السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الجامعات المصرية في عصر العولمة «2»

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ذكرنا في المقال السابق أن المعدل العالمى لعدد الجامعات بالنسبة لتعداد السكان هو جامعة واحدة لكل مليون مواطن (على الأكثر)، وأن عدد الجامعات في مصر (٦٣ جامعة وأكاديمية)، منها ٢٧ جامعة حكومية، و٢٠ جامعة خاصة، و١٢ أكاديمية، و٤ جامعات أهلية. وفى هذا المقال نعرض وجهة نظرنا حول نوعية الجامعات المطلوبة في عصر العولمة من حيث الملكية والإدارة والنشاط الأكاديمي.
أولًا: الجامعات الحكومية، تظل الجامعات الحكومية والمراكز البحثية التابعة لوزارة التعليم العالى هى القاعدة الأساسية في التعليم العالى والبحث العلمى في مصر.
فهى القاطرة والحاضنة للخبرات العلمية والأكاديمية والإدارية، ويدرس بها أكثر من ٩٠٪ من الطلاب (في المرحلة الجامعية)، ويخرج منها أكثر من ٩٥٪ من مجمل الأبحاث العلمية المنشورة في الدوريات العالمية. ورغم المجهودات الحثيثة لوزارة التعليم العالي، وتحسن أداء الجامعات المصرية على المستوى الدولي، إلا أنه تظل هناك قيود على انطلاق الجامعات الحكومية، مصدرها الأساسى هو قانون تنظيم الجامعات رقم ٤٩ لسنة ١٩٧٢ ولائحته التنفيذية. حيث إن هذا القانون، والذى أعد في أوائل السبعينيات من القرن الماضي، وقت أن كان عدد الجامعات محدودا للغاية، قد أغلق الباب أمام التنوع وتبادل الخبرات واستضافة أساتذة أجانب، وحصر اختيار أعضاء هيئات التدريس والهيئة المعاونة على أبناء الجامعة فقط. وأعطى حقوقًا للعاملين سمحت ببقاء العامل والموظف في مكانه حتى سن المعاش، وبقاء عضو هيئة التدريس في وظيفته حتى الوفاة. والأخطر من ذلك هو قتل الإبداع والتنافسية والحرية الأكاديمية، وهى أساس التقدم في الجامعات العالمية.
ويجب على الجامعات الحكومية المصرية أن تنطلق إلى المستقبل ومعها:
1- قانون جديد لتنظيم الجامعات يسمح باختيار الأفضل من بين كل المتقدمين للعمل في الجامعات (من العامل إلى رئيس الحامعة)، بطريقة الإعلان المفتوح.
٢- ربط الأجر بساعات العمل، وجعل التفرغ للعمل الجامعى هو الأساس وأن يكون التفرغ مجزيًا وجذابًا ماديًا ومعنويًا. والسماح بالعمل لبعض الوقت (Part time) لمن يريد أن يمارس العمل الخاص من أعضاء هيئة التدريس. 
٣- افتتاح أفرع جديدة للجامعات الأم في المدن الجديدة، فيمكن أن يكون لجامعة القاهرة عدة أفرع خارج القاهرة.
ومن حسن الحظ أن أعداد أعضاء هيئة التدريس والهيئة المعاونة في الجامعات المصرية كبير نسبيًا بالمقارنة بالمعدلات العالمية، (نحو ٥ آلاف في طب القاهرة، وقرابة ٤ آلاف في طب عين شمس والإسكندرية، وقرابة ٣ آلاف في طب المنصورة والزقازيق وطنطا وأسيوط)، وهذه الأعداد تسمح لكل جامعة أن يكون لها ٥ أفرع جديدة، دون التأثير على جودة وكفاءة التدريس والتدريب والبحث العلمى وخدمة المجتمع.
٤- إنشاء جامعات جديدة (بحيث يكون هناك جامعة حكومية واحدة على الأقل في كل محافظة)، والتوسع في إنشاء كليات وبرامج جديدة غير تقليدية. فلم تعد هناك فواصل جامدة بين العلوم، وحدث دمج وتداخل بين العديد من التخصصات، وأصبحت علوم الحاسب الآلى والذكاء الاصطناعى والبيوتكنولوجى والنانوتكنولوجى متداخلة مع العلوم الأساسية (الفيزياء والكيمياء والرياضيات)، في شكل برامج حديثة ومتطورة مثل برامج الهندسة الطبية والصيدلة الإكلينكية والتصنيع الدوائى والطاقة الجديدة والمتجددة وغيرها.
٥- الشراكة والتوأمة وتبادك الخبرات مع الجامعات العالمية المرموقة في العالم، سواء كانت في الغرب، مثل الجامعات الأمريكية والكندية والأوروبية. أو في الشرق، مثل الجامعات المتقدمة في كوريا الجنوبيه والهند والصين ورسيا واليابان.
ثانيًا: الجامعات الأهلية، أعلنت وزارة التعليم العالى في صيف ٢٠١٩، عن بدء إنشاء ٤ جامعات أهلية (غير هادفة للربح)، في كل من المنصورة الجديدة، والعلمين الجديدة، والجلالة، وسيناء. ويجب أن تكون هذه الجامعات إضافة حقيقية للتعليم العالى والبحث العلمى في مصر، ونأمل أن تحقق الجامعات الأهلية ما يلي:
١- اجتذاب أحسن الكوادر (المصرية والعربية والدولية)، والعمل على احتذاب العقول المصرية المهاجرة (وهم بالآلاف)، للتدريس في الجامعات الجديدة. 
٢- توفير البيئة الملائمة للإبداع والابتكار لكل العاملين، من خلال التفرغ الكامل وتوفير المعامل والبنية التحتية والفرق البحثية، والتمويل الكافى، مثل ما يحدث في جامعات العالم المتقدم.
٣- سن حزمة من القوانين واللوائح العصرية، ومحاربة البيروقراطية والفساد الإدارى بكل أشكاله.
٤- الاهتمام بالبحث العلمى التطبيقى والشراكة مع الصناعة، وتبادل الخبرات مع مراكز الأبحاث الدولية المرموقة.
٥- التركيز على التخصصات غير التقليديه والعلوم الحديثة. فلا يجب أن تكون الجامعات الأهلية تكرارا للجامعات الحكومية، ولاداعى لإنشاء كليات وبرامج تقليدية، بل يجب أن تبدأ من حيث انتهى العالم في المجالات الجديدة وعلوم المستقبل.
ثالثًا: الجامعات الخاصة؛ الملاحظ أن أعداد الجامعات الخاصة في ازدياد، ولامانع من ذلك طالما التزمت هذه الجامعات بخطة الدولة للتنمية، وحافظت على القواعد الأكاديمية والعلمية القياسية، وتكاتفت مع الجامعات الحكومية والأهلية لتوفير فرص تعليم جيدة لمن لم تستوعبه، أو عجزت عن توفيره الجامعات الحكومية. وأن تسخر الجامعات الخاصة إمكانياتها المادية في الاكتفاء الذاتي، من أعضاء هيئة التدريس والهيئات المعاونة، وإلا تكون أداة تفريغ للجامعات الحكوميه من كوادرها المؤهلة، وأن تراعى الجوانب التاليه:
١- عدم المغالاة في الرسوم الدراسية التى يدفعها الطلاب، وألا يكون الربح هو الهدف الوحيد، وأن يكون للجامعات الخاصة دور فاعل في الحياة العامة والمشاركة المجتمعية.
٢- أن توفر منحًا دراسية مجانية للطلاب غير القادرين، وبنسب تتناسب من الأعداد التى تقبلها.
٣- أن تراعى التنوع والاختلاف في الكليات والمعاهد والبرامج الدراسية التى تستحدثها، فليس من المعقول أن تكون كليات الجامعات الخاصة هى الصيدلة وطب الأسنان والعلاج الطبيعى والهندسة وعلوم الحاسب الآلي. مما أحدث بطالة بين الخريجين وتكدس في سوق العمل في تلك التخصصات.
٤- أن تتكامل مع الجامعات الحكومية والأهلية في توفير التخصصات التى يحتاجها المجتمع مثل كليات الطب والتمريض والعلوم الصحية التطبيقية، والمعاهد الهندسية المتخصصة وغيرها من المجالات الحديثة التى يحتاجها المجتمع.
٥- أن تستثمر في البحث العلمى وأن ترسل مبتعثين لها للدراسة في الخارج وأن تقوم بشراكة مع الجامعات الدولية المرموقة.
والله من وراء القصد وهو يهدى السبيل.