الإثنين 13 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

متصوفة عاشقون| عبدالله الباغي.. «أحق بالضرب بدلًا من دابتي»

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
كان صوفيًا مجتهدًا، نشأ فى حصن باغة من بلاد المغرب، سافر إلى غرناطة وسكن بها، من أهل الجد والاجتهاد، يغلب عليه الحزن والبكاء، عاش عبدالله الباغى وحيدا فريدا، ليس له شيء ولا عليه شيء، يحب الفقراء ويقربهم، يكره المعصية كما يكره الكفر، ويكره الصغيرة كما يكره الكبيرة، مليح المقابلة، حسن المعاشرة، كثير التلهف، ويحن للإشارات.
اهتم بتقديم النصائح لمريديه، دائما ما ينصهم: «الرجال أربعة، رجال صدقوا ما عهدوا الله عليه، رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله، وعلى الأعراف رجال، يأتوك رجالا أى على أرجلهم لا يركبون، رضى الله عنهم.
قال أحدهم صحبت شيخى فلم أر له كبير عمل، كان ينام الليل كله، فوقع فى نفسى من قلة اجتهاده، فهتف بى هاتف: {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَّحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ}. فأتيته فسألته: يا شيخ هل أتيت كبيرة قط؟ قال: ولا صغيرة عن تعمد!
كان حاله أكثر شبها بالصحابى المخضرم أبو مسلم الخولانى الذى أسلم وهاجر إلى الشام، ورغم تعظيمه لحال الصحابة، معتبرا أنهم لهم السبق فلو لم يكن لهم إلا حق الصحبة فقط لما مسهم شيء، وفى الوقت نفسه يجتهد، يضرب نفسه بقضيب ندما يجدها تضعف قائلا: أنت أحق بالضرب من دابتي، أيظن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، أن يفوزوا به دوننا، والله لأزاحمنهم عليه حتى يعلموا أن خلفوا من بعدم رجالا».
وتناول الشيخ الأكبر محيى الدين بن عربى ما يزيد على ٣٠ شخصية زاهدة ومتصوفة، قابلهم فى رحلاته بالأندلس والمغرب العربي، وقد عرض لهذه الأسماء المجهولة فى رسالته المعروفة باسم «الروح القدس»، التى كتبها أثناء إقامته فى مكة المكرمة سنة ٦٠٠ هـ، وأرسلها إلى صديقه التونسى محمد بن عبدالعزيز المهدوي، فهو يجد الراحة فى ذكرهم وتسلية عن فقدهم وتحريض النفس على الاقتداء بهم والتأسى بأحوالهم.