الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

"سيناء" والإعلام المصري.. حالة من التجاهل

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
عاشت سيناء حتى عقد قريب فى عزلة عن الوطن
دراسة: الجماعات الإرهابية استغلت تجاهل وسائل الإعلام للأوضاع وزرعت الفتنة بين الأهالى والمسئولين
هجوم إعلاميين على أهالى سيناء وراء اتساع الفجوة والذعر والخوف يدفعان السكان لعدم الاصطدام بالإرهابيين
نشطت الصفحات الإخبارية الموجهة لأهالى سيناء عبر موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك»، والتى تنشر الأخبار العاجلة وتحاول القيام بمهام ووظائف الصحافة والإعلام

استمرارا لسياسة التعاون بين «البوابة نيوز» والمركز العربي للبحوث والدراسات ننشر اليوم دراسة حول استغلال الجماعات الإرهابية فى سيناء تجاهل وسائل الإعلام للأوضاع هناك فى زرع الفتنة للدكتور شريف درويش اللبان رئيس وحدة الدراسات الإعلامية بالمركز، ومنية إسحق إبراهيم المدرس المساعد بكلية تكنولوجيا الإعلام بجامعة سيناء.
تُعد سيناء ذات أهمية فريدة ضمن أقاليم مصر المختلفة، فلا يوجد فى مصر منطقة لها ثلاثة سواحل تحيط بها سوى سيناء، وقد حولت قناة السويس السواحل المنفصلة فى الشمال والجنوب إلى ساحل واحد متصل من جميع الجهات إلا حدودها الشرقية مع فلسطين؛ فهى مجال خصب للهجرات البشرية كما أنها ممرٌ مهم يربط بين آسيا وأفريقيا بالإضافة إلى أهميتها الاستراتيجية والدفاعية والاقتصادية على حد سواء.
ونجد أن هذا الجزء الغالى من أرض مصر، والذى تمت استعادته بعد عناء من الاحتلال الإسرائيلى، حيث انسحبت إسرائيل من شبه جزيرة سيناء فى ٢٥ أبريل ١٩٨٢، تتعرض لمجموعة من العمليات الإرهابية وخصوصًا بعد حالة الفراغ الأمنى التى واكبت ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١، ويعلم كل مَن هو مهتم بالشأن المصرى أن سيناء هى مسرح العمليات الأساسى، الذى يعتمد عليه الإرهاب فى ضرب الدولة المصرية، وذلك لعدة أسباب يأتى على رأسها: طبيعتها الجغرافية، إهمال الدولة لها على مدار أكثر من ٣٠ عامًا، وأيضًا لأنها غير مأهولة بالسكان فضلًا عن اتساع مساحتها، فأصبحت هى المأوى الأهم للإرهاب لتصفية الحسابات مع القوات المسلحة أولًا، ثم مع الدولة ثانيًا، بالإضافة إلى نشر الخوف داخل نفوس المصريين وإعاقة أى فكر يهدف لتنمية تلك المنطقة وخلق مجتمع جديد هناك يؤمن حدود الدولة مع إسرائيل ويحل مشكلة التكدس السكانى مع الاستغلال الأمثل للموارد.

الحرب على الإرهاب
لعبت طبيعة الموقع فى شبه جزيرة سيناء دورًا مهمًا وحرجًا فى تردى الأوضاع فى شبه جزيرة سيناء وبالأخص فى الجزء الشمالى منها؛ ففى القدم كان الاستعمار يتم عن طريق الحروب للوصول إلى الهدف، وكان ذلك يكلف تلك الدول كثيرًا من الأموال التى تضر باقتصادها، فبدأ تبنى سياسات جديدة تتمثل فى العمل على نشوب الصراعات السياسية بين الأحزاب السياسية بعضها البعض، وإضفاء بعض الصبغة الدينية على بعض الأحزاب فى محاولة منهم لنشر فكرة قيام الدولة على أساس الحرية والديمقراطية.
بل واستغلت بعض الدول ضعف الوازع الدينى لدى البعض ليكون ذريعة تنشأ عليها الصراعات فى مصر والوطن العربى لنشر الفوضى الخلاقة فى المنطقة، وبث روح الفرقة والتحزب والتعصب الدينى والقبلية والطائفية من أجل إنهاك المؤسسات الأمنية وانغماسها فى دور آخر غير الأمن والاستقرار الذى يعزز استقرار الدولة.
وكان لشبه جزيرة سيناء النصيب الأكبر من ذلك المخطط فى تلك الفوضى استنادًا على الظروف الاجتماعية لتلك المنطقة والفقر والجهل الذى يصيب بعض المناطق بها، نظرًا لافتقارها للمرافق والخدمات العامة والاجتماعية، ولكل العوامل السابقة مجتمعة أخذت منابع الجريمة والإرهاب تنضج وتظهر مرةً أخرى متدثرة فى عباءة الإسلام ومنضوية تحت لوائه، وهى لا تعى بذلك أنها بتلك الأفعال تسىء إلى صورة الإسلام والمسلمين معتمدين على جهلهم الدينى وضعف النزعة الإيمانية لديهم.

سيناء فى وسائل الإعلام التقليدية
عاشت شبه جزيرة سيناء وحتى عهد قريب فى عزلة تكاد تكون كاملة عن مصر، وعاش أهل سيناء وكأنهم ليسوا مصريين، بالرغم من كل حقائق التاريخ والجغرافيا، وعلى الرغم أن وسائل الإعلام لها أهميتها الكبرى فى تعميق الولاء والانتماء وتقدم المجتمعات، فقد كانت عزلة سيناء إعلاميًا سببًا رئيسًا فى التأخر وعدم التكامل، إذ ظلت سيناء كتابًا مغلقًا على المواطن المصري، ولما كان الإعلام هو عملية نشر الأخبار والمعلومات الدقيقة التى ترتكز على الصدق والصراحة ومخاطبة عقول الجماهير، كانت أهمية تزويد الناس بالمعلومة الدقيقة والأخبار الصحيحة والحقائق الثابتة التى تساعدهم فى تكوين الرأى الصائب لكل ما يواجهونه فى واقعهم ومشكلاتهم، ويُعد تعبيرًا موضوعيًا عن عقلية الجماهير واتجاهاتها وميولها.
وكانت مؤشرات التعتيم والعزلة الإعلامية التى تعانى منها سيناء واضحةً جلية تتمثل فى غيابها عن الاهتمامات الإعلامية، فلا يعرف أبناء الوادى عن سيناء شيئًا سوى أنها منطقة الحروب ومنطقة التهريب والمخدرات، بل أكثرهم يظنها جزءًا من فلسطين، وغياب العقل الإعلامى فى مصر عن مشاكل سيناء وأهميتها، واعتبار المنطقة منطقة عسكرية. وإذا كان الاهتمام الإعلامى بسيناء قد انحسر فى أُطرٍ محددة ومناسبات قومية سنوية، إلا أن سيناء المستهدفة إعلاميًا اليوم أصبحت بحق غير سيناء الأمس التى كانت نسيًا منسيًا سواء من الإعلام أو الدولة.
وفى الحرب الضروس التى تخوضها الدولة المصرية حاليًا ضد الإرهاب فى سيناء نجد تربةً خصبة لنمو الشائعات والأكاذيب، نظرًا للتعتيم والتجاهل الإعلامى بل والتضليل فى بعض الأحيان، ونشر المعلومات الخاطئة وغير المتحقق من مدى صحتها ودقتها، خاصة فى ظل ظروف قاسية كانقطاع شبكات الاتصالات المختلفة الأرضية والمحمولة وشبكة الإنترنت، مما يعيد الاتصال إلى صورته البدائية كاتصالٍ شخصي، يعتمد على ما يقال وما يتردد من الأفواه ويصل إلى الآذان.
ونجد أن وسائل الإعلام التقليدية، سواء كانت صحفا أو محطات تليفزيونية وإذاعية إما تتجاهل الأنباء العاجلة والمهمة بهذه المنطقة الملتهبة، أو تنشر معلومات مضللة ليس لها أساس على أرض الواقع، وصلت إلى حد اتهام أهالى سيناء بالخيانة والعمالة والتآمر على الأمن القومى لوطننا، ناسين أو متناسين أنه وطنهم أيضًا، وأن سيناء أرضهم ومأواهم، بل وتعالت الأصوات المطالبة بتهجير أهالى سيناء من منازلهم لإحكام القبضة على الإرهابيين متغافلين حقيقة أن أهالى سيناء، الذين تحملوا ومازالوا يتحملون الكثير والكثير من التضييقات الأمنية وحظر تجوال وفرض حالة الطوارئ، وانقطاع شبكات الاتصالات والإنترنت بشكلٍ شبه يومي، علاوة على إغلاق بعض الشوارع وتعدد نقاط التفتيش، وتراكم الخسائر المادية لبيوتهم ومصادر رزقهم بفعل التفجيرات، بل ومئات الشهداء من المدنيين.
وقد تحمل أهالى سيناء كل هذا وأكثر دون شكوى أو تأفف لأنهم يراعون مصلحة الوطن قبل مصالحهم الشخصية.
ويعانى أهالى سيناء من هذه الصورة الذهنية الخاطئة لدى الإعلاميين الذين يبدون- دون وعي- كمساعدين للإرهابيين الذين دمروا بلادهم وحطموا بيوتهم وأضاعوا مصدر رزقهم وروعوا أبناءهم، وقاموا بسلسلة لا متناهية من أعمال الإرهاب والتخويف بتوزيع منشورات مليئة بالتهديد والوعيد فى حالة مساعدة قوات الأمن، والتبشير بنشوء ولاية إسلامية فى سيناء تستقل عن مصر وتطبق شريعة الله- كما يرونها وليست كما هى حقًا- وتكون عاصمة لدولة الخلافة، ويدعون للانضمام لدولة إسلامية وهم أبعد ما يكونون عن الإسلام.
لذا فإننا نستشعر من أهالى سيناء نفورًا من وسائل الإعلام التقليدية التى لا تهتم بأمرهم إلا فى حالة حدوث حادث إرهابى كبير راح ضحيته العشرات، ودون اهتمام بذكر الضحايا المدنيين المسالمين من أهل سيناء، وفى مقابل التجاهل والتعنت الإعلامى الشديد من المؤسسات الإعلامية الكبرى سواء القومية أو الخاصة، ازدهرت الصفحات الإخبارية على مواقع التواصل الاجتماعى كصوتٍ معبر عن أهالى سيناء وأخبارهم ومعاناتهم فى ظل الحرب ضروس على الإرهاب.

المضمون الإخبارى عبر صفحات موقع التواصل الاجتماعى فيسبوك
نشطت الصفحات الإخبارية الموجهة لأهالى سيناء عبر موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك»، والتى تنشر الأخبار العاجلة وتحاول القيام بمهام ووظائف الصحافة والإعلام، وهى تمثل حالة متفردة فى ظل ظروف قاسية وحرب مستعرة ضد الإرهاب، وتغول التكفيريين ممن يطلقون على أنفسهم «ولاية سيناء الإسلامية»، أو «داعش» والذين أصبحوا يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعى بحرفية عالية لتعبئة الرأى العام لصالحهم، ونشر أفكارهم المتطرفة، بتقنيات ووسائل تكنولوجية حديثة ومنها نشر الصور ومقاطع الفيديو عالية الجودة لعملياتهم الإرهابية مصحوبة بتعليقات للتبرير وتوضيح وجهات نظرهم.
وتتميز تلك الصفحات الإخبارية المتخصصة فى أخبار سيناء بالسبق والخصوصية والنشر الحصري، قبل كل وسائل الإعلام الأخرى التى قد لا تنشر هذه الأخبار العاجلة قط، إلى جانب استخدام الوسائط المتعددة كالصور ومقاطع الفيديو وأيضًا الأدوات التفاعلية مثل الهاشتاج وغيره، لتقوم بدورها فى الإعلام والنشر والتوعية والتحذير بل والتحليل والتأثير فى الرأى العام فى بعض الأحيان.
ويعتمد أهالى سيناء على هذه الصفحات لمعرفة آخر الأخبار العاجلة والمستجدات بشكل كبير جدًا، فتكون هى المصدر الأوحد لمعرفة الأخبار العاجلة فى شمال سيناء لمعظم أهلها فى ظل حالة من التعتيم الإعلامي، وبرغم عدم وضوح مصدر تلك الأخبار أحيانًا، إلا أنها المعلومات الوحيدة المتاحة التى تصلهم فى مقابل غياب المعلومات والأخبار الرسمية والبيانات الإعلامية.
وبرغم حظر شبكات التواصل الاجتماعى فى شمال سيناء وصعوبة استخدامها بسبب انقطاع الشبكات وضعف خدمات الإنترنت، إلا أن الأهالى وجدوا عدة طرق وتطبيقات إلكترونية مجانية للتحايل على المعوقات لمتابعة الأخبار التى لا يجدونها فى أى وسيلة إعلامية أخرى، كاستخدام تطبيقات VPN لهواتفهم المحمولة التى تستخدم عالميًا للوصول إلى المحتوى المحظور عبر الإنترنت.
وتُعد مصداقية هذه الصفحات لدى العينة الاستطلاعية الميدانية من أهالى سيناء عالية للغاية، لعدة أسباب، منها شعورهم بالإهمال والتجاهل من المؤسسات الإعلامية الكبرى، ومعاناتهم من التعتيم الإعلامى الشديد، وحتى وإن طُرحت قضيتهم فى إحدى الصحف والقنوات فإنهم يلاقون هجومًا حادًا دون فهم لطبيعة سيناء وخصوصيتهم الثقافية، ويتم اتهامهم زورًا وبهتانًا بالخيانة والعمالة ومساعدة الإرهابيين أو حتى باتخاذهم موقفًا سلبيًا، غافلين ومتناسين أن أهالى سيناء يحملون أرواحهم على كفوفهم ويتلون الشهادة عند كل مرة يخرجون من منازلهم، ويضحون بأرواح أولادهم وخيرة شبابهم الذين يذهبون ضحايا للتفجيرات أو استهداف الكمائن أو عمليات اغتيالات ممنهجة بدعوى مساعدة قوات الأمن فى الإبلاغ عن أماكن تجمعات مريبة أو تحركات مشبوهة قد تكون لإرهابيين، ويرون عمليات الاغتيال والإعدام لأولادهم الشهداء فى بث مباشر بمقاطع الفيديو التى ينشرها الإرهابيون فيما بعد بجودة عالية واحترافية شديدة بهدف بث الرعب فى نفوس أهالى سيناء وتحطيم قلوبهم وعزتهم وكرامتهم وردع كل من يسعى لمساعدة قوات الأمن فى التخلص من الإرهابيين.
لذا فإن أهالى سيناء يجدون أن تلك الصفحات الإخبارية على موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك» هى المنفذ الإعلامى الوحيد والمتنفس الذى يعبر عنهم وينشر أخبارهم ويحذرهم من الخطر ويهتم بمشاكلهم وقضاياهم التى يعانون منها وحدهم ولا يعرف عنها أحد خارج حدود سيناء المحظورة حتى مشارف قناة السويس.

مؤشرات الدراسة التحليلية
اتضحت أهمية دور الصفحات الإخبارية على موقع التواصل الاجتماعى فيس بوك خلال الحادث الإرهابى الأخير فى العريش «أواسط أكتوبر ٢٠١٧»، حيث حظيت الصفحات بالسبق الصحفى فى نشر الأخبار العاجلة أثناء حدوثها منذ بداية الحادث بإطلاق النيران وحتى ورود أخبار حول السطو المسلح على فرع «البنك الأهلى المصري» بوسط المدينة وسقوط ضحايا من صفوف المدنيين، وذلك ما بين التاسعة صباحًا وحتى الواحدة ظهرًا، اعتمادًا على معلومات وصور من شهود العيان من المنطقة المنكوبة.
وقد قمنا بإجراء مسح لمجتمع الدراسة خلال فترة بلغت أربعة أشهر رصدنا فيه الصفحات الإخبارية الموجهة لأهالى سيناء عبر موقع التواصل الاجتماعى فيس بوك التى أشارت عينة الدراسة الميدانية من أهالى سيناء إلى أنها تعتمد عليها فى معرفة الأخبار، وهو ما يتضح من خلال الجدول الآتي:
اسماء الصفحات
خواطر سيناوي
العريش الوطن
سيناء ميديا
أخبار شمال سيناء
سيناء ٢٤News
قناة سيناء الآن
شبكة أخبار سيناء
سيناء Directly
الموقع الرسمى لمحافظة شمال سيناء
اتحاد قبائل سيناء
الوفد بشمال سيناء
العريش بوك
إحنا العرايشيه
Sinai news
وقد اتضح من الدراسة التحليلية عدة مؤشرات مهمة:
■ اهتمام الصفحات بنشر الأخبار العاجلة أولًا بأول والتحديث المستمر خاصةً الأخبار الخاصة بالعمليات الإرهابية كالتفجيرات واستهداف الكمائن وإطلاق النيران وغيرها.
■ استخدام صور ومقاطع فيديو حصرية- كلما أمكن- مصدرها شهود العيان، وغالبًا ما تكون جودتها متوسطة إلى ضعيفة، وبرغم ذلك فإنها تشهد انتشارًا وتداولًا كبيرين بين المتابعين من أهالى سيناء بشكلٍ كبير، نظرًا لأنها المصدر الإخبارى الوحيد حول الحدث.
■ تنشر الصفحات عدة تنبيهات وتحذيرات لحفظ أمن وسلامة أهالى سيناء، كالابتعاد عن منطقة معينة فى حالات إطلاق النيران، أو الالتزام بالمنازل وعدم مغادرتها أو الابتعاد عن النوافذ وغيرها، مما يحقق وظيفة صحفية مهمة وحيوية فى منطقة حرب خطرة كسيناء.
■ تعمل الصفحات أيضًا كمنبر خدمى مهم، حيث تنشر تلك الصفحات نداءات لمساعدة الأهالى فى المواقف الخطرة المختلفة كالمساعدة فى حالات الإصابة أو الخسائر أو المطالبة بالتبرع بالدم فى المستشفيات وغيرها.
■ تنشر الصفحات فى بعض الأحيان بعض الإيجابيات والأخبار الداعية للتفاؤل فى ظل ظروف قاسية ومعوقات شديدة، كفوز أحد السيناويين بجائزةٍ ما، أو مساعدة شخصٍ ما لمصاب أو تذكير الأهالى بسيناء أرض الفيروز والخيرات والهدوء قبل الحرب على الإرهاب وتبدل الأحوال الأمنية التى كانت مستقرة قبل أن ينهش الإرهاب فى جسد سيناء المسالمة الوادعة.
■ برغم عدم ذكر مصادر الأخبار فى معظم الصفحات الإخبارية واعتمادها على شهود العيان (صحافة المواطن) بنسبة كبيرة، إلا أن أهالى سيناء يثقون فى هذه الصفحات بنسبة كبيرة ومصداقيتها لديهم عالية.
■ تهتم الصفحات بنشر البيانات التى تصدرها وزارة الداخلية أو الصفحات الرسمية لمؤسسات الدولة.
■ تحاول بعض الصفحات كصفحة «خواطر سيناوي» الاهتمام بنشر مصادر الأخبار سواء مصادر أمنية أو شهود عيان أو حتى مؤسسات إعلامية كبرى كالصحف والقنوات التليفزيونية، ونشر مصادر الصور المختلفة من المصورين بأسمائهم كلما أمكن.
■ تهتم الصفحات بكل المضامين الإخبارية وليست السياسية فحسب، كالأخبار الاجتماعية والصحية والتعليمية وغيرها مما يهم المواطن السيناوي، كما تحاول أن تثير المشكلات والقضايا المختلفة فى محاولة للوصول إلى حلول تُرضى المجتمع السيناوي.
■ يتم إغلاق بعض الصفحات الإخبارية أو التوقف عن تحديثها ونشر الأخبار بها بعد فترة من الزمن برغم كثرة عدد المتابعين والتفاعل الهائل الذى كانت تحظى به دون توضيح للأسباب، وتتزايد الأقاويل دون أخبار مؤكدة أو بيانات عن أسباب غلق هذه الصفحات ومنها «سيناء ٢٤» Newsالتى توقفت عن تحديث أخبارها منذ شهر مايو ٢٠١٧، وبالتالى انخفض عدد متابعيها، و«مركز إعلام سيناء» و«سيناء خارج التغطية» اللتان توقفتا فى أكتوبر ٢٠١٦، واختفاء وإغلاق غيرها مثل Sinai my homeland» سيناء موطني» و«شبكة رصد سيناء»، وإن كنا نعتقد أن الصفحتيْن الأخيرتيْن تتبنيان توجهًا إخوانيًا ويتم تمويلهما من قطر.
مؤشرات الدراسة الميدانية
أًجريت دراسة ميدانية مصغرة على عينة عشوائية ممثلة من أهالى سيناء من الجنسين ومن مختلف الأعمار، خرجنا منها بعدة مؤشرات مهمة منها:
■ زيادة اعتماد الجمهور السيناوى على شبكات التواصل الاجتماعى فى معرفة الأخبار والأحداث الجارية بنسبة ٩٣٪ من إجمالى العينة سواء بشخصها أو من خلال أحد أفراد عائلتها، وهو ما يتلاءم مع نتائج دراسة أحمد محمد فهمى (٢٠١٦)، من أن موقع فيس بوك يأتى فى المرتبة الأولى فى اعتماد المبحوثين للحصول على المعلومات فى أوقات الأزمات.
■ اهتمام الجمهور السيناوى ممن لا يستخدمون مواقع التواصل الاجتماعى بمعرفة الأخبار العاجلة من الصفحات الإخبارية على موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك» من خلال تناقل الأخبار بشكل شفهي، نظرًا لعدة أسباب، منها ثقتهم فى صحة وشفافية تلك الصفحات، وأنها المنبر الإعلامى الوحيد من وجهة نظرهم الذى يهتم بمعاناتهم ونشر أخبارهم.
■ وصلت درجة الثقة فى محتوى الصفحات الإخبارية على موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك» إلى ٨٦٪، وهى نسبة كبيرة قد ترجع إلى عدة أسباب منها: التجاهل الإعلامى المتعمد للأخبار التى تحدث فى سيناء، والسطحية فى معالجتها عند نشرها فى المؤسسات الإعلامية الكبرى سواء الصحفية أو التليفزيونية، وذلك فى مقابل سرعة وحصرية الصفحات الإخبارية الموجهة لأهالى سيناء فى نشر الأخبار العاجلة حال حدوثها.
■ أكدت العينة أنها تستخدم شبكات التواصل الاجتماعى فى معرفة الأخبار، سواء بشكل شخصى أو من خلال أحد أفراد العائلة أو الأصدقاء أو زملاء العمل الذين يشاركونهم هذه الأخبار شفهيًا بالاتصال الشخصي، وأشارت العينة إلى أن مستوى خدمة الإنترنت جاءت متوسطة وضعيفة بنسبة ٤٠٪، ٣٠٪ على التوالي.
■ غالبية أفراد العينة يستخدمون مواقع التواصل الاجتماعى عبر هواتفهم المحمولة، وأكدت نسبة ٩٠٪ أنهم يستخدمون برامج VPN للتحايل على حظر مواقع التواصل الاجتماعى وفتح مواقع فيس بوك وواتس آب لمعرفة آخر المستجدات والتواصل.
■ تعتمد غالبية العينة على الصفحات الإخبارية المختلفة من خلال متابعتها أو من خلال ما ينشره الأصدقاء share على صفحاتهم، كما يعتمدون على متابعة الصفحات الشخصية لبعض المراسلين الصحفيين من أهالى سيناء.
■ وأكدت العينة أنها تفضل صفحات إخبارية معينة منها: (خواطر سيناوى- أخبار شمال سيناء- قناة سيناء الآن) لعدة أسباب منها: التحديث السريع والمستمر للأخبار المنشورة، وخاصة العاجلة منها إلى جانب نشر التحذيرات للحفاظ على سلامة الأهالي. وتتمتع هذه الصفحات بالمصداقية لدى الأهالى، خاصة بعد تأكدهم من حدوث الخبر بالفعل من خلال العناصر التفاعلية كالصور ومقاطع الفيديو أو بشكل شخصى من خلال التعليقات المصاحبة للخبر والمؤكدة له، أو من خلال الاتصال الشخصى بالأقارب والمعارف المقيمين بالمنطقة المذكورة، أو من خلال زيادة عدد الإعجابات Likes والمتابعين Followers التى تُعَد مؤشرًا جيدًا يشى بشعبيتها لديهم، وأنها المصدر الوحيد لكل الأخبار والمعلومات وبخاصة فى ظل تجاهل وإهمال وسائل الإعلام التقليدية، سواء كان غير مقصود أو غير متعمد لكل أخبار المنطقة، إلى جانب اهتمامها بكل جوانب الحياة السيناوية التى تهم المواطن السيناوى وليس أخبار الحرب على الإرهاب فحسب، بالإضافة إلى تدعميها لمنشوراتها وأخبارها بالصور ومقاطع الفيديو.
إن هذه الدراسة تؤشر إلى أساليب الاتصال فى مناطق الحروب التى لا يستطيع الإعلام التقليدى والسائد من صحف وإذاعات ومحطات تليفزيونية أرضية وفضائية تغطيتها، فتظهر فيها أساليب اتصالية جديدة تعمل كشبكة اتصالات متكاملة بين الأهالى والأحداث التى تقع فى منطقتهم.
وتلعب هنا شبكات التواصل الاجتماعى والاتصال الشخصى والشفاهى دورًا فاعلًا وبديلًا للإعلام السائد، ولكن الإشكالية الرئيسة هنا يمكن صياغتها فى تساؤل مهم: ماذا لو استغل الإرهابيون هذه الوسائل للسيطرة على الناس والأرض فى جزءٍ غالٍ من الوطن بعد انسحاب إعلامنا من تغطية الأحداث السياسية والإرهابية والاجتماعية والتنموية فى سيناء؟