الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة العرب

قمة مجموعة السبع ومحاولات فتح الطريق المسدود بين واشنطن وطهران

ظريف وماكرون وترامب
ظريف وماكرون وترامب
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تعد زيارة وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف مقر انعقاد قمة مجموعة السبع في مدينة بياريتس الفرنسية بصورة مفاجئة، مؤشرا على ميلاد بصيص من الأمل قد يفتح الطريق المسدود بين واشنطن وطهران في اتجاه قد يفضي إلى تسوية ما في الملف الإيراني تحقق توازنا بين الاستراتيجية الإيرانية الرافضة للعقوبات المترتبة لخروج الولايات المتحدة الأمريكية من الاتفاق، وحرص الدول الأوروبية على استمراره، وهو ما جعل العديد من المراقبين يعلقون آمالا كبيرة على الوساطة الفرنسية نظرا للتقارب والتنسيق بين فرنسا وإيران في المجال الاقتصادي، خاصة أن فرنسا إلى جانب ألمانيا كانت مهندسة الاتفاق النووي بين الغرب وطهران.
ففي معرض سعيه لإنقاذ الاتفاق من الانهيار، عرض الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، مبادرة بشأن أزمة خروج الولايات المتحدة الأمريكية منه ، تهدف إلى فض التوتر بين واشنطن وطهران الذى تصاعد بشكل كبير منذ شهر مايو الماضي، بعدما شددت الولايات المتحدة العقوبات المفروضة على إيران، وتتضمن المبادرة، غير المعروف إعلاميا تفاصيل كافية بشأن مضمونها، نقطتين هما إما تخفيف العقوبات على إيران، أو توفير "آلية تعويض" لتمكين الشعب الإيراني من العيش بشكل أفضل، مقابل الامتثال التام للاتفاق الذي انسحبت منه الولايات المتحدة في العام الماضي.
وعلى وقع تلك المبادرة، حظي ملف الاتفاق النووي الإيراني بحيز كبير في مناقشات القمة التي استمرت على مدى ثلاثة أيام وتختتم أعمالها في وقت لاحق اليوم الاثنين، سواء على صعيد الجلسات المدرجة في جدول عملها الرسمي، أو في اللقاءات الثنائية بين قادة دول المجموعة التي تضم أربعة أطراف من بين خمس دول تمسها تلك الإشكالية بشكل مباشر ( أمريكا وفرنسا وألمانيا وبريطانيا).
واعتبرت اتجاهات عدة في طهران أن المبادرة الفرنسية ركزت على الحد الأدنى من الخطوات التي يمكن اتخاذها لوقف التصعيد الحالي، حيث تسعى فرنسا إلى إيصال رسالة لإيران، مفادها أن أوروبا لن تقدم الكثير في حال لم تقدم طهران تنازلات، وجاء ذلك في إطار ما يسمى "بالوقف مقابل الوقف" ، بمعنى توقف واشنطن عن فرض مزيد من العقوبات خلال المرحلة المقبلة، مقابل توقف طهران عن اتخاذ مزيد من الخطوات الخاصة بتخفيض مستوى التزاماتها في الاتفاق النووي، مع العمل على تفعيل آلية "انستكس" لمواصلة التعاملات التجارية بين إيران والدول الأوروبية.
وعشية انطلاق فاعليات القمة، طرحت طهران عنصر ضغط جديد في ترسانتها التفاوضية بإعلانها عن تدشين المنظومة الصاروخية الدفاعية محلية الصنع من طراز (بافر 373) بعيدة المدى، وذلك رغم إشارة المسئولين الإيرانيين إلى أن هناك شيء إيجابي يتم العمل عليه، وأن هناك مقترحات على الطاولة في إشارة إلى الجهود الفرنسية التي يتبنى مبادرتها ماكرون حيث إن كل المحاولات والتصعيد من جانب طهران ليس سوى محاولة ضغط جديدة على الأوروبيين من أجل العمل بوتيرة أسرع وأكبر لإنهاء هذه الأزمة التي طالت وبدأت تهدد بتداعيات كثيرة.
وفيما بات الموقف الأوروبي متقاربا مع الموقف الأمريكي فيما يتعلق بمنع إيران من امتلاك السلاح النووي والتفاوض حول برنامجها الصاروخي وأنشطتها المزعزعة للاستقرار في الشرق الأوسط، تراهن طهران على التباين الواضح بين واشنطن وحلفائها في الاتحاد الأوروبي في المواقف حيال الأزمة، فالدول الأوربية لاسيما ألمانيا وفرنسا وبريطانيا، ترفض الموقف الأمريكي من الاتفاق النووي، وتدعو إلى ضرورة التمسك به، وتسعى لإيجاد مخرج دبلوماسي لها ، وفى الوقت ذاته تبحث الدول الموقعة على الاتفاق عن مخرج يحافظ على مصالحها ومصالح شركاتها التجارية في إيران ويجنبها الوقوع تحت سيف العقوبات الأمريكية على طهران.
وخلال اجتماعات قمة مجموعة السبع الحالية، استمر القادة الأوربيون في الكفاح لتهدئة المواجهة المتواصلة بين الولايات المتحدة وإيران التي تتصاعد منذ إعلان الرئيس ترامب الانسحاب من الاتفاق، والتي تتصاعد بشكل لافت في الآونة الأخيرة بزيادة فرض العقوبات الأمريكية في ظل فشل وساطات سابقة من اليابان في التوصل لحل من شأنه نزع فتيل الأزمة بين إيران والمجتمع الدولي.
ومع ازدياد شعور الإيرانيين بتأثير العقوبات الأمريكية على اقتصادها، تطالب إيران، القوى الأوروبية، التي وقعت الاتفاق معها ببذل المزيد من الجهد لحماية المكاسب المالية التي حققتها بعد توقيع الاتفاق، وحاولت القوى الأوروبية تأسيس قناة تجارية لتمرير المواد الإنسانية والطبية مع إيران، لكنها لا تزال غير مفعلة، ولن تعوضها تلك القناة عن المليارات من عوائد النفط التي ستفقدها البلاد بعد العقوبات الأخيرة.
وتعد واشنطن نفسها في موقف قوة إزاء إيران، حيث إنها ليست مضطرة لتقديم تنازلات عبر الحوار فيما يتعلق بالعقوبات وتعتمد على سياسة حافة الهاوية والنفس الطويل، فيما تشترط إيران 3 شروط لقبول عقد اتفاق مع الولايات المتحدة، تتمثل في عودة واشنطن إلى الاتفاق النووي مرة أخرى، ووقف كل العقوبات التي صدرت تجاه إيران، بالإضافة إلى أن تدفع أمريكا كل الخسائر التي تكبدتها طهران جراء تلك العقوبات غير القانونية، ولكن الأخيرة لن توافق على مثل هذه الشروط وإن قدمت بعض التنازلات.
وتراهن على أن تجبر العقوبات الاقتصادية القاسية وغير المسبوقة، طهران على الجلوس على مائدة التفاوض بشروط أمريكا، لا سيما وأن هذه العقوبات تكبد الاقتصاد الإيراني خسائر كبيرة وبصورة ربما لا تجعله قادرا على الصمود طويلا، أو أن تعمل تلك العقوبات على تفجير إيران من الداخل، حيث أكدت تقارير أن العقوبات الأمريكية أثرت على إيران رغم كل النفي المرافق لها.