الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

حواديت عيال كبرت "60".. فارس توزيع الصحف الورقية يلقي سيفه

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
بعد نداءات كثيرة ألقى فارس توزيع الصحف الورقية سيفه، وفي تغريدة وكأنها "مانشيت" النهاية، أعلن انسحابه من المشهد الصحفي، مجدي الحفناوي الاسم الذي يتردد في أذن كل صحفي، ذلك القطار السريع الذي جاب كل المحافظات ينثر الصحف هنا وهناك، أستاذ التوزيع الذي كان لا يبارى والذي صعد بصحيفة مستقلة إلى قمة الهرم وحطم كل الأرقام، يخرج الآن من سوق الصحافة الورقية بعدما رآها تحتضر، لم يتحمل "الحفناوي" أن يرى محبوبته تُزف إلى مثواها الأخير فقرر وداعها قبل أن تودعه، استعجل ألم النهاية واحتسى كاس الفراق قبل أن يتجرعه مرغما، النصر في أرض الهزيمة بات محالا، والتمسك بأحلام تضربها طواحين الهواء درب من جنون، جثامين الصحف لدى الباعة في كل مكان، تنتظر التشييع وصاحبها لطالما استغاث أن ينقذوها فلربما عادت إلى الحياة، لكن قالب النمطية غلب، وميزان الكلمة انقلب فبات لا جدوى من الانتظار، عن عرينه تخلى الأسد بإباء وشموخ حتى لا تسمع أذنه نباح الكلاب على محبوبته، عبق الورق في أنفه، وملمسه شكل أصابعه، سنوات وعرقه يختلط بأحبار العناوين، يرى وجهه في كل صفحة تٌخرجها ماكينة الطباعة، مملكته كانت تتسع حتى شملت القُطر كله، لم يكن ينتظر تلك النهاية، فكيف لسلطان كسب كل معاركه أن تتخلى عنه كل جنوده، لا مدد ولا مداد ولا عون.. لكن في زمن اللاشىء.. لا شىء يستحق الاقتتال.. من يعرف قيمة الكلمة وقدرها.. يعرف لماذا اختار "الحفناوي" الابتعاد.. في زمن الجوع يا صديقي لا مكان لبائع الورود.. في زمن الضياع لا جدوى من لافتات الإرشاد.. في زمن اللامعقول ليس معقولا أن تُقاتل من أجل حكمة.. من أجل كلمة.. في زمن المسخ لا جدوى من النسخ والتدوين.. في زمن مثل هذا يجب الصمت والانتظار.. فالكلمة يا صديقي خلعت رداءها وطهرها واستهوت العرابيد وأرباب الحانات.. باتت كفتاة ليل تعرض جسدها على من يشتري رحيقها ولو بثمن بخس جنيهات معدودات.. منذ حين يا صديقي ونحن نخسر استحضارها ونخدع أنفسنا بأنها ستبقى وسنعاود كتابتها أحلاما وأغاني وسنهزم بزمن الغواني.. لكنا خسرنا.. وحتى نستعيد قوانا ونواجه أعداءنا بشمم في معركة أخرى.. يجب علينا أن نعلن بجرأة أننا خسرنا معركتنا.. خسرناها بأيدينا.. خسرناها لأننا نسخناها كما تُملى ولم نُعمل العقل فيها.. إلى لقاء آخر ربما يكون فيه اصطفافنا صحيحا.