الأحد 16 يونيو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

تقارير وتحقيقات

الفلسطينيون .....ورفض الوقوع في فخ "يهودية الدولة"

الرئيس محمود عباس
الرئيس محمود عباس
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
رغم استئناف مفاوضات السلام بين إسرائيل والسلطة الفلسطينيية برعاية أمريكية في 29 يوليو الماضي على أسس واضحة ومحددة بعد توقف دام ثلاث سنوات بسبب الاستيطان في الاراضي الفلسطينية المحتلة، يصر الطرف الاسرائيلي كالعادة على وضع العقبات وشروط جديدة على طاولة المفاوضات لم تكن مطروحة من قبل.
ومن بين القضايا الشائكة التي طفت على السطح في الفترة الأخيرة ، تشبث الحكومة الإسرائيلية اليمينية بزعامة بنيامين نتنياهو بضرورة الاعتراف الفلسطيني بما يسمى "يهودية الدولة" كشرط للموافقة على الحل النهائي ، وهو ما قوبل برفض فلسطيني شديد كونه بمثابة فخ إسرائيلي جديد يمس "حق العودة" أحد الثوابت الفلسطينية الأساسية ولآثاره التاريخية الخطيرة على القضية الفلسطينية.
وحسم الرئيس محمود عباس "أبو مازن" الموقف الفلسطيني من هذه المسألة مبكرا عندما شدد على أن الفلسطينيين لن يعترفوا بيهودية دولة إسرائيل ولن يقبلوا بها وذلك رغم الضغوط التي يتعرض لها من قبل الولايات المتحدة التي ترعى المفاوضات.
وقال عباس في خطاب ألقاه في مقر الرئاسة في مدينة رام الله بالضفة الغربية أمام شخصيات وفعاليات تمثل مدينة القدس الاسبوع الماضي "لن نعترف ولن نقبل بيهودية إسرائيل".
وأضاف:"يقولون (الاسرائيليون) اذا لم تعترفوا بيهودية إسرائيل فلن يكون هناك حل ونحن نقول لن نعترف ولن نقبل ومن حقنا ألا نعترف بيهودية الدولة".
وتابع عباس "لدينا حجج واسباب كثيرة لرفض هذا الحديث الذي لم نسمعه الا منذ سنتين وقدمناها إلى إسرائيل، مصيبتهم معنا أننا نعرف عنهم أكثر منهم ونعرف التاريخ والجغرافيا، وما نعرفه نتكلم به، كل شيء نحفظه ولن نقبل بيهودية الدولة وحدود 67 ما نطالب به".
وقوبل موقف عباس بحملة تحريض شرسة ضده شنها نتنياهو وأقطاب حكومته اليمينية بدعوى أنه ليس شريكا للسلام ولا يتخذ القرارات المطلوبة لمواصلة المفاوضات مع إسرائيل.
وعلق رئيس حزب "البيت اليهودي" اليميني المتطرف ووزير الاقتصاد الإسرائيلي نفتالي بينيت على تصريحات عباس قائلا إنه "لا يوجد أي فرق بين أبو مازن و(الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر) عرفات ، عندما يتحدث عباس عن مليون شهيد في الطريق إلى القدس ويصر على التمسك بحق العودة".
بدوره ،قال النائب الليكودي تساحي هنغبي "ان تشبث محمود عباس بالمواقف التقليدية المتعلقة بالقدس وحق العودة والاعتراف بيهودية دولة إسرائيل تظهره في موقف الرافض للسلام".
ووفقا لمصادر فلسطينية فإن وزير الخارجية الامريكي جون كيري مارس خلال جولته الاخيرة في المنطقة ضغوطا كبيرة على "أبو مازن" للقبول بـ"اتفاق اطار" يتضمن الاعتراف بـ"يهودية اسرائيل"..وأنه أبلغ الجانب الفلسطيني ان موضوع "يهودية الدولة" ليس موقفا اسرائيليا فقط بل هو موقف الادارة الامريكية ايضا.
وقال وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي في تصريحات للاذاعة الفلسطينية الرسمية إن الوزير الأمريكي يحاول الضغط على الفلسطينيين للاعتراف بـ"يهودية دولة إسرائيل" من خلال الدول العربية، "لكن هذا لن يحدث".
وأضاف المالكي أن كيري يطرح أفكارا هي الأقرب للحكومة الإسرائيلية وأنه زار كلا من الأردن، والسعودية خلال جولته الأخيرة، لإقناعهما بفكرة يهودية الدولة، وهو الأمر الذي يرفضه الجانب الفلسطيني.
وتابع:"إن الرسالة العربية لكيري واضحة، وهي أن العرب يرفضون الاعتراف بيهودية دولة إسرائيل ويصرون على القدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين، مع رفض الوجود الأمني الإسرائيلي في منطقة الأغوار بالضفة الغربية".
ويطرح الفلسطينيون عددا من الأسباب الموضوعية لرفض الاعتراف باسرائيل "دولة يهودية" على رأسها أن منظمة التحرير الفلسطينية قدمت الاعتراف المتبادل بدولة اسرائيل من خلال اتفاقية اوسلو عام 1993 والذي تم بين الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات ورئيس الوزراء الاسرائيلي الراحل اسحاق رابين.
ومن بين هذه الأسباب أيضا انه لدى اعتراف الولايات المتحدة الامريكية بقيام دولة إسرائيل عام 1948 وقع الرئيس هاري ترومان آنذاك على وثيقة الاعتراف التي تحدث نصها الأصلي عن الحكومة المؤقتة للدولة اليهودية الجديدة ، لكن ترومان شطب عبارة "الدولة اليهودية" وأضاف بدلا منها عبارة "دولة إسرائيل".
الى جانب أن الاعتراف بيهودية الدولة سيكلف الفلسطينيين ادانة تاريخية لنضال آبائهم وأجدادهم وأيضا سيكلف الدول العربية تبعات حرب 1948 ، وسيؤدى الى المطالبة بتعويضات لكل يهودي قتل أو جرح في معركة المواجهة والمقاومة ضد الاحتلال الاسرائيلي لفلسطين.
وقال عضو اللجنة المركزية لحركة فتح محمد اشتية :"لا يمكن لأي فلسطيني أن يعترف باسرائيل كدولة يهودية..هذا الأمر موضوع ديني يراد من ورائه تحقيق أهداف سياسية".موضحا ان مصر والأردن وقعتا اتفاق سلام مع إسرائيل ولم تطالبا بالاعتراف بها كدولة يهودية.
وقال اشتيه في لقاء مع نخبة من الصحفيين نظمه "بيت الصحافة الفلسطيني" بغزة عبر "الفيديو كونفرانس" مؤخرا:"أنا كفلسطيني يعنيني أمر تسمية إسرائيل التي تريد في موضوع الدولة اليهودية أن تسدد معنا ثلاث فواتير".
وأوضح أن الفاتورة الأولى هي فاتورة المستقبل وتتعلق بمنع حق العودة للاجئين الفلسطينيين،وتسعى إسرائيل أن تضرب هذا الأمر من خلال القول إنها دولة لليهود".
و"حق العودة" ثابت وفقا لقرارات الشرعية الدولية وينص "القرار 194" الصادر عن الأمم المتحدة عام 1948 على أنه "تقرر وجوب السماح بالعودة، في أقرب وقت ممكن للاجئين الراغبين في العودة إلى ديارهم، والعيش بسلام مع جيرانهم، ووجوب دفع تعويضات عن ممتلكات الذين يقررون عدم العودة إلى ديارهم، وكذلك عن كل فقدان أو خسارة أو ضرر للممتلكات، بحيث يعود الشيء إلى أصله وفقا لمبادئ القانون الدولي والعدالة، بحيث يعوض عن ذلك الفقدان أو الخسارة أو الضرر من قبل الحكومات أو السلطات المسؤولة".
وأضاف اشتيه – الذى استقال من عضوية الوفد الفلسطيني المفاوض قبل شهرين احتجاجا على تعنت وعدم جدية الطرف الاسرائيلي -:"الفاتورة الثانية ..فاتورة الحاضر..فهناك 7ر1 مليون فلسطيني من أهلنا في أراضي 48 (عرب إسرائيل) ،وإسرائيل سوف تأتي لكل واحد منهم وتسأله أنت تعتبر نفسك ماذا؟..فلسطيني عد الى رام الله هناك دولة فلسطين".
وأردف قائلا:"وبالتالي يصبح موضوع الدولة اليهودية آلية لتهجير أهلنا في أراضي 48 من مدنهم وقراهم الأصلية الى الدولة الفلسطينية".
ويصل عدد السكان العرب – وفقا لاحصاءات إسرائيلية رسمية – الى مليون و670 الف نسمة يشكلون نحو 7ر20% من اجمالي عدد سكان إسرائيل البالغ 081ر8 مليون نسمة.
وإلى جانب "يهودية الدولة"، تطرح حكومة نتنياهو فكرة نقل أراضي في منطقة المثلث (التي تضم المدن العربية داخل إسرائيل) إلى السلطة الفلسطينية في مقابل احتفاظها بالكتل الاستيطانية الموجودة في الضفة الغربية بهدف التخلص من نحو 300 ألف عربي فلسطيني يقطنون في هذه المنطقة.
وقال اشتيه:"الفاتورة الثالثة وهي مهمة لنا كفلسطينيين أن إسرائيل بموضوع الدولة اليهودية تريد منا أن نعترف بالرواية التوراتية عن فلسطين ، وننفي الرواية الاسلامية والمسيحية لكى تصبح وكأنها ليست مشروعا استعماريا".
بدوره، قال عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين غازي الصوراني ان من بين أهم مخاطر الاعتراف بـ "يهودية اسرائيل" انه "يجعل الدولة الصهيونية امرا مشروعا من كل النواحي السياسية والتاريخية والثقافية والاخلاقية وهو وضع اكثر من خطير ويعتبر هزيمة كبرى ونهاية للمشروع الوطني الفلسطيني".
وأضاف الصوراني خلال ندوة سياسية نظمتها الجبهة الشعبية قبل أيام تحت عنوان "الحلول التصفوية ويهودية الدولة" ان هذا الاعتراف "يعني ان الفلسطينيين والعرب لا يعترفون بإسرائيل كأمر واقع كما هو حال منظمة التحرير الفلسطينية بل يعترفون بشرعية الكيان الصهيوني وحقوقه في فلسطين على حساب حقوق شعبنا التاريخية".
وأكد أن هوية دولة إسرائيل المرتبطة بمفهوم الشعب أو "الأمة اليهودية" ستظل هوية مزيفة ومضطربة وغير قادرة على اثبات وجودها بصورة علمية او موضوعية او تاريخية كجزء من نسيج المنطقة العربية.
وشدد الصوراني على أن إسرائيل ستظل "كيانا غريبا مرفوضا في المنطقة العربية من ناحية وستظل الحركة الصهيونية عاجزة عن الحديث عن أمة يهودية بالمعنى الموضوعي او العلمي، كما هو الحال بالنسبة للحديث عن أمة إسلامية أو مسيحية" .