانا مناسبات تروق لنا، ففى إحدى المرات ذهبنا إلى قصر الحمراء في غرناطة بإسبانيا، بعد ٧١٠ أعوام من خطبة «محمد بن أحمد السلمانى الخطيب»، وكان وزيرا في المغرب والأندلس، ووافقت الليلة التى أقمنا فيها الحفل المولد النبوى الشريف، فكيف لنا رفض ذلك الحفل.
■ الكثير ينقل عن الآخرين ويستمدون من فنهم، فهل تسمعون لغيركم؟
لا أحد ينجح وهو يسمع نفسه فقط، بالتأكيد أسمع موسيقى بشكل عام، الموسيقى الصوفية لحنها وشعرها للصالحين، ولكنه لا يمنع أننى أطرب حين أسمع غناءً، فأنا من محبى أم كلثوم وعبدالوهاب.
■ هل حصدتم نجاحات خلال مسيرتكم؟
فزنا بالجائزة الأولى في مهرجان موسيقى الشباب بتونس عام ١٩٨٨ وهى السنة التى بدأنا فيها، حيث كان الفريق يقدم فكرة غريبة وموسيقى جديدة على الجمهور آنذاك، لذلك أعطونا الجائزة فورًا.
■ من يدعمكم ويرعى فرقة «ابن عربي»؟
لا أحد، ولا أفكر في وجود مؤسسة تساعدنا.