السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

باحثة البادية.. وتحرير المرأة «14»

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
الشيخ حسين والى الأستاذ فى الأزهر ومدرسة القضاء الشرعى، يبدأ متسرعًا بالمديح فيقول: «أباحثة البادية شكرانك فى البدو وفى الحضر؛ فقد أرانى كتابك علم عائشة بنت الصديق وأدب سكينة بنت الحسين، وذكرنى عهد الحضارة الإسلامية وقد بدأ كوكبها فى أفق المشرق. وبعدها يسرد صاحب التقاريظ عديدًا من الأحاديث النبوية يمتدح فيها نساء قريش ثم يعلق قائلًا: «وعلى ذلك درج الناس فى القرون الأولى من الإسلام ثم أتى من بعدهم خلف أنزلوا المرأة من مكانتها ونجسوها حقًا» [صـ١٥٨]. ثم «رويدكم أيها الناس فهذا كتاب النسائيات يبين لكم الجادة من مكان قريب، ويقول إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها، وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل. أباحثة البادية قرأت كتابك فأنشدت قول ابن هانئ: 
ولو جاز حكمى فى الغابرين / وعدلت أقسام هذا الورى 
لسميت بعض النساء الرجال / وسميت بعض الرجال النساء 
أباحثة البادية قرأت كتابك فألقى فى روعى أن أكون مستقل الرأى كما أعرف من نفسي، وأذن لى أن أدخل باب الكلام متأدبًا كما تعودت.. [صـ١٥٩]. ويأتى الشيخ حسين والى ليقدم انتقادات متتالية لمقالات الكتاب مقالًا مقالًا؛ فيقول: «رأيت فى المقالة الأولى أن المرأة الحاضرة تفهم معنى الحياة أكثر من الماضية؛ لأن ذلك مقتضى سنة الله فى رقى الزمان، ولكن للمرء إذا زاد علمه عرف وجوهًا للنفع، ووجوهًا كثيرة من الضرر؛ فإذا كان العلم فيه صحيحًا ولم تتهذب به النفوس، فلا تكون المعاملة بالحسنى وقد يكون الضرر أكثر من النفع. ورأيت فى المقالة الثانية أنه لا يجوز أن تلبس نساؤنا كلباس الراهبات المسيحيات؛ لأنه وإن أباحه الدين بنوع من التأويل يضيع تاريخ نسائنا؛ فينبغى أن تبقى النساء على لباسنا لباس الجو والعشيرة، ويقتصدن فيه اقتصادًا لائقًا. ورأيت أن خروج نسائنا سافرات مضر عند عدم التهذيب، ومبدأ للضرر عند كمال التهذيب، ورأيت أن خلاف أئمة الدين فى مسألة السفور لا يكون إلا عند اكتمال الأمن من الفتنة حالا ومالا، فإذا خيفت الفتنة فلا خلاف من أن الواجب عدم السفور». [إنه حوار بين كاتبة وشيخ يتنافسان فى الرؤية المتخلفة للسفور]. ويمضى الشيخ قائلًا: «ورأيت فى المقالة الثالثة أن اقتباس الأدب من تركيا الخلافة ضروري، وإذا أمكن أن يرسل الفتيات إلى تركيا فلا بأس على شريطة أن يكون معها من يقوم بأمرها ويراقب أخلاقها، وعلى ألا يذهب الأمر إلى التزاوج فأنا لا أجيز النسب من عنصرين مختلفين إلا عند الحاجة الشديدة فإن العرق دساس»، ونمضى إلى رأيه فى المقالة السادسة فهو يعتقد أن يرى الرجل والمرأة بعضهما البعض فى حضرة المحارم؛ فترى المرأة من الرجل هيكله العادى ويرى الرجل منها مثل ذلك ووجهها وكفيها ويحادثها وتحادثه. وهناك صنف من الرجال يعصفون بيمين الطلاق سريعًا فيحلفون بالطلاق كثيرًا، ومعلقون الطلاق على أمور منها اليسير والخطير.. وذلك الطلاق ضلالة يتبرأ منها الدين، ولم يحصل نظيره فى عهد النبوة والخلافة فهو طريقة باطلة وشريعة عاطلة؛ فيجب على المسلمين ألا يأخذوا به ويجب على ولى الأمر أن يضع للناس حدًا فى الطلاق كما وضع حدًا فى بيع السلعة الحقيرة» [إنه رأى أفضل ألف ألف مرة من رأى هيئة كبار العلماء الذى أعلنته فى أيامنا الحاضرة وحبذا لو استمعنا إليه والتزمنا به فى مواجهة أخطاء هيئة كبار العلماء]. 
ورأيت فى المقالة السابعة أنه يجوز أن يجمع الرجل بين زوجتين وأكثر عند الحاجة الشديدة وظهور المصلحة والقدرة على إرضائهما أو إرضائهن على شرط أن يكون فى الجمع مفسدة أخف من تركه، والواقع أن الله قد أباح للرجل زوجة ثانية فأكثر لكنه حظر الظلم فقال: «فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة». أما فى أيامنا الحاضرة؛ فإننا نرى الرجل يتزوج المرأة الثانية أو الثالثة قادرًا على حاجتهن أو غير قادر، وقادر على العدل بينهن أو غير قادر، فوقع فى الأمة بلاء وعذاب.. ثم يصرخ الشيخ قائلًا: «فيا قضاة الإسلام.. أعملوا بتلك الوصية واضربوا على أيدى الرجال حتى لا يتزوج الرجل بواحدة ثانية إلا بإذن القاضى بعد علمه بالقدرة والمصلحة». ونرى نحن أنها صرخة فى وجه عمائم عصرنا غير السعيد أتمنى أن يتدارسها فضيلة الإمام الأكبر من وجهة نظره، وأن يسعى بها ليعمل بها فى مواجهة تعددية الزوجات بلا مبرر صحيح. 
وفى المقال العشرين يدلى الشيخ برأى غير صحيح فى اعتقادى، فيقول: «ورأيت أن يتزوج الرجل على زوجته لأجل إنجاب الذكور؛ فإنهم أقوى عملًا وأكثر نفعًا من الإناث». ويقول: «هنا أود أن ألاحظ أن الإسلام فتح أبواب رحمة كثيرة لكن كثيرًا من أصحاب العمائم يختلفون فى التعامل معها، أحيانًا يختار بعضهم التيسير والبعض الآخر التشدد، فلم لا نتفق على مبدأ واحد ودائم وهو التيسير؟ وبعد أن يقدم تصويبات بلاغية ولغوية عددها عشرون يقول: «أباحثة البادية أحسنت فكرًا وكتابة، كما يحسن الأكثرون، بيد أنك سابقة السيدات فى ميدان الإصلاح وهذه ميزة لم ينلها رجل كان له شأن فى هذا الزمان، فليكن شأنك أعظم ونداؤك ألزم، ولا يصرفنك بعض ما جرى به قلمى فأنا ولا انتظر منك إلا الكمال.. وإذا رأيت فى الهلال نموه- أيقنت أن سيصير بدرًا كاملًا».