الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

حصاوي يحلم

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

(المواطن الغلبان حسن حصاوي يغشى عليه من حين لآخر. وعندما يفيق لا يفهم ما حدث حوله من تغيرات).
(حصاوي تأتي جلسته في المقهى بجوار زبون يقرأ الجريدة ثم يطبقها)
حصاوي:خلصت قراية الجرنال؟
الزبون:وإنت مالك.
حصاوي:يعني لو كنت قريته، ممكن تسمح لي أبص فيه؟
الزبون:عايز تبص على إيه بالظبط؟
حصاوي:صفحة الحوادث.
الزبون:أنهي حوادث بالظبط؟
حصاوي:مش فاهم قصد حضرتك.
الزبون:يعني باختصار، أنت بتشجع مين بالظبط؟
حصاوي:أنا كنت بشجع الأهلي.
الزبون:تبقى علماني والعياذ بالله (ويشيح بوجهه عنه).
حصاوي:أنا قلت كنت بشجع الأهلي. إنما خلاص بطلت.
الزبون:كويس وبتشجع مين دلوقت؟
حصاوي:الحقيقة بقيت بشجع نفسي.
الزبون:فهمت. تبقى من حزب الكنبة.
حصاوي:برضه كنت من حزب الكنبة.
الزبون:واستقلت منه ليه؟
حصاوي:أنا ما استقلتش ولا حاجة. بس لما اتزنقت بعت الكنبة نفسها.
الزبون:برضه ما قولتش أنهي حوادث بالظبط عايز تقراها؟ الحوادث كتيرة،
مظاهرات، واعتصامات، وإضرابات، وصدامات، وقنابل مسيلة للدموع، وفتنة طائفية.
حصاوي:لا أنا ما بقراش الحاجات دي خالص.
الزبون:إشمعنى؟
حصاوي:أصل أنا أغمى عليَّا مدة، ولما صحيت ما بقتش أعرف أنام زي
الأول، وإذا نمت أشوف كوابيس وأقوم من النوم مفزوع.
الزبون:كنت روح لدكتور.
حصاوي:ما أنا رحت. الدكتور هو اللي جنني. قالي اللي بتشوفه دا مش كوابيس، دا اللي بيحصل فعلاً في الواقع، بس إنت عشان كان مغمى عليك فترة ما بقتش تصدقه أو تفهمه. وكتب لي على مهدئات.
الزبون:وخفيت؟
حصاوي:بالعكس، جالي اكتئاب. الدكتور قالي أبعد عن قراية الأخبار السياسية لأنها هي سبب الاكتئاب.
الزبون:أمال ليه عايز الجرنال عشان تقرا أخبار الحوادث؟
حصاوي:حضرتك فهمتني غلط. أنا قصدي أخبار الحوادث، يعني الجرائم
العادية، زي السرقة وقطع الطرق والحرق واللي بيقتلوا أمهاتهم أو عيالهم، وحوادث الانتحار، وجواز القاصرات، والحاجات اللي زي دي يعني.
الزبونغريبة، والحوادث دي مش بتجيب لك اكتئاب؟
حصاوى:إطلاقًا.
الزبون:إزاي بقي؟
حصاوي:أصل الحوادث دي متعودين عليها من زمان. زي أي شعب في الدنيا. ما فيش بلد بتخلى منها، مهما كانت مستقرة وما فيهاش فقر وفيها عدالة وفيها حقوق إنسان.
الزبون:ولو، برضه مفروض تجيب لك اكتئاب.
حصاوي:بالعكس دي بتعدل مزاجي. لأني بأشعر ساعتها إن حظي حلو. أصل أنا مقطوع من شجرة، لا أهل ولا عيال، ولا عندي شغل، ولا حيلتي حاجة أبكي عليها، ولا لي أصحاب أخاف عليهم يحصل لهم حاجة. يبقى ليه أشغل دماغي بأمور السياسة؟
(الزبون يسكت ويدير رأسه إلى ناحية أخرى)
حصاوي:حضرتك ما رديتش عليَّا. ممكن تديني الجرنان أقرا صفحة الحوادث؟
الزبون:إنت خسارة فيك أديك أي حاجة. والأحسن لك والأحسن للبلد تروح
تموت.
حصاوي:بس ما حدش حاول ياخد أجلي وأنا قلت لا. ولو حاول ما فيهاش
حاجة؛ لأني مش هلحق أحس بحاجة، وأموت من غير ما أتعذب، والقاتل ما حدش هيحقق معاه ويعطله عن شغله.
(الزبون ينهض واقفًا مستفزًا ويخرج مسدسًا ويشهره في وجه حصاوي)
الزبون:إنت اللي جبته لنفسك (ثم يطلق عليه رصاصة تصيبه في قلبه).
(حصاوي ينطلق في الضحك بينما الزبون ينظر له بدهشة)
الزبون (بفزع):إنت مش بتموت ليه؟
حصاوي:لأن أنا وإنت في حلم، وعشان كدا أنا لسه عايش.
(الزبون يغشى عليه، وعندئذ يصحو حصاوي من النوم)