الثلاثاء 30 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الطريق إلى النجاح

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يختلف مفهوم النجاح من مجتمع لآخر، ومن شخص لشخص آخر، فما يُعتبر نجاحًا عند إنسان، قد يكون متاحًا ومتوفرًا عند آخر، وما يكون حلمًا فى مجتمع ما، قد يكون واقعًا معيشًا فى مجتمع آخر، ويتولد النجاح عندما يحقق الإنسان ما يصبو إليه ويحلم به سواء أكان قريبًا أم بعيدًا، صغيرًا أم كبيرًا، خاصًا أم عامًا، ويرتبط بأهداف محددة ومرتبة وواضحة، فلا نجاح دون نهاية متصورة أو نتيجة متوقعة. ومن المؤسف أن أصبح واقعنا المعاصر يفتقر إلى منهج صياغة الأهداف والسعى الجاد نحو تحقيقها، بل باتت تطغى عليه ثقافة التنافس المادى الأقرب إلى التقاتل والافتراس، وهذا ما يصل بمجتمعاتنا إلى محاف الهاوية، ويعصف بأحلامها وآمالها فى تحقيق النمو والتقدم والريادة، ومعا نستعرض بعض الأسس والمبادئ والسلوكيات الإيجابية التى تساعدنا فى السعى نحو أهدافنا لنرتقى بها إلى سلم النجاح 
1. اصنع قراراتك بنفسك
حدد وجهتك وضع أهدافك وإياك أن تترك زمام حياتك لغيرك يسوقك كما يحلو له، إياك أن تختبئ خلف آخرين يتولون مسئولية اتخاذ القرارات الهامة فى حياتك. فأنت قبطان سفينتك ولا أحد سواك، عش حياتك كما تريدها أنت، لا كما يريدها الآخرون، نعم لديك مواهب ومهارات تميزك عن غيرك فقط تعلم كيف توظف مهاراتك نحو تحقيق أهدافك، ويتحقق النجاح عندما تثق فى الله أولا وفى قدراتك، فثقتك فى الله مع السعى والإرادة تقهر مصاعب الحياة وتصنع المستحيل.
2. المخاطرة مطلوبة
لا تدع الخوف يختار حاضرك ويصنع مستقبلك، إن سيرنا فى الحياة وفق أسلم الخيارات وأكثرها أمانا من أخطر ما يعصف بنا، لا يمكننا أن نتطور ونخطو صوب النجاح ونحن نرفض الخروج من دائرة المألوف والمعتاد، لن تتقدم للأمام ما لم تكن مستعدا لقبول المخاطر والسعى نحو التغيير، نعم فذلك ليس بالأمر الهين أو السهل أو المأمون، لكن الخطوة التى تخطوها فى هذا الاتجاه لها عائدها المجزي، لا أحد منا يعرف كم من الأميال سوف يسير لكى يطارد حلمه، لكن هذه المطاردة هى التى تجعل من حياتك معنى، وحتى حين تتعثر أو تتأخر عن تحقيق حلمك، فأنت أفضل بكثير ممن لزمت قدماه الشاطئ مخافة البلل.
3. لا تركن دائما إلى السبل اليسيرة
يجب أن يكون واضحًا فى ذهن من يسعى للنجاح، أن النجاح ليس سهلًا فى متناول اليد، وأن طريق النجاح غير مُعبد، بل مليء بالعقبات والأشواك والعثرات، ولو تأملنا فى أكثر الأشخاص عبقرية فى التاريخ، نجد أنهم لم يفعلوا شيئا خارقًا غير أنَّهم حرصوا على البقاء خارج منطقة الراحة قدرَ المستطاع، وها هى مقولة أينشتاين الشهيرة: «لا يتعلَّق الأمر بكونى ذكيًا، أنا فقط أتوقف عند المشاكل لفترة أطول». 
الحياة ليست سهلة أو يسيرة، فلا تنتظر معجزة ولا تتوقع من السماء أن تمطرك ذهبا، فلتصنع معجزك بنفسك، بالعمل والجهد والكد، فقد قال الله عز وجل (وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى)) وقال عز من قائل (هُوَ الَّذِى جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِى مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ)، فالأشياء الجيدة تأتى لمن يجتهد فى سبيل تحقيقها، فلا يوجد مصعد يحملك لقمة النجاح، بل يجب أن تصعد درجات سلم نجاحك درجة تلو الأخرى ولتنظر لأى مدى يمكنك أن تصل.
4. الحياة ليست عوائق وفقط
الفرق بين المحنة والمنحة، هو كيفية نظرك إليهما، إذا أبقيت رأسك منحنيًا فستفوتك رؤية ما لدى الحياة لتهبك إياه، حين تواجهك مشكلة لا تجعل الحواجز تتنافس فيما بينها على سد طريقك، فقد يكون الحل فى صياغة المشكلة بشكل مختلف أو النظر إليها من جوانبها العديدة، استخدم استراتيجية المراوغة لاختراق قلب المشكلة، فالغالب منا يتعامل مع المشاكل والمحن من إطارها الخارجى دون تحليل أو معرفة لأسبابها ومسبباتها، فتت الصخرة الكبيرة إلى حبات صغيرة ساعتها تصبح قوة طاغية تحول المحن إلى منح وتعبر من الإخفاقات إلى الإنجازات ومن الفشل إلى النجاح.
5. العمل الدؤوب يقود إلى نتائج أكبر 
يعانى البشر جميعا من محدودية مواردهم: وقتنا محدود، وطاقتنا محدودة. هذه المحدودية تجعل من الأهمية بمكان أن نحسن استغلال مواردنا، ليست كل المهام متساوية فى القيمة والأهمية، لذا لا تشغل وقتك ونفسك بمهام لا نفع فيها ولا عائد، ومشكلة الكثيرين ليست فى قلة ما يملكون من موارد، ولكن فى غياب دوافعهم للنجاح، ولتنجح فى هذه الحياة وتسعد بحياتك، افعل الأشياء الصحيحة بالشكل الصحيح فى وقتها المناسب.
قد يعزو البعض النجاح إلى الحظ أو المصادفة، والأمر على غير ذلك، بل هو وليد عمل شاق وجهد دؤوب فها هو سويشيرو هوندا، والذى ولد فى عائلةٍ فقيرةٍ بمقاطعة هماما تسو اليابانية، ولانعدام الموارد المادية والاقتصادية، ترك هوندا المدرسة عام 1922 وكان عمره 15 عامًا، ثم ترك قريته وتوجه إلى طوكيو ليعمل فى مركز لإصلاح السيارات لمدة 6 سنوات، وفى عام 1928 ومن خلال تمويل ذاتى بسيط يفتتح ورشته الخاصة وفى ذات العام يحصل هوندا على براءة اختراع لتصميمه مكابح معدنية للسيارات بعد أن كانت تصنع من الخشب، من خلال الكد والجد والعمل الدءوب حفل سجل هوندا بأكثر من 470 ابتكار وأكثر من 150 براءة اختراع واطلق اسمه على أكثر ماركات السيارات رواجا حول العالم.
النجاح هو نقطة التقاء الفرصة مع الاستعداد، وبدون الرؤية المستقبلية والاستعداد المسبق لن تغتنم الفرصة ولن تحقق نجاحا يذكر بل قد يتحول الأمر إلى مغارم (فرص ضائعة) تندم عليها حين لا ينفع الندم.
6- إنجز ما بدأت 
الحكم علينا يصدر بناء على ما أنهيناه من مهام وخطوات، قلما تفشل بسبب ما تفعله، بل بسبب ما لم تفعله، بسبب الأعمال التى تتركها بدون نهاية، بسبب الأعذار التى تلجأ إليها حتى لا تنهى أى شيء بدأته.
المرور المستمر للماء على الصخر الصلب يترك أثره، حتى يشق الصخر أو يحفر مجراه فيه. المحاولات المستمرة تجعلك تتغلب على أشق الصعاب. تعلم من الماء، الاستمرار والصبر وعدم اليأس.
7- لا تنشغل كثيرًا حتى لا تنعزل بعيدًا.
تحضرنى مقولة للكاتب الراحل د.رشاد رشدى (إننا لا نسير فى الحياة ولكننا نحملها ونسير بها)، فإياك أن تنشغل بالعمل فتنسى أن تعيش، فإننا نعمل لكى نحيا لا نحيا لكى نعمل، قد ينشغل البعض منا عن أقرب الناس فى أشد اللحظات احتياجًا إليه، السعادة فى الحياة تأتى من علاقات متوازنة بين العمل والمحيطين بك من الأهل والأقربين، استعن بالله وبمن حولك فى سعيك اليومى لتحقيق أهدافك وما تصبوا إليه.
ويحثنا الكتاب المقدس على تبنِّى نظرة متزنة إلى العمل.‏ فهو يشيد بالاجتهاد والنشاط ويدين الكسل، لكنَّه فى الوقت نفسه لا يشجِّع على إدمان العمل بل على تخصيص وقت للراحة.‏ تقول الجامعة ٤:‏٦‏:‏ «حفنة راحة خير من حفنتى كد وسعى وراء الريح».‏ فلا يجب أن يشغلنا العمل عن عائلتنا أو الاعتناء بصحتنا.‏ فماذا تنتفع إن أفنيت نفسك فيه؟‏‏
8- تلمس دوائر اهتمامك وتخير المحيطين بك
اعرف قدر نفسك عند غيرك وما يستحقونه منك، اجعل من دوائرك المقربة أهل العلم والحلم والفكر والحكمة فحوار مع حكيم قد يوفر عليك ما كنت ستتعلمه وتصل إليه فى سنوات عديدة، أحط نفسك بمن يساندونك حين تسوء الأمور، ويقفون بجانبك حين تُعرض عنك الأيام بظلالها.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل»، قالها النبى من أربعة عشر قرنًا وجاء العالم ديفيد ماكليلاند من جامعة هارفارد ليطلق مصطلح «النجاح بالمصادقة» فقد قام بدراسة سلوكيات وصفات الأشخاص الناجحين. وقد اكتشف أنّ العامل الأكثر أهمية الذى يُفرّق بين الناجح والفاشل هو مجموعة الأشخاص الذى يحيط نفسه بهم، فصداقة الأشخاص الأكثر نجاحًا منك والذين لديهم طموح وهدف يسعون إليه يعطى دافعًا للتقدم وبذل جهد أكبر حتى تصل إلى نجاحك المنشود.
9- لا تجعل حياتك قصة حزينة
فى الحياة ما يكفى من الدراما والأحداث الحزينة فلا تزد منها، لا تكن كالنائحين المتذمرين الذين ينظرون إلى الحياة نظرة قاتمة، إذا تحدثت عن الأمل يحدثونك عن الفشل، وإذا تكلمت عن السعادة اغرقوك فى الكآبة، وإذا تطلعت إلى الغد أعادوك إلى أمس الأمس فلا تركن إليهم ولا تتخذ من سبيلهم سبيلًا.
10- تجنب نظرتك السلبية لذاتك
لكل إنسان منا عيوبه ونواقصه، ويظن أنها من أسباب تفلت السعادة من بين يديه، لكن حين نتعايش معها ونحاول حسن استغلالها، سنجد أن حياتنا أصبحت مثمرة، عليك أن تتقبل ضعفك ونقصك، وأن تبحث عن جانب الخير والنفع فيما أعطاك الله.
ومن القصة عبرة، يُحكى أن سيدة صينية كان لديها وعاءان تملؤهما بالماء من النهر وتعود بهما إلى بيتها كل يوم. الإناء الأول كان سليما يحفظ كامل الماء، وكان الآخر مثقوبًا يتسرب منه الماء قطرات وقطرات عبر رحلة العودة، وبعد مرور عامين على هذا المنوال، بلغ به الخجل أشُدَه، وبلغ بالوعاء السليم الفخر مداه، وتحدث الوعاء المثقوب مع سيدته عن مدى شعوره بالأسى والخجل لتسرب الماء منه، ابتسمت السيدة قليلًا ثم قالت: هل لاحظت صف الورود الذى زرعته على جانب طريقى إلى النهر، هذه الورود نثرت حبوبها بنفسي، وكل يوم أثناء عودتى من النهر كنت أسقيها بالماء المتسرب منك وعلى مر عامين كنت أقطفها لأزين بها طاولتى وشرفات البيت، ولولا تسرب المياه منك لما استمتعت واستمتع زوارى ببهجة تلك الورود. 
ليس النجاح فى كيف يراك الناس ولكن كيف ترى نفسك، فإن لم تكن تعرف طريقك (هدفك) فلن تستطيع الوصول إليه، النجاح هو طائرتك الخاصة التى تنتظرك لتقلع بها فى الاتجاه الذى تريد، ولن تصل الطائرة إلى وجهتها إلا إذا تحركت الآن، إذا كنت تظن أن أفضل وقت لزراعة شجرة كان منذ سنوات مضت، فإن ثانى أفضل وقت لزراعتها هو الآن وليس بعد ساعات أو دقائق، فلتزرع شجرة نجاحك اليوم ولتجنى ثمارها ولو بعد حين.