الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

تركيا تحاول إنقاذ مبيعات النفط الإيراني.. واشنطن تقرر وقف الإعفاء من العقوبات.. أنقرة أول المعترضين 45% من واردات تركيا البترولية من طهران.. و"ظريف" يقترح التعامل عبر الحدود البرية

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أعلن وزير الخارجية الأمريكى «مايك بومبيو» فى ٢٢ أبريل ٢٠١٩ وقف الإعفاءات النفطية التى منحتها واشنطن لثمانى دول، وهى (الصين، الهند، اليابان، تركيا، إيطاليا، اليونان، كوريا الجنوبية وتايوان)، على خلفية خوفها من تصاعد الأسعار فى سوق النفط العالمية، سيما وأن هذه الدول تعد من أكثر البلدان استيرادًا للنفط الإيراني.


جاء هذا القرار بعد فشل تحقيق المدعى العام الأمريكى «روبرت موللر» فى إدانة الرئيس الأمريكى «دونالد ترامب»، على خلفية اتهام روسيا بالتدخل فى الانتخابات الأمريكية مع علم الرئيس الأمريكى بذلك، ورغبة واشنطن فى «تصفير» صادرات النفط الإيرانى. وعليه، كانت تركيا من أولى الدول التى اعترضت على القرار الأمريكى، وأعلنت رفضها للعقوبات الاقتصادية أحادية الجانب، كما كان لطهران عدد من ردود الفعل الرافضة على مستوى المؤسسات الرسمية وغير الرسمية، ومن شأن ذلك أن يدفعنا إلى التساؤل حول مدى قدرة حلفاء طهران على إنقاذ مبيعات النفط الإيرانى.


ردود الفعل الإيرانية
أصدرت طهران عدد من التصريحات الرسمية على القرار، كان أبرزها ما هدد به رئيس هيئة الأركان «محمد باقري» بغلق مضيق هرمز، الذى يعد أهم ممر مائى حيوى لنقل شحنات النفط العالمية، فى حالة منع بلاده من تصدير نفطها، فضلًا عن أنه يمر عبره نحو ٨٠٪ من نفط حلفاء واشنطن (المملكة العربية السعودية، الإمارات العربية المتحدة، الكويت)، إلى عدد من الدول الكبرى التى تعتمد على مصادر الطاقة النفطية مثل (الصين، الهند، كوريا الجنوبية، سنغافورة). وأعلن الرئيس الإيرانى حسن روحانى، استمرار بلاده فى تصدير النفط، فى إشارة إلى تجاهل العقوبات الأمريكية وقرار وقف الإعفاءات، وقال إن الولايات المتحدة الأمريكية سترى ذلك خلال الشهور القليلة المقبلة، وأن طهران لن تلتزم بالقرار الأمريكى تحت أى ضغوط.


التعاملات الاقتصادية والنفطية بين تركيا وإيران
كانت تركيا من الدول القليلة، والأولى، التى اعترضت على القرار الأمريكى بوقف الاعفاءات النفطية على الدول التى كان مسموحًا لها بتجارة النفط مع طهران والتى كانت هى أحدهم؛ حيث تعد إيران واحدة من أكبر موردى النفط لأنقرة، والتى تعتمد بشكل شبه كامل على الواردات لتلبية احتياجاتها من الطاقة.
وعليه، حاولت تركيا التفاوض مع الولايات المتحدة الأمريكية إبان فرض القرار حول إمكانية مد فترة الإعفاءات أو منح أنقرة إعفاءات خاصة، لكنها رفضت.
من ناحية أخرى، تفتقر تركيا إلى احتياطات كبيرة من المواد الهيدروكربونية؛ فمن خلال الاطلاع على الميزانية التركية لعام ٢٠١٨ تبين أن أنقرة تحصل على أكثر من ٩٠٪ من احتياجاتها من الطاقة عن طريق الواردات، وتنفق فى سبيل ذلك حوالى ٤٣ مليار دولار سنويًا.
وفى عام ٢٠١٧، وهو آخر عام لفترة ما قبل الخروج الأمريكى من الاتفاق النووى وفرض العقوبات الاقتصادية على طهران، شكلت الإمدادات الإيرانية حوالى ٤٥٪ من واردات تركيا من النفط الخام.
فى السياق ذاته، أشار العديد من المحللين إلى اختلاف سعر خام النفط الإيرانى عن نظيره السعودى أو الإماراتى، سيما وأن طهران اضطرت بعد فرض الحزمة الثالثة من العقوبات الأمريكية التى تتعلق بموارد الطاقة، وعلى رأسها النفط إلى تخفيض السعر إلى أقصى حد ممكن حتى تتمكن من تصريفه فى السوق العالمية، وعليه أقر وزير الخارجية التركى، مولود جاويش أوغلو، أن النفط الإيرانى ليس رخيصًا لكن هناك فرقًا كبيرًا مع سعر الخام السعودى والإماراتى. ومن هنا، تطرق بعض الباحثين إلى أن الاقتصاد التركى مُعرض لمزيد من التضخم والركود فى الفترة القادمة، على خلفية زيادة فاتورة تركيا فيما يتعلق باستيراد النفط الإيرانى، وحالة الكساد التى تعرض لها العام الماضى بسبب العقوبات الأمريكية التى فرضت على أنقرة مما أدى إلى تراجع قيمة الليرة التركية.


هل تستطيع تركيا إنقاذ الاقتصاد الإيراني؟
على الرغم من اقتراح وزير الخارجية الإيرانى، جواد ظريف، إنشاء آلية مالية مع تركيا للالتفاف على العقوبات الأمريكية، والتعامل عبر الحدود البرية فى إشارة إلى الرغبة فى تجاوز النظام المصرفى العالمى، لكن يبدو أن العديد من شركات النفط التركية قد قلصت من نشاطها التجارى مع إيران، على خلفية مواجهة تهديدات بغرامات تصل إلى مليارات الدولارات والاستبعاد من النظام المالى الأمريكى. من ناحية أخرى أشار العديد من المحللين إلى أن مواجهة الولايات المتحدة الأمريكية بشأن إيران تعد استراتيجية محفوفة بالمخاطر بالنسبة لتركيا، المتورطة بالفعل فى العديد من النزاعات مع واشنطن، خاصة فيما يتعلق بمخططها لشراء نظام صاروخى روسى جديد.
كما أشارت الولايات المتحدة الأمريكية إلى تكليف اثنان من أكبر القوى النفطية فى الشرق الأوسط (السعودية والإمارات العربية المتحدة) بسد العجز الناجم عن اختفاء النفط الإيرانى من السوق العالمية، ما يؤدى إلى «تصفير» عوائد إيران المالية من النفط. فى السياق ذاته، تمتلك أكبر الدولة المستوردة للنفط الإيرانى مثل الهند، والصين واليابان تعاملات اقتصادية بمليارات الدولارات مع النظام المصرفى الأمريكى، ما يشير إلى رغبة هذه الدول فى توخى الحذر فى التعامل مع إيران لعدم التعرض للعقوبات الأمريكية.
نتيجة لما سبق، لن تستطيع تركيا أو حلفاء الجمهورية الإسلامية إنقاذ الاقتصاد الإيرانى من عقوبات الولايات المتحدة الأمريكية وقرارتها بمهاجمة طهران اقتصاديًا، وبالتالى سياسيًا وثقافيًا. فى النهاية، يشير العديد من المحللين إلى اتجاه طهران فى الفترة الحالية إلى استعراض كل تجاربها فى المفاوضات السابقة مع الولايات المتحدة الأمريكية، لترى أى من محاورها يمكن الاتفاق حوله مع واشنطن بشأن صفقة جديدة تحد من شدة الإجراءات العقابية التى فرضتها الولايات المتحدة الأمريكية على الجمهورية الإسلامية.
فى الوقت الذى ترفض الإدارة الأمريكية الحالية أى صفقة مع طهران، بما لا يتضمن التفاوض حول ثلاثة محاور رئيسية تشمل البرنامج النووى والبرنامج الصاروخى الإيرانى، فضلًا عن دور طهران فى الشرق الأوسط.