السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

"النفوذ الإيراني" أبرز نتائج الانتخابات العراقية.. تفوق "تحالف مقتدى الصدر" يثير قلق طهران.. مرتضى أبرز البدائل.. "سائرون" يكشف تعاظم شعبية نظام الملالي في بغداد.. وزيارة السعودية "كلمة السر"

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ما زالت الانتخابات العراقية تلقى بظلالها على المنطقة، ففى أعقاب انتهاء الانتخابات البرلمانية الأخيرة وما تبعها من حصول تيارات شيعية يُنظر إليها على أنها موالية لإيران على نسبة كبيرة من الأصوات، تصاعدت الأصوات التى تحذر من تصاعد الدور الإيرانى فى العراق.


واعتبر الكثيرون أن تحقيق تيارات عراقية موالية لإيران فوزًا كبيرًا فى الانتخابات الأخيرة أمر ظاهر وربطه بالدور الإيرانى هناك أمر لا غضاضة فيه، إلا أن نظرة أخرى ومن زاوية ثانية ربما تكشف لنا عن تفسير آخر عن بعض الاختلاف فيما يخص مستقبل الدور الإيرانى بالعراق بعد هذه الانتخابات البرلمانية. 
الانتخابات البرلمانية
حيث أعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات فى العراق النتائج النهائية يوم ١٩ مايو الماضي. وطبقًا لما أعلنته، فقد حقق تحالف «سائرون» الذى يقوده رجل الدين الشيعى مقتدى الصدر نجاحًا بوصوله إلى ٥٤ مقعدًا فى البرلمان.
أما تحالف «الفتح» الذى يقوده هادى العامري، زعيم منظمة «بدر» المدعومة والموالية لإيران، فقد حصل على ٤٧ مقعدًا، محققًا بذلك المركز الثاني، أما المركز الثالث فحققه ائتلاف «النصر» بقيادة رئيس الوزراء العراقى حيدر العبادي، حيث حصل على ٤٢ مقعدًا.
وهنا اعتبر البعض أن حصول ائتلاف «سائرون» على أكبر النسب من المقاعد يعنى أن مقتدى الصدر سيكون رئيس الوزراء العراقى المقبل؛ فتركيبة المشهد السياسى العراقى تلزم حدوث توافقات داخلية لتشكيل الحكومة، ولا يعنى حصول ائتلاف أو تيار سياسى على أكبر النسب فى الانتخابات بأنه سيشكل الحكومة المقبلة. 
كما أن ما يشكل أهمية أكبر من هوية الحكومة العراقية المقبلة، هى دلالات الانتخابات العراقية، ومستقبل الدور الإيرانى فى العراق بعد إعلان نتائج هذه الانتخابات. 


دلالات الانتخابات العراقية
وبعيدًا عن احتمالية تشكيل تحالف ما أو غيره للحكومة العراقية القادمة، فإن الانتخابات ذاتها تبعث بدلالات داخل المجتمع العراقى، أبرزها هو رفض طوائف الشعب العراقى للنفوذ الإيراني، خاصة أن تحقيق تحالف «سائرون» الذى يقوده رجل الدين الشيعى مقتدى الصدر فوزًا كبيرًا بالانتخابات الأخيرة، أبرز رفض الشعب العراقى للدور الإيرانى داخل العراق؛ وذلك لأن مقتدى الصدر يُعرف أنه نشأة خلاف بينه وبين إيران بسبب ميله إلى القومية إلى حد ما بدلًا من الانجرار وراء إيران. كما أن الشيوعيين العراقيين والعلمانيين كانوا حلفاء للصدر فى الآونة الأخيرة، وكل هذه الأطراف تعارض الدور الإيرانى المتوسع فى العراق.
فالتيار الصدرى يعارض توسع الدور الإيرانى فى العراق، على الرغم من أن طهران هى التى ساعدته فى الوصول إلى هذه المكانة السياسية والدينية فيه، إلا أن الصدر ومؤيديه يعلنون بصراحة معارضتهم لدور إيرانى كبير فى العراق، وهو ما يثير قلق الجانب الإيرانى باستمرار، كما أن توجه الصدر إلى توثيق علاقاته مع الدول الخليجية قد أثّر كثيرًا فى علاقاته مع إيران والأطراف الشيعية الأخرى فى العراق. 
ويميل التيار الصدرى العراقى بشكل ما إلى التيار القومى أكثر منه إلى موالاة إيران، وهو ما أوقعه، ولا يزال، فى العديد من المشكلات معها، حيث بدأت الخلافات بين مقتدى الصدر وإيران منذ حوالى ٤ سنوات، وقتما نشبت خلافات بينه وبين حكومة نورى المالكي، سافر «الصدر» بعدها إلى إيران، ثم عاد وبدأ يخرج من دائرتها.
وتأججت الخلافات أكثر فى الآونة الأخيرة بين الصدر وإيران والجماعات المسلحة الموالية لها فى العراق، وذلك بعد تأسيس الحشد الشعبى العراقى ومطالبة الصدر بحل الحشد الشعبى، مما أتبعه موجة حادة من الانتقادات الإيرانية، وقد تحاورت إيران مع المرجع العراقى البارز على السيستانى بهذا الصدد، حيث حاولت إيجاد وساطة من السيستانى لإرجاع الصدر إلى «الدائرة الشيعية الإيرانية فى العراق»، إلا أنه من الواضح أن هذه النتائج لم تفض إلى شيء. 
وكشفت تقارير خلال الآونة الأخيرة عن تداول خطة لدى المسئولين الإيرانيين حول استبدال الصدر بشقيقه «مرتضى» كزعيم للتيار، وذلك بعد زيارته للمملكة العربية السعودية. حيث إن الساسة الإيرانيين ينزعجون كثيرًا من توجه أى طرف شيعى عراقى مهما كان إلى الدول الأخرى الإقليمية فى المنطقة، وخاصة الدول الخليجية. 
تشكيك العراقيين بالحشد الشعبى الموالى لإيران
كما أبرزت نتائج الانتخابات وحصول ائتلاف «الفتح» بزعامة هادى العامرى على ٤٧ مقعدًا، أى على المركز الثاني، مقابل تحقيق «سائرون» نسبة أكبر، عدم ثقة أو اطمئنان الكثير من العراقيين إلى الحشد الشعبي، وذلك على الرغم من دوره البارز فى مواجهة تنظيم «داعش» الإرهابي. 
إلا أن النتائج أبرزت أن الحشد الشعبي، وقائده هادى العامري، لا يلقى بقبول عراقى واسع؛ حيث يرى الكثير من العراقيين الحشد الشعبى مواليًا لإيران. وهذه النقطة ترتبط ارتباطًا وثيقًا بسابقتها، وهو ما يؤكد أن الشعب العراقى بمجمله لا يميل ولا يحبذ تنامى الدور الإيرانى داخل أراضيه. 

تحجيم النفوذ الإيرانى فى العراق من خلال الاعتماد على التيار الصدرى والقوميين والبعثيين: 
اشتملت قائمة «سائرون» الصدرية على علمانيين وشيوعيين عراقيين إلى جانب التيار الصدرى المعروف. ونجاح هذه الاتئلاف له دلالة من نوع خاص، ألا وهى إمكان الاعتماد على القوى العراقية الأخرى غير الطائفية لتحجيم أو إنهاء الدور الإيرانى فى العراق تدريجيًا. 
ففى ظل سعى الإدارة الأمريكية الجديدة بزعامة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب ومستشاريه وزعماء الأجهزة الاستخباراتية والوزارات الأخرى إلى تحجيم النفوذ الإيرانى فى المنطقة، والتى من بينها وأهمها العراق، تبرز هنا نقطة فى غاية الأهمية، ألا وهى إمكان دعم التيارات العلمانية والقومية فى العراق؛ بغية تحجيم النفوذ الإيرانى فى هذا البلد، والذى بتحجيم النفوذ الإيرانى فيه، سيتم تحجميه فى باقى بلدان الشرق الأوسط بشكل تدريجى وتلقائي.

سيطرة إيران على القرار السياسى فى العراق 
أثبتت الانتخابات العراقية الأخيرة أنه لا زالت هنالك معارضة سياسية بشكل ما فى العراق ضد إيران، وأنها من الممكن لها أن تحقق فوزًا وشعبية كبيرة لدى الشارع العراقي، فعلى الرغم من انتشار التيارات السياسية و«العسكرية» العراقية الموالية لإيران فى العراق وسيطرتها على مقدرات الأمور السياسية والعسكرية فى العراق، إلا أنه لا زالت هنالك مساحة واحتمالية كبيرة لفوز ونجاح قوى أخرى قومية أو علمانية أو دينية لا تتوافق مع إيران فى العراق. وهذا كله يضع إشكالية حجم النفوذ الإيرانى ومداه فى العراق محل تساؤل؛ حيث إن عددًا من القوى الداخلية لا تزال ترى فى إيران دخيلًا عليها أو «محتلًا» للعراق. 

مستقبل الدور الإيرانى فى العراق بعد الانتخابات
يُعتقد أنه وبعد الانتخابات البرلمانية الأخيرة فى العراق أن تتصارع تيارات دينية وعلمانية وقومية فى العراق، وذلك على النحو التالي: 

تصاعد المد القومى وتضاؤل نفوذ إيران
يُتوقع أنه إذا ما سارت الأمور على ما هى عليه بفوز ائتلاف «سائرون» بالأغلبية البرلمانية فى العراق أو أن يشكل الحكومة أن يشهد النفوذ الإيرانى فى العراق تضائلًا واضحًا ومنافسة جدية من قِبل التيار الصدري، وهو ما يُتوقع أن تتداركه إيران مبكرًا. وذلك فى ظل عدم إمكان تشكيل حكومة عراقية جديدة بدون حدوث توافق بين التيارات والأحزاب والائتلافات العراقية المختلفة. 
إلا أن المد القومى العراقى المناهض لإيران فى العراق بات واضحًا بعد الانتخابات الأخيرة ونتائجها المعنلة. ومن ناحية أخرى، فإنه إذا ما سارت الأمور هكذا فسيلقى النفوذ الإيرانى فى العراق مواجهة من بعض القوى المناهضة لها، وكذلك سيلقى منافسة خارجية من دول إقليمية، إلا أنه من غير المتوقع أن يسيطر التيار الصدري، على الرغم من نفوذه بالعراق، على المشهد السياسى العراقى الرسمي؛ وذلك لأن تشكيل الحكومة العراقية يستوجب حدوث توافقات سياسية عراقية داخلية. 

احتدام الصراع بين الدول العربية الإقليمية وإيران
وذلك نتيجة لاختلاف التوجهات ما بين التيار الصدري، إلى حد ما، وأغلب التيارات الأخرى العراقية. فمن المتوقع أن تشهد الساحة الإقليمية حول العراق فى الأيام القادمة تنافسًا فى الأدوار داخل العراق ما بين دعم التيار الصدرى أو تيار «الفتح» وائتلاف «النصر». 

الصراع المتوقع بين التيار الصدرى والحشد الشعبي 
شكل حصول التيار الصدرى العراقى على أعلى نسبة فى الانتخابات الأخيرة فى ظل ما سبق ذكره من خلافات بينه وبين إيران، وفى ظل حصول ائتلاف الحشد الشعبى «القتح» بقيادة هادى العامرى على المركز الثانى فى الانتخابات، وكذلك بعدما قدمه الحشد الشعبى من جهود فى مواجهة تنظيم «داعش» الإرهابى من الممكن أن يجعل هناك تصادمًا بين الحشد الشعبى الموالى لإيران والتيار الصدرى فى ظل ما هو قائم بالفعل من خلافات بينهما؛ فالحشد الشعبى يرى أنه هو من واجه داعش، وهو الأحق بالمكانة السيطرة على المكانة السياسية والعسكرية فى العراق.