الخميس 09 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

القمص أثناسيوس فهمي جورج يكتب .. لاهوت التعميد

القمص اثناسيوس فهمي
القمص اثناسيوس فهمي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ارتضى مخلصنا أن ينزل عاريا إلى مياه نهر الأردن، ففرت المياه وفزعت من خالق الطبيعة. جاء إلى الأردن ليغطس، ولم يتنح أو يستنكف عن أن ينحني ليضع يوحنا المعمدان يده على رأسه، كي يدعونا للميلاد الثاني من الماء والروح. فننال عدم الموت، ونصير شركاء للميراث معه وحده ينبوع الخيرات الحقيقية. لقد آتي وهو الحاضر في كل مكان والذي لا يخلو منه مكان، آتي بمسرته بالإخلاء متخذا "شكل العبد" نازلا نهر الأردن كالتدبير. 
نزل ليمسح ويستعلن كمسيح ويعطينا من مسحته المسحة التي أخذناها منه لتبقي ثابتة فينا ، وبها ندعي مسيحيين، لذلك انفتحت (انشقت) السماء التي كانت مغلقة أمامنا، وتمت المصالحة والشفاء وعندئذ كمل البر لنتبرر نحن ببره من الأشجاب، وتستعلن لنا أسرار أنوار الثالوث بإعلان الابن الحبيب الذي سر به الأب، وصوت أبيه إله المجد قد أرعد، وأمرنا أن نسمع له. 
إنه الابن الوحيد الذي أرسله الأب وله ينبغي أن نقبل وأن نسمع وأن نتبع ، وحمامة الروح القدس استقرت عليه؛ لأنها كانت قد فارقت آدم الأول، أما اليوم استقرت على بكورتنا وبكرنا وأدمنا الجديد والثاني، ليعطينا ماله وإلى ملكوته يرقينا. 
نزل الروح بصورة مجسمة كشهادة لملء المثيل للمثيل ، بهيئة جسمية تأكيدا للحقيقة المنظورة ، كما حلت كالسنة نارا في عنصرة الخمسين . اليوم عيد ظهور الذي كان مستترا، وها قد صار حقا وواقعا وكمالا ومثالا ( الابن في الأردن يغطس والأب في السماء يشهد والروح القدس يبارك)، وهو الفاعل في الإسرار.
اعتمد المسبح وهو غير محتاجا أن يعتمد ، لكن ليكمل كل بر وليتمم الناموس، إذ إنه جاء لا لينقض بل ليكمل ويرقي للنعمة، وأعلن عن شخصه، حتى يصير معروفا بهذا الاستعلان "في وسطكم قائم الذي لستم تعرفونه"، وصار صوته علي المياه ودوي السماء يظهر الابن الوحيد الجنس، ذلك الابن المحبوب مثل ابن وحيد القرن، وقد نزل واستقر عليه الروح، أما يوحنا خادم التعميد فقد رأي وشهد لهذا الظهور (الاستعلان = الابيفانيا). 
إن اليوم عيد الأنوار الذي مسح فيه مسيحنا بزيت البهجة وصار باكورة معموديتنا بقبوله الروح القدس في نفسه ليستعيد لطبيعتنا ماقد فارقها بسبب خطايانا وسقوطنا، يحل علينا بعد مفارقة، وتنفتح السماء بعد أن كانت موصدة بعد النفي ( نفينا من فردوس النعيم). 
إنه عيد بدء وباكورة وبابا للخيرات الخلاصية ، التي تدفقت إلينا ، فتتجدد طبيعتنا وتعجن وتتشكل بحفظ بهاء صورته المغروسة فينا بدون تشويه ، فنعبده بالروح والحق . ونمجد قصد عماده من أجلنا نحن البشر ومن أجل خلاصنا.
تعمد كإنسان ، ولكنه محا الخطايا كلها، تعمد ليس لأنه محتاج إلى طقوس التطهير والختان لنفسه ، ولكن لكي يقدس عناصر الخليقة ، ويصنع تدبير الخلاص من أجل خلاصنا. لما اغتسل بالأردن نحن المغتسلين فيه وبواسطته، ولما قبل الروح القدس كنا نحن الذين نقبله ، فمنذ معموديته وظهور الروح القدس للبشر حالا في صورة حمامة، ومنذئذ بدأ ملكوت السماوات ، وتم تمييز المعمدين بني النور، فقد سحق بالماء رؤوس التنانين وأغرق الخطية ودفن في الماء آدم القديم كله.. مقدسا المعمودية متمما الشريعة معلنا سر الثالوث .