السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة العرب

مصر والسعودية.. علاقات ممتدة عبر التاريخ

السيسي والملك سلمان
السيسي والملك سلمان
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
القاهرة والرياض يربطهما تاريخ طويل من العلاقات القوية المتجذرة ، فهما حائط الصد المنيع لمحاولات استهداف الشرق الأوسط ، ويشكلان معا قاعدة صلبة في قلب الوطن العربي ضد الأطماع الخارجية والتنظيمات الإرهابية، وقد توطدت هذه العلاقات الراسخة على مر العقود حتى أصبحت اليوم قوية أكثر من أي وقت مضى و تعززت الشراكة بين البلدين . 
وبين مصر والسعودية اتصالات متواصلة وزيارات متبادلة بين البلدين، فبعد نحو شهر من زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان للقاهرة، يجري الشيخ الدكتور عبد الله بن محمد بن إبراهيم آل شيخ، رئيس مجلس الشورى بالمملكة زيارة إلى مصر، بينما اختتم الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر زيارة رسمية إلى السعودية استمرت عدة أيام . 
وعادة ما يستخدم المحللون والمراقبون كلمة "استراتيجية" في الحديث عن العلاقات المصرية السعودية؛ ولكن ما مفهوم العلاقات الاستراتيجية؟ 
يوضح السفير هانى خلاف مساعد وزير الخارجية للشئون العربية ومندوب مصر لدى الجامعة العربية سابقاً - في تصريح خاص لوكالة أنباء الشرق الأوسط- أن أي علاقة استراتيجية بين بلدين تعنى اشتراكهما في أهداف ومبادئ وسياسات وأولويات واحدة أو متماثلة وخاصة فيما يتعلق بالأمن والدفاع وتحديد العدو والصديق، وفى اشتراكهما أيضاً في هوية ثقافية ومذهبية واحدة، وفي بعض عناصر التكامل الاقتصادي.
وقال إنه إذا ما طبقنا هذه العناصر على حالة العلاقة بين مصر والسعودية فسوف نجد التماثل بينهما في اعتبار الإرهاب والاحتلال الأجنبي وسباق التسلح النووي أكبر عناصر التهديد للأمن الوطني والأمن الإقليمي والأمن العالمي ؛ وأمثلة على ذلك : اشتراك البلدين في توصيف بعض الجماعات والمنظمات الدينية والمذهبية والسياسية بأنها منظمات إرهابية وعنصرية؛ واتفاق البلدين على مبدأ عدم جواز الاستيلاء على أراضى الغير بالقوة، ومبدأ حل المنازعات السياسية والحدودية بين الدول بالطرق السلمية، ومبدأ احترام السيادة الوطنية والشئون الداخلية للدول؛ واعتماد البلدين لمنهج الانفتاح الاقتصادي على العالم، وتشجيع النشاط الاقتصادي الحر وتأمين الاستثمارات الأجنبية الملتزمة بالقانون الوطني والقانون الدولي؛ و تزايد اعتماد البلدين على نظم التسليح الغربية ، مع إبقاء الفرص مفتوحة أمام تنوع العلاقات العسكرية مع أطراف أخرى حسب الاحتياج ؛ و قيام البلدين بتدريبات عسكرية مشتركة وإعلان كل منهما أن أي اعتداء على أي منهما يعتبر اعتداءً على الآخر.
وأضاف السفير هاني خلاف أن العلاقات بين البلدين شهدت مراحل متنوعة من التقارب عبر ما يزيد على قرن ونصف قرن، وأقوى مراحل التقارب بينهما كانت أثناء حرب 1973 ثم في مرحلة ما بعد ثورة 30 يونيو عام 2013، مذكرا أن مظاهر التقارب في مساندة السعودية لمصر تجلت بقرار وقف تصدير البترول السعودي إلى الدول المساندة لإسرائيل في حرب أكتوبر 1973 ، ثم قرارها بعد 30 يونيو2013 بدعم "حركة التصحيح المصرية" ودعم الاقتصاد المصري. 
وأشار إلى أن مصر أيدت موقف السعودية الرامي إلى استعادة الشرعية في اليمن ومواجهة السياسات الإيرانية في المنطقة، وفي الأزمة الخليجية مع قطر ؛ كما أن لمصر جالية كبيرة داخل السعودية (تقدر بأكثر من 1,5 مليون مصري) تسهم في تنمية المملكة بمختلف القطاعات التعليمية والصحية والإنتاجية ، والقضائية والإدارية.
وعن اعتبار مصر والسعودية حجر الزاوية في استقرار الأمن العربي، يرى مساعد وزير الخارجية الأسبق أن ذلك يرجع لعدة أسباب حيث إنهما يملكان معاً أكبر قوة اقتصادية وأكبر كتلة سكانية في المنطقة العربية : (النفط/ الغاز/القدرات الصناعية)، (خبرات العمالة الفنية)،(هياكل البنية التحتية)، ويملكان معاً مقومات جغرافية واستراتيجية لا تتوافر لدى أي طرف عربي آخر: حدود مشتركة مع عدد من الدول العربية و إطلالة بحرية على البحر الأحمر ومداخل مضيق العقبة وقناة السويس التي تصب في البحر المتوسط، إلى جانب باب المندب والخليج العربي ومن ثم على المحيط الهندي، ولأنهما يملكان معاً أكبر شبكة اتصالات دبلوماسية مع الأطراف الإقليمية والدولية، و لأن كلاً منهما لديه تاريخ حافل بالأدوار السياسية والأمنية والعطاءات الاقتصادية والثقافية داخل العالم العربي وخارجه، و لأنهما يقعان في بؤرة الاستهداف والتركيز من جانب أخطر القوى الإقليمية غير العربية (إسرائيل/إيران/تركيا).
وذكر أن هناك تشابها في مواقف مصر والسعودية تجاه قضايا الشرق الأوسط: فبالنسبة للقضية الفلسطينية يعمل البلدان على توحيد الصفوف الفلسطينية وإنهاء الانقسام بين حركة فتح وبعض الفصائل الفلسطينية الأخرى، و دعم جهود السلطة الوطنية الفلسطينية بقيادة الرئيس أبو مازن، وكذلك دعم وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينية (أنروا) .
كما تساند السعودية مصر في تحركاتها الدبلوماسية لحلحلة القضية الفلسطينية داخل مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة – أو حتى في إطار العلاقات الثنائية مع الأطراف الدولية الكبرى ذات التأثير في تاريخ ومسار القضية. 
وفيما يتعلق بالأزمة الليبية فيعمل البلدان على إنهاء الازدواجية أو التعدد في مراكز صنع القرار الليبي، وعلى دعم وتدريب الجيش الوطني الليبي ، ويحرص البلدان على وقف التدخلات العسكرية داخل الأراضي الليبية سواء من جانب بعض الأطراف الإقليمية أو الدولية ، وكذلك على كشف أبعاد التدخلات القطرية بالتمويل والتسليح لبعض الفصائل والجماعات الليبية المتشددة.
وحول الأوضاع في العراق يبدى البلدان استعدادهما للمساهمة في مشروعات إعادة الإعمار في العراق ومشروعات التنمية الاقتصادية حسب تطور الظروف السياسية والأمنية. 
ومن جانبه، أكد السفير سيد أبو زيد، مساعد وزير الخارجية الأسبق للشئون العربية - في تصريح خاص لوكالة أنباء الشرق الأوسط- أن القاهرة والرياض تربطهما علاقات استراتيجية و ليست مستحدثة بل متجذرة ولها أسس موجودة لعدة اعتبارات. 
وأشار السفير سيد أبو زيد إلى أن العلاقات المصرية السعودية تنامت خلال الحقب التاريخية المختلفة، وعلى مر التاريخ كانت هناك علاقات واضحة وبارزة.
ولفت إلى أن المحللين والاستراتيجيين كانوا يعتبرون أن هناك مثلثا من الدول في الشرق الأوسط يمثلون حجر الزاوية وهو الذي يعمل على إحداث نوع من التوازن في المنطقة ، و هذه الدول الثلاثة هم: مصر والسعودية وسوريا، ونتيجة للظروف التي مرت بها المنطقة ولاسيما سوريا، مما أدى إلى انشغال دمشق بأزمتها وظروفها التي تمر بها، اقتصر التوازن في المنطقة على مصر والسعودية.
وأشار السفير سيد أبو زيد إلى أن الفترة الأخيرة شهدت نوعا كبيرا من التردي في المنطقة وتزايدت الأزمات وأصبحت أكثر صعوبة مما أدى إلى مزيد من التعاون والتنسيق بين القاهرة والرياض لمواجهتها.
وأبرز أن العلاقات المصرية والسعودية ممتدة عبر التاريخ وأن الفترة الحالية هي أكثر الفترات اقترابا خاصة بعد تكوين مجلس تنسيقي بين البلدين يشمل نشاطه كافة المجالات، متوقعا أن يحقق هذا المجلس نجاحا كبير. 
ومن ناحيته، أكد السفير علي الحفني نائب وزير الخارجية السابق - في تصريح خاص لوكالة أنباء الشرق الأوسط- أن العلاقات المصرية السعودية تكتسب أهمية متزايدة منذ عام 2013 ، خاصة أن "محور القاهرة-الرياض" أصبح المحور الرئيسي الذي يمكن أن ترتكز عليه العديد من الأمور التي تمثل أولوية لهذه المنطقة سواء في مجال الأمن القومي العربي أو إصلاح البيت العربي من عدم استقرار بفعل الصراعات والحروب التي تشهدها المنطقة وإنما أيضا بفعل تفشي ظاهرة الإرهاب وما يرتبط بذلك من ظهور جيل من المليشيات المسلحة والتي لا شك سوف تلقي بظلالها على مجمل الأوضاع في المنطقة العربية مستقبلا، الأمر الذي تبرز إزائه أهمية أن تكون العلاقات بين مصر والسعودية علاقات متينة وقوية وذات طابع استراتيجي يعتمد على الشراكة في كافة المجالات السياسية و الاقتصادية والأمنية والعسكرية وغيرها.
ووصف علاقات الرئيس عبد الفتاح السيسي مع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان بالعلاقات المتميزة المبنية على التفاهم والاحترام المتبادل وعلى وحدة الرؤى ويمتد ذلك إلى غيره من كبار المسئولين في البلدين.
ولفت إلى أن علاقات التعاون الاقتصادي حققت طفرة في السنوات الأخيرة، كما بلغ التنسيق الأمني والعسكري أقصى مدى و هو الأمر الذي تشهده العاصمتان فيما يتعلق بالتنسيق المشترك في مكافحة الإرهاب والتعاون العسكري الذي جسدته التدريبات المشتركة التي تقام هنا وهناك بين أفرع الأسلحة المختلفة سواء تم ذلك بشكل ثنائي أو جماعي.
وتابع أن هذا بجانب التنسيق الذي تشهده الدبلوماسيتان المصرية والسعودية في المحافل الدولية وسعي الدولتين لحشد الدعم الدولي شرقا وغربا من أجل التصدي بحزم لعمليات تهريب الأسلحة والمخدرات والهجرة غير المشروعة فضلا عن رصد عمليات تمويل المنظمات الإرهابية ونشاط تلك المنظمات.
وأشار إلى أنه لا شك أن لمصر والسعودية مصلحة أكيدة في السعي لتحقيق الأمن في البحار والمحيطات والخلجان التي تمثل أهمية قصوى لأمن الخليج والأمن العربي وإنما أيضا للأمن الأفريقي، وهو الأمر الذي يقتضي تعزير التعاون العربي الأفريقي والسعي لإنشاء آليات تحقق في إطارها الدول العربية والأفريقية التكامل المنشود بينهما في المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية، معربا عن أمله أن نشهد خطوات فاعلة لتحقيقه خلال المستقبل القريب.