السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

العالم

إيران تواجه الحصار الأمريكي.. وبوادر خلافات مع روسيا حول سوريا

الانسحاب الأمريكى
الانسحاب الأمريكى من الاتفاق النووي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لا يزال التوتر الأمريكى الإيرانى يُخيِّم على العلاقات بين البلدين، بعد الانسحاب الأمريكى من الاتفاق النووي، اتفاقية لوزان لعام 2015 بين الدول دائمة العضوية بمجلس الأمن وألمانيا، فى الثامن من مايو لعام 2018، على خلفية التدخل الإيرانى فى المنطقة، وما أشارت إليه إدارة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، إلى امتلاكها الأدلة لسعى طهران لحيازة السلاح النووي، على الرغم من رفع العقوبات الاقتصادية عنها. 
ورأت الإدارة الأمريكية أن الاتفاق النووى لم يمنع إيران من مساعيها النووية، بل سيدفعها نحو مزيد من التدخل وإشاعة الزعزعة لأمن المنطقة، وتمخض عن التوتر مزيد من الانقسام بينهما فى الملف السوري، فأصبحت إيران وروسيا والنظام السورى من ناحية، وأمريكا وبريطانيا وتركيا من ناحية، إضافة إلى «إسرائيل» المتدخلة حديثًا لتوجيه ضربات انتقائية للمواقع الإيرانية.
وعلى صعيد الحلف الروسي، ظهرت بوادر خلاف بين إيران وميليشياتها من ناحية، والدب الروسى من ناحية أخرى، وتعددت الأسباب التى دعت إلى بروز الخلاف بينهما على الساحة السورية، تأتى أبرزها المراوحة الروسية مع كل القوى الإقليمية والمؤثرة فى سوريا، من ناحية تقاربها مع إسرائيل، وعلى الجانب الآخر التفاهم فيما بينهما وبين الجانب التركى فى الشمال السوري.
الحصار الأمريكي لإيران
تقوم السياسة الأمريكية على استراتيجية واضحة -استراتيجية الحصار- ضد التغلغل الإيرانى بمنطقة الشرق الأوسط، خاصة بعدما أحاط بترامب عدد من المستشارين الرافضين للنفوذ الإيرانى الإقليمي، بعد إقالة ريكس تيلرسون، وزير الخارجية، وهيربرت ريموند، مستشارة الأمن القومي، الداعمين لحفاظ الولايات المتحدة على الاتفاق النووى الإيراني، وتعيين مايك بومبيو للخارجية، وجون بولتون للأمن القومي، وكلاهما معادٍ لإيران، تَشجَّعَ ترامب للانسحاب من الاتفاق.
وأعلن الرئيس الأمريكى فى مايو ٢٠١٨، انسحاب الولايات المُتحدة من خطة العمل المشتركة الشاملة، معللًا أن الاتفاقية لم تحمِ مصالح الولايات المُتحدة وحلفائها، وقال ترامب: إن الاتفاقية وضعت قيودًا ضعيفة جدًّا على أنشطة النظام النووية، ولم تضع حدًّا على الإطلاق لسلوك إيران فى منطقة الشرق الأوسط، ومن ذلك أنشطتها المتوسعة فى سوريا، واليمن، وأماكن أخرى، مضيفًا أنه سيُعيد فرض عقوبات اقتصادية كانت الإدارة الأمريكيَّة تتجنبها منذ توقيع الاتفاق فى ٢٠١٥.
وجاء قرار «ترامب» بناءً على خرق إيران لبنود الاتفاقيَّة، وزعمه أن طهران رفضت تلبية مطالبه حول برنامج التجارب الصاروخيَّة الباليستيَّة، وخرقت قرار مجلس الأمن الدولى رقم ٢٢٣١، واستغلت الاتفاق للتوسع والتمدد الاستراتيجى فى الإقليم، وتمويل ودعم الجماعات المسلحة والانفصالية، إضافةً إلى الضغط الإسرائيلى المتواصل على الإدارة الأمريكية.
دلالات الخلاف بين حلفي «الأسد» وأسبابه
تعددت الأسباب التى أدت إلى بروز الخلاف بين روسيا وإيران، باعتبارهما حلفى النظام السورى والداعمين لبقاء الأسد فى مواجهة الولايات المتحدة وتركيا، ومنها التنسيق الروسى التركى فى الشمال السوري؛ إذ بدأ الخلاف الإيرانى الروسي، بعدما سمحت الأخيرة لتركيا بالدخول إلى عفرين، وجاء ذلك فى تصريح للرئيس الإيرانى حسن روحاني، لتأكيده على معارضة إيران لوجود أى قوات أجنبية، إشارة منه إلى العمليات العسكرية التركية فى عفرين فى الشمال السورى دون موافقة الرئيس بشار الأسد، وتطور الأمر إلى دخول قوافل عسكرية تركية لبعض المناطق، كبلدة العيس فى ريف حلب الغربى بسوريا بمباركة روسية.
وأوضحت بعض التقارير أن الميليشيات الشيعية المدعومة من إيران هى التى هاجمت القوافل التركية بالبلدة، وأن تزايد عدد الميليشيات الشيعية وقصفها لمنطقة الرتل التركي، جاء على خلفية رفض التنسيق التركى الروسى بشمال سوريا.
وفى هذا الإطار، تعاون الجانب التركى والروسى من أجل استغلال مكانة كل منهما داخل الصراع السوري، إذ تريد تركيا الاستفادة من الجانب الروسى فى إبعاد الأقلية الكردية، ومنع تنامى وجودها على الحدود «التركية - السورية»، بعد فقدان أملها فى التعاون الأمريكي، كما تريد أن تستغل القرب التركى لبعض فصائل المعارضة السورية على طاولة المفاوضات السورية المستقبلية.
ويأتى التنسيق الروسى الإسرائيلى أحد أبرز أسباب الخلاف بين موسكو وطهران، بعد تدخل إسرائيل فى سباق الصراع السورى على إثر تزايد النفوذ الإيرانى وميليشياتها، خاصة حزب الله فى سوريا، ما يُمثل تهديدًا لها فى الشمال الشرقى على الحدود السورية - الإسرائيلية، ومن ثم فقد جاءت ضرباتها الانتقائية ضد تحجيم التحركات الميدانية لإيران وحزب الله فى سوريا، ونفذت إسرائيل هجمات جوية على العديد من المواقع الإيرانية فى سوريا، وصرحت بأنها دمرت معظم البنى التحتية التابعة لفيلق القدس (الحرس الثورى الإيرانى بالخارج).
وجاء التنسيق الروسى الإسرائيلى بشأن التفاهم بين الطرفين حول طبيعة الدور الإسرائيلى بسوريا، وإبلاغ بوتين بالضربات الجوية الإسرائيلية فى الداخل السوري، وتحدث العديد من التقارير حول إعطاء روسيا لإسرائيل الضوء الأخضر داخل سوريا.
كما امتنعت روسيا عن إمداد الجانب السورى بمنظومة الدفاع الجوى «إس ٣٠٠»، التى اعتبرت تطورًا للتفاهم الروسى الإسرائيلي، جاء ذلك إثر زيارة رئيس الوزراء الصهيونى بنيامين نتنياهو لموسكو؛ لأنها أتت متزامنة معها، وتشكل «إس ٣٠٠» نقلة نوعية كبيرة جدًّا لو امتلكتها الدفاعات الجوية السورية، التى تعتمد اليوم على منظومة امتلكتها إبان حقبة الاتحاد السوفييتى السابق.
وتختلف روسيا وإيران حول إعادة الإعمار فى سوريا؛ حيث تضاربت المصالح «الإيرانية - الروسية» حول مستقبل إعادة الإعمار، فمن ناحية تعمل روسيا على توقيع عقود مع النظام السورى لمنحها الامتياز الأول فى إعادة الإعمار، إذ يتنافس كل منهما فى الحصول على امتيازات مشروعات تنموية، فقد وقعت روسيا والنظام السورى اتفاقية لخارطة طريق لعام ٢٠١٨، اشتملت على عدة مشروعات وإنشاء منشآت للطاقة بسوريا.
كما أبدى النظام الإيرانى انزعاجه من احتكار روسيا لملف إعادة إعمار سوريا، معلنًا على لسان وزير خارجيته جواد ظريف، عن إمكانية روسيا وإيران أن تكمل إحداهما الأخرى فى عملية إعادة الإعمار، واعتبر أن حضور روسيا فى عملية الإعمار لا يعنى عدم حضور إيران.
مستقبل الدور الإيراني في المنطقة
يبدو أن الملف السورى مقبلٌ على محطات مهمة، سيكون أبرزها مستقبل الدور الإيرانى وميليشياته فى سوريا، لاسيما مع بدء حديث الرئيس الروسى فلاديمير بوتين عن شرعية القوات الأجنبية فى سوريا، معلنًا أن الدور الروسى هو الوحيد مَنْ يملك شرعية التدخل فى الصراع السوري، إشارة لاستبعاد الميليشيات الشيعية والقوات الإيرانية بسوريا، فقد انزعجت روسيا من طهران لاستخدامها ميليشياتها لتصفية حسابات خارجية للنظام الإيرانى على الساحة السورية.