رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

العالم

تغيير المناخ بين عبث الإنسان بالتوازن البيئي وكونه شكلا جديدا لحرب خفية

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news


إن قضية التغيرات المناخية التي يشهدها سكان كوكب الأرض حاليا وتناميها وخطورتها المستقبلية في ظل الارتفاع المضطرد في درجات الحرارة، تأرجحت بين إلقاء مسئولية هذا التغيير على عبث الإنسان بالتوازن البيئي، ورهانات كونها جزء من جيل جديد من الأسلحة الإلكترومغناطيسية المتطورة، المستخدمة في حرب المناخ والتي يتم فيها تصدير الكوارث الطبيعية التي تهدد العالم وسكانه.

 

ففيما، يرى علماء وخبراء غربيون، أن التغير المناخي هو شكل جديد لحرب خفية، يستخدم فيها المناخ كسلاح قادر على إضعاف أية دولة، يرى آخرون أن حرب المناخ وهم من أوهام المتأثرين بنظرية المؤامرة، وبين هؤلاء وهؤلاء تتصاعد الأسئلة وتتزايد القراءات بشأن علاقة التغيرات المناخية بحرب المناخ، وهل هي حقيقة أم خيال؟

 

وتميل القراءة الأولى لكونها دربا من دروب الخيال، إذا ما تم وضع معطيات منظمة الأمم المتحدة في الاعتبار، والتي تؤكد فيها أنه خلال الـ 25 عاما الماضية تضاعفت الحوادث المرتبطة بالتغيرات المناخية ثلاث مرات، ووصلت الانبعاثات الغازية إلى معدلات قياسية وغير مسبوقة، وارتفعت درجات الحرارة في فصل الشتاء في القطب الشمالي بمقدار ٣ درجات مئوية منذ عام 1990، وارتفعت مستويات البحار، وباتت آثار التغير المناخي محسوسة في كل مكان على سطح الأرض، وعواقبها حقيقية وملموسة على حياة البشر. 

 

وطبقا لمشروع (هارب) الأمريكي، الذي ترددت الأنباء عن إغلاقه، تكون القراءة الثانية صحيحة، وتكون حرب المناخ قد بدأت منذ أعوام طويلة، خاصة مع اقترانها بمنظومة التقنية المتقدمة التي أنتجت نظريا وعمليا مشروع هارب للتحكم وتغيير المناخ، وذلك لكونه يشكل سخانا عملاقا - أضخم سخان أيوني في التاريخ - يمكنه أن يسبب خللا في الغلاف الأيوني، حيث كان الهدف الرئيسي منه زعزعة الأنظمة الزراعية والبيئية على المستوى الكوني.

 

فمن خلال إحداث تعديلات في "الغلاف الأيوني" المحيط بكوكب الأرض، يمكن إحداث تغيير في الأنماط المناخية، وهو ما تستند إليه الحرب المناخية، حيث تمتلك الأرض شبكة طبيعية من الموجات الكهربائية ذات التردد المنخفض للغاية، وإذا ما أمكن توليد هذه الموجات بكثافة فإنه يمكن التحكم في الشبكة ككل.

 

قراءة توارت بعض الشيء، بعدما تم الإعلان عن غلق مشروع هارب، فتوقف علماء الأرصاد والبيئة عن البحث في موضوع حرب المناخ، وبدؤوا في التركيز على انبعاثات الغازات الدفيئة، والحد منها بموجب اتفاقية الأمم المتحدة المبدئية بشأن التغير المناخي ، والمعروفة باسم "اتفاقية كيوتو"، والتي وافقت فيها الدول الصناعية على خفض الانبعاث الكلى لهذه الغازات.

 

وجاء إقرار سلاح الجو الأمريكي مؤخرا بالأهمية العسكرية لتقنيات التعديل البيئي في ساحة المعركة الحديثة للحرب غير التقليدية - رغم عدم وجود دليل رسمي على استخدامها - ليبعث فرضية حرب المناخ من جديد، إذ يشير إلى استمرار التلاعب بالمناخ ، وإجراء التطبيقات العسكرية لحرب الطقس الذي تم تجريمه بعد الحرب الباردة، فمن وجهة النظر العسكرية فإن الطقس هو سلاح الحرب الحديثة، وأن تعديل الطقس سيصبح جزءا لا يتجزأ من الأمن الداخلي والخارجي للدول، ويمكن أن يكون له تطبيقات هجومية ودفاعية ، وأن منهجية تعديل الطقس سوف توفر قتالا مع قوة خارجية قوية حيث يتم من خلالها تحقيق الأهداف العسكرية المنشودة.

 

وتؤكد الثوابت العلمية أن قدرة التأثير على الطقس حتى ولو في نطاق صغير يمكن تغييره من قوة هزيلة لقوة مضاعفة، وتتضمن تقنيات تعديل الطقس، زيادة انبعاث الحرارة الكامنة في الغلاف الجوي، وتوفير بخار ماء إضافي لتطوير الخلايا السحابية، وتوفير عمليات تسخين إضافية على السطح لزيادة عدم الاستقرار في الغلاف الجوى (ظاهرة الاحتباس الحراري)، وافتعال الزلازل والفيضانات والأعاصير ورفع وخفض درجات الحرارة.

 

إن القدرة على توظيف التطورات التكنولوجية في الحروب الحديثة، ربما يكون أشد الأسلحة فتكا بالشعوب، فبالتحكم في التغيرات المناخية وتسخير التطور العلمي والتكنولوجيا العالية، سيكون العالم على موعد مع حروب مدمرة وخطيرة وكوارث طبيعية شديدة من حيث حجم التدمير الواسع لها، والذي يزيد أضعافا عن أفتك الأسلحة من حيث مساحة التدمير.

 

وفى الوقت الذي تشكل فيه الهندسة المناخية أحد أهم استراتيجيات القرن الحادي والعشرين وأحد الوسائل التى يمكن استخدامها في رفع وخفض درجة الحرارة، تكون الهندسة الجيولوجية عامل الردع الذي لديه القدرة على تعديل الطقس عن قصد لأغراض إرهابية أو عسكرية، وبين هذا وذاك يقع العلم الذي يمنح مفتاح القوة والحماية والتقدم للشعوب.