الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

لعنة الفراعنة تضرب معرض "آثارنا بالخارج"

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

«خبراء»: المقابل المادى كلام فارغ.. و116 دولارا إيجار القطعة فى اليوم إهانة للتاريخ «حواس» مهاجمًا المعارضين: «فاقدو الوطنية» والمخاطر فى كل مكان.. و«العنانى»: العالم سيتحدث عن مصر مارس المقبل

منذ فجر التاريخ أبهر فراعنة مصر العالم أجمع بمجدهم وحضارتهم، سواء فى حياتهم أثناء بناء ممالكهم أو بعد رحيلهم، إلا أن هذه الحضارة أحيطت بالكثير من الغموض المثير للجدل -المتجدد أيضًا- بين الحين والآخر، وكان لـ«لعنة الفراعنة» نصيب الأسد فى حيرة العلم وعلماء المصريات حول العالم، فعندما وجد عالم الآثار البريطانى هاورد كارتر وصديقة اللورد كارنافون، عبارة «لا تفتح التابوت، فسيذبح الموت بجناحيه كل من يجرؤ على إزعاجنا»، بمقبرة الملك «توت عنخ آمون» التى اكتشفها عام 1922، لم يفهم أنها نذير من الفرعون الأشهر بين ملوك مصر، ولم يدرك أن لعنته ستحل على من يعبث بمقبرته، هذه المقبرة الوحيدة بين مقابر ملوك الفراعنة التى وجدت بكامل محتوياتها ولم تتعرض للتخريب أو السرقة، والتى تعد الحدث الأهم والأكبر فى القرن العشرين وحتى وقتنا الحالي، إلا أنه بعد وقت قصير من افتتاح المقبرة تداعت الأمور الغامضة والتى لم يجد العلم تفسيرا لها، والتى بدأت بموت كثير من العمال القائمين بالبحث فى المقبرة وبعض علماء الآثار الذين شاركوا فى اكتشاف حضارات الفراعنة. الصدمة كانت فى الاحتفال الرسمى بافتتاح المقبرة عندما أصيب اللورد «كارنارفون» بحمى غامضة لم يجد لها أحد من الأطباء تفسيرا، وتوفى اللورد على إثرها فى القاهرة، والأغرب أن التيار الكهربائى انقطع فى القاهرة بعد منتصف الليل دون أى سبب واضح فى نفس لحظة الوفاة، كما أن وفاة هاورد كارتر أحاطها الكثير من الغموض، مما دفع العديد من الناس حول العالم للاعتقاد بأن كهنة مصر القدماء صبوا لعنتهم على من حاول نقل تلك الآثار من مكانها، وإن كانت هذه الأحداث وقعت كعقاب وأنها لعنة الفراعنة حقًا. ورغم نفى الكثير من علماء المصريات وجود هذه اللعنة، إلا أن الحديث الآن يدور حول ردة فعل كهنة مصر والملك «توت عنخ آمون» بعد نقل 166 قطعة أثرية نادرة من مجموعته الملكية إلى لوس أنجلوس فى مارس المقبل، لعرضها بمعرض تحت مسمى «كنوز الفرعون» الصغير، وبعدها ستطوف العديد من عواصم العالم لمدة 5 سنوات، هل ستصيب لعنتهم من حاولوا نقل هذه الآثار كمن سبقهم أم أن اللعنة أصابت المجموعة النادرة للملك فكُتب عليها الرحيل عن مصر لأول مرة منذ اكتشاف المقبرة، وسط حالة من السخط بين صفوف العديد من علماء الآثار الرافضين لما أسموه «التفريط» فى الحضارة المصرية.


رسالة مصرية لجذب السياحة العالمية

احتدم الخلاف بين العاملين فى الحقل الأثرى على حول سفر القطع الأثرية النادرة بين مؤيد ومعارض، وزادت حدة الخلاف حينما أعلنت وزارة الآثار أن حصيلة الدخل العائدة من المعرض تقترب من الخمسين مليون دولار، وأن القيمة التأمينية لهذه المعروضات تقترب من الـ٦٠٠ مليون دولار، معتبرين بنود الاتفاق على هذا المعرض مجحفة للطرف المصرى تماما ولا ترقى لقيمة الآثار المصرية التى لا تقدر بمال.

بلغت حدة الخلافات ذروتها حينما قارن العاملين بالحقل الأثرى العائد المادى الذى حصل عليه متحف اللوفر بفرنسا عندما أعار بعض القطع لتعرض بالخارج، وهنا تجلى الانشقاق فى صف «الآثريين»، الأمر الذى دفع البعض لوصف المعترضين على سفر المعرض بالهواة الذين لا علم ولا خبرة لديهم، ولا يمكنهم أن يكونوا حريصين على المصلحة الوطنية المتمثلة فى خروج هذه القطع النادرة لتكون سفيرًا للآثار المصرية فى الخارج، وقبلة الحياة للسياحة المصرية.


٣ معارض عالمية خلال مارس المقبل

الدكتور خالد العناني، وزير الآثار، أعلن أمس الأول السبت، أن وزارة الآثار ستخرج بثلاثة معارض خلال شهر مارس المقبل، وستوجد بقوة ثقافية غير مسبوقة فى الخارج من خلال هذه المعارض، حيث يفتتح فى ١١ مارس معرض الآثار الإسلامية فى تورنتو، ويوم ٢١ مارس معرض الآثار الغارقة، الذى سبق عرضه فى عدد من عواصم العالم، منها باريس ولندن وزيورخ، فى حين ستكون وجهته المقبلة سانت لويس بأمريكا، ويوم ٢٤ مارس سيفتتح معرضا لمجموعة من آثار الملك توت عنخ آمون وهى الـ١٦٦ قطعة من أصل ٥٣٩٨ قطعة بلوس أنجلوس.


مصر حديث العالم

وأكد «العناني» أن جميع صحف وعواصم العالم ستتحدث بقوة عن مصر خلال شهر مارس المقبل، من خلال قوتها الناعمة بالشكل الإيجابى والمتمثل فى معارض الآثار فى عواصم العالم المختلفة.

وأوضح أن جميع دول العالم تقيم معارض لآثارها وتتبادل قطع الآثار فيما بينها بالمجان، قائلًا: «تطوف المعارض الأثرية مختلف دول العالم بدون مقابل مادى، ولكننا نخاف على آثارنا، لذلك نحصل على خطاب ضمان حكومى من الدولة المضيفة، وهو ما حصلنا عليه من الولايات المتحدة الأمريكية للحفاظ على الآثار وصيانتها وضمان حفظها من أى مصادرة أو نزاع أو تلف، ولدينا خطاب تأمين مع شركة تأمين نحن من اختارها بـ٨٦٢ مليون دولار أى ما يعادل ١٥ مليار جنيه أو يزيد، وهو أعلى مبلغ تأمين، كما سنحصل بخلاف الخمسة ملايين دولار عائد مادى على ١ دولار عن كل تذكرة زيارة للمعرض بعد أول ٤٠٠ ألف زائر، و٢ دولار عن كل تذكرة بعد ٥٠٠ ألف زائر، و٣ دولارات بعد ٦٠٠ ألف زائر، و٤ دولارات بعد ٧٠٠ ألف زائر فما فوق، ونحن نتوقع أن تكون أعداد الزيارات للمعرض كبيرة جدًا، فمعرض توت عنخ آمون عندما زار اليابان وصل عدد زواره إلى ٢ مليون زائر.

وأكد «العنانى» أن أفراد من شرطة السياحة والآثار سيرافقون المعرض وسيكونون متواجدين أثناء عملية الفك والتغليف، كما سيرافق الآثار أيضًا: مرممين مصريين سيقومون بعمليات الفك والتغليف، وأثرى مصرى مقيم مع المعرض طوال الوقت.

وطمأن الجميع أن آثارنا مؤمنة بالكامل، وأننا لسنا الدولة الوحيدة فى العالم التى ترسل معارض آثار، وإنما هو أمر متعارف عليه لدى مختلف دول العالم بالمجان، ولكننا نقدم العديد من الشروط والضمانات وجميعها يتم الموافقة عليها.


ضمانات «أمريكية» للحفاظ على المعرض

الجانب الأمريكى المنظم للمعرض والمتمثل فى جون نورمان، رئيس شركة المعارض الدولية والمجموعة الدولية للإدارة العالمية بالولايات المتحدة الأمريكية، قدم العديد من الضمانات التى تؤمن حفظ وسلامة القطع التى سيتم عرضها بعشر مدن حول العالم تبدأ بمركز كاليفورنيا للعلوم بلوس أنجلوس فى الفترة من ٢٢ مارس المقبل وحتى ٦ يناير ٢٠١٩، كمحطة أولى، على أن تكون المحطة الثانية للمعرض فى قاعة لا فيليت الكبرى بباريس فى الفترة من ١٨ مارس ٢٠١٩ إلى ٣١ سبتمبر ٢٠١٩، ثم ينتقل المعرض إلى قاعة «ساتشى» للفن بلندن فى الفترة من نوفمبر ٢٠١٩ حتى إبريل ٢٠٢٠، ثم ينتقل إلى متحف سمسونيان بمدينة واشنطن من يونيو ٢٠٢٠ حتى أكتوبر ٢٠٢٠، وبعدها إلى المتحف الأسترالى بمدينة سيدنى بأستراليا من ديسمبر ٢٠٢٠ حتى يونيو ٢٠٢١، ثم إلى المتحف الوطنى بكوريا الجنوبية من أغسطس ٢٠٢١ حتى يناير ٢٠٢٢، ومنها لمعهد فرانكلين، فلادلفيا، بالولايات المتحدة الأمريكية مرة أخرى، من إبريل ٢٠٢٢ حتى ديسمبر ٢٠٢٢، ومنها إلى متحف فيلد بشيكاغو من ٢٢ فبراير ٢٠٢٣ حتى أغسطس ٢٠٢٣، ثم إلى مركز موراى للفنون بمدينة طوكيو باليابان من أكتوبر ٢٠٢٣ إلى إبريل ٢٠٢٤، على أن تكون المحطة الأخيرة للمعرض فى متحف أوساكا للفن بمدينة أوساكا باليابان فى الفترة من مايو ٢٠٢٤ حتى نوفمبر ٢٠٢٤.


وقالت إلهام صلاح، رئيس قطاع المتاحف والمشرف على لجنة المعارض بوزارة الآثار، إن الحكومة الأمريكية، تعهدت بضمان سلامة وحماية القطع الأثرية ضد الحجز أو الاستيلاء أو المصادرة، وأن الجانب المنظم قدم خطاب ضمان حكوميًا من سفير الولايات المتحدة الأمريكية بجمهورية مصر العربية، لوزير الآثار عن مدينة لوس أنجلوس فقط، وأنه سيتم توقيع اتفاق منفصل لكل مدينة على حدة لحين تقديم الجانب المنظم باقى خطابات الضمان الحكومية الخاصة بمدن المعرض.

وأضافت أن الجانب المنظم للمعرض أفاد بأنه سيتم تقديم خطاب الضمان الحكومى الخاص بكل مدينة على حدة قبل نقل المعرض لمدينة العرض بثلاثة أشهر، وفى حالة عدم تقديم الخطاب تتم إعادة الآثار لمصر، على أن يتحمل الجانب المنظم للمعرض جميع التكاليف الخاصة بإقامة المعرض.

وأوضحت «صلاح» لـ«البوابة» أن الجانب المنظم قدم وثائق التأمين اللازمة لتغطية القيمة التأمينية لـ١٦٦ قطعة ضد أى نوع من أنواع الفقد أو التلف أو السرقة أو المصادرة أو الاستيلاء لكل أو جزء من القطع الأثرية، بما فى ذلك الحالات القاهرة من كوارث طبيعية والحروب والإرهاب أو الأسباب الطارئة أو الاضطرابات العامة.


استغاثة للرئيس

الضمانات المقدمة من المنظمين لم تشفع لبعض العاملين فى الآثار الغيورين على حضارة مصر، ما دفعهم لتقديم استغاثة لرئيس الجمهورية يُطالبونه بالتحقيق والنظر فى أمر المعرض.

ونشرت الحملة المجتمعية للرقابة على التراث والآثار على صفحتها على موقع التواصل الاجتماعى «فيسبوك» نص الرسالة التى جاء فيها «السيد الرئيس عبدالفتاح السيسي، نهيب بسيادتكم النظر والتحقيق فى أمر معرض الآثار المزمع عرضه بالخارج تحت مسمى (كنوز الفرعون الصغير) والذى بمقتضاه سوف يتم سفر ١٦٦ قطعة أثرية فريدة ترجع للحقبة التاريخية للملك توت عنخ آمون، وأن مدة العرض بالخارج حسب بيان وزارة الآثار يمتد قرابة خمس سنوات قابلة للزيادة تنتهى فى عام ٢٠٢٤ وأن حصيلة الدخل لهذا المعرض تقترب من الخمسين مليون دولار إضافة إلى أن القيمة التأمينة لهذه المعروضات تقترب من الـ٦٠٠ مليون دولار، وقد جاءت بنود هذا المعرض مجحفة للطرف المصرى تمامًا ولا ترتقى لقيمة هذه الآثار مقارنة بآثار البلدان الأخرى».

وبحسب الرسالة «جاءت بنود العقد متضمنة العديد من المخالفات القانونية لكل ما جاء من تنظيم المعارض الخارجية لقانون حماية الآثار رقم ١١٧ لسنة ١٩٨٣ المعدل بقانون رقم ٣ لسنة ٢٠١٠ وقانون رقم ٦١ لسنة ٢٠١٠ الأمر الذى يترتب عليه وجود مخاطر جسيمة على تلك الآثار المتفردة، ولا توجد مقارنة بين تلك المخاطر والفوائد والميزات التى ستحصل عليها مصر جراء ذلك المعرض سواء من الناحية المادية».


خبراء آثار: المخاطر كبيرة

أكدت الأثرية الدكتورة مونيكا حنا، أنها ليست ضد فكرة المعارض الخارجية، ولكنها تتمنى أن يخرج المعرض سالمًا وأن تعود الآثار مرة أخرى لمصر بدون أى تلفيات، مشيرة إلى أن منع المعارض الخارجية يحرم الكثير من الأشخاص حول العالم من رؤية عظمة الحضارة المصرية من كبار السن وذوى الظروف القهرية التى لا تمكنهم من السفر.

وأوضحت «مونيكا» لـ«البوابة» أنها ضد استمرار المعرض لمدة سبع سنوات، وهو الأمر الذى يحرم المصريين من مشاهدة آثار توت عنخ آمون كاملة فى مصر وكذا السُياح الذى سيأتون لمشاهدة هذه الكنوز، كما أنها اعترضت على العائد المادى للمعرض والذى وصفته بالزهيد جدًا، مشددة على أن العقد «مجحف جدًا».

وأشارت إلى أن القطعة الأثرية الواحدة من الـ١٦٦ قطعة تبلغ قيمة إيجارها اليومى ١١٦ دولارا فقط، وهذا ما لا يليق بآثار مصر، مشيرة إلى أن إيجار السيارة بنيويورك أعلى من هذا المبلع.

وتساءلت «مونيكا» لماذا نهين آثارنا بهذا الشكل؟، ولمصلحة من؟، ومن المستفيد؟، وقالت: أنا لست ضد المعارض الخارجية بالعكس، فأنا أؤيد كل ما يؤدى للرواج السياحى والثقافى، ولكن دون أن يكون بثمن مجحف يهين آثارنا وحضارتنا، وبدون مخالفة للقانون، فكيف يتم إخراج ٣٠٪ من ذهب الملك توت عنخ آمون وأقول إنها قطع آثرية غير فريدة، وغير نادرة، فالحضارة المصرية أكثر حضارة اهتم بها الناس حول العالم وقيمتها لا تُقدر بمال، وإذا حدث لا قدر الله وتعرضت هذه الآثار لمخاطر والخطر وارد فى أى مكان فمن يعوضها ومن يردها لنا مرة أخرى؟.


عبدالفتاح البنا: «٧ سنوات بـ٥٠ مليون دولار يا بلاش»

ومن جانبه علق الدكتور عبدالفتاح البنا، خبير ترميم المواقع الأثرية على العائد المادى للمعرض قائلًا: «٧ سنوات بـ٥٠ مليون دولار يا بلاش»، ١٦٦ قطعة من أندر قطع الملك توت عنخ آمون لماذا يتم سفرها خارج مصر؟ ولماذا هذه الفترة الزمنية الكبيرة؟، فالعالم استنسخ جميع القطع الأثرية للملك توت عنخ آمون وحقق منها مكاسب مالية ضخمة ولا يحتاج لأن يشاهد القطع الأصلية النادرة التى قد يواجهها العديد من المخاطر فى عمليات الفك والتغليف والنقل.


«حواس»: التهديدات فى كل مكان

ووصف الدكتور زاهى حواس وزير الآثار الأسبق، معارضى فكرة المعرض بأنهم «فاقدى الوطنية وأنهم لم يفهموا الفكرة».

وأضاف «حواس» لـ«البوابة»: القطع التى ستسافر للعرض عبارة عن ١٣٥ قطعة أساسية و٢٥ قطعة غير أساسية وصغيرة جدًا، وهذه الآثار غير فريدة إطلاقا، والفوائد التى تعود من هذا المعرض دعاية سياحية على أعلى مستوى ودعاية إعلامية وسياسية، وسيأتى لنا من كل مدينة من ١٠ إلى ١٢ مليون دولار، ومصر بحاجة لأن يكون لها قوة ثقافية، وهذا المعرض من أهم الأحداث فى الفترة الأخيرة، فالآثار المصرية فى المتحف المصرى مدمرة، ولكننا عندما نقوم بإرسالها للخارج ضمن معارض تتم عملية ترميمها وتقدم على أعلى مستوى، ومن يُعارض فكرة المعرض لا خبرة أثرية لديه، ولا تاريخ، وأغلبهم أبطال من ورق وغير وطنيين، ويريدون أن يظهروا أمام الأجانب أنهم يقومون بحماية آثار مصر، ومن يتحدث عن تعرض المعرض للمخاطر أقول له، إن الآثار معرضة للخطر فى أى مكان، ولو أن هناك خطر حقيقى يهدد الآثار لكنت أول الرافضين للمعرض والجميع يعلم ذلك.