الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

معركة التشيع الإيراني في سوريا بدأت من حلب!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
إنها أيام حرجة يمر بها نظام الرئيس السورى بشار الأسد؛ فهو يواصل توسيع سيطرته على سوريا بعد نجاح قواته فى استعادة السيطرة على الجنوب، وخاتمة استيلاء قواته على إدلب، أى المرحلة الأخيرة فى عملية الإطاحة بالمتمردين فى المناطق ذات الكثافة السكانية العالية فى قلب سوريا، وإخراجهم من دمشق وحلب وحمص نحو الضواحى لها أهمية رمزية؛ ذلك لأن استعادة السيطرة على منطقة دمشق ستُمكن النظام السورى من تسريع جهوده للتعامل مع القضايا الداخلية حتى قبل أن تستقر سوريا بأسرها.
واحدة من القضايا الداخلية العاجلة التى يتعين على الأسد التعامل معها، هى انتشار «التشيع» فى سوريا؛ فهذه تشكل تهديدًا مباشرًا لمؤسسات الحكومة السورية العلمانية، وبالتالى يجب أن تكون مصدر قلق كبير للقيادة السورية، وعلى الرغم من حقيقة استمرار الأسد فى رؤية إيران شريكًا استراتيجيًا، ويعتمد عليها فى الدعم السياسى والعسكرى والاقتصادى، وما لا شك فيه أنه يودّ الحد من الوجود الإيرانى فى بلاده، وبخاصة بالنظر إلى التقارير المقلقة، التى لا تتردد وسائل الإعلام السورية المحلية فى الحديث عنها، والمتعلقة بترسيخ الثقافة الشيعية الدينية فى سوريا.
بدأت الرئاسة السورية تدرك مدى هذه الظاهرة، ويعتقد البعض أن نطاقها أوسع مما تم الكشف عنه صراحة حتى الآن، وأصبحت الطريقة واضحة: الحصول على الدعم الشعبى من أجل تجنيد المواطنين وتحويلهم إلى شيعة، تكشف وسائل الإعلام السورية أن إيران تبنى المدارس الدينية، والحسينيات، فضلًا عن العيادات الصحية والمستشفيات الميدانية، ومكاتب منظمات الإغاثة فى مناطق مختلفة من سوريا، ويؤكد إعلان صادر عن المجلس الأعلى للقبائل فى سوريا (المجلس العالى للعشائر والقبائل السورية)، أن إيران تركز على السكان الفقراء وغير المتعلمين، وتكسبهم من خلال تقديم المساعدة ودفع مرتبات ما بين ٣٠٠ و٨٠٠ دولار لأولئك الذين ينضمون إلى الميليشيات الشيعية.
ووصف أحد التقارير ست قواعد عسكرية فى سوريا بناها الحرس الثورى الإيرانى لتجنيد الصغار فى دير الزور وفى شمال غربى دمشق. وقال أحد المجندين، إن رجل دين شيعى تجول فى أنحاء المنطقة ووعد بدفع راتب ٣٠٠ دولار، بالإضافة إلى الطعام لأولئك الصغار الذين ينضمون إلى معسكرات التدريب. فى المخيمات خضع الصغار لدورة مكثفة لمدة ٤٠ يومًا شملت التدريب على الأسلحة الخفيفة، والأيديولوجيا، والدين والتحريض ضد السنة وضد دول الخليج. وتشير التقديرات إلى أنه تم تجنيد ١٠٠٠ منهم، لكن البيانات قد تكون غير صحيحة، والرقم أعلى بكثير.
ووفقًا لشهادات محلية، فقد قام ٢٥٠ منهم، من بلدات «الميادين والبوكمال» بالتسجيل فى المدارس الإيرانية لتعلم اللغة الفارسية والفقه الشيعى، وكذلك أنشأت قوات «فيلق القدس» مركز تجنيد فى الميادين، حيث انضم العشرات من الشباب بسبب ظروف معيشية متدهورة.
من أجل تعزيز التشيع فى سوريا، تستخدم قوات «فيلق القدس» كل مواردها فى المعركة الدينية التى تتزايد زخمًا وتوسعًا.
من جهته، يستخدم «حزب الله» سيطرته على جنوب سوريا، وهى منطقة يسكنها «الدروز»، لنشر الفكر الشيعى بين الناس. منذ اندلاع الحرب فى سوريا يعانى السكان الدروز من ظروف مالية قاسية، وتزعم مصادر محلية أن «حزب الله» يستغل هذه الصعوبات، وكقاعدة عامة، هناك علاقة مباشرة بين الوجود الفعلى للميليشيات الشيعية الأجنبية وتسريع التحول إلى الشيعة. وحيثما توجد القوات الشيعية سيتم تشجيع السكان السوريين على التشيع.
كل هذه الأمور ليست بريئة، فالإيرانيون يخططون كل شىء، ويقومون بالحسابات تفصيليًا، إنهم يستخدمون الخداع للاستفادة من أضعف الجماعات السكانية فى سوريا، كما يستغلون غض طرف النظام السورى عن الأمر.قبل فترة نشر المجلس الوطنى للمعارضة الإيرانية تقريرًا حول مراكز فى سوريا تعمل كمؤسسات دينية وتعليمية يشرف عليها مباشرة مكتب المرشد الأعلى على خامنئى، وهذا يعنى أن تشييع سوريا هو هدف كبار المسئولين المخططين فى إيران، الذين يعتقدون أن الاحتلال الثقافى هو عامل مهم فى الترسيخ فى سوريا. إن الترسيخ الدينى إضافة إلى ترسيخ البنية التحتية العسكرية والاقتصادية ينقل رسالة واضحة للأسد: «نحن هنا لنبقى».
لقد عانى الشعب السورى كثيرًا من الجميع، لكن اليوم صارت له أهمية فى المعركة الأهم، إنها المعركة من أجل هوية سوريا التى لا تزال تعرف بقلب العروبة!
نقلا عن «الشرق الأوسط»