الخميس 02 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

جولدا مائير تعترف: قلبي عامر بالحقد والكراهية لكل ما هو مصري وعربي

جولدا مائير
جولدا مائير
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
«ليس أشق على نفسى من الكتابة عن حرب أكتوبر.. فلن أكتب عن الحرب ـ من الناحية العسكرية ـ فهذا أمر أتركه للآخرين.. ولكنى سأكتب عنها ككارثة ساحقة، وكابوس عشته بنفسي.. وسيظل باقيًا معى على الدوام». هكذا بدأت جولدا مائير رئيسة وزراء إسرائيل كلامها خلال وصفها حرب أكتوبر 73، عن قصة حياتها التى صدرت أول ما صدرت باللغة الإنجليزية، بعنوان «حياتي»، وترجمتها دار التعاون، ليصدر كتابها ضمن مطبوعاتها بعنوان «اعترافات جولدا مائير».
كثيرون يعرفون جولدا مائير.. أو المرأة الحديدية التى تربعت على قمة السلطة فى إسرائيل، ثم وصلت حياتها السياسية الطويلة إلى خاتمتها إثر انقشاع دخان حرب أكتوبر المجيدة.
لكن قليلين هم الذين يستطيعون رسم صورة واضحة عن هذه الشخصية المعجونة بالحقد والكراهية لمصر والعرب.. وهنا تكمن أهمية الكتاب الذى حاول أن يقدم للقارئ العربى أحد الوجوه القبيحة داخل الكيان الصهيونى والتى لم تستطع إخفاء عدائها لكل من هو مصرى وعربي.
يؤكد الكتاب أن السمة الأساسية داخل المجتمع الإسرائيلى هى العدوانية.. هذه العدوانية التى قادتها جولدا مائير على مدار سنوات طويلة من الصراع العربي- الإسرائيلي.
كما يوضح العديد من الادعاءات والأباطيل الصهيونية الكاذبة والجهود المتواصلة التى بذلتها الحركة الصهيونية من أجل السيطرة على أذهان اليهود، ودفعهم للهجرة إلى فلسطين ثم احتلالها وإنشاء «الدولة» فيها. وكذلك مبررات العدوان على الدول العربية المجاورة.
فى الفصل الأول من الكتاب، تحكى جولدا مائير عن المذابح البشعة التى عانى منها اليهود فى العديد من دول أوروبا، على أيدى النازية، وكيف كانوا ينتظرون الموت فى كل لحظة حرقًا فى أفران الغاز. 
عبر هذه الحكايات تحاول «مائير» كغيرها من الصهاينة استدرار عطف القارئ وتعاطف الناس مع اليهود فى محنتهم.
تبرر جولدا مائير احتلال اسرائيل للأراضى الفلسطينية بمبررات واهية، منها أحقية اليهود بفلسطين على أساس أنهم قد نُفوا منها منذ أكثر من ٢٠٠٠ عام.
فى الفصل الثالث، تعترف «مائير» التى نشأت فى بيت كانت أمها فيه تفتح الأبواب لإيواء وإعداد أى يهودى يهاجر إلى فلسطين، للانضمام إلى الفيلق اليهودي. كما أنها تؤكد حرصها طوال حياتها على ألا تخالط سوى اليهود ولم يكن لها أصدقاء سواهم.
على الرغم من أن الكتاب مؤلف من ١٥ فصلا، لكن مؤلفته- جولدا مائير- لم تأت على ذكر اشتراك إسرائيل فى العدوان الثلاثى على مصر عام ٥٦، إلا لمامًا، مؤكدة أن هذا العدوان لم يكن مقصودًا به إسقاط جمال عبدالناصر، الذى لم تتحدث عنه إلا فى الثلث الأخير من الكتاب، ولم تنس طبعا أن تسبق اسمه بلقب «البكباشي».
تحدثت «مائير» عن علاقاتها بالأمريكان، وكيف كانوا يستقبلونها ويقيمون لها مآدب العشاء، ويقدمون لها ولدولتها المزعومة كل الدعم الذى اعترفت أنه كان يفوق ما كان يقدمه الروس للجانب المصرى خلال حرب الاستنزاف.
وفى الفصل الرابع عشر، الذى عنونته بـ«الهزيمة» فى حرب أكتوبر، والذى وصفت الكتابة عنها بالشاقة، لما تحمله من ذكرى مريرة وقاسية على نفسها، إذ تقول: «لم تكن الصدمة فى الطريقة التى بدأت بها الحرب فحسب، ولكن فى حقيقة أن عددًا من افتراضاتنا الأساسية قد ثبت خطؤها! فقد كان احتمال الهجوم فى أكتوبر ضئيلا، وكان هناك يقين بأننا سنحصل على الانذار الكافى قبل وقوع الهجوم، وكان هناك إيمان بأننا سنقدر على منع المصريين من عبور قناة السويس. ولم يكن ممكنا أن تكون الظروف أسوأ مما هى عليه الآن. إننى لن أحاول أن أصف كيف كانت تلك الأيام بالنسبة لى، وأظن أنه يكفى أن أقول إننى لم أستطع أن أبكى عندما انفردت بنفسي».
الصعوبة الأكبر التى واجهتها «جولدا»، هى كيف تعلن لليهود خسائر الجيش الإسرائيلى على الجبهة المصرية: «كان المصريون قد عبروا القناة، وكانت قواتنا فى سيناء قد تحطمت. وكان السوريون قد تغلغلوا فى عمق مرتفعات الجولان. وكانت الخسائر على كلا الجبهتين مرتفعة للغاية، وثار سؤال حارق: هل نبلّغ الأمة عند هذا الحد مدى السوء الذى بلغه الموقف، وكان لدى إحساس بأننا يجب أن ننتظر قليلا. كان أقل ما يجب أن نفعله من أجل جنودنا ومن أجل عائلاتهم، أن نحتفظ لأنفسنا بالحقيقة عدة أيام أخرى. ومع ذلك فقد كان من الضرورى إعلان أى بيان على الفور وهكذا تحدثت فى أول أيام الحرب إلى مواطنى إسرائيل. وكانت واحدة من أشق المهام فى حياتى لأننى كنت أعلم أننى لا يجب أن أقول كل الحقائق».
الكتاب يحتوى على قدر لا بأس به من الأكاذيب، لكنه وفى مجمله يكشف الكثير من الخفايا داخل دوائر صنع القرار الإسرائيلية، فضلا عن حالة الكراهية والعداء للعرب، وكذلك إصرار الصهاينة على تحقيق حلمهم بإقامة دولتهم الكبرى مهما كان الثمن!