السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

رداء الكاهن فى الأعياد يتجاوز ٢٠٠٠ جنيه.. وعصا الأسقف بـ٧ آلاف

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ملابس الكهنوت
«فريضة» باهظة الثمن

رداء الكاهن فى الأعياد يتجاوز ٢٠٠٠ جنيه.. وعصا الأسقف بـ٧ آلاف

تطورت من لوف النخيل إلى القماش .. الفراجية السوداء تقترب من ألف جنيه والبسطاء يقتصرون على واحدة

فى موكب ملائكى يرتدى الشمامسة ثوبًا أبيض، ويرتلون ألحانًا قبطية ممزوجة أحيانًا بالعربية، وبطريرك أو أساقفة وكهنة بثوب مذهب فضفاض يقود الأقباط للصلاة داخل الكنائس فى القداسات الإلهية، ذاك المشهد المتكرر داخل الكنيسة، لم يهتم أحد بالسؤال عن تلك الملابس واختلافها، منظومة بيعها وشرائها، تصنيعها ومنافذها وأسعارها، والتى يبدو أنها جعلت من الصلاة مكلفة أموالًا، بدءًا من الأطفال مرورًا بالشماس، وصولًا للبابا البطريرك. «البوابة» تجولت بين المحال والمشاغل المخصصة لإعداد الزى الكنسي، والمكتبات التى ترفع شعار ملابس الكهنوت بأشكالها، لتكشف حالة الغلاء التى شهدتها تلك الملابس فى الآونة الأخيرة، مما يجعل رداء الصلاة يكلف مبالغ عالية، وحتى الزى المعتاد للكهنة والقسوس «الرداء الأسود» واكب زيادة الأسعار. داخل الكنيسة القبطية خاصة، وأيضًا الكاثوليكية والروم الأرثوذكس يوجد ترتيب للدرجات الكنسية، وأيضًا منظومة للملابس المستخدمة خلال الصلوات، وتختلف ما بين الشمّاس والقسوس والأساقفة والبطريرك، ولكل منها سعر فى سوق الملابس الكنسية، ما بين المشاغل والمحال التجارية، وعلى سبيل المثال لا الحصر تجد عصا الأسقف التى يمسكها بيده تتجاوز أحيانا ٧ آلاف جنيه، والعمامة أحيانا تتجاوز ٣ آلاف، بحسب الخامة والمشغولات، والفراجيه «الرداء الأسود، المعتاد» يصل قرابة ألف جنيه والخامة تحكم السعر واللون واحد.

منظومة الملابس
فى إطار منظومة الملابس وأوقاتها، فإن للمعمودية التى ينالها الأطفال، وهم صغار مخصص لها رداء بعينه يصنع فى مشاغل تابعة للكنيسة، وأخرى خاصة، وتباع داخل المحال التجارية المختصة بالأمر، وتبدأ من ١٧٥ جنيهًا وصولًا إلى الآلاف من الجنيهات، وفق إمكانات المشتري، ويخصص رداء أقرب إلى زى الكاهن فى القداس للفتيان المعمدين وللفتيات فستان أبيض اللون يشبه ما ترتديه العروس يوم الزفاف.
واقع وجود الزى بالكنيسة يأتى استنادًا إلى عدد من آيات الكتاب المقدس، ومنها سفر الخروج فى العهد القديم، أمر الله موسى أن يصنع ملابس خاصة لهارون أخيه واللاويين والكهنة ليستعملوها وقت الخدمة فقط، «أَنْ يَصْنَعُوا ثِيَابَ هَارُونَ لِتَقْدِيسِهِ لِيَكْهَنَ لِي. ٤ وَهذِهِ هِيَ الثِّيَابُ الَّتِى يَصْنَعُونَهَا: صُدْرَةٌ وَرِدَاءٌ وَجُبَّةٌ وَقَمِيصٌ مُخَرَّمٌ وَعِمَامَةٌ وَمِنْطَقَةٌ. فَيَصْنَعُونَ ثِيَابًا مُقَدَّسَةً لِهَارُونَ أَخِيكَ وَلِبَنِيهِ لِيَكْهَنَ لِي. ٥ وَهُمْ يَأْخُذُونَ الذَّهَبَ وَالأَسْمَانْجُونِيَّ وَالأُرْجُوَانَ وَالْقِرْمِزَ وَالْبُوصَ.
كما تستند الكنيسة أيضًا إلى أمر الرب بتخصيص ملابس للخدمة يلبسها الكاهن أثناء الخدمة، وفق ما جاء بسفر زكريا قائلا: «وَكَانَ يَهُوشَعُ لاَبِسًا ثِيَابًا قَذِرَةً وَوَاقِفًا قُدَّامَ الْمَلاَكِ أَجَابَ وَكَلَّمَ الْوَاقِفِينَ قُدَّامَهُ قَائِلًا: «انْزِعُوا عَنْهُ الثِّيَابَ الْقَذِرَةَ». وَقَالَ لَهُ: «انْظُر قَدْ أَذْهَبْتُ عَنْكَ إِثْمَكَ، وَأُلْبِسُكَ ثِيَابًا مُزَخْرَفَةً». فَقُلْتُ: «لِيَضَعُوا عَلَى رَأْسِهِ عِمَامَةً طَاهِرَةً». «فَوَضَعُوا عَلَى رَأْسِهِ الْعِمَامَةَ الطَّاهِرَةَ، وَأَلْبَسُوهُ ثِيَابًا وَمَلاَكُ الرَّبِّ وَاقِفٌ» زكريا( ٣:٣-٥)

الزى الأبيض
من المعروف أن الكاهن يرتدى زيًا أبيض اللون، لعدة أسباب وضعتها الكنيسة، حيث يشير إلى قداسته وطهارة شعبه بعد تطهيره إياه من خطاياهم، كما أنه رمز القداسة والطهارة، قال الحكيم «لتكن ثيابك بيضاء ولا يعوز رأسك دهن»، وهى تشير إلى نقاوة القلب.
رغم أن بدايات الرهبانيات فى عهد القديسين الأنبا بولا أو السواح والأنبا أنطونيوس مؤسس الرهبنة المصرية، رداء بسيط ولجأ البعض للوف النخيل ليكون مغزولًا ليستر أجسادهم مثل الأنبا بولا والأنبا برسوم العريان، ولكن مع تغير الأزمنة، أصبحت ملابس البطريرك تتكون من ١٢ قطعة بعدد تلاميذ المسيح، وهى: الاستخارة والبطرشيل والزنار والكمام والصاكوس والحجِر والأموفوريون والصليب والأنكلوبيون والمانتيه والتاج وعصا الرعاية.
وبحسب توزيع الملابس ومسميات القطع، فإن التونية أو الاستخارة «الثوب الأبيض» عبارة عن جلباب من القماش مطرز بالصلبان على الأكمام والصدر والظهر، و«البطرشيل» يعلق فى الرقبة عبارة عن شريط طويل من القماش الملون والمطرز، وكانت تعلق فيه جلاجل وهو عادة من الحرير الأحمر ذلك للشماس.. وأما بطرشيل الأسقف والقس فيكون بهيئة صدرة، كالتى كان يلبسها هارون قديمًا، له فتحة يلبس فى العنق ويتدلى للقدمين من الأمام فقط، وللأساقفة تنقش عليه صور الرسل الإثنى عشر وهذه الصدرة تلبس أثناء القداس فوق التونية.
أما القطعة المسماة بـ«المنطقة» وتسمى أيضًا الحياصة، وهى حزام عريض من الكتان أو الحرير (يتضمنها) يتمنطق بها رئيس الكهنة فوق صدره ويُضم طرفاها بواسطة قفل من الأمام، وهى إشارة إلى ضرورة تيقظ الرعاة ونشاطهم فى الخدمة.
وعن الأكمام تلبس فوق أكمام التونية لكى لا تعطل أكمام التونية المتسعة الكاهن أثناء خدمته، بل تكون محبوكة على يديه فتسهل حركتها، وكان الأقباط يكتبون على الكم الأيمن «يمين الرب رفعتنى يمين الرب صنعت قوة» (مز ١١٨) وعلى الكم الأيسر «يداك صنعتانى وجبلتانى أفهمنى فأتعلم وصاياك» (مز ١١٩).
وعن «البلين» وهى قطعة من ملابس الكهنوت خاصة برئيس الكهنة يغطى بها رأسه، ويأخذ كل طرف ويلفه تحت الإبط ثم يوضع على الكتف المخالف ثم ينزل الطرفان ويوضعان تحت المنطقة، وبذلك يكون البلين بهيئة صليب على الصدر وعلى الظهر. و«الشملة» هى قطعة قماشية مطرزة تقابل البلين عند الأسقف، ولكن الشملة يلبسها القسيس فوق رأسه لا تختلف عن البلين فى شيء، سوى أنها تلف حول الرأس ثم تتدلى من طرف على الظهر والطرف الآخر يتلفح بها من أمام، ولكن تطورت إلى قطعة من القماش توضع على الرأس وتتدلى على الكتفين أو بديل لها «الطيلسانة» شبيهة بالتاج على الرأس وتتدلى من على الظهر ومطرزة بالصلبان.
وعن «البرنس» وهو عبارة عن رداء طويل متسع بلا أكمام مفتوح من فوق إلى أسفل محلى بخيوط الذهب والفضة والبرودريه، ذى ألوان زاهية وفى الجزء العلوى من البرنس يكون بهيئة قصلة مزينة بخيوط الذهب والبرودريه، وهذه ملابس الأسقف، أما القس فلا يكون البرنس الذى يرتديه قصلة وذكر فى العهد القديم باسم الرداء أو الجبة.
وعن «التاج» يلبسه الأساقفة والبطريرك غالبًا فى الأعياد والحفلات الرسمية، والعكاز أو عصا الرعاية، ويعلوها شكل حيتين معدنيتين للإشارة إلى الحية النحاسية التى رفعها موسى فى البرية، والتليج يلبس داخل الهيكل بدل الحذاء. أما الكهنة فيرتدون حال القداسات التونية والشملة أو الطيلسانة والأكمام والبطرشيل (الصدرة) والبرنس كبرنس الأسقف ولكن دون قصلة.

مشاغل الأديرة
يبدو أن ربح أعمال الملابس الكهنوتية أو حفاظًا على معايير الجودة فى انتقاء الأقمشة وأعمال النقش أو الرسومات عليها، بدأ عدد من أديرة الراهبات العمل فى مشاغل خاصة لعمل تلك الملابس، وأبرزها دير القديسة دميانة بالبرارى فى دمياط، ودير الأنبا برسوم العريان، ومكرسات (غير المتزوجين او المتبتلين) فى أسقفية الشباب، ومشغل آخر بحارة زويلة، ومنافذ بيعها فى الأديرة ذاتها أو بالمشاغل الملحقة بها. فيما تخصص عدد من التجار وأصحاب المشاغل الخاصة فى تصنيع الملابس الكهنوتية أو الكنسية، وأبرزها أحد المحال التجارية الموجود أمام البطريركية القديمة بشارع كلوت بك، وأيضًا عدد من المحال بشبرا مصر.
يقول ماجد سامي، أحد الشمامسة، إن أسعار الملابس الكنسية خاصة باتت باهظة الثمن، ويلجأ التجار لرفع أسعارها لإدراكهم أهميتها وضرورة اقتنائها للشمامسة أو الآباء الكهنة والأساقفة. وأضاف أن تونية طفل لم يتجاوز أربع سنوات قمنا بشرائها بـ١٠٠ جنيه، فى حين تكليفها لا يتجاوز نصف قيمة الشراء، مشيرًا إلى أن بعض الأقباط يجلبون ملابس للأساقفة أو الكهنة على سبيل الإهداء، ويصل سعر الملابس التى يرتديها الكاهن خلال صلاة العيد ٢٥٠٠ جنيه، وذلك يعد أقل الأسعار. وألمح إلى أن خدمته مع أحد أساقفة المجمع المقدس تجعله يعرف الأسعار المبالغ فيها من جانب التجار أو أصحاب المكتبات، فإن عصا الرعاية للأسقف تبدأ من ألف جنيه وقد تصل إلى ١٠ آلاف جنيه، حسب خامتها من الخشب الأبانوس أو العاج. واستطرد: «أن التونية فقط التى يرتديها الأسقف أثناء صلوات القداس تصل إلى ٦٠٠ جنيه فيما فوق، وحسب تسعيرة المحل أو منفذ البيع، وتعُد أقل الأسعار منتجات الأديرة ومشغولات الراهبات، ولكن فارق السعر ليس كبيرًا، مشيرًا إلى أن الفراجية السوداء التى عادة ما يرتديها الأسقف أو الكاهن قد يتجاوز تفصيلها ألف جنيه قماشًا وقيمة التفصيل ما بين ٢٠٠: ٤٠٠ جنيه».

معرض ملابس
ومن جانبه أكد جون صبري، أحد الشمامسة حديثى الرسامة، أن المحال التجارية المخصصة لبيع الملابس الكنسية تبالغ فى الأسعار، حينما سألت على سعر «تونية» الشماس وجدتها بـ ٦٠٠ جنيه، وبالبحث قمت بشرائها من مكان آخر بـ١٥٠ جنيهًا فقط.
وقال إن المبالغة فى أسعار الملابس الكنسية أو رتب الشمامسة يدفع البعض للاقتصار على قطعة واحدة فقط من الرداء المستخدم أثناء الصلوات، واقترح أن تقوم الكنيسة بإعداد معرض للملابس الكنسية والكهنوتية من مشغولات الأديرة بأسعار رمزية للبسطاء، والذين ليس بقدرتهم شراء تونية بهذه المبالغ.

أسعار خيالية
وفى ذات السياق، قال أحد الكهنة، الذى طالب بعدم ذكر اسمه، إن أسعار الملابس الكنسية يتجاوز الحد ويواكب الزيادة الموجودة بالأسواق ويفوقها، ولاسيما أن ملابس صلاة قداس العيد من طيلسانة وتونية وتليج وصدرة يصل سعرها ٥ آلاف جنيه، وهو مضلع للبعض وبخاصة الكهنة الخدام لقرى بسيطة.
وأضاف أن كثيرًا من الكهنة الخدام بقرى ونجوع يقتصر على طقم واحد ويحافظ عليه للاستخدام فى كل الأعياد والمناسبات، وأيضا غلاء أسعار الفراجية الرداء الأسود المعتاد للكهنة يجعل الكثيرين محتفظين بقطعة واحدة لا بديل عنها. مشيرًا إلى أن أديرة الراهبات وجدت ربحًا إلى جانب الخدمة ولذا تتنافس فى إنتاج الملابس الكنسية إلى جانب منافسة القطاع الخاص من أصحاب المشاغل والتجار وأصحاب المحال.

السعر حسب الخامة
وفى سياق آخر يقول يونان حلمي، أحد أصحاب محال بيع الملابس الكنسية، أن غالبية الوافدين للشراء من العلمانيين وليس رجال الدين والذى يقومون بإهدائها لمحبيهم من الكهنة والأساقفة. وأضاف أننا لدينا ورشة لتصنيع وتفصيل الملابس الكنسية، وبحسب الطلب ونوعية المشغولات الموجودة بالملابس من تطريز وخامات ولا مقارنة بين نوعية الأقمشة لكل منها عمله ودروه من الصوف والحرير والكتان وغيرها.
وأشار إلى أن أسعار «تونية» الشماس بحسب الخامة والمقاسات تحدد الأسعار، تبدأ أسعارها من ١٢٠ جنيها وحتى آلاف الجنيهات، وأيضا القلنسوة الخاصة بالرهبان تبدأ من ٥٠ جنيهًا، مختتمًا الخامة تحكم السعر.