رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

ثقافة

هاني نسيرة: رفعت السعيد خصم شريف للإخوان.. وراهن على "الدولة"

هاني نسيرة
هاني نسيرة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
في كلمة وداع كتبها د. هاني نسيرة، عن السياسي اليساري د. رفعت السعيد والذي فقدته مصر أمس، قال: كتبه كانت مرجعا رئيسا للكثيرين، ومنهم أيمن الظواهري في "الحصاد المر".. أخبرته بذلك فابتسم. كان أمينا على التاريخ وفتح بابا ما زلنا ننهل منه، سواء في تاريخ الحركات الإسلامية أو تاريخ اليسار.. وإن جاز لكل أن يتكلم في التأويلات والسياسات ولكن تبقى المعلومة علامة الأمانة". 
وجمعت صداقة البحث التاريخي بين د. نسيرة باعتباره محللا بارزا لشئون الفكر والحركات الإسلامية، ود. رفعت السعيد وهو أيضا أحد القامات الكبرى بالتأريخ لحركات النضال اليسارية واليمينية، خاصة بعد ثورة يوليو. وتشاركا بكتابين عن الإخوان المسلمين.
سلسلته الأشهر بنقد الإخوان علامة تاريخية لا يمكن تجاوزها.
وعن نظرته لجوانب حياته كمؤرخ وسياسي وكاتب، يقول نسيرة فى تصريحات خاصة لـ"البوابة نيوز": التاريخ شكل مركزية باهتمامات الراحل رفعت السعيد؛ وليس تاريخ الحركة الشيوعية وحدها وإنما اليسار عموما والليبرالية أيضا، وكانت سلسلته الأشهر بنقد الإخوان منذ حسن البنا ومرورا بسيد قطب وما بعدها، علامة تاريخية لا يمكن تجاوزها، والمثير أن نجد أيمن الظواهري زعيم تنظيم القاعدة يستشهد بكتب رفعت السعيد في أكثر من موضع بكتابه "الحصاد المر للإخوان المسلمين في ستين عامًا" حين تحدث عن اغتيال النقراشي وعلاقة الإخوان بالملكية والثورة !
وهو ما دعا الباحث لمداعبة المؤرخ رفعت السعيد قائلا: يظهر أنك صديق للظواهري والقاعدة.. وهنا فوجيء بالواقعة وابتسم.
وأشار الى ان هذه الواقعة تحيلنا إلى ميزة أساسية عند رفعت السعيد، فهو باحث تاريخي دؤوب لم يعرف في صباه الكمبيوتر وإنما كان يتقصى المعلومة من الصحف الأرشيفية وعنده ذاكرة لكثير من الوقائع التي تناولتها الصحف الاشتراكية القديمة. ونقول لذلك أن التاريخ كتاب يمكن محاكمته، أما الواقع فتأويلات لا يمكن معها ذلك. 
تيار يدعي أنه وريث الحداثة الإسلامية
واجه رفعت السعيد تيارات الإسلام السياسي بالمعلومة الموثقة، وإن كانت له الحرية بتفسيرها. وبحسب الكاتب، لم يؤثر عداء "السعيد" للإخوان على علاقته الفكرية بالعديد من المفكرين المعروفين بمرجعيتهم الإسلامية كالمستشار طارق البشري. 
وعن حياته كسياسي، اشار "نسيرة" الى نزعة رفعت السعيد كإصلاحي يرغب بشق مسار جديد بعيدا عن التوافقية أوقعته بصراعات كثيرة داخل حزب التجمع، معقل اليسار بمصر.
وقال: ظل السعيد رافضا لضغوط صندوق النقد الدولي والخضوع التام للعولمة، وكتب مرارا عن العدالة الإجتماعية، ويدعو التيارات المدنية للنهوض كحزمة واحدة لها فاعلية بالشارع، ولم يجد صدى.
واكد نسيرة ان عداء رفعت السعيد للإخوان كان مفهوما؛ من جهة لأنه تيار يدعي أنه وريث الحداثة الإسلامية ويتمتع بشعبية مستمدة من العاطفة الدينية وهي التي استخدمها للصعود للسلطة، وهو تيار يقصى كل من عاداه بمن في ذلك الإسلاميون أنفسهم ويعمل بمنطق الاستحواذ والغلبة وليس الصالح العام وهو لا يؤمن بمفاهيم الدولة الحديثة، كما أنه لا يعرف منطق "الاعتذار" ويحيط رجال مكتب الإرشاد منذ حسن البنا بهالة لا تسمح بنقدهم وهو ما أدى لحالة ركود طويلة بالجماعة.
واضاف: خسر الإخوان وجودهم بعد الثورة، على خلاف حركات مناظرة بتونس والمغرب صعد نجمها، ونرى حركة "العدالة والتنمية" بالمغرب وهي ابنة للجهاد تجري مراجعات وتنخرط في الحياة السياسية وتبني علاقات واعية مع المجتمع.
وتابع: من جهة ثانية، كان السعيد يشعر بأسف لانحلال التيار اليساري وتشرذمه لأفراد وجماعات صغيرة، بعيدا عن أي توافقية أو التفاف حول شخصيات تقود العمل السياسي. جرى هذا التحلل منذ نكسة يونيو وأصبحنا نرى تشرذم للتيارات الأيديولوجية العربية والليبرالية والقومية واليسارية، وظلت الكينونة الإسلامية مغرية سلطويا وشعبيا، فكانت برأيه هي الخطر!.
الرهان على الدولة حائط الصد الأخير
وقال نسيرة انه بعد ثورة يناير 2011، بدأ رفعت السعيد يظهر جليا كمفكر "دولتي" أي منحاز للدولة، ويعتبرها حائط الصد الأخير أمام توحش المجتمع، خاصة بعد انتكاسة ثورات الربيع العربي وصعود مخاطر التنظيمات المتطرفة وعمليات القتل والترويع باستخدام نصوص جرى تأويلها وتحريفها من الدين.
واضاف الكاتب: لست في موضع الدفاع عن السعيد، فقد اختلفت معه سياسيا في كثير من الأحيان، ولكني أعتقد أنه كان يخشى أن نتحول لصراعات الطوائف كما يجري بالعراق، أو سيناريو الحروب الدولية والدينية المفتوحة التي يدفع الأبرياء بسوريا ثمنها من أرواحهم. 
واستطرد قائلا: أما عن الشماتة برحيل رفعت السعيد والتي نراها ببعض صفحات التواصل الإجتماعي، من قبل معارضي السلطة بمصر أو المتعاطفين والمنتمين للإخوان، فهي تعبير عن الإنغلاق الذي وصلنا له، وهو مقام "توحش" كما يصفه الكاتب، ويعبر عن حالة شعبوية عنيفة، تحصر الآخر المخالف بشكل دوغمائي في قضية واحدة وتتناسى وجوهه المتعددة ومحطاته. وقد كان الإمام الذهبي يمتدح بعض صفات في أبي نواس المعروف بمجالس الخمر، ويقول إنه له حسنات تمحو بعض ذنوبه.. أما علم هؤلاء أن مقام الموت هو مقام التواضع لا الكبر!.