رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

البوابة لايت

"البشتيلي".. ثائر بولاق أبو العلا ضد الحملة الفرنسية

الحملة الفرنسية
الحملة الفرنسية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
جاءت الحملة الفرنسية إلى مصر فى العام ١٧٩٨، لاحتلالها وفرض سيطرتها على المنطقة العربية والسيطرة على طرق التجارة بين الشرق والغرب، ولكن لم تلق الحملة الترحاب من الشعب المصري الذى قاومها بكل ما يملك من قوة. 
وبرزت فى مصر شخصيات كان لها دور كبير فى أعمال المقاومة ضد الفرنسيين، من هذه الشخصيات، الحاج مصطفى البشتيلى الزيات، الذى دفع حياته ثمنًا للمقاومة ضد الاحتلال الفرنسى، والمؤسف أن التاريخ لم يهتم بسيرته إلا فى سطور قليلة، وصفته فيها بأنه تاجر من أعيان بولاق قتل فى ثورة القاهرة الثانية بأيدى العامة، كانت هذه رؤية مشوهة راعت نظرة «كليبر» القائد الثانى للحملة الفرنسية بعد نابليون بونابرت، أكثر مما تراعى الواقع، لم تجد من يصححها، ويعيد إلى الرجل الثائر حقه.
الحاج مصطفى البشتيلى جاء إلى القاهرة من قرية «بشتيل» وكنى باسمها، وعمل تاجرا وصار صاحب وكالة كبيرة للزيوت، أمانته وسمعته الطيبة ساعدتاه على أن يصبح «شاهبندر» تجار بولاق، لم يتفق ولم يتحالف مع الاحتلال الفرنسى، ولم يفكر فى مصالحه التجارية، بل رفض الظلم والتسلط الذي وقع على الشعب وشارك فى تنظيم شعبى للجهاد ضد الاحتلال.
ولأن كل مجتمع لا يخلو من خونة وجواسيس ومتعاملين مع أعداء الوطن، تسربت أنباء للفرنسيين عن دور «البشتيلى» فى المقاومة فى أعقاب ثورة القاهرة الأولى، ووصلت إلى نابليون معلومات تؤكد أن التاجر الكبير يخفى فى مخازن وكالته كثيرًا من البارود والسلاح وعتاد الحرب.
تحركت قوة فرنسية نحو بولاق، وداهمت «وكالة البشتيلى»، وفتشت كل شبر من ممتلكاته حتى عثروا على عدة قدور مملوءة بالبارود، وبعض الأسلحة، فقبضوا عليه، وحبسوه فى بيت قائمقام، ثم نقلوه إلى القلعة.
لا توجد أخبار للبشتيلى بعد حبسه، ولم يعرف مصيره، حتى غادر نابليون القاهرة، وحل محله «كليبر»، وظهر البشتيلى خارج القلعة، وكان له الدور الكبير فى الثورة الثانية، ولكن لم يعرف كيف خرج من سجن القلعة؟
ظل فى سجنه قوى العزيمة تحركه نار الثورة والمقاومة، ولم تضعف عزيمته فقد ظل على عدائه للفرنسيين، وكان فى طليعة ثوار القاهرة، والمسئول الميدانى عن المقاومة فى حى بولاق العريق، والتى أجبرت كليبر على سحب قواته من بولاق وحصارها من الخارج، والإلحاح فى طلب الصلح وإنهاء الثورة، لكن إلحاحه كان يقابل دائما بالرفض، وفهم كليبر أن البشتيلى هو الذى يمنع إتمام الصلح.
وتأكد كليبر من ذلك عن طريق وشاية من عثمان كتخدا، الذى كلفه ذات مرة بالوساطة وطلب الصلح، فرد عليه البشتيلى برسالة مكتوبة فيها: «إن الكلب كليبر دعانا للصلح فأبينا، فلا تحرج نفسك بطلب هذا الأمر».
سلم «كتخدا» الرسالة إلى كليبر، والتي أنهت آخر أمل لديه فى احتواء المقاومة بهذه الحيلة، وقرر أن يقمع الثورة بأى طريقة وأى ثمن، فأحرق الحى بأكمله، ومع ذلك لم يتمكن من قتل البشتيلى أو اعتقاله.
غضب كليبر وطلب القبض على البشتيلى بأى طريقة، كان يريد الانتقام منه شر انتقام، واستعان بالعملاء والخونة، وتم اعتقال العشرات من أقارب البشتيلى ومعارفه والعاملين فى وكالته والمشاركين فى الثورة، حتى تم القبض على التاجر المقاوم الذى تعرض للتعذيب والتجويع، ورغم أن كليبر حصل على اعترافات من المدسوسين والضعفاء فى صفوف البشتيلى، فإنه لم يفكر فى إعدامه كما فعل نابليون مع محمد كريم، كان يريد أن يشفي غليله ويرد على إهانته، ويقضى على بطولته قبل أن ينهى حياته، ولم يجد أبشع من قتله بيد عوام المصريين وسط حى بولاق، فجاء بمجموعة من أنصار البشتيلى ضعاف النفوس، ووعدهم بالعفو، إذا أخذوه وطافوا به البلد، قبل أن يقتلوه وسط الناس ليكون عبرة لمن يقاوم الفرنسيين، وفعلوا ذلك وقتلوا البطل بـ«النبابيت».