رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

حوارات

«أماني الطويل»: التحرك المصري في أفريقيا قاده الرئيس السيسي.. مديرة البرنامج الأفريقي بـ«الأهرام الاستراتيجي»: 40% من الفساد مرتبط بالمخدرات والاتجار بالبشر.. وحلم العملة الموحدة ما زال بعيدًا

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
  • واشنطن تسعى لفرض نفوذها على القارة السمراء
  • إيران تتواجد فى أفريقيا منذ أكثر من عقدين.. وأنشأت مدارس للتشيع بنيجيريا
  • 4 نزاعات فقط تشهدها القارة الأفريقية.. وما يحدث فى إثيوبيا «صراع على السلطة»

طالبت الدكتورة أمانى الطويل، مديرة البرنامج الأفريقى بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، بإنشاء منظومة إقليمية للدول المشاطئة للبحر الأحمر، لافتة إلى أن هناك أكثر من 160 جزيرة، وثلث هذه الجزر قابل للاستغلال من دول أخرى، وبالتالى فإن أى دولة يمكن أن تتفق مع دولة أفريقية أخرى، لتأجير الجزر، وإقامة قواعد عسكرية تابعة لها.
وأكدت الطويل فى حوارها مع «البوابة نيوز»، أن أفريقيا تمثل الأمن القومى لمصر، والدولة المصرية التفتت إلى هذه النقطة وأصبح لدينا آليات داخلية للتعامل مع أفريقيا، تم وضعها فى ظل إدراك التحديات ووضع حلول لها، ومن ضمنها إدراك ضرورة التكامل الاقتصادى (الأفريقي- الأفريقي)، وأيضا إدارة التهديدات الأمنية على المستويين المصرى والأفريقي، محذرة من تنامى الخطر الإيرانى فى المنطقة.
فإلى نص الحوار..





■ ما تقييمك للعلاقات المصرية - الأفريقية؟
- مرت العلاقات المصرية الأفريقية بمرحلتين منذ ٢٠١٣ إلى ٢٠١٦، وكانت الدبلوماسية الرئاسية فقط تقود الجهود المصرية فى أفريقيا، وذلك فى ضوء إدراك لطبيعة المصالح فى أفريقيا، ولعب بناء سد النهضة وتجميد أنشطة مصر فى الاتحاد الأفريقى دورا مهما، وفى هذه المرحلة انحصر التحرك المصرى فى إفريقيا فى حركة الرئيس السيسي، فى زياراته وخطاباته سواء الداخلية والخارجية، كما لعب وجود مصر فى مجلس الأمن الدولى ومجلس السلم والأمن الأفريقي، دورا كبيرا فى دعم القضايا الأفريقية.
ومنذ ٢٠١٦ حتى اليوم أصبح لدينا آليات داخلية للتعامل مع أفريقيا، تم وضعها فى ظل إدراك التحديات التى نواجهها ووضع حلول لها، ومن ضمنها إدراك ضرورة التكامل الاقتصادى (الأفريقي- الأفريقي)، وأيضا إدارة التهديدات الأمنية على المستويين المصرى والأفريقي.
وعلى المستوى الاقتصادي، فإن قطاع الأعمال العام ليست لديه القدرة على التمويل المباشر للاستثمار فى أفريقيا، فتم الاعتماد على القطاع الخاص، وكان أمامه تحديات ضمان الاستثمار فتم إنشاء صندوق الاستثمار، وبدأ يتم الترويج للاستثمار فى أفريقيا، وذلك عبر مؤتمرات الاستثمار فى أفريقيا التى تعقد سنويا، وكذلك دعم التبادل التجارى عن طريق منظمة الكوميسا.
أما على مستوى إدارة التهديدات الأمنية، فقد بذلت مصر مجهودًا كبيرًا، فدعت لاجتماع وزراء الدفاع لـ٢٦ دولة أفريقية، وتم فيه الاتفاق على التعاون بين مصر والدول الأفريقية، وهذا التحالف تمخض عنه تأسيس مركز لمكافحة الإرهاب فى مصر، الذى يوفر منحا لدعم قدرات دول القارة فى مجالات مكافحة الإرهاب.
أما على مستوى مكافحة الفساد، فنجد أن ٤٠٪ من الفساد مرتبط بالمخدرات والإتجار بالبشر، وتعتبر ممولا للإرهاب، وقد وضعت آلية قارية لها وسائل اتصال مؤمنة للاتصال المباشر والسريعة لمواجهة الجريمة المنظمة، التى ينتج عنها تمويل للإرهاب، وذلك فى مؤتمر مكافحة الفساد الذى عقد فى مصر مؤخرا.
■ ولكن هناك صراعا دوليا كبيرا يحدث فى أفريقيا للهيمنة على القارة، فلماذا؟
- أساس الصراع الحفاظ على المصالح وفرض الهيمنة، فكل الدول الاستعمارية الكبرى، حافظت على مناطق ارتكاز لها فى مستعمراتها القديمة فربطت النخب السياسية الحاكمة بها، وجعلت الاقتصاد تابعا لها، فدولة كفرنسا تحيى نفوذها فى وسط أفريقيا، ابتداء من جيبوتى حتى موريتانيا، وهى منطقة ثروات خاصة اليورانيوم الذى يستخدم فى إنتاج الكهرباء.
وفرنسا والولايات المتحدة تصنف القارة السمراء على قدر كبير من الأهمية الاستراتيجية بالنسبة إليها ما جعل واشنطن تطلق فى عام ٢٠٠٦، (USAFRICOM)، القيادة العسكرية الأمريكية فى أفريقيا، من أجل فرض نفوذها وسيطرتها.
أما الصين فبدأت استثماراتها بـ١٠ مليارات دولار فى التسعينيات من القرن الماضي، أما الآن فحجم هذه الاستثمارات وصل ٢٠٠ مليار دولار، واستفادت من البترول والموارد الأفريقية، فى بناء اقتصادها، وتطرح اليوم أكبر مشروعاتها الحزام والطريق، ما يدشن لصعود صينى هائل، تسبب فى قلق للولايات المتحدة، وجعلها تتصدى له.
واتجهت إسرائيل إلى تطويق المنطقة العربية بإقامة علاقات قوية مع الدول المتاخمة للعرب، مثل إثيوبيا والسنغال ومعظم الدول الأفريقية المشاطئة للبحر الأحمر، ومارست علاقات مع كل الأقليات غير العربية على الأراضى العربية ويوجد فى تل أبيب «معهد ديان» الذى يعمل على هذا الملف تحديدًا، بهدف تشتيت وشرذمة المنطقة العربية.
وأيضا القواعد العسكرية الأجنبية فى جيبوتى، أمر مقلق للغاية، ويشكل تحديا لمصالح الدول المشاطئة للبحر الأحمر، ولا بد من مواجهة ظاهرة عسكرة البحر الأحمر، عبر منظومة أمنية إقليمية لحمايته من الدول المطلة عليه، حتى لا تسيطر عليه دول أخرى.


■ ولماذا تسعى تركيا للوجود فى أفريقيا؟
- بعد حرب الخليج الثانية، حدث صراع بين كتل فى الأنظمة العربية، تسببت فى تراجع قوة النظام العربي، وبالتالى من الطبيعى حدوث تمدد للقوى الطامعة، خصوصا فى إمكانات وثروات أفريقيا، ومن هنا نستطيع أن نفهم لماذا الوجود التركى فى البحر الأحمر، الذى به أكثر من ١٦٠ جزيرة، وثلث هذه الجزر قابل للاستغلال من دول أخرى، والوجود الدولى ناتج عن عدم وجود منظومة أمنية إقليمية من الدول المشاطئة، فبالتالى أى دولة يمكن أن تتفق مع دولة أفريقية أخرى، لتأجير الجزر، وإقامة قواعد عسكرية تابعة لها.
■ وماذا عن وجود إيران فى أفريقيا؟
- التمدد الإيرانى مرتبط بالصراع الخليجي- الإيراني، وكان الرئيس الأسبق حسنى مبارك دائما يصف التمدد الإيرانى بـ«الهلال الشيعي»، الذى يبدأ من لبنان وينتهى فى اليمن، وبالفعل اكتمل، بزعم حماية مصالحها.
وإيران موجودة فى أفريقيا منذ أكثر من عقدين، وأنشأت مدارس كثيرة للتشيع خاصة فى نيجيريا، فمثلا هناك ميليشيا شيعية تحارب الحكومة الآن.
كما أن لإيران استثمارات ضخمة فى غرب أفريقيا، وقد حاولت اختراق جيبوتى فى ٢٠٠٩ عبر تدريب عناصر تابعة الحرس الثورى فى جيبوتي.
وقد بدأ الوجود الإيرانى فى البحر الأحمر انطلاقا من المنصة السودانية فى منتصف السبعينيات وعلى خلفية سوء العلاقات الثنائية بين مصر والسودان وقتذاك.
■ دائما اسم أفريقيا مرتبط بالنزاعات والانقلابات، فما تأثير ذلك على تحقيق التنمية فيها؟
- هناك ٤ نزاعات فقط فى أفريقيا كلها، تنحصر فى الكونغو وجنوب السودان ونيجيريا والصومال، وما يحدث فى إثيوبيا هو صراع على السلطة بين القوميات فيها، وهناك نزاعات مرتبطة بالتغير المناخي، وهى محدودة نسبيا وحصلت فى كل من نيجيريا ومالي، وربما تنجح مبادرة إسكات البنادق المطروحة من جانب الاتحاد الأفريقى فى تقليص هذه النزاعات الفترة المقبلة
■ وما الفرص التى يمكن اقتناصها فى أفريقيا؟
- من ٢٠١٣ حتى الآن، ارتفعت قدرات الدولة الشاملة المصرية، ووزنها الإقليمي، بعدة عوامل منها تنوع تسليح الجيش، وتدشين الأسطول الجنوبى فى البحر الأحمر، وبالتالى أصبحت قدرة الدولة فى معالجة القضايا المرتبطة بأمنها تزيد، وهذا يحقق تفاعلا إيجابيا مع الأفارقة.
وعلى الدولة اقتناص فرص الشراكات الاقتصادية مع أفريقيا، وهذا سيؤثر بشكل إيجابى على الاقتصاد المصري، وقد تحولت دول إلى نمور أفريقية، مثل المغرب التى حققت نموا كبيرا بفضل دخولها فى علاقات تجارية مع محيطها الجغرافى من الدول الأفريقية، فمثلا يمكننا استيراد الأخشاب من الجابون وعمل مصانع للتبخير هناك، وهذا سيعمل على توفير الكثير من التكاليف الباهظة، أيضا الدخول فى الاستثمار الزراعي، لزراعة محاصيل استراتيجية هامة شرهة للمياه مثل الأرز والذرة وغيرها، وأيضا يمكننا نقل خبراتنا لزيادة إنتاجية الزراعة المطرية، كما يمكن الاستثمار فى صناعات الأغذية، وغيرها.


■ وما الذى يعرقل القيام بهذا الآن؟
لدينا قطاع خاص، يكتفى بالسوق المصرية، ولا يطور من قدراته للتصدير، كما أن توفير الموارد المالية للاستثمار المباشر ما زالت تمثل معضلة تم تجاوزها فى حالات قليلة مثل سد ستلنجر جورج فى تنزانيا.
■ دائما هناك شكوى من رجال الأعمال، مفادها عدم وجود لوجستيات وبنية تحتية؟
- هذه من التحديات التى تعرقل التعاون التجارى الأفريقى الأفريقى فى القارة، ومصر اتخذت خطوات جادة للقضاء عليها، منها أن مجلس الوزراء ناقش تدشين أسطول تجارى بحرى مصرى وهذا سيعمل على تسهيل الحركة التجارة فى شرق أفريقيا، ولكن هناك مشكلة أساسية فى البنية التحتية، التفتت لها مصر، وتبنت تنمية هذه المشروعات، ومسألة البنية التحتية الأفريقية تم طرحها فى خطة ٢٠٦٣ للاتحاد الأفريقي، كأحد المشروعات الضرورية والملحة، والمنتظر وجود تمويل يزيد على ١٠٠ مليار دولار، وهذا رقم ضخم ويحتاج آليات تمويل محددة.
■ قدمتِ اقتراحا إلى الرئيس السيسي بإنشاء المجلس المصرى الأفريقي، فإلى أين وصل هذا الاقتراح؟
- أظن تم استبداله بآلية تابعة لمجلس الوزراء ولكن ما زال تأثيرها محدودا، كما أن هيكلتها مغايرة للهيكلة التى كانت مقترحة من جانبي، والتى من المفترض أن تمثل فيه الوزارات المعنية مع رجال الأعمال ومنظمات المجتمع المدني، لوضع الخطط وآليات التنفيذ والمتابعة والتقييم، حتى يكون الدور المصرى فى أفريقيا متكاملا ومنسقا بدعم وتخطيط مركزي، ويشار فى هذا المجال إلى أن نجاح الرئيس جمال عبدالناصر فى أفريقيا جاء بناء على خطة قدمها له وزير التخطيط آنذاك عبد المنعم القيسونى عام ١٩٥٦.
■ مصر أبهرت العالم بافتتاح كأس الأمم الأفريقية، فما تأثير ذلك باعتباره من أهم أدوات القوة الناعمة؟
- حقيقى كان هناك نجاح مصرى كبير فى افتتاح كأس البطولة الأفريقية بمصر، وهذا يمثل دعما لصورة مصر الإيجابية فى أفريقيا، والكرة أهم أدوات القوة الناعمة هناك، لكن لا يمكن الاعتماد عليها بشكل كبير لأنها تحمل الأمور التنافسية والصراع، ما يجعلها سببا أحيانا فى المشاكل.
لكن مجالات الثقافة والفنون ربما تكون مشاكلها أقل، فمثلا مهرجان السينما الأفريقية مهم ويقوم بدور فعال، وهذا دعم للتعاون الفنى فى دول أفريقية، وتنمية العلاقات الثقافية ولا بد أن يكون للمجتمع المدنى دور فعال خصوصا فى الموضوعات الإنسانية، فمثلا عند تقديم الدعم علينا أن نوزعه بأياد مصرية، وليس إرسال الدعم فى المطارات، وتركه هناك.
■ متى يتحقق حلم وجود عملة موحدة للقارة؟
- أمل ما زال أمامه وقت طويل، فالميزان التجارى بين أفريقيا والعالم، مؤشراته ليست فى مصلحتها، وفى حال تغير هذا الواقع نستطيع أن يكون لها عملة موحدة.