الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

طارق حسن يهزم موته

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
هل لى أن أرثيك اليوم طارق الغالى، هل أعزى نفسى وزملائى وتلاميذك الكُثر فى الأهرام وغيرها، أم أدعو لك بالرحمة ولزوجتك وأطفالك بالصبر والقوة، أم أنشر خبايا إنسان تعلمت منه أن: العناد حياة، والتعالى على الألم يهزمه، حتى لو استسلمت أرواحنا فى النهاية للقدر المحتوم، سنموت بشموخ يحسدنا عليه الأصحاء ومهزومو النفوس.
طارق حسن هو أول وأهم مراسلى الأهرام فى غزة وأعمق محللى القضية الفلسطينية وأميز من كتب فيها عن وعى ومعرفة وقرب من أهم أطرافها، وهو أصغر أعضاء الديسك المركزى بجريدة الأهرام وقت أن كان الديسك المركزى (للكبار فقط) وهو رئيس التحرير الذى جعل للأهرام المسائى بريقا يضاهى كل الإصدارات الصباحية بل أحيانا يتفوق عليها.
لا يعرف أحد أن طارق حسن كان يعانى مرضا فى المناعة وكان مسافرا للعلاج بألمانيا يوم ٢٨ يناير 2011 لكنه وبرؤيته الثاقبة لما كان يجرى وقتها بمصر قرر إلغاء السفر والبقاء هنا حتى لا ينعته أى شخص بالهروب وقت الأزمة بما يشمل ذلك من ادعاءات التربح أو سرقة المال العام وغيره، رفض طارق العلاج ليظل مرفوع الرأس، وتدمر جهازه المناعى بعد أن تجاهلته مؤسسته وحاصرته وكانت تريد تجميد كلماته بعد ما حدث بيناير لأنه ظل ثابتا على موقفه لم يتلون ولم يرقص لكل ما حدث ليحافظ على مكانته التى حصل عليها بموهبته ومهنيته رفيعة المستوى.
عاد طارق رغم أنف من اضطهدوه ليكتب فى عدة إصدارات مقالات وطنية مهمة وعميقة جوهرها إعلاء مكانة مصر العربية والدولية والتعامل مع تنوعها وثرائها الثقافى والحضارى ورغم أنه مؤخرا عاد لبيته بالأهرام بعد أن تغيرت الإدارة الانتقامية السابقة التى تعمدت إقصاء المختلفين وقصرت الوطنية والمهنية على من يتلونون مع كل الظروف.
لكنه عاد بعد أن قتله سرطان الانتقام والتهميش ودفن المواهب قبل أن يقضى عليه ضعف مناعته وتسلم جسده الذى لم يتحمل القهر والظلم والتهميش لسرطان الرئة. 
هذا هو السرطان الذى أصابتنا لعنته مؤخرا فمن معنا هو الوطنى ومن يختلف فعلينا ازدراءه وتخوينه وقتله إن أمكننا.. فهل هزم القهر طارق حسن ويَتم أبناءه الذى لم يبلغ أصغرهم العامين؟
لا فهو عمره وقدره المكتوب، والذى لم تستطع توسلاتنا وصلواتنا ودعاؤنا درأه، لكن هناك فرقا بين الموت المجيد الذى ناله طارق وسط محبة وتقدير ودعاء المئات ممن عرفوه، وموت ظالم أو جاحد قد لا يلتفت إليه إنسان.
عندما قرر طارق أن يحارب وحده السرطان واختار طريقة علاجه رافضا أن يساعده رجل أعمال أو جهة سياسية مصرية أو عربية قائلا: «أنا لا أحتاج أحدا فلدى مؤسستى تعالجنى»، والحق يُقال أن الجميع فى المؤسسة وغيرها تبارو للوقوف بجواره فى حربه الأخيرة التى صدق عندما قال إنه سينتصر فيها لأنه لم ينهزم فى أى حرب دخلها طوال عمره.
- رحمك الله طارق حسن ونفعنا بما تعلمنا من قوتك وعنادك وشموخ نفسك