الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة لايت

في مثل هذا اليوم.. تنصيب محمد علي باشا واليا على مصر

 محمد علي باشا
محمد علي باشا
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
في مثل هذا اليوم 18 يونيو عام 1805 تم تنصيب محمد علي باشا واليًا على مصر رسميا، بعد أن بايعه أعيان الشعب في دار المحكمة ليكون واليًا على مصر في 17 مايو سنة 1805، والذي أقره فيها الفرمان السلطاني الصادر في 9 يوليو من نفس العام.
كان على محمد علي أن يواجه الخطر الأكبر المحدق به، وهو المماليك بزعامة محمد بك الألفي الذي كان المفضل لدى الإنجليز منذ أن ساندهم عندما أخرجوا الفرنسيين من مصر.
ولم يمض سوى 3 أشهر حتى قرر المماليك مهاجمة القاهرة، وراسلوا بعض رؤساء الجند لينضموا إليهم عند مهاجمة المدينة، وعلم محمد علي بما يدبر له، فطالب من رؤساء الجند مجاراتهم واستدراجهم لدخول المدينة. 
وفي يوم الاحتفال بوفاء النيل عام 1805، هاجم ألف من المماليك القاهرة، ليقعوا في الفخ الذي نصبه محمد علي لهم، وأوقع بهم خسائر فادحة، مما اضطرهم للانسحاب حينئذ، استغل محمد علي الفرصة، وطاردهم حتى أجلاهم عن الجيزة، فتقهقروا إلى الصعيد الذي كان ما زال في أيديهم.
وفي أوائل عام 1806، أرسل محمد علي جيشًا لمحاربة المماليك في الصعيد بقيادة حسن باشا قائد الفرقة الألبانية، الذي اشتبك مع قوات محمد بك الألفي الأكثر عددًا في الفيوم، وانهزمت قوات محمد علي مما أدى إلى انسحابها إلى جنوب الجيزة، ثم فرّت جنوبًا إلى بني سويف من أمام قوات محمد بك الألفي الزاحفة نحو الجيزة، وتزامن ذلك مع زحف قوات إبراهيم بك الكبير وعثمان بك البرديسي من أسيوط لاحتلال المنيا، التي كانت بها حامية تابعة لمحمد علي، إلا أن قوات حسن باشا دعّمت الحامية وأوقفت زحف قوات المماليك إلى المنيا.

وجاءت نهاية محمد علي باشا بعد انسحاب الجنود المصريين من بلاد الشام وفصل الأخيرة عن مصر وعودتها لربوع الدولة العثمانية بدعم دولي كبير، وبعدما تبين أن فرنسا ليست مستعدة لخوض حرب في سبيل مصر أو واليها، أصيب محمد علي باشا بحالة من جنون الارتياب، وأخذ يصبح مشوش التفكير شيئًا فشيئًا، ويعاني من صعوبة في التذكر، ومن غير المؤكد إن كان هذا نتيجة جهده الذهني خلال حرب الشام، أو حالة طبيعية نتيجة تقدمه بالسن، أو كان تأثير نترات الفضة التي نصحه أطباؤه بتعاطيها منذ زمن لعلاج نفسه من مرض الزحار.

ما زاد حالة محمد علي باشا سوءًا كانت المصائب التي حلت بمصر وعليه شخصيًا في أواخر عمره، ففي سنة 1844 تبيّن لرئيس الديوان المالي شريف باشا، أن ديون الدولة المصرية قد بلغت 80 مليون فرنك، وأن المتأخرات الضريبية قد بلغت 14،081،500 قرشًا من الضريبة الإجمالية المقدرة بحوالي 75،227،500 قرش، وتخوف الباشا من عرض الموضوع على محمد علي لما قد يكون له من وقع شديد عليه، فعرض المسألة على إبراهيم باشا الذي اقترح أن تقوم أحب شقيقاته إلى والده بنقل الخبر، إلا أن ذلك لم يكن له الأثر المرجو، فقد فاق غضب محمد علي ما توقعه الجميع، ولم يهدأ باله ويستكين خاطره إلا بعد مرور ستة أيام.

بعد عام من هذه الحادثة، أصيب إبراهيم باشا بالسل، واشتد عليه داء المفاصل، وأخذ يبصق دمًا عند السعال، فزاد ذلك من هموم محمد علي وحزنه، فأرسل ولده إلى إيطاليا للعلاج، على الرغم من أنه أدرك في قرارة نفسه أن ولده في عداد الأموات، ويتضح ذلك جليًا مما قاله للسلطان عندما زار الآستانة في سنة 1846، حيث عبر عن خوفه من ضياع إنجازاته بسبب عدم كفاءة أحفاده لتحمل مسؤولية البلاد والعباد، فقال: «ولدي عجوز عليل، وعباس متراخ كسول، من عساه يحكم مصر الآن سوى الأولاد، وكيف لهؤلاء أن يحفظوها؟» بعد ذلك عاد محمد علي إلى مصر وبقي واليًا عليها حتى اشتدت عليه الشيخوخة، وبحلول عام 1848 كان قد أصيب بالخرف وأصبح توليه عرش الدولة أمرًا مستحيلًا، فعزله أبناؤه وتولى إبراهيم باشا إدارة الدولة.

حكم إبراهيم باشا مصر طيلة 6 أشهر فقط، قبل أن يتمكن منه المرض وتوافيه المنية في 10 نوفمبر سنة 1848، فخلفه ابن أخيه طوسون، عبّاس حلمي، وبحلول هذا الوقت كان محمد علي باشا يُعاني من المرض أيضًا، وكان قد بلغ من الخرف حدًا لا يمكنه أن يستوعب خبر وفاة ابنه إبراهيم، فلم يُبلّغ بذلك وعاش محمد علي بضعة شهور بعد وفاة ولده، وتوفي في قصر رأس التين بالإسكندرية بتاريخ 2 أغسطس سنة 1849، وكانت جنازته معتدلة الحضور والمراسم.