الخميس 09 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

الأمية.. صخرة تصطدم باستراتيجية 2030 (ملف)

الدكتور ابراهيم نوار
الدكتور ابراهيم نوار و"صورة أرشفية" عن الأمية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
31.6 مليون شخص متسربون وغير ملتحقين بمراحل التعليم
25 مليون شخص في مصر يعانون من الأمية
السياسة السكانية للدولة فشلت في السنوات العشر الأخيرة
معدل الزيادة السكانية ارتفع بنسبة 25.5%.. و25% معدل الفقر
38٪ عدد الأطفال غير الملتحقين بالتعليم والمتسربين منه
نسبة القادرين على القراءة والكتابة تنخفض عن المتوسط العالمي
7٪ معدل الإنفاق على التعليم في فنلندا من إجمالي الناتج المحلي
100٪ من عدد سكان النرويج قادرون على القراءة والكتابة
8٪ نسبة الأمية في دول البريكس وتنخفض إلى حوالي ٠.٣٪ فقط في روسيا
معدل الزيادة السكانية يزيد 12 مرة على معدل الانخفاض في الأمية

استمرارًا لسياسة التعاون بين جريدة «البوابة» والمركز العربي للبحوث والدراسات ننشر اليوم دراسة للدكتور إبراهيم نوار حول مشاكل ظاهرة الأمية.
تعتبر ظاهرة الأمية، بتعريفها التقليدي المحدود بعدم القدرة على القراءة والكتابة، عنوانًا كبيرًا لفشل الدولة في تنمية الإنسان، الذي تعتبره خطط التنمية الرسمية هدف التنمية وأغلى ثروة تمتلكها الأمة. 
ويتم قياس الأمية بواسطة الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء بعدد الأفراد الذكور والإناث داخل الشريحة العمرية 10 سنوات فأكثر، ونسبتهم المئوية داخل هذه الشريحة، ولم يتم تطوير تعريف مصطلح ومفهوم الأمية لمسايرة التطور في الحضارة البشرية خلال الفترة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية حتى الآن.
ونظرًا لأن المعرفة البشرية في عصر العولمة باتت تعتمد إلى حد كبير على الأجهزة الإلكترونية الذكية «الكمبيوتر»، وعلى أدوات المعرفة الرقمية، فقد تجاوز مفهوم ومصطلح الأمية، ما كنا نذهب إليه قبل قرن من الزمان.

الأمية والفقر
وأستطيع أن أقرر بأن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، ووزارات التربية والتعليم، والتعليم العالي والبحث العلمي والتخطيط، وأجهزة ومراكز البحوث، وغيرها من الأجهزة المعنية بصناعة المعرفة وبقياس ظاهرة الأمية، يتعين عليها أن تعيد النظر في تعريف مفهوم الأمي، على ضوء التغيرات الحضارية السريعة التي تجتاح العالم، حتى يستقيم مفهوم الأمية مع الطفرة الحضارية التي شهدها العالم خلال القرن الأخير. 
كما أن إعادة النظر في مفهوم الأمية تستقيم أيضًا مع التطور في المفاهيم الأخرى المصاحبة للأمية مثل مفهوم الفقر، فمفهوم الفقر هو الآخر قد شهد إعادة نظر على ضوء التطور في إنجازات الحضارة البشرية، فأصبحنا نتحدث عن الفقر المدقع، على أنه يعني الاحتياجات المادية الأساسية للإنسان الفرد التي يجب أن تتوافر، حتى يستطيع إعادة إنتاج نفسه في صورة زيادة سكانية وقوة عمل.
وأصبحنا نتحدث عن الفقر بمعناه النسبي الذي يشمل احتياجات الإنسان الأساسية المادية والاجتماعية والثقافية. 
ولذلك فإن البنك الدولي وأجهزة الإحصاءات في الدول المختلفة تميز الآن بين معدلين مختلفين للفقر، أحدهما هو الفقر المدقع، والثاني هو الفقر العام أو الفقر.
وبينما نجد في مصر مثلا أن معدل الفقر المدقع، حسب الإحصاءات الرسمية، يدور حول ٥٪ من عدد السكان، فإن معدل الفقر بمعناه العام يرتفع ليدور حول معدل ٢٥٪ من عدد السكان.

المعرفة الرقمية
وفي هذا السياق، فإننا في عصر المعرفة الرقمية يجب أن نعتبر أسس هذه المعرفة الرقمية لدى الأفراد مقياسًا للقدرة على التعامل البسيط مع منتجات العصر واحتياجاته الرئيسية.
على سبيل المثال، لم تصبح مصادر المعرفة المطبوعة هي المصادر الوحيدة للحصول على المعرفة، وإنما زاد عليها الآن وتتطور مصادر المعرفة الرقمية المتاحة عن طريق أجهزة الكمبيوتر.
ومن ثم، فقد أصبحت المعرفة بالتعامل مع أجهزة الكمبيوتر شرطا ضروريا من شروط الحصول على المعرفة، وليس مجرد القدرة على القراءة المكتبية فقط، كذلك فإن المعاملات العادية بين الناس تتجه أكثر وأكثر للانتقال من عصر المعاملات وجها لوجه إلى عصر المعاملات الإلكترونية، مثال ذلك التعامل مع البنوك، ولست أدري كيف يفهم المسئولون ظاهرة الشمول المالي، في بلد تقترب فيه نسبة الأمية من ثلث عدد الناس الذين يجوز لهم فتح حسابات مع البنوك؟!
وعندما يتحدث وزير التعليم عن إلغاء الكتب الدراسية والانتقال لتحصيل المعلومات والمعرفة عن طريق بنوك المعلومات، فإنني أجد نفسي عاجزًا عن فهم ذلك، بينما أمية الحاسوب تسيطر على المعلمين أنفسهم، ولا تقتصر على الطلاب والتلاميذ!

الأمية والعولمة
ولذلك فإن تعريف الأمية في عصر العولمة وأدوات المعلومات الرقمية وأجهزة الذكاء الاصطناعي، «Artificial Intelligence» المعرفة اختصارا بالحرفين «AI» واتساع نطاق المعاملات الإلكترونية في الحياة اليومية يجب أن يتضمن توفر شروط المعرفة التالية: القدرة على القراءة والكتابة، وفهم الجمل اللغوية القصيرة، والقدرة على الحساب والعدد، والقدرة على استخدام الكمبيوتر.
وأظن أن الشروط الثلاثة السابقة تقيم الأساس لمفهوم جديد لظاهرة الأمية، وهو ما يتطلب ابتكار طرق ووسائل مختلفة لقياس الأمية.
وربما نلجأ في هذه الحالة إلى التفرقة بين نوعين من الأمية، النوع الأول هو الأمية المطلقة، وتشمل عدم القدرة على القراءة والكتابة والحساب وفهم الجمل اللغوية القصيرة، أما النوع الثاني من الأمية فهو ما نطلق عليه الأمية الرقمية، التي تشمل عدم القدرة على القراءة والكتابة والحساب وفهم الجمل القصيرة واستخدام الحاسوب.
إن الحديث في مشروع استراتيجية ٢٠٣٠ عن إقامة اقتصاد المعرفة أو مجتمع المعرفة يفقد أي معنى له مع استمرار ظاهرة الأمية التقليدية ومع العجز عن تطوير مفهوم جديد لتلك الظاهرة يأخذ فى اعتباره التطور الذي أحرزته البشرية خلال القرن الأخير.

القوة الناعمة
ومن المهم جدًا أن نأخذ في اعتبارنا العلاقة بين الأمية والقوة الناعمة، إذ إن هناك علاقة عكسية بين ارتفاع معدل الأمية والقوة الناعمة، حيث يعكس ارتفاع الأمية انتشار الجهل بين الأفراد وانخفاض كفاءاتهم وتدني مهارات العمل، كذلك فإن انتشار ظاهرة الأمية في مجتمع من المجتعات يترك أثرًا سلبيًا على صورة ذلك المجتمع لدى غيره من المجتمعات على المستويين الحكومي والشعبي، فانتشار الأمية عنوان كبير من عناوين الفشل.

انتشار الأمية
من المفهوم بداية أن الأمية بين المواطنين في الشرائح العمرية المختلفة تزيد لأسباب أولية أهمها عدم الالتحاق بالتعليم أو التسرب من النظام التعليمي في مرحلة التعليم الإلزامي، الذي يفترض فيه تأهيل الأفراد بالقدرات الأولية على التواصل والتفاعل والعمل وسط أقرانهم ووسط المجتمع ككل.
وعلى ذلك، فإن ارتفاع نسبة عدم الالتحاق بالتعليم أو التسرب منه يغذي ظاهرة انتشار الأمية في المجتمع، كذلك يتسع نطاق ظاهرة الأمية بسبب ارتفاع معدل زيادة السكان خصوصًا في الريف والأحياء الحضرية الفقيرة، كما تتسع ظاهرة الأمية بسبب الخلل في توزيع الإنفاق على التعليم، وأيضا بسبب انخفاض الإنفاق على العملية التعليمية خصوصًا في مرحلة التعليم الأساسي.
وطبقًا لنتائج تعداد مصر ٢٠١٧ -أول تعداد إلكتروني في تاريخ التعدادات المصرية - الذي أجراه الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء ليلة ١٨ إبريل ٢٠١٧، ونشره الجهاز في احتفال شاركت فيه قيادة الدولة بحضور رئيس الجمهورية، فإن معدل زيادة السكان خلال الفترة من ٢٠٠٦ إلى ٢٠١٧ بلغ ٢.٥٦٪ سنويًا في المتوسط، مقارنة بمعدل أقل بلغ ٢.٠٤٪ خلال الفترة السابقة الممتدة من ١٩٩٦ إلى ٢٠٠٦، وبلغ عدد السكان ما يقرب من ٩٤.٨ مليون نسمة في ليلة التعداد وليس يوم إعلان نتائج التعداد في نهاية سبتمبر ٢٠١٧. 
ففى الأول من أكتوبر ٢٠١٧ بلغ عدد السكان ما يقرب من ٩٥.٨ مليون نسمة، أي بزيادة مليون نسمة عما كان عليه الرقم في ليلة التعداد. 
وقد اندهشت لعدم الإشارة إلى هذه الحقيقة في الاحتفال الضخم الذي أقيم في مقر الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء بحضور أهم قيادات الدولة لإعلان نتائج ما أطلق عليه أول تعداد إلكتروني في تاريخ التعدادات المصرية!

زيادة السكان
ومن الضروري ألا يمر معدل الزيادة الذي تم رصده وإعلانه دون تعليق، الحقيقة الصارخة التي يكشف عنها المؤشر أن السياسة السكانية للدولة المصرية فشلت فشلا ذريعًا في السنوات العشر الأخيرة، فبينما هي منذ أيام الرئيس الأسبق مبارك تدعو إلى ضرورة الحد من معدل الزيادة السكانية، وتعتبرها السبب الرئيس للتخلف وتردي جودة ثمار التنمية، إذا الإحصاءات تكشف عن أن معدل الزيادة السكانية ارتفع ولم ينخفض، فقد ارتفع معدل الزيادة السكانية بنسبة ٢٥.٥٪ تقريبا! لكن الدولة تتجنب مواجهة نفسها، والحكومات واحدة وراء أخرى تعيد إنتاج الفشل، ليس في مجال السياسات السكانية فقط، ولكن في كل مجالات السياسات العامة تقريبًا.
إذن ارتفع عدد السكان بنسبة أعلى في السنوات العشر الأخيرة، لكن ارتفاع عدد السكان بنسبة مرتفعة لا يعني ميكانيكيًا زيادة معدل الأمية، نظرًا لأن ذلك سيتوقف على معدل الاستيعاب في المدارس ومعدل التسرب منها، فماذا حدث؟

النسب تتراجع
تشير إحصاءات اليونسكو المعتمدة على بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء إلى أن نسبة الأمية تتراجع هامشيًا مع الوقت، وإن كانت بشكل عام لم تنخفض تحت ما يعادل ربع عدد السكان. 
ففى العام ٢٠٠٦ بلغت نسبة الأمية بين السكان (١٠ سنوات فأكثر) ٢٧.٩٪ وانخفضت في العام ٢٠١١ إلى ٢٦.١٪ ثم تراجعت في الإحصاء الأخير إلى ٢٥.٨٪. لكن عدد من تشملهم الظاهرة زاد من ١٧ مليون شخص عام ٢٠٠٦ إلى أكثر من ٢٥ مليون شخص في العام ٢٠١٧.

التسرب من التعليم
وفي الوقت نفسه فقد سجل الإحصاء الأخير استمرار ظاهرتي عدم الالتحاق بالتعليم الأساسي، وما يعلوه وظاهرة التسرب، وبلغت نسبة عدم الملتحقين بالتعليم والمتسربين منه ٣٨.٥٪ من عدد السكان في الفئات العمرية من ٤ سنوات فأكثر.  
ويبلغ إجمالي عدد السكان في هذه الفئات العمرية (تعداد ٢٠١٧) حوالي ٨٦.٤٪ من إجمالي عدد السكان أي حوالي ٨٢ مليونًا، وهو ما يعني أن عدد غير الملتحقين بمراحل التعليم المختلفة وعدد المتسربين معا يبلغ حوالي ٣١.٦ مليون شخص.
وهذا الرقم يطرح تساؤلات خطيرة عن دور جهاز محو الأمية الذي أنشئ في العام ١٩٩٣ ودور وزارة التعليم ودور منظمات المجتمع المدني المعنية بالمشاركة في محو الأمية، لدينا إذن مشكلة تتفاقم سنة بعد سنة، فمعدل انخفاض الأمية بين عامي ٢٠٠٦ و٢٠١٧ بلغ ٢.١٪ على مدار الفترة ككل أي بمعدل يبلغ ٠.٢٪ سنويًا، فى حين أن معدل زيادة السكان سجل زيادة سنوية بنسبة ٢.٥٦٪ أي أن معدل سرعة الزيادة السكانية يزيد ١٢ مرة على معدل سرعة الانخفاض في الأمية، فماذا يعني ذلك؟
إن هذا الاستنتاج بشأن اتساع نطاق ظاهرة الأمية بمعناها التقليدي إلى حد أن سرعة الزيادة في السكان تفوق سرعة الإنجاز في مجال تخفيض الأمية بمقدار ١٢ مرة تقريبًا، يعنى فشل الحكومات المتعاقبة في التصدي للظاهرة وتقديم الحلول الصحيحة لها. 
ومن المثير للدهشة والسخرية في آن واحد أن ظاهرة الأمية تتفشى بينما يجاهر المسئولون بأنهم يمتلكون استراتيجية قومية للتعليم والقضاء على الأمية! وقد تم إعداد الوثيقة تحت عنوان: «الخطة الاستراتيجية للتعليم قبل الجامعي (٢٠١٤-٢٠١٣): التعليم، المشروع القومي لمصر.

حقائق
وبما أننا أثبتنا أن الحكومات المتعاقبة إنما هي تعيد إنتاج الفشل في مجال مكافحة الأمية التي تعتبر بحق سبة في جبين أي أمة، خصوصًا إذا كنا نتحدث عن الأمية الخام أو الأمية المطلقة أو الأمية السابقة للعصر الذي نعيش فيه، فإننا نعيد التأكيد على حقيقتين:
الحقيقة الأولى: إن القضاء على الأمية يتطلب الخروج من عباءة السياسات السابقة الفاشلة وابتكار سياسات جديدة تؤدي فعلا للقضاء على الأمية بمعدل سنوي يفوق معدل نمو السكان.
فإذا افترضنا أننا نستهدف القضاء على الأمية فى خمس سنوات، فهذا يعني أننا يجب أن نخفض معدل انتشار الأمية بنسبة ٥٪ سنويًا على الأقل، وبذلك فإننا نمنع انتشار الأمية في الزيادة السنوية للسكان (٢.٥٪) ونقضي على الأمية بين ٢.٥٪ من المخزون الحالي للأميين في كل الفئات العمرية. 
ويجب التأكيد هنا على ضرورة تضافر جهود الدولة مع جهود المجتمع المدني والقطاع الخاص والتعاونيات وغيرها للقضاء على ظاهرة الأمية. القضاء على الأمية هو في نهاية الأمر اختبار لقدرة المجتمع على مواجهة التحدي في مجال يستحق بذل جهد كبير، لأن استمرار ظاهرة الأمية هو سبة في جبين هذه الأمة.
الحقيقة الثانية: إن القضاء على الأمية بالمعنى العصري، وليس بالمعنى التقليدي المتخلف، يتطلب أن نطور مفهوم الأمية ليشمل القراءة والكتابة والحساب والفهم البسيط والحاسوب. ولهذا فربما نحتاج إلى تطوير مؤشر جديد إلى جانب مؤشر قياس ظاهرة (الأمية الأساسية أو الأمية المطلقة)، على أن يغطي المؤشر الجديد المجالات التي تمت الإشارة إليها.

أين نحن من الآخرين؟
كثير ما يغمض صناع السياسة أعينهم عن النظر إلى ما يدور حولهم، وهذا النهج يعكس الحد الأقصى للنظرة الغبية الحمقاء، ذلك أن مكانة أي أمة لا تتحدد بنظرتها هي إلى نفسها، ولكن تتحدد بموقعها بين الآخرين، وبنظرة الآخرين إليها.
 لكن من يجهلون يعتقدون أن نظرتهم لأنفسهم التي يروجونها بين أنفسهم وفي أوساط شعوبهم هي مقياس الحقيقة، وهي في حقيقة الأمر أبعد ما تكون عن ذلك.
وبحسب تقارير البنك الدولي، فإن مصر تقع في أعلى جدول الدول الفقيرة في العالم، وأدنى هامشيا من الشريحة الدنيا من الدول النامية ذات الدخل المتوسط (حيث يبلغ معدل الأمية في هذه الشريحة في المتوسط ٢٤٪ مقابل ٢٥.٨٪ في مصر).
كذلك فإن نسبة السكان القادرين على القراءة والكتابة في مصر تنخفض كثيرًا عن المتوسط العالمي بفارق ١١.٨ نقطة أي أقل من المتوسط العالمي بنسبة تقترب ممن ١٤٪. فإذا كانت استراتيجية ٢٠٣٠ قد سجلت طموح مصر للحاق بقطار الدول النامية الصاعدة، فهي في الحقيقة أبعد ما تكون عنه ونحن على بعد زمني يبلغ ١٣ عامًا فقط من نهاية استراتيجية ٢٠٣٠.

القدرة على القراءة والكتابة
يسجل أطلس التعليم في العالم عددًا مهمًا من مؤشرات التعليم، بدءا من مؤشر القدرة على القراءة والكتابة، ويبين الأطلس مثلا أنه في بلدان جنوب شرق أوروبا فإن كل طفل يتراوح من العمر بين ٦- ١٦ عامًا يجب أن ينتظم في الدراسة إجباريا. 
كما يبين أيضًا أن الإنفاق على التعليم في بعض الدول مثل فنلندا يعادل ٧٪ من إجمالي الناتج المحلي، وطبقًا للأطلس فإن هناك ٢٥ دولة فى العالم يرتفع فيها معدل القدرة على القراءة والكتابة إلى ما بين ٩٩٪ إلى ١٠٠٪ من السكان. ومن هذه الدول النرويج ١٠٠٪، أذربيجان وكوبا ٩٩.٨٪، وروسيا ٩٩.٧٪ وسلوفاكيا، تركمانستان، قيرغستان، أوزبكستان بين ٩٩.٦٪ إلى ٩٩.٢٪.
وفي مجموعة دول بريكس التي تسعى مصر للالتحاق بها يرتفع معدل القدرة على القراءة والكتابة بدرجة عالية باستثناء الهند.
ولكي تستطيع مصر اللحاق بدول بريكس فإن كفاءة قوة العمل ومهاراتها يجب أن ترتفع أولا إلى مستوى قادر على المنافسة مع دول المجموعة. وباستثناء الهند فإن نسبة الأمية في تلك الدول تقل عن ٨٪ وتنخفض إلى حوالي ٠.٣٪ فقط فى روسيا.
ولن نتوقف بالمقارنة عند حد مجرد المقارنة مع الدول النامية أو المقارنة مع دول بريكس، وإنما سنقارن مصر بظاهرة الأمية المتفشية فيها مع جيرانها.
 وتمثل الأمية واحدًا من المؤشرات شديدة الخطورة في تكوين القوة الناعمة أو القوة الذكية للدولة، وكلما اتسع نطاق ظاهرة الأمية انعكس ذلك سلبا على صورة الدولة لدى جيرانها على المستويين الحكومي وغير الحكومي، ودعك من الادعاءات الزائفة عن دور ريادي قائد لدولة تشل الأمية قدرات أكثر من ٢٥٪ من سكانها، فهذا كذب بيّن.
وطبقا للإحصاءات الدولية، فإن سكان مصر هم الأقل بين كل جيرانهم المباشرين فيما يتعلق بالقدرة على القراءة والكتابة، بما في ذلك السودان والأردن والسعودية وليبيا، حسب آخر الإحصاءات المتوافرة لدى الجهات الدولية عن هذه البلدان. وطبقًا لليونسكو فإن متوسط معدل القدرة على القراءة والكتابة في الدول العربية (بين السكان من سن ١٥ سنة فأكثر) يبلغ ٧٦.٩٪ مقابل نسبة أقل تبلغ ٧٤.٢٪ في مصر.