السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

التلويح بإغلاق مكتب "منظمة التحرير" بواشنطن.. أول اختبار عملي لتوجهات إدارة ترامب تجاه القضية الفلسطينية

منظمة التحرير الفلسطينية-
منظمة التحرير الفلسطينية- أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يشكل تلويح الإدارة الأمريكية باغلاق مكتب بعثة منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، أول اختبارعملي لتوجهات ومواقف إدارة الرئيس دونالد ترامب منذ مجئيه إلى البيت الأبيض، من ملف الصراع الفلسطيني الاسرائيلي عموما ومسألة الاستيطان الاسرائيلي بشكل خاص.
ورغم أن مسئولا في الخارجية الأمريكية حرص على تأكيد أن اغلاق مكتب البعثة الفلسطينية لا يعني قطع العلاقات مع الفلسطينيين،وأن واشنطن ستواصل جهودها للتوصل لاتفاق سلام شامل بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي،إلا أن المحللين والمتابعين لهذا الملف، يرون أن هذه الخطوة غير المسبوقة من قبل الإدارة الامريكية منذ افتتاح المكتب منتصف التسعينيات من القرن الماضي، تظهر الالتزام الصارم لهذه الإدارة تجاه حماية مصالح إسرائيل ومواطنيها،ومنع أي إجراء يمس هذه المصالح.



وكانت صحيفة " هآرتس " الاسرائيلية قد ذكرت أن الإدارة الامريكية حذرت القيادة الفلسطينية من مغبة التوجه إلى المحكمة الجنائية الدولية لمقاضاة اسرائيل على نشاطها الاستيطاني في الضفة الغربية والقدس المحتلة. وقالت الصحيفة إن القنصل الأمريكي في القدس نقل رسالة خلال الأيام الأخيرة إلى القيادة الفلسطينية حذرت فيها الإدارة الامريكية من أنها ستتخذ إجراءات عقابية شديدة ضد السلطة الفلسطينية ومن بينها اغلاق مكتب المنظمة في واشنطن ووقف كافة المساعدات المالية التي تقدمها للجانب الفلسطيني.
ويعود تاريخ افتتاح مكتب منظمة التحرير في واشنطن إلى عام 1994 حين الغي الرئيس الامريكي الاسبق بيل كلينتون قانونا كان يمنع ذلك، وفي عام 2010 قررت إدارة الرئيس السابق باراك اوباما رفع مستوى بعثة منظمة التحرير الفلسطينية في الولايات المتحدة إلى " الوفد العام لمنظمة التحرير الفلسطينية، وسمح للفلسطينيين برفع علم بلادهم على المكتب،الذي يعمل بشكل منتظم منذ ذلك التاريخ لتسهيل التواصل بين الولايات المتحدة والسلطة الفلسطينية،ويتم تجديد ترخيص المكتب بصفة دورية من خلال مذكرة يوقعها وزير الخارجية الامريكي كل ستة أشهر، وتسمح ببقاء المكتب مفتوحا.
وبينما رحبت إسرائيل بامكانية اغلاق مكتب منظمة التحرير في واشنطن، حذرت السلطة الفلسطينية من العواقب الخطيرة لهذه الخطوة على عملية اسلام وعلى العلاقات العربية الأمريكية، واعتبر نبيل أبو ردينة المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية أن هذا الإجراء " يمثل مكافأة لاسرائيل على إمعانها في سياسة الاستيطان ورفضها لمبدأ حل الدولتين، فيما حذر الدكتور صائب عريقات أمين سر منظمة التحرير الفلسطينية من أن الجانب الفلسطيني سيجمد كل اتصالاته مع الإدارة الأمريكية في حال تم اغلاق المكتب. 



لكن وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي أوضح أن واشنطن أبلغت الفلسطينيين أن اجتماعا على مستوى الخبراء القانونيين بالإدارة الامريكية سيعقد غدا/ الاثنين / لبحث الامر والرد على السلطة الفلسطينية، التي ستعقد اجتماعا خاصا بعد ذلك لاتخاذ الموقف المناسب في ضوء هذا الرد.
وكان وزير الخارجية الفلسطينيي قد أعلن أمس السبت أن السلطة الفلسطينية تلقت رسالة من الخارجية الامريكية نهاية الاسبوع الماضي، تقول إن وزير الخارجية ريكس تيلرسون " لم يتمكن من إيجاد ما يكفي من أسباب للابقاء على المكتب مفتوحا، لكن تيلرسون عزا عدم التوقيع على المذكرة الدورية الخاصة بمكتب البعثة الفلسطينية، إلى أنه اكتشف أن الفلسطينيين انتهكوا قانونا أمريكيا صدر عام 2015 وينص على أن أي محاولة من جانب الفلسطينيين للتأثير على المحكمة الجنائية الدولية بشأن تحقيقات تتعلق بمواطنين إسرائيليين، من شأنها أن تؤدي إلى قطع العلاقات مع واشنطن".
ويرى الطرف الفلسطيني أن الموقف الأمريكي جاء لابتزازالسلطة الفلسطينية لإثنائها عن التوجه إلى المحكمة الجنائية الدولية لمقاضاة اسرائيل بسبب سياستها الاستيطانية. 



وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس قد لوح في كلمته امام الجمعية العامة للامم المتحدة في شهر سبتمير الماضي بإمكانية اللجوء إلى المحكمة الدولية للتحقيق مع مسؤولين اسرائيليين بسبب الممارسارت الاستيطانية في الاراضي الفلسطينية المحتلة، الأمر الذي اعتبرته واشنطن خطوة غير صحيحة،ومن شأنها ان تشكل عقبة أمام عملية السلام مع إسرائيل.
ويبدو لافتا للانتباه أن هذا الموقف المتشدد من قبل الإدارة الامريكية بشأن عمل مكتب المنظمة في واشنطن، لم يكن ردا على خطوات عملية أو تقديم الفلسطينيين لملفات قضائية ضد إسرائيل إلى محكمة الجنايات الدولية، وإنما فقط ردا على تصريحات أو مواقف لبعض المسؤولين الفلسطينيين في هذا الشأن، بينما لم تكلف واشطن نفسها في المقابل حتى عناء مطالبة إسرائيل بالكف عن سياستها الاستيطانية في الاراضي الفلسطينية المحتلة والتي تتواصل بشكل لافت خصوصا منذ مجىء ترامب للسلطة.
وفي حين يبرر مسؤولون أمريكيون هذه الخطوة بأنها تهدف إلى حث الجانب الفلسطيني على المشاركة في" مفاوضات مباشرة وهادفة " من أجل التوصل لاتفاق سلام مع إسرائيل، فإن مفاوضات السلام المجمدة منذ عام 2014 بسببت التعنت الاسرائيلي،واصرار الحكومة الحالية على مواصلة سياسة الاستيطان في الاراضي المحتلة ورفضها الاعتراف بمبدأ حل الدولتين، يطعن بشدة في صحة هذا المبرر.



وفي هذا الصدد قالت حنان عشراوي عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية إن محاولة الولايات المتحدة ربط السماح بعمل بعثة المنظمة في واشنطن بإجراء مفاوضات جادة مع إسرائيل "هذه خطوة مفضوحة وغريبة وخاصة في توقيتها؛ لأنها تأتي للضغط على القيادة الفلسطينية من أجل تهيئة الظروف لتحقيق الرؤية الأمريكية الداعمة لإسرائيل في المنطقة، وهذا بالنسبة لنا مرفوض".
كما أن السؤال الذي تطرحه هذه الخطوة الامريكية هو كيف يمكن للإدارة الأمريكية أن تلعب دورا رئيسيا في إحياء عملية السلام في المنطقة، إذا أقدمت على إغلاق مكتب منظمة التحرير في واشنطن، وهي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني؟.
ولا يعني قرار الخارجية الامريكية بتجميد عمل مكتب البعثة الفلسطينية إغلاق البعثة تلقائيا، حيث تبقى أمام الرئيس الامريكي مهلة 90 يوما لاتخاذ قرار حول ما اذا كان الفلسطينيون قد انخرطوا في مفاوضات مباشرة مع اسرائيل، وفي هذه الحالة قد يتم التراجع عن إغلاق المكتب.