الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

هزيمة تيار أردوغان الفاشي

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ما أن فاز مرشح المعارضة في انتخابات بلدية إسطنبول حتى انطلق كثيرون يتحدثون عن (الديمقراطية التركية) وكأنها (ديمقراطية أردوغان).. وهذا خطأ فادح.. فالحقيقة أن أردوغان هو أعدى أعداء الديمقراطية في تركيا.
المعارضة في تركيا ترتبط بنظام حزبي عميق الجذور يعود إلى مرحلة تأسيس الجمهورية التركية والقضاء على السلطنة العثمانية في عشرينيات القرن الماضي.. و(حزب الشعب الجمهوري) الذي فاز مرشحه (أوغلو) في انتخابات بلدية إسطنبول كان الحزب الحاكم في البلاد لعشرات السنين، حتى جاء أردوغان وحزبه إلى السلطة.. وهو الآن ثاني أحزاب البرلمان ويتمتع بنفوذ قوي في كل أجهزة الدولة، وفي المدن الكبرى بالذات، حيث الجمهور الأكثر تعلما وتحضرا (لاحظ أنه فاز برئاسة بلدية العاصمة أنقرة ومدينة ازمير الكبرى وغيرها).. وتحالف معه في إسطنبول بالذات (حزب الشعوب الديمقراطي) الممثل للأكراد (يشكلون 20% من سكان البلاد) وأحزاب وتجمعات وتنظيمات أخرى. 
ولاحظ أن هذه الأحزاب كلها لديها صحف ومواقع إلكترونية.. إلخ يحاول أردوغان وأنصاره طوال الوقت إغلاقها والتضييق عليها، وحبس الصحفيين، بل واغتيالهم.. ولاحظ أيضا أن أردوغان - بعد فشل انقلاب يوليو 2016 - اعتقل وفصل عشرات الآلاف من الصحفيين والمثقفين والقضاة وأساتذة الجامعات والضباط والموظفين... إلخ دون محاكمة أو فرصة للتظلم.
ولاحظ كذلك أنه تآمر بكل الأشكال - مستغلا أجواء الإرهاب والقمع التي أعقبت الانقلاب الفاشل - لتغيير النظام السياسي من نظام برلماني إلى نظام رئاسي يملك فيه سلطات مطلقة، وعبر استفتاء أحاطت به شبهات قوية.
ولا تنس أن أردوغان فتح أرض بلاده لداعش والنصرة وغيرها من التنظيمات الإرهابية لأمر عبرها أكثر من (100 ألف) إرهابي إلى سورية الشقيقة يدمرون ويقتلون شعبها بدعم مباشر منه ومن جيشه وأجهزة مخابرات.. ولا يزال حتى الآن يحتضن هؤلاء الإرهابيين في إدلب السورية ويمدهم بالسلاح والعتاد.. واحتضن معهم فلول جماعة (الإخوان) الإرهابية الفاشية.. وأبواقها الإعلامية المضللة.. كما يقوم بنقل الإرهابيين الهاربين من سورية والعراق الي ليبيا وتسليحهم لنشر الإرهاب والفوضى في شمال أفريقيا والصحراء الكبرى كلها (مستهدفا مصر في المقدمة بالطبع)..
ولو استطاع أردوغان طبعا لاقتلع كل النظام الحزبي والانتخابي من جذوره، لكن المشكلة أن هذا النظام أقوى من أن يستطيع أردوغان اقتلاعه، خاصة بعد أن بدأت إنجازاته الاقتصادية تتعثر، وأدخلته مغامراته الإمبراطورية الرعناء وغطرسته الحمقاء في مشكلات جدية بدأت تؤثر على مستوى حياة الناس وتثير غضبهم ضده، كما أنه لابد أن يحسب حسابا لردود الفعل الغربية مهما كان تبجحه.
وقد رأينا رفضه للاعتراف بإرادة الناخبين، وتلاعباته التي رد عليها الشعب التركي بصفعة قوية في انتخابات الإعادة في إسطنبول. 
فإذا أردت بعد ذلك كله أن تتحدث عن (ديمقراطية أردوغان) فهذا شأنك.. أما نحن فنعتقد أن أردوغان وحزبه (الإخواني) يمثلان الخطر الأكبر على الديمقراطية في تركيا.. والتي تتمسك أغلبية الشعب التركي باعتبارها مكاسب تم دفع ثمنها بالدماء.
وإذا أراد أي شخص أن يجري مقارنات بأية حالة استبدادية أخرى في أي مكان، فهذا شأنه، لكننا ضد الاستبداد بكل تجلياته أينما كان.. وليس ضد استبداد وأصولية أردوغان وحزبه وحدهما، ونعرف جيدا أن المستبدين في كل مكان ينقضون على المكاسب الديمقراطية للشعوب في كل وقت أو مكان تسمح لهم فيه (علاقات القوي) بذلك.
ما حدث في إسطنبول إنجاز كبير للشعب التركي.. وهزيمة كبيرة لأردوغان وحزبه (الإخواني).. وهذا التيار الفاشي الإرهابي كله.. ونأمل أن يكون بداية النهاية لهم جميعًا.. وفي جميع الأحوال فإنه يوم له ما بعده، وليس في تركيا وحدها.