الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

اذهبوا إلى قطر وتركيا

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
علمتنا السنوات الثمانى الماضية أن أدوات الحرب اختلفت، وأن الإعلام صار السلاح الأقوى الذى يفتت الدول ويدمر الشعوب، فقط.. عليك أن تتوصل إلى التعريف الصحيح للإعلام، ثم توفر الورش المعنية بصناعته، ثم تدرس التفاصيل المحيطة بالهدف الذى تصوب ناحيته فوهة سلاحك، بعدها تستخدم مهاراتك لإصابة الهدف، فإذا نجحت.. فقد وفرت على نفسك عناء استخدام الأسلحة التقليدية ونجوت من تبعاتها. وحتى يكون الإعلام سلاحًا.. لابد أن يكون القائمون عليه من المتخصصين، الذين تتناسب مهاراتهم مع كل مرحلة من مراحل التصنيع، بداية من الفكرة وانتهاءً بإصابة الهدف.
فى مصر.. سلاح الإعلام أصبح عاجزًا عن المواجهة والردع، وصار منتجًا محليًا غير صالح للخروج أبعد من حدود الوطن، بل إن الأغلبية فى الداخل لم تعد تعطيه اهتمامًا، ربما لأن القائمين على صناعته غير متخصصين، وربما كانت المحسوبية سببًا آخر فى تراجعه.
وفى المقابل.. اتخذ المتربصون بمصر من الإعلام سلاحًا قويًا، فبرعوا فى صناعته وأنفقوا عليه، وأنشأوا ورش عمل لها أجندة معروفة وهدف واحد هو النيل من مصر، الأجندة المعمول بها فى قطر.. هى نفسها المعمول بها فى تركيا وبريطانيا، والخبر الواحد تجده بأكثر من صيغة فى أوقات متفاوته، واختاروا مذيعين مصريين، يتحدثون اللهجة الجاذبة للمواطن المصري، وبصرف النظر عن تطاول هؤلاء وسعيهم لتشويه مصر والسير فى ركاب الإخوان.. إلا أنهم نجحوا فى التصويب تجاه الهدف، وهو الداخل المصري، أما إعلامنا فانشغل بالرد عليهم، وأصبح اختراقه كسلاح لحدود قطر وتركيا صعب المنال.
فالوصول إلى الشعبين التركى والقطرى يتطلب أدوات أخرى غير المستخدمة حاليًا، فكما اختارت تركيا من هربوا إليها ليخترقوا من خلالهم الداخل المصري.. كان علينا السير على نفس النهج، هكذا فعلت قطر، عندما اتخذت من الإعلام صناعة، فصارت الجزيرة دولة من خلالها عرف العالم قطر، حيث خاطبت كل شعب بلغته، واختارت لكل شعب مذيعه المعروف، وهو ما مكنها من العبث بالمنطقة طوال السنوات الثمانى الماضية.
منذ بضع سنوات.. عرضت على من بيدهم أمر الإعلام فكرة الاستعانة بمعارضين أتراك لتقديم برامج باللغة التركية، وهؤلاء يترددون كثيرًا على مصر، وفى قلوبهم مكانة خاصة لها، كما أنهم ضد أردوغان وطالما عملوا ضده، وطالما استضفتهم فى برامج للحديث عن جرائمه، لكن ضعف الإمكانيات جعلتهم يتحدثون اللغة العربية، فصاروا يخاطبون الداخل المصري، ولو تم تنفيذ الفكرة لتخطى إعلامنا الحدود واخترق الداخل التركي، لكن الفكرة أجهضت لأسباب لم أعرفها، نفس الشىء بالنسبة لقطر، فقد اتفقت مع بعض المعارضين فى الخارج على تقديم برامج من مصر، وفوجئت بترحيب منهم، وأجهضت الفكرة بعد عرضها لأسباب أيضًا لم أعرفها.
كنت أتمنى أن نذهب إلى قطر وتركيا بدلًا من انتظارهما فى ربوع مصر، فلن نكون مؤثرين بإعلامنا إلا إذا تحولنا من رد الفعل إلى فعل، علينا أن نخترق الداخل التركى بلغته وبشخصيات تركية، ونخاطب الداخل القطرى بلهجته لنكشف عوار حكامه، لكننا ما زلنا نتحدث مع أنفسنا، لأننا افتقدنا أبجديات صناعة الإعلام.