السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

دعوة لليأس

تامر أفندي
تامر أفندي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يا رفاق لا تأخذوا مقالى على محمل الجد لأن لليأس جهات وتوكيلات وقنوات ودعايات وإعلانات ومناديب.. هى تجارة، كما للأمل جهات وتوكيلات وقنوات ودعايات.. هى تجارة.. لكن إن كان هذا أو ذاك فهو من إنتاج «الصوب».. أمل مُهرمن أو يأس نما بمبيدات، وأنا مستهلك أرفض مضغها.. أريده من أرضى وبساعدى وإن كان مرا.. لكن كيف والأرض لا يأتيها الماء ويملكها الخبثاء.
لطيلة الليالى الأربع السابقة وأنا أتجادل مع نفسى أقلب فى كتبى وأوراقى، لأجد ما يدعونى للبقاء.. ما يدفعنى على التمسك بالأمل.. فى كشف حساب اكتشفت أننى لربما كنت المغفل الوحيد فى هذا العالم.. لأننى نشأت فى بيئة تعرف الحلال والحرام.. لأننى يؤرقنى حزن ارتسم على وجه شخص لا أعرفه.. لأننى أتعايش مع الآخر لدرجة أننى أبكى لبكائه.. لأننى لا أومن بقيراط الحظ ولكننى أؤمن بفدان الشاطرة.. أشعر أن «جرايتى نبضت» و«معينى» نفد، وحولى من يسألنى العطاء.. ولا أدرى كيف يمنح محتاج محتاجا! هم يأخذون كل شىء.. أولئك الذين لا يفقهون شيئا.. ليتنا كنا أغبياء إلى هذا الحد الذى وصلوا إليه.. كانت الحياة حينها ستكون أفضل بكثير.. لذا أدعو من على شاكلتى أن يكتفوا إلى هذا القدر بالتفاؤل فهو محض زيف صنعه خيالنا.
دعونا نتكلم عن شىء آخر غير الأمل والحلم.. دعونا نرتب حياتنا التى نتمنى أن تكون قليلة فى هذه الدنى على قدر المتاح من واقع مذل.. دعونا نعرى كل شىء ونعترف بيقين وبثبات أننا منهزمون طوعا أو كراهية، وأن الحديث عن نجاحات محض زيف نصنعه لأنفسنا مسكنات لتخفيف الألم.. دعونا نعترف أننا إماء وسبايا وإن تظاهروا بإلغاء العبودية والرق.
دعونا نقولها بصراحة لـ«ويليام كوبر، جوان بايز، إيلى فيسيل، ماثيو آرنورد، روبيرت فرانك، بيرنارد بيرينسون، ثيودور أدورنو، جورج إليوت، كريستوفر فرى وكل الحكماء والفلاسفة» أنتم كاذبون.. ولمن سبقوهم عرب وعجم كل أقوالكم كلافتات الطرق لدينا ليس لها معنى ولا يلتفت إليها أحد من الذين يقودون لذا يدهسونها ويدهسوننا.. خدعتنا أقوالكم ولافتاتهم فوقفنا أمام المنون.
هذه ليس كلمات أقذفها فى الهواء ليتلقفها المتشائمون فينتحروا ويمتعض منها المتفائلون، لكن أنا أكتب لكم لنبحث عن حل وسط بين الانتحار والأمل.. بين الليل والنهار.. نحن أجبن من أن نتخذ قرارا جماعيا بالموت.. وأقل بكثير من أن نكسر حاجز الخوف واليأس.. وميولنا ورغباتنا أقرب إلى الانزواء والخنوع، فكيف لى أن أتفاءل ومن يصعد أمامى على السلم يهدم الدرج ورائه! كيف لى أن أتفاءل ووطنى كأنبول ارتشف منه الهواء كمنحة قبل قبض رئتي! كيف لى أن أتفاءل وهم يستولون على كل شيء بالقوة والجبر ويضحكون ويتشدقون عن العدل والتنمية والحرية! كيف بل ألف كيف وأنا أضيع اليوم فى التفكير فى احتياجات الغد! كيف لى أن أحكى لأولادى عن حلاوة الإيمان وجمال رسالته ومساواته بين الناس وعدله وهم يشاهدون تشرذمنا وتفاوتنا وتقاتلنا! كيف أعلمهم الحب.. وكل المعروض فى دكاكينكم كراهية!. وكيف لى أن أنتحر وأنا أجبن من القدوم على ذلك.