الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

النواب والمحافظون.. ومشاكل المحليات

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
فوجئ الرأى العام والمواطنون بتصريحات الدكتور علي عبدالعال رئيس مجلس النواب، بالنقد للحكومة وأسلوب التعامل من قبل بعض الوزراء والمحافظين مع مجلس النواب، خصوصًا وأن هذا النقد كان من العيار الثقيل، وقد ظهر أن الرجل قد نفد صبره من تلك الممارسات، التى عبر عنها حين قال «فساد المحليات وصل للركب منذ سنوات»، وهذه العبارة قيلت فى هذه القاعة.. وأن النواب تحملوا كثيرًا خلال السنوات الثلاث الماضية، وجاء الدور على الحكومة الآن ويجب أن تتعاون مع المجلس».
ومؤكدًا «أن بعض الوزراء لا يتعاونون مع المجلس وبعضهم اكتفى بإرسال معاونيه أو مساعديه للبرلمان، وهذه الظاهرة لا بد وأن تتوقف».
وأضاف رئيس المجلس لانتقاده للحكومة أمام وزير التنمية المحلية، وبحضور وزير شئون مجلس النواب، أثناء الجلسة العامة الأسبوع الماضي.. «أن بعض المحافظين غير متعاونين إطلاقًا وقد صبرت كثيرًا ولن أصبر بعد اليوم».
وقد لاقت الانتقادات ترحاب كبير من الرأى العام والنواب، لأن رئيس المجلس الذى أمامه كل الملفات والمشاكل كاملة ويعرف بدقة حجم الأدوات الرقابية التى يستخدمها النواب من طلبات إحاطة، وطلبات مناقشة واستجوابات مهمة حول مشاكل المواطنين فى جميع المحافظات والدوائر المختلفة، بالإضافة إلى شكاواهم المستمرة بسبب عدم التعاون.. والممارسات الخاطئة.
وقد شهدت عدد من المحافظات «السويس – الغربية – الدقهلية» ومن قبل محافظة أسوان، أثناء الزيارة الميدانية للجنة الإدارة المحلية، حيث تلاحظ وجود مشاكل من عدم التعاون من بعض المحافظين مع أعضاء مجلس النواب فى مشاكل أزمات تتفاقم وتتزايد، مما يؤدى إلى عدم حل المشاكل المتراكمة التى يعانى منها المواطنين فى المحافظات.
وبالرغم من نصوص الدستور الواضحة فى المواد «١٠١ – ١١٨ – ١٢٩ – ١٣٠ – ١٣٥» والمادة «١٣٦» التى تؤكد على أهمية الرقابة على السلطة التنفيذية، حيث حضور رئيس مجلس الوزراء ونوابه والوزراء ونوابهم جلسات مجلس النواب، أو أحد لجانه ويكون حضورهم وجوبيًا بناء على طلب المجلس، ولهم الاستعانة بمن يرون من كبار الموظفين.
ويضاف إلى ذلك نصوص لائحة مجلس النواب الصادرة بالقانون رقم ١ لسنة ٢٠١٦ التى ألزمت المواد أرقام «٢ – ٩ – ٦١» والتى تؤكد أهمية دور أعضاء مجلس النواب فى ممارسة اختصاصاتهم الرقابية على ممثلى السلطة التنفيذية من أعضاء الحكومة وغيرهم من شاغلى المناصب والوظائف العامة «المحافظين» وحتى رؤساء القطاعات الإدارية المركزية ورؤساء الهيئات العامة، وعليهم جميعًا أن يقدموا أمام الجلسات العامة أو اللجان جميع البيانات أو المستندات والإيضاحات فضلا عن الشروح التى تساعد لجان المجلس للقيام بأداء اختصاصاتهم.
وفى النهاية فإن الأمر منطقى أن يكون هناك احترام للدستور واللائحة واحترام واضح بين المحافظين ونواب الشعب من أجل حل مشاكل المواطنين المتراكمة بسبب سوء وتدنى الخدمات فى التعليم والصحة ومشاكل المواصلات والطرق وتراكم القمامة وسوء الأوضاع البيئية، وتأخر مشاريع التنمية فى المحافظات.
وبعيدًا عن النصوص الدستورية واللائحية وعدم تفعيلها فقط كشفت الأوضاع على أرض الواقع عددا من مظاهر عدم التعاون من المحافظين مع نواب الشعب، وقد أخذت تلك المشاكل عددا من الصور والمظاهر الضارة على التنمية منها:-
- انعدام المشاركة أو التنسيق بين المحافظين مع نواب الشعب فيما يخص أولويات ومشاكل المواطنين فى المحافظات من أجل وضع رؤية أو تصورات موضوعية ومستقبلية لكل محافظة وخصوصياتها.
- تجاهل المحافظون فى دعوة النواب لحضور لقاءات الوزراء أثناء زيارتهم الميدانية للمحافظات للوقوف على المشاكل والمتابعة الميدانية وكأن نواب الشعب غير معنيين بالأمر على أرض محافظاتهم.
- عدم وجود آلية للتسجيل أو المتابعة والرصد لطلبات وشكاوى المواطنين التى يتقدم بها النواب للمحافظين للعمل على حلها أى «غياب مكتب الاتصال السياسى للنواب بالمحافظات» للمتابعة والتنسيق حول مصير وتنفيذ طلبات المواطنين.
- غياب أى حوار ديمقراطى من المحافظين للتعرف على رؤية نواب الشعب باعتبارهم المعايشين لتلك المشاكل والأكثر فهما وإدراكا لأولويات ومشاكل المواطنين بالمحافظات من أجل العمل على حلها.
- غياب المجالس الشعبية المحلية المنتخبة، والتى تساعد على مجابهة الكثير من المشاكل المحلية.
- غياب أى اجتماعات دورية بين المحافظين والنواب والأجهزة المعاونة لحل المشاكل الطارئة أو اليومية.
وللأسف يحدث ذلك رغم:
- توجيهات وتعليمات السيد رئيس الجمهورية للمحافظين عقب أداء اليمين الدستورية بضرورة التلاحم مع مشاكل الجماهير والعمل على حلها وعقد اللقاءات مع المواطنين وسرعة تلبية مشاكلهم ذات الأولويات مشددا على المحافظين فى ذلك.
- توجيهات رئيس الوزراء إلى المحافظين بضرورة التعاون والاستجابة للنواب والحوار معهم فى حل المشاكل بدوائرهم، وقد حدث ذلك فى أول اجتماع لمجلس المحافظين الذى عقد بعد البدء فى شغل مناصبهم الحالية.
- إعلان رئيس الوزراء والتزامه أمام مجلس النواب أثناء إلقائه بيان الحكومة بتكليف الوزراء بأهمية التعاون مع أعضاء مجلس النواب من أجل تحقيق أهداف التنمية وحل المشاكل.
- كما أكد رئيس الحكومة فى اجتماعه المشترك مع رؤساء الهيئات البرلمانية بأهمية التعاون بين الحكومة والمحافظين من أجل حل مشاكل المواطنين بالدوائر والاستجابة لمطالبهم. 
- يضاف إلى ذلك إعلان وزير شئون مجلس النواب، أن تعاون المحافظين مع النواب فريضة وغياب المحافظين عن المجلس إذا دعوا إلى لجانه فإن غيابهم غير مبرر وذلك بسبب غياب محافظ السويس وعدم حضوره أمام لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب.
وللأسف الشديد نجد عدم الثقة والتعاون بين المحافظين ونواب الشعب، وقد يكون مرجع ذلك بعض الأسباب الموضوعية منها:
١- قلة خبرة المحافظين للعمل فى المحليات وعدم إلمامهم بقانون الإدارة المحلية واللوائح المنظمة لهم.
٢- انعدام التدريب الكافى لطبيعة عمل المحافظين وعدم نقل الخبرات لهم فى إدارة شئون المحافظات.
٣- عدم قراءة الملفات الخاصة بالمحافظات أو قراءة المفردات وطبيعة وخصوصية كل محافظة.
٤- وجود بعض من القصور الذاتى فى أنماط السلوك والاتجاهات للتعامل والتغيير مع الوظيفة الجديدة والمهام لطبيعة عمل المحافظين.
٥- ضيق بعض المحافظين ورفضهم للحور الديمقراطى لمجرد التعرف على رؤى الأحزاب أو الجمعيات الأهلية والمجتمع المدنى، لمجرد التعرف على مواطن القوة والضعف والتحديات فى كل محافظة.
٦- الاعتماد على رؤى غير صحيحة من بعض الموظفين غير الأمناء، أو من لهم أغراض فاسدة وغير أمناء فى العرض.
٧- غياب الرؤية السياسية لبعض المحافظين.
٨- غياب المجالس الشعبية المنتخبة باعتبارها حق دستورى أصيل فى المراقبة والمحاسبة للمحافظين ورؤساء الوحدات المحلية.
٩- قلة الإمكانيات المالية والقبضة المركزية الشديدة فى إدارة المحليات.
١٠- استخدام الإعلام خصوصا القنوات الفضائية المحلية، للحديث عن الإنجازات أو تحسين صور بعض المحافظين بشكل غير الواقع.
وبعد، إننا فى بلادنا فى حاجة ماسة لتطبيق اللامركزية بملامحها الكاملة باعتبارها حق للشعب لتقوم بدورها وحتى تتحقق التنمية فى بلادنا بشكل من التعاون المشترك بين المحافظين ونواب الشعب، ومن أجل حل مشاكل المواطنين وتحقيق خدمات أفضل، ومكافحة الفساد وتحقيق التنمية الأفضل لبلادنا.