الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

يوم المرأة كفاح وثورة وتاريخ

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
مارس شهر الورود والأعياد واحتفاء الطبيعة بالدفء. الاعتدال الربيعي، وتفتح أزهار الخوخ والمشمش، وتنفس الأوراق الخضراء الجديدة على الفروع العارية. قوة لا تخلو من رقة وصرامة لا تخلو من الجمال الذى يليق بالمرأة الطفلة فراشة البيت ووردة بستانة والأخت الحنون الدافئة والأم، النبض والتكوين والدم. والزوجة السكن. مارس الذى اختص بيوم المرأة فى معظم دول العالم وعيد الربيع فى نصف الكرة الشمالى وعيد النوروز وعيد الأم فى مصرنا الحبيبة. 
مارس شهر المرأة بلا منازع فيه خرجت آلاف النساء العاملات فى مصانع النسيج فى اليوم الثامن عام 1856 فى نيويورك محتجات على الظروف القاسية والأجور الزهيدة فى مسيرة فرقتها الشرطة لكنها تركت علامة وجعلت السياسيين يلتفتون إلى صوتها ويطرحون قضيتهن على جداول أعمالهم. لكن العالم كعادته لا يلتفت من المرة الأولى والخطوة الأولى فكررن المسيرة عام 1908 وسرن إلى التظاهر ممسكات بقطع من الخبز الجاف والورود تحت شعار (خبز وورد) سرن محتجات ومطالبات بتخفيض ساعات العمل ووقف عمالة الأطفال ومنحهن حق الاقتراع، فانضمت نساء الطبقة المتوسطة إلى العاملات لتشكلن جميعهن قوة ضاغطة ويبدأ الاحتفال بيومهن يوم المرأة فى العام التالى للمسيرة الخبز. ومن نساء أمريكا إلى نساء أوروبا انتقلت الدعوة والاقتراح الأمريكى بتخصيص يوم للمرأة على الصعيد العالمى لم تتبناه الأمم المتحدة إلا بعد سنوات طويلة وذلك عام 1977. أصدرت قرارًا يدعو دول العالم إلى اعتماد أى يوم من السنة يختارونه للاحتفال فقررت غالبية الدول اختيار 8 مارس، ليكون رمزا لنضال المرأة وتخليدا لجداتهن عاملات النسيج. ليكون اليوم الذى تخرج فيه النساء فى مظاهرات للمطالبة بحقوقهن ومطالبهن وهو ما يحدث ويتجدد كل عام، بين الاحتفال وتجهيز المطالب.
وفى مصر أيضا نحتفل بيوم المرأة فى السادس عشر من مارس تخليدا لكفاحها فى 1919 ودورها فى حركات التحرر، ووقوفها ضد الاستعمار الإنجليزى وإثبات وجودها فى مختلف المجالات ولم لا؟! وهى حافظة الحضارة وحفيدة ملكات وصانعة الرجال. كافحت المرأة المصرية لاستقلال بلدها واندلعت ثورتها إبان نفى الزعيم سعد زغلول زعيم الأمة إلى جزيرة مالطة. لم تقف مكتوفة اليدين ولم تكتف بتزمرها خلف المشربيات وفى القصور وخرجت لتشارك جموع الشعب فى ثورة 1919 لتكمل دور جدتها أم كامس وأحمس وتثبت أنها قادرة على تحمل المسئولية الوطنية أيضا فكان يوم 16 مارس هو يومها الذى خرجت فيها 300 سيدة وفتاة للتظاهر بقيادة هدى شعراوى وسقطت منهن برصاص الإنجليز: يمنى صبيح وحميدة خليل ونعيمة عبدالحميد وفاطمة محمود وحميدة سليمان وشفيقة محمد وغيرهن، ليستمر نضالها ويقمن بإنشاء- فى نفس اليوم 16 مارس من عام 1923- أول اتحاد نسائى مصرى يطالب بتحقيق المساواة السياسية والاجتماعية والحق فى التعليم العام والثانوى والجامعى فحصلت على حق الانتخاب والترشيح بالفعل فى دستور 1956 أيضا فى شهر مارس. فقد رشحت راوية عطية نفسها لعضوية مجلس الأمة عن محافظة القاهرة،
ونجحت من الجولة بعد معركة انتخابية قوية، كأول امرأة فى مصر والدول العربية، تصبح عضوا فى البرلمان. ولم تكن هى الوحيدة التى رشحت نفسها فقد شاركنها الترشح خمس نساء هن سيزا نبراوى عن دائرة مصر القديمة وزينات عابدين عن كرداسة وأمينة شكرى عن دائرة قسم باب شرق بالإسكندرية ومن الدقهلية السيدة نظلة الحكيم عن دائرة بلقاس. هكذا استمرت مسيرة المرأة المصرية وخطوات انتصاراتها تترك علامات فى كافة المجالات التى يخوضها الرجال لتصبحن طبيبات وسفيرات ووزيرات وباحثات فإليهن التحية والتقدير إليهن السلام وباقات الورود وقبل ذلك وبعده قبلات كثيرة وامتنان كبير نرسله إلى كل سيدة من السيدات اللواتى لم يذكر التاريخ أسماءهن.السيدات اللواتى يخرجن مع الفجر ليعملن فى الحقول ويعدن ليغسلن الملابس ويطبخن حتى يعود أبناؤهن من المدارس. والسيدات اللواتى يخرجن مع الفجر ليفترشن الأرض ويبعن الخضار والجبن فى الأسواق والسيدات اللواتى يعملن فى تنظيف المنازل بسرية حتى يقمن إود بيوتهن ولا يجرحن أبناءهن وهن يكملن الرسالة فى صمت قديسين، سيدات الأفران والمصانع سيدات المدارس والعاملات اللواتى يمسحن الأرض تحت أقدام لا تنتبه إلى قصص بطولاتهن كثيرا وتهرول. للجميلات المبتسمات الراضيات المدافعات عن أبنائهن وبيوتهن اللواتى لا يمللن عد ما بقى من أيام الشهر وما بقى من النقود فى جيوبهن. لهن جميعا فى عيدهن الذى ربما لا يعلمن عنه شيئا أقول: كل عام وأنتن بهجة هذا الوطن كل عام وأنتن فرحات باستكمال رسالتكن فى مسيرة يومية مبتسمة بيضاء تخرج لنا الطبيبة والمدرس والمهندسة والباحث تحت راية وطننا الغالى مصر.