الثلاثاء 07 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

قانون تنظيم الجامعات.. لا كرامة لـ"الأستاذ" في وطنه

خالد عاطف عبد الغفار
خالد عاطف عبد الغفار وزير التعليم العالى
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
منذ عام ١٩٧٢، وقت أن وضع قانون تنظيم الجامعات فى اللائحة المالية لأعضاء هيئات التدريس بالجامعات المصرية، وكانت الرواتب وقتها مناسبة، وتحترم قيمة الأستاذ الجامعى، ولكنها وقفت عند هذا الحد من وقته.
فى البداية، يقول الدكتور محمد كمال، أستاذ بكلية الآداب قسم الفلسفة جامعة كفر الشيخ، إن قانون تنظيم الجامعات واللائحة التنفيذية بما يتضمنه من قواعد متعلقة بالمعاملة المادية لأعضاء هيئة التدريس تم وضعه عام ١٩٧٢، ولم يتم تغييره حتى الآن، وبالتالى فإن المكافآت التى كان ينص عليها كانت ضخمة وقتها، أما الآن، فعدم وجودها أفضل، وعلى سبيل المثال فإن المشرف على رسالة الماجستير، وبعد فترة تترواح من سنة إلى ٥ سنوات تتم فيها مساعدة الطالب على اختيار الموضوع ثم تعديله ثم مراجعة كل فصول الرسالة وتعديلها والموافقة على التعديلات ثم الإعداد للمناقشة، فإن المشرف يحصل على ٤٠٠ جنيه فقط، وإذا تعدد المشرفين يتم تقسيم مبلغ المكافأة عليهم ويتم خصم ٢٠٪ ضرائب من المبلغ، أما مكافآت الإشراف على مناقشة الرسالة ١٠٠ جنيه، وبعد خصم الضرائب تصل إلى ٧٩ جنيها، ولذلك نجد الكثير من الأساتذة لم يقبلوا أن يأخذو تلك المكافآت المخجلة.
وتابع «كمال»، هذه الأرقام كانت قيمتها عام ١٩٧٢ وقت ما كان سعر جرام الذهب جنيهاً و٢٥ قرشا، وذلك يعنى أن الـ٧٩ جنيها ثمن مناقشة الرسالة كانت تعادل ثمن ٨٠ جراما ذهب فى هذا الوقت، والـ٤٠٠ جنيه مبلغ الإشراف كانت ثمن ٣٠٠ جرام ذهب، وبهذا كانت هذه المبالغ بالنسبة لأستاذ جامعى ثروة، ومقارنة بالوقت الحالى، فهى تعادل ١٨٠ ألف جنيه. 
وأضاف «كمال»، «كنت أعمل أستاذا بقسم الفلسفة جامعة بنى سويف، وأشرف على ٣ رسائل هناك، وما زلت أشرف عليها بعد نقلى لجامعة كفر الشيخ، مشيرًا إلى أن البعض من الأساتذة يرفض الإشراف على رسائل الماجستير لأنها تتطلب وقتا ومجهودا وشراء مراجع، مما يحمل الأستاذ تكاليف عالية، والبعض الآخر يشرف على الرسائل لأنه مقتنع أن هذا جزء من واجبه المهنى الذى يفرضه عليه الدين والوطن، ولأنه نوع من أنواع المساعدة مثلما حصلنا على المساعدة من الجيل القديم علينا أن نساعد الجيل الجيد وهكذا تستمر المنظومة. 
وتابع «كمال»، أن الدولة تدعى على مدار عقود أنها تدعم التعليم العالى والبحث العلمى، ولكن ذلك بالكلام فقط، إنما بالفعل تحاربهم وتقضى عليهم بعدم إعطاء الباحثين وأعضاء هيئة التدريس حقوق مادية مجزية. 
من جانبها، كشفت الدكتورة نائلة عمارة، مديرة قسم الإعلام بجامعة حلوان، أنها اضطرت لتجميد الدراسات العليا بالقسم، لعدم وجود عدد كاف من الأساتذة للإشراف على الرسائل، بالرغم من أن القسم يمتلك عددا كبيرا من الأساتذة، ولكن معظمهم فى إعارة، والبعض الآخر يرفض الإشراف على رسائل الماجستير بسبب ضعف المكافآت التى يحصلون عليها بعد مدة تترواح من ٣ إلى ٥ سنوات فتبلغ ١٠٠ جنيه للمناقشة و٢٠٠ جنيه للإشراف على رسالة الماجستير و٤٠٠ جنيه مكافأة الإشراف على رسالة الدكتوراه، بالإضافة إلى أن حل انتداب أساتذة من الخارج لم يتوفر لأن اللائحة القانونية للمكافآت المالية تنص على أن ساعة الأستاذ المنتدب بـ٤ جنيهات، وبالتالى لا يوجد أستاذ يستجيب لطلب الانتداب. 
وأضافت «عمارة»: «أنا شخصيًا أحصل على ١٢٠ جنيه سنويًا مقابل رئاستى للقسم أى ١٠ جنيهات فى الشهر، وكل هذه الأمور تجعل جودة الدراسات العليا قليلة بالإضافة إلى ظاهرة رغبة الخريجين فى عمل ماجستير ودكتوراه بدون هدف محدد، حيث يقدم الطالب على عمل الماجستير لمجرد «الوجاهة» فقط، وذلك دون النظر إلى قدراته الحقيقية التى يجب أن يعمل عليها، مما جعل الإقبال كثيفاً على الدراسات العليا.
أما الدكتورة هبة شاهين المستشارة الإعلامية لجامعة عين شمس، فأكدت وجود إقبال كثيف من خريجى الجامعات الذين لم يحصلوا على فرصة عمل على الدراسات العليا كحل لسد فراغ وقتهم، مما جعل الطلب أكثر من العرض، بمعنى أن عدد الطلبة أكثر من عدد الأساتذة، لذلك نجد الأستاذ يشرف على أكثر من ١٠ رسائل فى وقت واحد مما يقلل من جودة الرسائل.
وكشف هانى الحسينى، المدرس بقسم الرياضيات بكلية العلوم بجامعة القاهرة، عن أن طالب أعضاء هيئة التدريس بزيادة رواتبهم، وبالفعل قدموا مذكرة بذلك وقت ثورة ٢٥ يناير، وحدث اتفاق بعد اندلاع الثورة وتم تنفيذه فى عام ٢٠١٢ فى عهد محمد مرسى الرئيس السابق، على أن تتم على ٣ مراحل، وتم تنفيذ المرحلة الأولى فى ثانى يوم استلام «مرسي» الرئاسة، وهو الذى وقع قرار زيادة رواتب أعضاء هيئة التدريس الذى يطلق عليه «زيادة بدل الجامعة»، والذى كان عبارة عن ٧٣ جنيها ثم زاد بعد القرار إلى ٣٥٠٠ جنيه زائد الراتب الأساسى كل شهر، فالأستاذ الجامعى قبل القرار كان راتبه يترواح ما بين ٥ و ٦ آلاف جنيه، وبعد القرار أصبح يترواح من ٨ إلى ٩ آلاف جنيه. 
وتابع «الحسينى»، أما المرحلة الثانية، فكانت عبارة عن تعديل المرتب الأساسى، لأن الأستاذ راتبه وصل إلى ٩ آلاف جنيه، ولكن الأساسى ٩٠٠ جنيه فقط، والمعاشات يتم حسابها على الأساسى، وبالتالى فإن معاشات الأساتذة الجامعيين هزيلة جدا، فكان المقترح للمرحلة الثانية زيادة الراتب الأساسى لأعضاء هيئة التدريس إلى ٤ آلاف جنيه ليصل الراتب الإجمالى إلى ١٢ ألف جنيه. 
وأضاف «الحسينى»، بعد الأحداث السياسية التى شهدتها البلاد، تم نسيان هذه القرارات، وكلما حاولنا التحدث إلى الحكومة يتم تصوير الموضوع على أنه مطالب فئوية.
وقالت الدكتورة زبيدة عطا، عميدة كلية الآداب سابقًا جامعة حلوان، والأستاذ بقسم التاريخ، «ناقشت فوق الـ٤٠ رسالة طوال مدة عملى بالجامعة، وكنت أحصل على ٨٠ جنيها نظير مناقشة الرسالة، والذى كان يتطلب منى السفر فى محافظات مختلفة بعيدة مثل أسيوط وأسوان، وبالنسبة للإشراف، كنت أحصل بعد عامين على ١٠٠ جنيه فقط». 
وأضافت «عطا»، كثرة عدد الرسائل على الأستاذ الواحد، تقلل من جودة الرسائل، وتتيح الفرصة للطالب لسرقة رسالة من بلد آخر ونسبها له، وأحيانا يكون من الصعوبة اكتشاف ذلك.
من جانبه، أكد الدكتور أشرف الشيحى وزير التعليم العالى والبحث العلمى السابق، أن الأستاذ الجامعى بشكل عام يتقاضى أقل بكثير مما يستحقه، وخاصة إذا كنا نتحدث عن حدوث ثورة فى تطوير التعليم والبحث العلمى، فإذا لم يجد أساتذة الجامعات ما يأخذوه من رواتب كافية لهم فسوف ينشغلون بالبحث عن بدائل أخرى.
وتابع «الشيحي»، أن الوزارة وضعت قانوناً للحد من إعارة الأساتذة خارج البلد بأن لا تتعدى نسبة الإعارة لأساتذة الجامعات فى الكلية الواحدة نسبة الـ٢٥٪، ولكن فى الحقيقة فإن الإعارة تتعدى هذه النسبة بكثير، نتيجة للاحتياج المادى، أيضًا تمنع الوزارة بعض أساتذة الجامعات من السفر لأن الجامعة تحتاجهم، فيكون الحل أمام الأستاذ الجامعى فى هذه الحالة الهروب إلى الإعارة الداخلية للجامعات الخاصة. 
وأكد «الشيحي» أن عضو هيئة التدريس فى فترة السبعينيات كان هو الأعلى دخلًا، وكان العديد من الجهات فى الدولة تسعى للحصول على زيادات مثل كادر الجامعة.
وكشف وزير التعليم العالى السابق، عن أن جزءا من برنامج الحكومة الذى قدم للبرلمان كان من المفترض أن يكون تحسين الأوضاع المالية والاجتماعية والصحية لأعضاء هيئة التدريس.
وأضاف «الشيحي»، «عندما كلفت بالوزارة تم إعداد برنامج حكومة المهندس شريف إسماعيل وتم عرضه على البرلمان فى دورته الأولى».
وتابع، «قدمت مقترحا بزيادة الرواتب بشكل عام دون وضع أرقام معينة، لأن ظروف الدولة التى تعانيها جعلتنى لم أستطع أن أضع سقفا لزيادة رواتب أعضاء التدريس بالبرنامج الذى قدمته، ولكن وضعت مسألة الزيادة لتخضع للحوار فى الحكومة ومع وزارة المالية، حتى نقر مبدأ أن هذا يجب أن يحدث والحكومة ملتزمة بالتنفيذ، البرلمان وافق عليه وأقره بكل ما فيه ولكن الدولة لم تنفذ أو تفعل هذا المقترح».
من جانبه، أعلن أشرف حاتم، أمين المجلس الأعلى للجامعات السابق، أن المجلس قرر مناقشة تعديل المادة الخاصة بمكافآت الإشراف على رسائل الدراسات العليا ومناقشة الماجستير والدكتوراه.
وتابع «حاتم»، أن المقترح طرح بالمجلس الأعلى للجامعات فى ثانى جلسة للدكتور خالد عبدالغفار وزير التعليم العالى والبحث العلمى، وذلك فى شهر يونيو الماضى وتمت الموافقة عليه، ومن المفترض أن يعرض على مجلس الوزراء فى الفترة المقبلة.
وكشف «حاتم» عن ملامح الزيادة التى توجد بالمقترح وهى كالآتي: «ألفا جنيه نظير الإشراف على رسائل الماجستير، وثلاثة آلاف جنيه نظير الإشراف على رسائل الدكتوراه، و٨٠٠ جنيه نظير مناقشة الرسالة».