الجمعة 10 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

تاريخ مصر على شفا الضياع.. مباني "القاهرة" و"الإسكندرية" الخديوية على وشك الانهيار

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

قصور تتحول إلى مدارس.. والإهمال سيد الموقف!

يبدو أننا لا نعى قيمة التاريخ وحق الأجيال المقبلة في معرفة إرث الأجداد، هناك شعوب تأمل أن يكون لها تاريخ كى تحتفى به وتدرسه لأبنائها، وهُنا في مصر، كل شىء مباح، هدم المبانى التراثية وتلويث التراث آفة السطحيين ممن يفقدون قيمة الوعي بالتاريخ، فقضية العبث بتراثنا تبدأ من "تركيب تكييف هواء" لأحد المسئولين في أحد القصور التراثية لمسئول ما دون الاكتراث بقيمة الأثر، وصولا لفضيحة معالجة ذقن "توت عنخ آمون" بالأسمنت.


الواقع لا يتعلق بمجرد تعديات أو عصابات تسطو عبر حيل وثغرات قانونية على المنشآت ذات الطراز المعماري المميز، وتحويلها لأبراج سكنية، أو تلك الاستخدامات التي لا تتماشى مع طبيعة المباني الأثرية والتاريخية وتحويلها إلى أماكن خدمية أو تعليمية أو تحويلها لبنوك خاصة، كما يجرى في قصور "جاردن سيتي" وأغلب قصور القاهرة الخديوية، ولكن الباحث في الأمر بشكل أعمق، يجد مئات القصص والروايات التي يمكن سردها بخصوص تحويل أماكن وقصور لها قيمتها التاريخية أو مرتبطة ببطولات أشخاص، ولكن للأسف كل هذه القيم تلاشت على عتبات ملايين الجنيهات التي يحصدها الورثة وكبار المقاولين جراء تشييدها، إلى أبراج سكنية بعد إلقاء القيم التاريخية على قارعة الطريق. القضية تتعلق بمصير آلاف المبانى الأثرية والتراثية بمحافظات مصر المختلفة سواء "القاهرة والإسكندرية وبورسعيد وباقى المحافظات" ومصير القاهرة الخديوية عقب نقل المؤسسات والمصالح الحكومية إلى العاصمة الإدارية الجديدة. "البوابة" تفتح ملف التراث المصري والأماكن التراثية التي فقدت بريقها بفعل الإهمال وهي الآن تُحتضر، وتسأل بمصريتنا "البقاء والاهتمام بها خشية الاختفاء" وضياعها على عتبات ملايين الجنيهات لحيتان المقاولين وتحويلها لأبراج سكنية، وتبقى فيلا "أم كلثوم" التي تحولت لفندق كبير أكبر شاهد على ذلك.



قصر علي عبداللطيف

قصر "على عبداللطيف" و"الأميرة حلمية" و"الدوبارة".. الأشهر.. ولجنة قومية برئاسة "محلب" تدرس كيفية استخدام الأصول العقارية التراثية

بعد نزول الحكم من "قلعة الجبل" إلى قصر عابدين، وضع الخديو "إسماعيل" المخططات الإنشائية للقاهرة الخديوية البالغ مساحتها قرابة ٧٠٠ فدانا، في المنطقة ما بين قصر عابدين، قصر الحكم وقتها، حتى نهر النيل، ووُضع المخطط الإنشائى والاشتراطات المحددة للبناء، وقام "إسماعيل" بتوزيع قطع الأرض على القادرين على البناء وأنشأ "الإسماعيلية" ثم أنشأ الخديو "توفيق" ،التوفيقية، وهي امتداد طبيعي للمدينة الأولى، كما بُنيت قصور في عهد عباس حلمي الثاني وأخرى في مطلع القرن العشرين.

تقول الدكتورة "سهير حواس"، رئيس الإدارة المركزية للدراسات والبحوث والسياسات بالجهاز القومي للتنسيق الحضاري،: إن القاهرة تحتوي على أكثر من ٣ آلاف مباني ذي طابع معماري مميز وأثري تم التعدي والاستيلاء على عدد كبير منها، وهناك جزء كبير تم استخدامه كمبان تعليمية وتحويلها إلى مدارس، وجزء آخر تحول لمبان حكومية، والآخر تم استخدامه على نحو غير متوافق مع قيمة أو تاريخ المبنى.

وتابعت، أن المدارس التي بداخل القصور أساءت لها بشكل كبير، نتيجة أنهم شوهوا الرمزية التاريخية للقصر، ناهيك عن بناء فصول ودورات مياه في غرف تلك القصور، واستنكرت الاستخدام غير المتوافق مع القصور ذات الطابع المعماري المتميز والنماذج كثيرة حدث ولا حرج، مثل قصر "على عبداللطيف" الواقع بميدان "سيمون بوليفار" بالقرب من السفارة الأمريكية خلف مجمع التحرير، هذا المبنى الأثري مدرج كأثر أي يتبع لإشراف وزارة الآثار مباشرة، ولكن في نفس الوقت أصبح القصر مهجورا وثقته عدسة "البوابة" ويتبع الإدارة التعليمية لقطاع غرب القاهرة.

والجدير بالذكر، أنه تبلغ مساحة القصر قرابة ألفى متر مربع، ومساحة البناء به تقارب نحو ٦٢٠ مترا مربعا بارتفاع نحو ١٦ مترا، ومكون من طابقين، وكانت الزخارف تكسو المدخل الفخم للقصر، وكذلك الأسقف والحوائط الداخلية، إضافة للوحات الفنية والتي تجعل من القصر تحفة فنية نادرة، لكن الواقع أكثر سوءًا فلا تجديد ولا صيانة، وعندما تقترب منه أشبه بالرجل في مرحلة الشيخوخة يكاد يشكو للناظرين من الإهمال.


قصر الدوبارة:

ويضاف لجملة القصور التي تحولت لمدارس، قصر "الدوبارة" بالقصر العيني، الذي يقع موقعه بحي "جاردن سيتي"، حيث صمم القصر وبناه المعماري الإيطالي "انتونيو لاشياك"، وهو قصر الأميرة أمينة بنت إلهامي ابن عباس حلمي الأول، وهي زوجة الخديو "توفيق" وكانت تلقب بأم المحسنين، ثم تحول القصر لمدرسة تجريبية حكومية، رغم أن القصر في السابق كان مقر المندوب السامي البريطاني، ليكون بذلك الحكم في مصر في هذا التوقيت بين القصرين "قصر عابدين"، مقر الحكم الرسمي لأبناء أسرة محمد علي وقصر الدوبارة للمندوب السامي البريطاني حيث الحماية البريطانية لمصر.

قصر الأميرة حلمية:

ثم يأتي في المقام الثالث قصر الأميرة حلمية إبراهيم بشارع شامبليون، والذي تحول لمدرسة الناصرية، ثم هجُر القصر، وأصبح واقفا ينتظر توالي ومرور السنين حتى يتثي للمالك التخلص منه وتحويله لبرج سكني، ناهيك عن وجود وزارة التربية والتعليم نفسها في أحد القصور والهيئة العامة للتخطيط العمراني في أحد القصور وداخل برج شُيد في حديقتها تربض وزارة الإسكان أيضا.

الجدير بالذكر، أنه يجرى الآن التفكير في إخلاء المباني الحكومية ونقلها إلى العاصمة الإدارية الجديدة، وطالبت "سهير حواس"، بضرورة إعادة توظيف المباني وتحويلها لاستعمالات متوافقة مع القيمة التاريخية والتراثية لها 

لجنة قومية:

المعلومات المتاحة تكشف عن أن لجنة قومية عليا برئاسة المهندس "إبراهيم محلب"، تعكف الآن على دراسة كيفية إدارة هذه الثروة العقارية بعد إخلائها من الاستخدام الحكومي، والبحث عن أفضل طرق لاستعمالاتها على النحو الذي يخدم الثقافة والتاريخ، وغيرها على النحو الذي يعظم القيمة التاريخية للمباني ذات الطابع المعماري المميز والمنطقة ككل، كما تدير أغلب الأصول العقارية بمنطقة وسط البلد، شركة إدارة الأصول العقارية للتأمين.

وهناك مطالبات، بمناقشة أي قرارات مع المختصين قبل إصدارها لتقليل نسب الخطأ، وأن يتم الحفاظ على القاهرة التراثية الأصلية بنفس القدر من الأهمية لبناء وتشييد العاصمة الإدارية الجديدة، ويتم تنفيذ هذه المطالبات عن طريق عمل مجلس أمناء له صلاحيات المراقبة والمتابعة بعد خروج المؤسسات والمصالح الحكومية لمقارها الجديدة في العاصمة الإدارية الجديدة.



خبراء: ضياع الذوق العام.. وراء إهمال وتدمير التراث

«عاصم»: الحفاظ على المباني التراثية ضرورة

يشير أستاذ التاريخ المعاصر، الدكتور "إسلام عاصم" إلى أن العالم كله يعمل بنظام "إعادة التأهيل" أو"الاستخدام" ويعمل به في الآثار وليس التراث، لأن القواعد المعنية بالحفاظ على التراث إذا تركت مكانا مغلقا لفترة طويلة فهذا يضر بالمكان بشكل كبير، بمعنى آخر إذا جئت بمبنى وأجريت له ترميمات وأغلقته هذا يسبب تدهورا للمبنى بشكل أكبر من استخدامه، ومن هنا لا مانع من تواجد السكان في المباني التراثية شريطة أن تظل كما هي، على أن يتم الرجوع للجنة المختصة التي بدورها تتولى عمليات الترميم حسب التوجهات، هذا هو المعنى الحقيقي في إدراج المبنى في مجلد التراث.

وطالب "عاصم": بضرورة المحافظة على المباني التراثية من أي استخدام أو ترميم أو إعادة استخدام بطريقة عشوائية تضر بالطراز المعماري بالمنشأة، لأن هناك أنواعا من التسجيل لا يحدد فيه ليس الطراز الخارجي، فقط بل يحدد الطراز الداخلي أيضا، وعلى هذا الأساس ندعو دائما لإعادة استغلال المباني بطريقة تدر ربحا ماديا لصاحب المبنى بحيث نخرج من تفكيره مسألة الهدد أو يتأمر على هدمه.

واستطرد "عاصم"، أننا نعانى في قصر "عائشة فهمي" التي أعجبت بقصر في أوروبا فأتت بالمهندس المعماري من أوروبا التي تولى تصميم القصر بعد ذلك، حيث تحيط به مساحة فضاء واسعة وهي كانت حديقة القصر هذه المساحة تبلغ ضعف مساحة القصر، ويأتي معدومو الضمير في جنح الليل ويتم ضرب أعمدة من المباني حتى تسقط وتتحول لركام، وهذا حدث في فيلا " ألدو أمبرون" في محرم بك وهي فيلا "لورانس داريل" هدم فيلا "أمبرون" الشهيرة، التي أقام بها الأديب البريطاني "لورانس داريل"، ألهمت "داريل" كتابة (رباعية الإسكندرية)، رغم أن الفيلا كانت مسجلة تحت رقم ١٦٨٧ ضمن قائمة التراث المعماري المحظور هدمه بالإسكندرية، فقد استطاع المقاول المالك للفيلا استصدار حكم قضائي، بإخراجها من مجلد المباني التراثية وهدمها.

في السياق ذاته، قال الدكتور "حسام إسماعيل"، عضو لجنة التراث بشرق القاهرة وبورسعيد، للأسف لا يوجد لدى الشعب المصري اهتمام بقيمة التراث والتاريخ، وخاصة في الفترة التي أعقبت ثورة ١٩٥٢، وقال: إن ضياع الذوق العام، وراء إهمال وتدمير التراث، فبات المصريون لا يتذوقون الجمال ودخلنا في نفق المساكن الشعبية الروسية تلاها الأمريكية التي تعبر عن بلوكات واحدة، لا يوجد بها أي تصميم جمالي، ناهيك عن الحيل والثغرات التي تلجأ لها الأحياء حيث يتم التزوير عن طريق تسجيل مثلا البيت الإيطالي، ويدون عنوان خاطئ للمنزل.



مطالب بـ«تحديد الطراز» قبل سن القوانين

"زكي:: مدينة رشيد متحف عمراني مفتوح يجرى هدمها

47 رقم المادة بالدستور التي تلزم الدولة بالحفاظ على الهوية الثقافية المصرية

قال الدكتور "وائل زكى"، خبير التخطيط ومحاضر التنمية والتخطيط العمراني،: إن التعامل مع المباني القديمة والأثرية، تم من خلال ظاهرتين، الأولى تحويل الفيلات إلى عمارات سكنية، مثل ما جرى في المعادي والألف مسكن وحلوان القديمة، الأمر الذي دفع المسئولين إلى تحويل أي مبنى إلى أثر بمجرد مرور ١٠٠ عام، ما يعنى حظر أي تصرف بالهدم أو الترميم أو البناء، إلا من خلال موافقة لجان مشكلة من قبل الأحياء تكون لجنة متخصصة من الآثار جزء أساسيًا فيها.

وكشف "زكى" عن مثال صارخ على هدم التراث بموجب هذه القوانين البالية، التي بها من الثغرات ما يكفي لكل المتحايلين، وهي "فيلا أم كلثومط الذي صممها رائد من رواد الفن المعماري "على لبيب جبر"، والذي كان من الممكن أن يتحول إلى مزار سياحي عالمي، ولكن الواقع على الأرض هدم التراث وتحول إلى فندق، كما أن معظم المباني الأثرية تم تغيير استخدامها إلى مبان خدمية بعد ثورة١٩٥٢ وتحويلها لمصالح حكومية سواء مدارس أو أقسام شرطة، وتابع "زكى": إن مدينة "رشيد" هي متحف عمراني مفتوح يجرى هدمها، رغم المنح التي قدمها المركز الثقافي الفرنسي، وما يزيد الأمر صعوبة هو غياب الطراز المعماري المعبر عن الشخصية المصرية التي من المفترض أن يبرز من خلالها الهوية المصرية كما هو الحال في الدول الكبرى التي تعتز بتاريخها، حيث تتحول إلى متاحف معمارية مفتوحة كما يجرى في "موسكو". وأرجع "خبير التخطيط"، أنه من المفترض أن تشكل لجان متخصصة تعكف على دراسة الطراز والطابع المصري، والذي على أساسه يتم القياس في مسألة الثغرات القانونية الذي يلجأ لها الورثة أو المقاولون كحيل لبناء عقارات وأبراج سكنية.

 

تخريب التراث مخالف للدستور

50 رقم المادة بالدستور التي تنص على أن تراث مصر الحضاري ثروة قومية تلتزم الدولة الحفاظ عليه

المادة ٤٧ من الدستور تقول صراحة إن الدولة مُلتزمة بالحفاظ على الهوية الثقافية المصرية بروافدها الحضارية المتنوعة، كما تنص المادة ٥٠ من الدستور، على أن تراث مصر الحضاري والثقافي، المادي والمعنوي، بجميع تنوعاته ومراحله الكبرى وكذا الرصيد الثقافي المعاصر المعماري والأدبي والفني بمختلف تنوعاته، ثروة قومية وإنسانية، تلتزم الدولة بالحفاظ عليه وصيانته، والاعتداء على أي من ذلك جريمة يُعاقب عليها القانون.

 

ثغرة قانونية لهدم التراث.. مطالب بتعديل القانون 114 ونواب: الخلل فى التطبيق

القانون رقم ١٤٤ لسنة ٢٠٠٦ في شأن تنظيم هدم المباني والمنشآت غير الآيلة للسقوط والحفاظ على التراث المعماري، لكن المادة الثانية من القانون بها ثغرة قانونية يلجأ إليها مُلاك الفيلات ذات الطابع المعماري المتميز لكي يخرجوها من مجلد التراث ليسهل بيعها وهدمها، وهذا ما حدث في فيلا "أجيون"، حيث تنص تلك المادة القانونية على "يُحظر الترخيص بالهدم أو الإضافة للمباني والمنشآت ذوي الطراز المعماري المتميز المرتبطة بالتاريخ القومي أو بشخصية تاريخية أو التي تعتبر مزارًا سياحيًا".

في هذا السياق، يقول الدكتور "إسلام عاصم"، أستاذ التاريخ المعاصر، مشكلة هذه المادة هي حرف العطف بين كلماتها التي تكون الثغرة القانونية، وبالتالي فإن القاضي يأخذ الجملة كلها على بعضها، بمعنى أنه لو لم تتوافر شروط التاريخ القومي والشخصية التاريخية والمزار السياحي كلها في نفس العقار يتم إخراجها من مجلد الحفاظ على التراث ومن ثم تكون بوابة التحايل على التراث والتاريخ.

وطالب بإعطاء الأولية لتعديل القانونين رقم ١١٩ و١٤٤ المنظمين للبناء والهدم، وغلق كل الثغرات القانونية بهما، حيث يتم استغلال هذا الاضطراب أو غيره في محو عشرات المباني التراثية الأخرى، حيث نصت التعديلات المفترض على قانون ١٤٤ لسنة ٢٠٠٦ على وضع تصنيف للمباني التراثية بثلاثة مستويات (أ - ب - ج)، مع زيادة المدة المسموح بها للتقدم بطلب التظلم من قرار لجان الحصر بالمحافظات، بقيد المبنى في سجل المباني ذوي الطراز المعماري المتميز، وفي وثيقة التسجيل من المفترض أن يسجل نوع الاستخدام.

فيما قال النائب "محمد العليمى" ،عضو اللجنة التشريعية،: بالبحث بين القانون والنص القائم وجدنا النص كافيا في عمليات الرقابة والمتابعة إلا إذا كان عدم تنفيذه يرجع إلى عدم الرقابة الحقيقية لوحدات الإدارات المحلية كل في دائرة اختصاصه، وهذا يرجع إلى عملية تنظيمية للحكومة. وفيما يخص ثغرات القانون في عطف أسباب حظر الهدم، قال "العليمى": العبرة ليست في القانون، علينا أن نبحث في الرقابة والتنفيذ ووجود خطة شاملة حول إحياء التراث عبر مشروع ثقافي عبر وجود ضوابط ووضع تصور كامل من قبل الحكومة أو السلطة التنفيذية.

وأضاف الدكتور "نادر مصطفى"، وكيل لجنة الثقافة بمجلس النواب، أن هناك اهتماما من قبل الدولة بالقاهرة الخديوية بدليل ما نراه اليوم من تطوير وتجديد الواجهات بمنطقة وسط البلد، ونرى عودة المباني الأثرية القديمة إلى سابق عدها، كما نرى شركات المقاولات أثناء قيامها بتجديد الواجهات لاستعادة المنظر الحضاري، وأن اهتمام الدولة نفسه على الشكل الحضاري سيؤتي ثماره عبر انعكاسية على سكان هذه المناطق في الحفاظ على وحداتها السكانية.

وتابع "مصطفى" نحث كل من الثقافة والآثار على تقديم خطة للحفاظ على هذه المباني وإحياء تراثها، ونسجل مواقفنا باعتراض اللجنة على أي محاولات لهدم أي قصور أو آثار، وكل دول العالم ذات الحضارة كان لزامًا عليها الحفاظ على تراثها وتحويلها لمتاحف تفتخر بها مثل «موسكو ولندن ونيوديلهى» والتي يكون جدواها الاقتصادية أكبر بكثير من قيام مبنى جديد، لأن المباني التراثية والأثرية تحمل من القيم والحضارة ولها قيم يسمح باستغلالها ثقافيًا وسياحيًا.

ومن جانبه قال الروائى "يوسف القعيد"، وعضو اللجنة الثقافية، ندعم أي ثروة قومية يجب الحفاظ عليها والدفاع عنها وعدم تشويهها واعتبارها ثروة قومية حقيقة لا تقل شيئا عن الثروات التي قد نحارب عنها.

 


6500 مبنى أثري.. 3 آلاف مبنى في القاهرة.. و1000 بالإسكندرية

ووفقًا لآخر إحصائية حكومية، فإن عدد المباني التراثية يبلغ نحو ٦٥٠٠ مبنى، تنقسم لمبانٍ ذوى طرز معمارية فريدة، أو تابعة لحقبة تاريخية معينة، أو كانت مسكنًا خاصًا لإحدى الشخصيات المهمة والتاريخية أيضًا. القاهرة وحدها تحتل المركز الأول بقرابة ٣ آلاف مبنى ما بين أثري ذي طابع معماري متميز، وتأتي الإسكندرية، في المرتبة الثانية، حيث سجلت عدد ١٠٩٢ مبنى مسجلا بمجلد التراث، في حي وسط قرابة ٤٤٠ مبنى تراثيًا بينما حي شرق الإسكندرية يمتلك النصيب الأكبر برصيد ٤٥٨ مبنى تراثيا،، إلا أنه تمكّن ملاك ٥٩ مبنى من إخراجها من مجلد الحفاظ على التراث، بعد الحصول على أحكام قضائية، وجرى هدم أكثر من ثلاثين منها خلال السنوات الماضية لعل آخرها عمارة "راقودة" ويجرى الآن مخطط للاستيلاء على قصر الأميرة "فاطمة إسماعيل" بالإسكندرية. وفي بورسعيد يوجد نحو ٧٥٠ مبنى تراثيا.

عادل عامر: «التنسيق الحضاري» لا حول له.. ويجب منح «الضبطية القضائية» للجهاز

يكشف الخبير الاقتصادي، الدكتور "عادل عامر"، أن جهاز التنسيق الحضاري، لا حول له ولا قوة حاليًا، هو فقط يصدر توصيات، ولا يوجد مندوبون له في المدن الإقليمية التاريخية، ولا يمتلك موظفوه حق الضبطية القضائية التي تمنع هدم المباني، وتحيل المخالفين للنيابة العامة، وفقًا لمواد القانون التي وافقت على تعديلها وزارة الإسكان، لذلك نطالب بإعطاء موظفيه مزيدًا من الصلاحيات في التعديل الجديد، وتمكين موظفى جهاز التنسيق الحضاري من التدخل واتخاذ اللازم فيما يتعلق بذلك في التعديل الجديد.

موظفو الأحياء لا يقدرون قيمة المباني التراثية والتاريخية، وأنه قد تقدم باقتراحات لحماية تلك المباني من الهدم، مع إنصاف المالك وحثه على عدم بيع العقار أو هدمه، من خلال إنشاء صندوق لحماية التراث والثروة العقارية، ويكون أعضاؤه من وزارة الإسكان، ورجال الأعمال، وهيئة التنسيق الحضاري والمحافظة، ووزارة الآثار وتكون مهمته الرئيسة التدخل لشراء هذا العقار التراثي وتعويض المالك.

ويضيف عامر: "إن الدول الأوروبية تعمل وفق هذا النظام، فضلًا عن تقديرهم واهتمامهم بقيمة العمارات التاريخية، لكننا في مصر نهدمها"، فضلًا عن "أن المباني التاريخية التي يتم هدمها حاليًا تخضع لقانون سجل التراث، واهتمام وزارة الإسكان بها الآن شيء جيد، لأن تلك المباني تتعرض لهجمة شرسة من بعض رجال الأعمال"، كما أن المباني تمثل رمزا للتاريخ، وبالتالي كان لا بد من تحديد عناصر المشكلة ووضع قواعد منهجية لمواجهتها وتمت الاستعانة بخبرات أساتذة الجامعة الذين قاموا بإعداد دراسات على مستوي ‏١١‏ منطقة داخل القاهرة، وكل منها تمثل نمطا من النسيج العمراني يختلف عن النمط الآخر.


قصر "فاطمة إسماعيل".. حضر الفساد وغاب التاريخ

تخريب القصر.. وتحويله لمعسكر طلبة.. وفرض حراسة دون وجه حق

كشف بلاغ مقدم لنيابة الرمل الأول بالإسكندرية، يحمل رقم ٩٣٦٦ لسنة ٢٠١٧، ضد وزارة التربية والتعليم بسبب أعمال الهدم بفيلا الأميرة «فاطمة إسماعيل»، وهي واحدة من بنات الخديو "إسماعيل"، ولدت في يونيو١٨٥٣، وتفردت بحبها العام للخير ومساهمتها في الأعمال الخيرية بين أخواتها، كما تعودت على تذوق الفن والثقافة من حياتها بالسرايات الملكية، كما اهتمت برعاية الثقافة وتبرعت بأراض لبناء جامعة القاهرة.

قضية الاعتداء على القصر رهن التحقيقات، حيث إنه مُدرج بمجلد التراث تحت رقم ١٢١٥، ووفقا لما جاء في مباشرة تحقيقات النيابة العامة في القضية التي حصلت "البوابة" على نسخة ضوئية من مصلحة الشهر العقاري والتوثيق بالإسكندرية مفادها شهادة سلبية لقصر الأميرة فاطمة إسماعيل إبراهيم، والتي تفيد أحقيتها وأحقية ورثتها وذيلت الشهادة بتوقيع ثلاثة باحثين على شهادة السلبية.

كما ورد في تحقيق النيابة الموجود طرفنا على لسان "عبدالمسيح عدلى عبدالملاك"، مهندس تنظيم حي شرق والمكلف من الحي،: أنه بعد الانتقال لمعاينة العقار ٩ شارع عبدالعزيز فهمي بناء على قرار النيابة العامة بتاريخ ٣٠ إبريل ٢٠١٧، وجد أعمال هدم وبناء سور وإجراء تعديلات داخلية بالمخالفة للوائح والقوانين المنظمة التي تحظر أية عمليات هدم أو بناء على المنشآت ذات الطابع المعماري المتميز.

الاعتداءات على القصر وعمل تعديلات داخلية دون الرجوع لوزارة الآثار التي من المفترض أن تشرف على القصر، لأنه ذات طابع معماري متميز يخالف القانون رقم ١٤٤ لسنة ٢٠٠٦ الذي مفاده "حظر أو هدم المنشآت التراثية ذات الطابع المعماري المتميز، كما يخالف القانون رقم ١١٩ لسنة ٢٠٠٨ الذي يحظر هدم أو بناء أو تعلية أو إقامة أي منشآت دون الحصول على ترخيص ولم يصدر أي ترخيص لهذا العقار من الحي".

ووفقًا للمستندات التى حصلت "البوابة" على نسخة ضوئية منها، فقد أظهرت أنه جاء في حيثيات دفاع حفيدة أسرة :محمد علي"، أنها تقدمت بتحرير محاضر سابقة برقم ٣٢٧٥ لسنة ٢٠١٧، وحفيدة "محمد علي" الكبيرة وهي "فاطمة الزهراء جمال الدين بكير خورشيد" من الطبقة الأولى التي تحجب جميع الطبقات، وأنها وريثة في تركة مهرجان هانم في وقف صالح باشا فريد الذي يتبع له قصر "فاطمة إسماعيل" التي يدور عنه التحقيق بحسب مذكرة صادرة من وزارة الأوقاف بقسم الأوقاف الأهلية.

كما كشفت حجة القصر عن ملكية فاطمة إسماعيل، والتي قامت وزارة الأوقاف بدفع الرهن الخواجة "قسطنطنيو الخاص بالسيدة أوليجا فيتوس" وأصبح القصر ضمن الوقف الخاص بالأميرة، وفي شهادة صادرة ٢٥ أكتوبر ٢٠١١، حيث شهدت لجنة التقسيم المشكلة طبقًا للقانون رقم ٥٥ لسنة ١٩٦٠ التابعة لوزارة الأوقاف أن "فاطمة الزهراء جمال بكير" مستحقة في وقف المرحوم صالح باشا فريد.

فيما كشف إخطار بنتيجة بحث صادر في ١٥ يناير ٢٠١٨ عن أن إدارة شرق الإسكندرية التعليمية قامت بالاستيلاء على قصر الأميرة فاطمة إسماعيل الكائن بـ٩ شارع عبدالعزيز" بوكلي" الإسكندرية، وقد جاء في دفاع الإدارة التعليمية دفاعا عن نفسها، أن القصر المشار إليه تم مصادرته وفقا لأحكام القانون رقم ٥٩٨ لسنه ١٩٥٣ بشأن أموال أسرة "محمد علي" وقد جاء اسم المرحومة ضمن الأسماء التي تم مصادرة أموالها تحت رقم ١١٢ في البيان المنشور بالوقائع المصرية في ديسمبر من العام ذاته.

واعترفت الإدارة بأنها حولت القصر (نزل طلاب بالإسكندرية) التابع للإدارة العامة للتربية الاجتماعية، وفي الوقت ذاته لم تلفت الإدارة نفسها بأن القصر المذكور ضمن الأموال المستردة التي تم تسليمها لأصحابها بقرار وزارى رقم ٥٨ لسنة ١٩٧٥ ونشر فى الوقائع المصرية فى العدد رقم ٢٣٨ فى أكتوبر من العام ذاته تحت رقم ٦١. الشكاوى على مكاتب العديد من المسئولين والجهات الرقابية، منها محافظة الإسكندرية، والمحامى العام لنيابات شرق، التى كشفت قيام أشخاص بأعمال تخريب تدمير محتويات القصر، وجاء فى نص الشكوى التى تحمل رقم ٤١٠٦ يونيو ٢٠١٦، أنه قام بعض الأشخاص والذين يعملون فى وزارة التربية والتعليم بالتعدى على أملاك الفيلا الكائنة فى ٩ شارع عبدالعزيز فهمى وقاموا بالتخريب بالفيلا مخالفين قانون الأثريات وقاموا بالهدم للمبانى المتواجدة فى حديقة الفيلا وكذلك قاموا بتغيير فى معالم الفيلا الأثرية داخل الفيلا وخارجها والاستيلاء عليها ووضع يافطة على الفيلا سكن للطلبة والطالبات. وفقًا لنص الشكوى، فإن هؤلاء العاملين بوزارة التربية والتعليم لم يكتفوا بالتخريب فى الفيلا بل قاموا بالاعتداء مرة أخرى على الفيلا الكائنة بشارع رياض بجهة «شوتس برمل أول» وقاموا بوضع حائط أسمنتى على البوابة الخاصة بالفيلا وذلك للاستيلاء عليها بالبلطجة دون وجه حق ولا سند ملكية مدعين أنهم من وزارة التربية والتعليم ومنعى من دخول الفيلا ملكيتى وتم تحرير محضر ضدهم وضد المدرسة لقيامهم بالاعتداء على الفيلا ملكيتى وذلك عن طريق المحامى العام وما زالوا مغتصبين للفيلا الكائنة بعد صدور قرار من المحامى العام بإخلاء الفيلا وعدم تواجدهم فيها وإيقاف أى أعمال بها إلا أنهم ما زالوا يتحدون القانون وضرب القانون بعرض الحائط، ووفقًا للأوراق التى بحوزتنا فإنه تم وضع حراسة على القصر بدون أى وجه حق ولا سند ملكية خاصة.