"البوابة نيوز"
تستعرض، خلال السطور التالية، مجموعة من المعلومات عن مياه المصريين؛ الموارد
والاستهلاك والمُهدر، وقوانين ترشيد استهلاكها:
نهر النيل شريان الحياة
"مصر هبة
النيل".. هي المقولة الخالدة للمؤرخ اليوناني؛ هيرودوتوس، والتى كان يؤكد من
خلالها على؛ أهمية مياه نهر النيل، باعتباره وهب لمصر الحياة والوجود، وأنه أيضًا
لولا النيل ما قامت على هذه البقعة؛ حضارة مذهلة، امتدت جذورها فى أعماق التاريخ
الإنساني، حيث استخدم قدماء المصريين علومهم في إقامة؛ مشاريع اقتصادية، تعتمد على
نهر النيل في الأساس، مثل إنشاء البحيرات والجسور وغيرها من المشاريع، التي ساهمت
في تحسين الزراعة والاقتصاد في مصر قديمًا.
لكن؛ موارد مصر المائية
لا تقف حد نهر النيل في الحقيقة، فبالإضافة لمياه النيل كمصدر رئيسى للمياه فى
مصر، والتى تبلغ 55.5 مليار متر مكعب سنويًا، حسب اتفاقية مصر والسودان عام 1959،
هناك أيضًا موارد فعلية أخُرى متاحة للمياه، مُختلفة المصادر، وعلى رأسها؛ الكميات
المحدودة من مياه الأمطار والسيول، والمياه الجوفية العميقة فى الصحراء، سواء
الغربية أو الشرقية وفى سيناء، وهى؛ موارد مائية غير متجددة تقريبًا، لكن يمكن
استغلالها خلال فترات زمنية طويلة حسب الظروف التنموية ومدى الحاجة لمياهها.
وخلال السنوات الأخيرة،
طفت على السطح أزمة كبيرة بين مصر، كدولة مصب، وبعض من دول منبع حوض النيل، وخاصة
أثيوبيا، الأمر الذى؛ قد يؤثر بشكل مباشر على خطط التنمية الزراعية والاقتصادية
وتوفير الغذاء للشعب المصرى، ويبدو الأمر أكثر صعوبة مع التدخل المباشر لكثير من
الدول الأجنبية فى دول حوض النيل وجلب كثير من الاستثمارات بتلك الدول، مع إقامة
السدود بتلك الدول فى محاولة منها للتأثير على حصة مصر من مياه النيل.
لكن في المُقابل، اتفقت جميع الدراسات والخبراء على؛ أن سُبل تنمية الموارد المائية والتى تتمثل فى ترشيد استخدام مياه الري عن طريق تطوير نظم الري، وتحسين كفاءة الري، وإيجاد مصادر مائية غير تقليدية بالتوسع فى إعادة استخدام مياه الصرف الزراعى والصحي المعالجة، وتقليل مساحات المحاصيل المستهلكة للمياه خاصة محصولي الأرز والقصب اللذان يستهلكان نحو ثلث الاحتياجات المائية فى الزراعة.
وفقًا لدراسة، أعدها
الدكتور خيري حامد العشماوي، أستاذ الاقتصاد الزراعي بالمركز القومي للبحوث،
بمشاركة الدكتورة ليلى مصطفى الشريف، أستاذ الاقتصاد الزراعي بالمركز القومي
للبحوث، حول؛ الموارد المائية في مصر، فإن الأمطار والسيول التي تتساقط على الساحل
الشمالي الغربي، تتراوح من 50 إلى 150 ملليمتر فى العام، وتزرع مساحات من الشعير
تصل فى السنوات الجيدة إلى أكثر من 100 ألف فدان، أما فى الساحل الشمالي الشرقي،
فإن الأمطار تتزايد كلما اتجهنا شرقًا، فمعدلها عند العريش 150 ملليمتر بينما يصل
فى رفح إلى نحو 250 ملليمتر.
وأكدت الدراسة، أن متوسط
التساقط المطري السنوى على كامل الأراضى المصرية يُقدر بحوالي 8 مليار متر مُكعب،
وأن السريان فى حدود 1.8 مليار متر مُكعب، وأن هذا يساعد على استقطاب وحصاد مياه
هذه الأمطار فى سيناء والساحل الشمالي وسلسلة جبال البحر الأحمر الشرقية فى حدود
200-300 مليون متر مُكعب سنويًا.
وفيما يخُص استخدام مياه
الصرف الزراعي، فأشارت الدراسة؛ أنها تُعد من المصادر الرئيسية التى يعتمد عليها
فى تنمية الموارد المائية مستقبلًا، من خلال معالجة مياه المصارف الفرعية مباشرة
أو المصارف الرئيسية قبل خلطها بمياه عذبة، مع تجنب خلطها بمياه الصرف الصحى أو
الصناعي لتجنب المخاطر البيئية الناجمة عن إعادة استخدام مثل هذه النوعية من
المياه دون معالجة، مع الالتزام بصرف نسبة لا تقل عن 50% من إجمالى كميات مياه
الصرف إلى البحر للمحافظة على التوازن المائي والملحي لدلتا النيل.
كما أشارت الدراسة، إلى
أنه يمكن الاستفادة من مياه البحر بعد تحليتها وتحويلها إلى مياه عذبة كأحد
المصادر الممكنة لزيادة الموارد المائية في مصر، حيث يمكن استغلالها كعامل مساعد
للتنمية فى المجتمعات الصحراوية والقرية من السواحل والمجتمعات السياحية ويمكن
استخدام الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في التحلية بدلًا من نقل الكهرباء أو البترول
إلى هذه المواقع، وذلك لرفع اقتصاديات استغلال هذا المصدر من المياه.
وأوصت الدراسة، بإمكانية مساهمة المزارع فى تكاليف التغطية والصيانة لمصادر مياه الري المختلفة على أن تختلف تلك المساهمة من محصول لآخر ومن منطقة لأخرى لتحقيق العدالة بين المزارعين، وأيضًا ضرورة العمل على ترشيد كميات المياه المستخدمة فعليًا في ري المحاصيل المدروسة إلى الكميات الموصى باستخدامها لرفع القيمة الاقتصادية لمورد المياه لزيادة مساهمتها فى قيمة الإنتاج الزراعي.
قوانين الحفاظ على المياه
وخلال السنوات القليلة
الماضية، ونتيجة إهدار جزء كبير من حصة مصر من المياه التي تستغل منها نحو 45
مليارًا فى الزراعة، اتخذت وزارة الزراعة؛ مجموعة من القرارات الاحترازية ترشيدًا
لاستهلاك المياه، في مقدمتها؛ تعديلات قانون الموارد المائية والري الجديد، الذي
يستهدف تعظيم دور الدولة في مواجهة التعديات على نهر النيل وترشيد استهلاك المياه.
كما أُصدر القرار الوزاري
رقم 79 لسنة 2018، الذي حدد نحو 53 صنفًا من المحاصيل الزراعية، ما بين موفرة
وشرهة المياه، على أن يتم التركيز على بعض الأصناف الزراعية الاستراتيجية الموفرة
للمياه، والتي تتأقلم مع الظروف البيئية والمناخية المتباينة.
وكانت الأصناف الزراعية
التي يجب تقليص مساحة زراعتها باعتبارها شرهة في استهلاك المياه؛ تتمثل في الأزر
و11 نوعا من الذرة البيضاء و12 من الذرة الصفراء و15 نوعا من القمح و8 أنواع الفول
البلدي.
على الجانب الآخر، تُطلق
شركة مياه الشرب والصرف الصحفي، حملات توعية بالمحافظات للتوعية بترشيد استهلاك
المياه، والتي كان آخرها حملة توعية باسم؛ "كل نقطة بتفرق"، في محافظة
الأقصر، والتي تستمر حتى يوم 28 مارس الجاري، تزامنًا مع احتفاليات اليوم العالمي
للمياه 22 مارس الجاري، حيث تم اختيار 24 قرية طبقًا لمعايير محددة بإجمالي عدد
مستفيدين مليون ونصف المليون نسمة، وبمشاركة وزارات وهيئات كل من؛ الموارد المائية
والري والأزهر الشريف والكنيسة القبطية والأوقاف والتربية والتعليم والتنمية
المحلية والثقافة والشباب والرياضة والصحة والتضامن الاجتماعي.
وتتضمن فعاليات الحملة تخصيص طابور الصباح والحصة الثانية يوم غد، 24 مارس 2019، بـ10 آلاف معهد أزهري ليستفيد منها 2 مليون طالب على مستوى الجمهورية للتوعية بترشيد استهلاك مياه الشرب، وإصلاح السباكة والحد من الإهدار بـ398 مصلحة حكومية بالقرى المستهدفة أثناء تنفيذ الحملة، ونشر مواد إعلانية للتوعية بترشيد استهلاك المياه على كافة قنوات التواصل الاجتماعي التابعة للوزارات المعنية خلال الأسبوع المائي، ونشر لافتات توعوية في دور العبادة والمدارس والمصالح الحكومية، وتنظيم دورة كرة قدم للشباب بكل قرية تحت شعار "كأس المياه"، وتنظيم مسيرات لدعم الحملة بشوارع القرى المستهدفة.