الثلاثاء 04 يونيو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

ثقافة

أبو يعقوب الكومي.. الزم الطريق يا بني تفلح

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
«ركب يومًا فرسه وأمرنى وآخر من أصحابه أن نخرج إلى المنتيار «جبل على بعد فرسخ من إشبيلية»، فخرجت أنا وصاحبى عند فتح باب المدينة، وفى يد صاحبى رسالة القشيري، وأنا لا أعرف ما القشيرى وما رسالته، فصعدنا الجبل فوجدناه قد سبقنا وغلامه ممسك فرسه، فدخلنا مسجدًا فى أعلى ذلك الجبل، فصلينا واستدبر القبلة، وأعطانى الرسالة، وقال لي: اقرأ.. فلم أقدر أن أضم كلمة إلى كلمة أخرى، والكتاب يسقط من يدى من الهيبة، فقال لصاحبي: اقرأ. فأخذ صاحبى فقرأ، وتكلم عليه الشيخ، ولم نزل حتى صلينا العصر، ثم قال: ننزل المدينة.. فألزمت يدى ركابه، وأخذ يحدثنى عن فضائل أبى مدين، وأنا قد فنيت فى كلامه فلا أحس بنفسي، وأرفع إليه وجهى فى أكثر الأوقات؛ فأراه ينظر إلى ويبتسم.. ثم وقف وقال لى: انظر ما تركت خلفك. فنظرت فرأيت الطريق الذى مشيته كله شوكًا، يصل إلى معقد الإزار، وشوكًا آخر منبسطًا فى الأرض، ونظرت إلى قدمى فلم أر بهما أذى ولا فى ثوبي، فقال: هذا من بركة ذكر أبى مدين رضى الله عنه، يا بنى الزم الطريق تفلح».
بهذا تكلم مولانا ابن عربى عن شيخه يوسف بن يخلف الكومي، أحد رجال الطريق الذى اتصف بالشدة فى معاملته لابن عربي، فكان يقرب المريدين ويبعده، ويحسن لهم ويطرده، لكنه فى النهاية وصفه أنه «الابن البار»، وذلك بعدما تفوق ابن عربى على بقية المريدين فى مواهبه الربانية وفتوحاته، فقد تعلم رياضة النفس على يد الكومي، ذلك الرجل الذى سكن مصر مدة، وتلقى علومه فى مدينة الإسكندرية، وقد عرضت عليه ولاية فاس لكنه رفض.
يعتبر الكومى أحد رجال الطريق الراسخين فى العلم، تبع أبا مدين التلمساني، لسان حال الطريق ببلاد المغرب، ودائما يصف أستاذه بأنه «المرسى القوى للسفينة، كثير الأوراد، يخفى صدقته، يكرم الفقير ويذل الغني، ويسارع فى قضاء حاجة الفقير بنفسه». فجميعهم تعلموا حب الفقير والسعى فى قضاء حوائجه من قطب الصوفية أبى مدين.
قدم الكومى تفسيرات صوفية جديدة لمفاهيم وأحاديث نبوية استفاد منها ابن عربى بصورة كبيرة منها: «أشدكم بلاء الأنبياء – وفكرة تألم المحب من محبوبه»، «آدم فمن دونه تحت لوائى – فكرة لواء الحمد بيد النبى محمد يوم الدين»، «أبيت عند ربى يطعمنى ويسقينى – وفكرة الوصال مع المحبوب لدرجة الفناء والاستغناء»، وغير ذلك كثير مما ذكره ابن عربى فى رسالته «الروح القدس» التى كتبها فى مكة المكرمة وبعث بها إلى صديقه محمد بن عبدالعزيز المهدوى التونسي.