الجمعة 10 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

منابر لها تاريخ| «جامع الأولياء».. والمحراب الأخضر

جامع القرافة
جامع القرافة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
للعقيدة الإسلامية أثر بالغ فى نفوس معتنقيها لسماحتها وملاءمتها للنفس البشرية، وهو الذى انعكس بشكل كبير على الفنون فى شتى مجالاتها، كان أبرزها العمارة الإسلامية. فعلى مدار شهر رمضان المبارك تأخذكم «البوابة نيوز» فى رحلة بين مساجد مصر وأضرحتها، لنتعرف على تاريخ نشأتها، وتأثيرها الروحانى فى قلوب مُرتاديها. 
وتصدقى لا تأمنى أن تسألى.. فإذا سألت عرفت ذل السائل 
عُرف جامع الأولياء فى العصر الفاطمى باسم جامع «القرافة»، وكان موضعه عند فتح مصر بحى المغافرة، بناه عبدالله بن مانع بن مورع، كما عُرف بمسجد القبة، ويعتبر من أقدم المساجد الفاطمية التى شيدت بمنطقة الفسطاط. 
ورغم مرور مئات السنوات فإن معالم المسجد ما زالت واضحة حتى الآن، وهو ما يطلق عليه الآن «حوش أبى على» شيدته السيدة المعزية فى عام ٣٦٦ هجرى، وهى أم الخليفة الفاطمى العزيز بالله «نزار ولد المعز لدين الله أم ولد»، وقام ببنائه لها الحسن بن عبدالعزيز الفارسى المحتسب فى شهر رمضان. 
وشيد مسجد الأولياء على نحو الجامع الأزهر بالقاهرة، وكان الجامع يحتوى على بستان وصهريج فى الجهة الغربية، وكان بابه مصنوع من الخشب المصفح بالحديد، ويقع تحت مئذنته المرتفعة، وكان يؤدى إلى مجاز ممتد بشكل عمودى حتى المحراب، وكان إيوان القبلة له عدة أبواب تقدر بنحو ١٤ بابًا يتقدم كل منها سقفية مقببة تقوم على عمودين من الرخام المجوف، ومزين باللازورد والزنجفر والزنجار وأنواع الأصباغ. 
أما سقوف الجامع فكانت مدهونة ومزينة بألوان متعددة، كما زخرفت حناياه وعقوده بالدهانات وأنواع الأصباغ التى صنعت بأيادى البصريين، وعلى رأسهم شيخ المزوقين الكتامى والنازوك، وكان يوجد أمام الباب السابع قنطرة مزوقة تنتهى عند حافة شاذروان «فسقية» من الرخام المدرج بدرج». 
وقال «المقرزي»، فى وصف جامع الأولياء، إن هذا الجامع من محاسن البناء وكان بنو الجوهرى يعظون بهذا الجامع على كرسى فى الثلاثة أشهر فتمر لهم مجالس مبجلة تروق وتشوق ويقوم خادمهم زهر البان، وهو شيخ كبير بتوزيع على الفقراء ما قسم لهم، كما أن مجموعة من الرؤساء يلزمون النوم بهذا الجامع ويجلسون به فى ليالى الصيف للسمر فى ضوء القمر، أما فى الشتاء فإنهم ينامون فى داخل إيوان القبلة عند المنبر وكانت تقدم لهم الأشربة والحلويات». 
وتم تجديد المسجد فى ٥١٦ هجريًا حينما أمر الوزير أبوعبدالله محمد بن فاتك وكيله أبا البركات محمد بن عثمان بان يجدده ويرممه، وأن يعمر بجانبه طاحونا للسبيل، وأن يبتاع له الدواب، ويقوم باختيار أحد الساكنين بالقرافة بأن يكون أمينًا عليه، ويطلق له ما يكفيه من علف الدواب وجميع المؤن، وأن يشترط عليه بأن يواسى الضعفاء ويحمل عنهم كلفة طحن أقواتهم. 
وتعرض المسجد للحريق، بالتزامن مع حريق جامع عمرو ابن العاص فى عام ٥٦٤، حينما نزل مرى ملك الفرنج على القاهرة وقام بحصارتها، وقام بإحراق المسجد ابن سماقة بأوامر من مؤتمن الخلافة جوهر، ولم يبقَ فيه سوى المحراب الأخضر الذى صمد أمام نيران ابن سماقة، وأغلق المسجد بعدما كان عامرًا، ومصدرًا للخير لفقراء منطقة القرافة والتى كان أغلبهم من السودان التكارنة، واقتصر على أقامة صلاة الجمعة، ومن أبرز مؤذنين هذا المسجد فى أيام المستنصر بن بقاء المحدث ابن بنت عبدالغنى بن سعيد الحافظ، وفى العام التاسع الهجرى وبالتحديد فى عام ٨٠٦ فل الساكن بالقرافة نظرًا لكثر الحوادث والمحن.