الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

ملك بدون بطاقة شخصية!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لم أعرف ملوكاً ولا أمراء فى حياتي.. لم أصادق شيوخ الخليج أثناء فترات عملى الطويلة هناك.. مرة واحدة فقط رأيت الأمير أحمد فؤاد ابن الملك الأسبق فاروق والملكة ناريمان آخر ملوك مصر.. كانت زميلتنا سحر عبدالرحمن، نائب رئيس تحرير الأهرام قد نظمت رحلة للأمير فى مصر شملت جولة نيلية والأهرامات والإسكندرية.. وهناك فى عروس البحر الأبيض المتوسط، رأيته أثناء غداء أقيم ترحيباً به.. الغريب أنه رحب بى وبأسامة سرايا، رئيس تحرير الأهرام آنذاك، وبدا ودوداً فى الحديث معنا بلغة عربية تحتاج ترميماً وإصلاحاً.. قال «أنا جاى فى أجازة.. بلاش كلام فى السياسة نهائياً.. قال أسامة أوامر جلالتك.. وقلت كما تشاء سموك.. سألنى أسامة لماذا لم تقل له جلالتك؟ أجبته لم يرتق العرش.. ولم يكن ملكا فى المنفي.. فسرت الاحتفاء به فى كل مكان على أنه ليس حنينا للملكية، ولكنه فضول لعصر لم نعشه وذكريات قد تجرى على لسانه فينقلنا إلى جو مختلف وبيئة لم نعشها.. بالمناسبة زيارة الأمير جاءت عقب عرض مسلسل الملك فاروق فى رمضان ٢٠٠٧ للكاتبة لميس جابر وتمثيل السورى تيم الحسن وإخراج حاتم على، وتسبب هذا العمل الفنى الرائع فى غسيل مخ لكثير من المواطنين، وهذا يريك قدرة الإعلام على التأثير.. قبل ٣٥ عاماً فقط كره المصريون الملكية ولعنوها ثم حنوا إلى الباشاوات وديمقراطيتهم ورقيهم وسماحتهم فى التعامل مع المواطنين.. مسلسل واحد ألهب الخيال وأطلق العنان لجموح سياسى يهفو إلى زمن لعناه وصببنا الحمم فوق رؤوس الملك وعائلته ووزرائه وأحزابه.
لفت نظرى فى الجلسة الملكية شخصية الأمير أحمد فؤاد بصورته المهيبة ووقاره الفطرى وأفكاره المرتبة وكلماته المنضبطة.. حاولنا استدراجه إلى رأيه فى جمال عبدالناصر فتحفظ بشدة رغم التنكيل الذى لحقه وعائلته على يديه، وأشاد بالرئيس السادات وفضله عليه وعلى عائلته.. وشكر جداً فى الرئيس الأسبق مبارك.. وابتسم عندما سألته عن أهم ما حصل له فى زيارته الأخيرة لمصر؟ قال بطاقة الرقم القومي.. هنا تدافعت الأسئلة مني.. والابتسامة منه.. انطلقت غريزة الصحفى تمطره باستفسارات.. ولم أحظ منه إلا بنظرات بشوشة ورفع للحواجب.. والتفاتات للسيدات الجميلات اللاتى يردن التقاط صورة معه.
خرجت من الجلسة أسأل نفسى، كيف استخرج بطاقته؟ هل ظهرت صورته الوسيمة بها أم التقطتها كاميرات الداخلية العادية؟ هل وضعوا له لقبا مثل الملك السابق أو الأمير الحالي؟ ما وظيفته، لأنه على حسب علمى عاطل! هل تركوا خانة الوظيفة بيضاء؟ أم أضافوا رجل أعمال باعتباره عملا فى البورصة السويسرية؟ هل كتبوا السيد، والتى لم تمنح لأى رئيس جمهورية فى بطاقته ولا حتى أبنائه؟ البطاقة فى حد ذاتها كانت ستكون أهم خبطة صحفية فى سنواتى الـ ٤٥ التى قضيتها فى بلاط صاحبة الجلالة مندوبا ومحررا ومترجمًا ورئيسًا للتحرير لصحيفتين إنجليزية وعربية، وكاتبًا ثم إلى قهوة المعاشات.. نسيت أن أسأله هل كتبوا فى استمارة بيانات البطاقة ديانة زوجته الحقيقية اليهودية أم اسمها الحالى «فضيلة»، خاصة أنه قد تردد انفصالهما وعودتها لديانتها الأصلية؟..
نهايته هى المرة الصحفية الوحيدة التى جلست مع مصدر مهم وأخرج بلا معلومات أو كلمات..
على عكس ما جاء فى كتاب «يوميات أميرة مصرية» وهى نيفين ابنة الأمير عباس حلمى، الذى اشتهر بمشاكساته مع أسرته العلوية، وانحيازه لقضايا العمال، فتعرض لتجريده من اللقب أيام الملك فؤاد قبل أن يعيده إليه فاروق.. والأميرة ابنة الثمانين عاما التى أصدرت كتابها باللغة الإنجليزية تهاجم عبدالناصر، وتصفه بالحقود، وتحمله مسئولية جميع الخطايا، وتذكر لضباط الثورة سرقة مجوهرات الأسرة الملكية وبيعها فى أوروبا.. فيما عدا السادات!.
وفى كتاب عن فريدة مصر، أسرار ملكة ومسيرة فنانة تكتب صديقتها الدكتورة «لوتس عبدالكريم» حياة الملكة فريدة بعد أن صودرت أملاكها التى ورثتها عن أسرتها وليست لها علاقة بالأسرة الملكية، وسفرها إلى جنيف، حيث تقيم بناتها، فلم تجد منهم قبولا، إذ اعتبروها مسئولة عما أصاب أباهم، وبداية المظاهرات فى شوارع مصر تهاجم فاروق، بعد طلاقه لفريدة.. واستقرارها فى باريس فى ظل ظروف قاسية تعيش على التبرعات، حتى سمح لها السادات بالعودة ومنحها شقة، تقول الدكتورة «لوتس» التى لازمتها فى سنوات إقامتها الأخيرة بمصر بأن السيدة «جيهان السادات» رفضت تسليمها الشقة!!.
كانت فنانة تركت لوحات رسميا، بين باريس والقاهرة، كما باعت عددا منها لتستعين بثمنها على الحياة.. ولم يكن مهماً مستوى العمل الفنى وإنما أن يكون بريشة ملكة مصر.
ومع أن الظلم الذى نالها بعد قيام ثورة يوليو لم يكن على يد «عبدالناصر» الذى أمر بترك ممتلكات فريدة الخاصة حفيدة محمد سعيد باشا، رئيس الوزراء الأسبق لمصر وابنة أخت الفنان التشكيلى العالمى محمود سعيد.. ولكن عندما ذهب جمال سالم أحد أعضاء مجلس قيادة الثورة ومن أصحاب النفوذ فى بدايتها لإبلاغها بالخبر السعيد، وطلب منها الزواج، فغضبت ورفضت وردت عليه بقسوة: «أنا بعد فاروق أتجوزك أنت؟».. فأصابت فريدة اللعنة، وصودرت جميع ممتلكاتها.
على عكس الأميرة «فايزة» التى كانت أكثر لطفا مع «صلاح سالم»- شقيق جمال، وأيضاً عضو له نفوذ فى مجلس قيادة الثورة- فساعدها على أن تخرج بعض مجوهراتها وأموالها عند مغادرتها البلاد.