الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

المغضوب عليهم

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
نحارب الشائعات ونحن مصدرها، ونحذر من الفتنة ثم ننشرها، وننهى عن الوشاية ونمارسها، أعلم أن كلامى لن يروق لبعض الزملاء، لكنها الحقيقة غير الخافية على أحد، فالحالة المتردية للإعلام من صنيعة الإعلاميين، وإن لم تكن كذلك فهم من هيأوا لها المناخ بسلوكيات لم تشهدها الساحة الإعلامية من قبل.
جمعتنى جلسة بخمسة زملاء من المشتهين المدعين قربهم من ذوى النفوذ، تطرق حديثنا إلى الإعلام فقلت إن حاله لا يرضى أحدًا، بداية من المواطن وانتهاء برئيس الجمهورية، وفوجئت بصمت تحول إلى همهمات وابتسامات صفراء، لم يعلق أحدهم بكلمة واحدة، انتهت الجلسة ولم تنته حيرتى بسبب عدم تفاعلهم مع كلامي، ثم كانت المفاجأة، انفردوا بى جميعًا، واحدًا تلو الآخر لينصحونى بعدم الكلام لأن ما أقوله سوف يصل لمن بيدهم أمر الإعلام، وهذا سوف ينعكس سلبًا علي، وألصق كل منهم تهمة التوصيل بالآخر، وكان ردى واحدًا.. لم أقل سرًا، ورأيى كتبته أكثر من مرة راجيًا أن يقرأه من بيدهم الأمر.
هذه الحالة من الخوف غير المبرر انتقلت عدواها إلى عدد كبير من الزملاء، وأصبحت جملة (مغضوب عليه) الإجابة الأشهر إذا سألت عن سبب غياب شخص عن برنامج يطل منه، أو صحيفة يكتب فيها، أو منصب يستحقه، وإذا سألت عن الغاضب وسبب غضبته فلن تجد ردًا، وإذا أردت تأصيل ما وصلك فلن تجد سندًا، حالة غير مسبوقة من الارتباك لم يعشها الإعلام من قبل، انعكست على مضمونه فأصبح الحلقة الأضعف فى مواجهة إعلام وافد يتحرى الدقة فى أكاذيبه.
أكاد أجزم أن من يروج لشائعات (المغضوب عليهم) ومن يسعى لبث الفتنة بين النظام والشعب، ومن يتطوع بالوشاية.. هم من يدعون كذبًا قربهم من صناع القرار، إما بالكلام أو بالتلميح، ففى الإعلام مثلًا وبالرغم من المجاملات والأهواء وتصفية الحسابات التى نالت من قوته.. من يتخذ قرار إقصاء صحفى أو كاتب أو مذيع هو المسئول عن النشر، الذى تطوع ليكون ملكيًا أكثر من الملك، ومن يسعى لتشويه الكفاءات الإعلامية أمام متخذى القرار هم من ضعاف الإعلاميين الذين يخشون على تواجدهم من الكفاءات، هؤلاء بإمكانياتهم المحدودة عولوا على الوشاية والوقيعة لتكون أدواتهم فى الاحتفاظ بأماكنهم، فكانت النتيجة تراجع الإعلام، وغصة فى حلق العديد من الكفاءات المستبعدة بسبب الوشاية.
والسياسة كما الإعلام، يتصدر المشهد العديد من المدعين كذبًا دعمهم من جهات بعينها، وللأسف أى إطلالة لهؤلاء تنال من إنجازات تحققت، وتنعكس سلبًا على أى حوار مجتمعي، أما من يدعى من الأحزاب أنه ظهير سياسى للرئيس.. فيحتاج إلى توضيح، لأن بعض الشخصيات التى تتحدث باسم هذه الأحزاب مرفوضة جماهيريًا بسبب ميراث الماضى وقفزهم من مركب إلى آخر.
قد لا تعرف دوائر صنع القرار حقيقة من يوشى بزميل له، أو من يدعى قربه من مسئولين أو أجهزة، وقد تعرف، وفى الحالتين لا بد من وقفة لأن استمرار هؤلاء يخصم من رصيد النظام لدى الشعب، وتتآكل مع استمرار تواجدهم الإنجازات التى تتحقق على أرض الواقع، كما أن العديد من الزملاء الذين تمت الإطاحة بهم لمصلحة آخرين يفكرون فى جمع توقيعات تمهيدًا لطلب لقاء مع الرئيس، فلا أحد غيره يستطيع ضبط منظومة الإعلام بكواليسها المليئة بالوشايات والإقصاء وتصفية الحسابات.