رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

مليكة مستظرف.. إبداع مغربي من رحم الفقر والمرض

الكاتبة المغربية
الكاتبة المغربية الراحلة مليكة مستظرف
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تحل اليوم ذكرى ميلاد الكاتبة المغربية الراحلة مليكة مستظرف، حيث ولدت في 20 يونيو من العام 1969، في مدينة الدار البيضاء، في أسرة صغيرة تحافظ على العادات والتقاليد، عاشت طفولة صعبة ولاحقتها حياة أصعب فكان الفقر حليفها وهو القاسم المشترك في كتاباتها أيضا، وهي تتكلم عن الإنسان المقهور بكل المعاني.
لم تعش مستظرف مأساتها في الفقر فقط بل تمكن منها المرض لتصبح تعاني كل أنواع الألم، وبالرغم من ذلك فكانت إنسانة مؤمنة، كانت تعاني لوحدها، تكتب ألمها بحروفها، فالنصوص عند صاحبة رواية "جراح الجسد والروح"، خطاب واضح المعالم، لا يغوص في الغموض بل مبتعد عنه، فهو خطاب للذات وللآخر، وللقارئ المهمش، ذلك الذات الخارجة عن الذات الكاتبة، ليمتزجا داخل نص واحد، ويصرا ذات مفكرة واحدة، معبرة عن المشترك بينهما من آلام ومعاناة، من كبت وحرمان.
الكتابة عند مليكة، مبتعدة عن التجريد المشوش على الإبداع القصصي، إنها كتابة متسلسلة مع اليومي في خيمة واحدة للواقع، لتخلق نصا مُبهرا، مليئا بِبَهارات الوصف، فكانت في مسيرتها الإبداعية، قوية في علاقتها بالمرض وفي علاقتها بالمحيطيين من حولها، وتتجلى قوتها في تحديها للمرض بشكل كبير، وكتاباتها التي حملت عنوان "ترانت سيس"، كانت كتابة قوية إضافة الى العديد من النصوص التي نشرت فيما بعد والتي لم تأخذ شكل كتاب، فكان الأهم لديها أنها تمتلك نفس خاص في الكتابة وفي السرد وحتى صوتها كان مسموعا، ذو لغة قوية لا تخاف ولا تحتاج إلى حماية أو تغطية، هي لغة كلها تعري الواقع وبنوع من السخرية السوداء، لغتها تمضي أحيانا إلى البحث ولكن هي نوع من انتقاد هذا الواقع المرير الذي عاشته ونعيشه جميعا وقد جسدت كتاباتها كل ذلك".
عاشت تعاني الألم ولكنها قطعت ثمن دواء فقر الدم ودواء الكالسيوم لتسدد ما عليها للمطبعة إثر إصدارها رواية "جراح الرّوح والجسد" ممّا أثّر على رجليها فيما بعد، فقالت في حوار لها ذات مرة أنها لم تسعد بما فعلت، قائلة: لو كنت أعلم أن الأمر سينتهي بي على عكازين لما أقدمت على هذا الجنون، أستجدي العلاج في بلدي هذا الامر مميت جدا، شيء مخجل أن يصبح العلاج ترفا غير مسموح به للجميع.
عاشت حياة قاسية رغم إبداعها الأدبي، إلى أن رحلت عنا دون أن تزهرَ شبابا، بعد معاناة مريرة مع المرض، دون أن يقف أحد بجوارها، لكن بمجرد أن تم الإعلان عن موتها، تهافت الجميع إلى البكاء عليها، حتى المؤسسات الثقافية التي أهملت وتجاهلت مرضها، سارعت إلى رثائها بكل القصائد، والأهم: تم إعلان عن قاعة ثقافية تحمل اسم: مليكة مستظرف، ثم الإعلان عن جائزة القصة النسائية تحمل اسم: جائزة مليكة مستظرف القصصية، وجهات أخرى أطلقت على مراكزها اسم مليكة مستظرف التي في حياتها كانت بحاجة فقط إلى القليل من الحب والعناية والدواء.