الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

زمن الفتوى: شيوخ الـ"تيك أواي".. شباب يقدمون فتاوى دينية سريعة تجذب شباب السوشيال ميديا.. والأزهر يبدأ التصدي لهم

الدكتور أحمد كريمة
الدكتور أحمد كريمة والشيخ عمرو بسيوني والدكتور محمد الشحات
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

يبدو أن هذا هو زمن الفتوى، فبإمكانك الآن أن تحصل عليها في دار الإفتاء أو أحد مراكزها، وإذا كنت من رواد المترو ستصطف في طابور قصير أمام "كشك الفتوى"، إلا أن هناك خاصية جديدة أكثر سهولة توفر لك الحصول عليها عبر موقع التواصل الاجتماعي من خلال "شيوخ الآسك".


شيوخ الآسك هم مجموعة من الشباب غالبا، يجيدون الرد على الفتاوي بطريقة سريعة ولبقة، مما يجعل عددا كبيرا من الشباب يقضي أوقاته في متابعة صفحاتهم، لاسيما أن الموقع لا يحتاج لتسجيل دخول عليه لمتابعة صفحاته.

ويأتي على رأس أولئك عمرو بسيوني، الذي تحمل صفحته قرابة النصف مليون إعجاب، وتتميز بطابع فكاهي في الأسئلة والإجابات معًا وتحدثت عنه أكثر من وسيلة إعلامية عن الطرافة التي تميز الصفحة، فمثلا يسأله شاب: "إيه حكم شرب الحشيش يا شيخنا"، فيجيبه: "لا يجوز يا روح قلب شيخنا.. يا شاطر يا مؤدب"، وبهذا الشكل أصبحت صفحته محط أنظار رواد مواقع التواصل الاجتماعى خلال الفترة الماضية، ويسميه بعض المتابعين "الشيخ البرنس" وذات مرة جاءته رسالة تقول: "والله بنحبك يا شيخنا يا برنس العلوم" فرد قائلا: "برنس العلوم دي جديدة بلاش تهبطوا بالذوق العام يا بني، كدا هتضيعوا هيبتنا وسط العلماء، يعني الواحد يكتب بحث وعليه تأليف برنس العلوم ورمانة ميزان الفنون يبقى توكتوك مش كتاب".

وجذبت خفة ظل بسيوني، مئات الآلاف من الشباب والفتيات الذين باتوا يسألونه عن أدق تفاصيل التفاصيل في حياتهم ليقرأوا إجاباتهم على الملأ، مستغلين ميزة الآسك في أنه يخفي هوية متابعيه، أو قد يظهرها بأي اسم مستعار، مما شجعهم في سؤاله عن مواقف في حياتهم الشخصية والعلاقات العائلية وأسئلة متعلقة بالطهارة قد يستحي بعضهم أن يسأل عنها أحدا يعرفه.

بسيوني.. إنه يجيب إجابات مختصرة جدا مهما كانت الأسئلة طويلة فمثلا جاءه سؤال يقول: "أنا صيدلي وبتعرض لمواقف متكررة من بعض الأشخاص اللي بتسأل عن أدوية مخدرة أو أدوية بيسيئوا استخدامها بتضطر أرد عليهم بكلمة ( مفيش ) وهي موجودة بالفعل لكن لو قولتلهم انها موجودة ومش بتطلع غير بروشته غالبا بيحصل شد وجذب وأحيانا بتوصل للخناق حسب شخصية اللي قدامك ونسبة وعيه فهل عليَّ ذنب لما بقولهم مفيش ؟" فكانت إجابة بسيوني: "لا ذنب".

ومن شيوخ الآسك، تحتل صفحة حاتم الحويني، نجل الداعية السلفي أبو إسحاق الحويني، مكانة مميزة بين هذه الصفحات، فصفحته تحمل أكثر من 700 ألف إعجاب، وبالرغم من كثرة متابعيه إلا أنه لا يكثر من الرد على الإجابات كالآخرين، وأحيانا يكتب أبياتا من الشعر أو حكمة من حكم القدماء، والطابع العام لصفحته ليس بنفس الخفة التي تميز صفحات أخرى وقد يكون هذا سببا في منح الصفحة مزيدا من المصداقية، ولهذا تقل الأسئلة الهزلية الواردة إليها مقارنة بغيرها.

وأحيانا يسهب الحويني الابن في الإجابة على أسئلة متابعيه فمثلا جاءه سؤال يقول "رأيك يا مولانا في أكشاك الفتوى اللي اتعملت في المترو؟" فجاءت إجابته صفحة كاملة يتحدث فيها عن أهمية الخطوة وينتقد من سخر منها وقال: "مصر بها على الأقل 85 مليون مسلم، لو افترضنا جدلًا إن في منهم 5 ألف عالم وفقيه يصلحون (وده رقم مبالغ فيه جدًا جدًا جدًا) يبقى نصيب كل شيخ من الـ 5 ألف كام؟! يعني نصيب كل شيخ 17،000 شخص!! تخيل لو الشيخ رد على كل واحد السلام ها يخلصهم في كام يوم؟!...أنا أُثمن هذه الخطوة من دار الإفتاء، فهي مهمة جدًا، ومع أهميتها أخاف منها جدًا، إذ الدين الآن يُسيس للمصالح ولا حول ولا قوة إلا بالله، فأسأل الله أن يقي علماء ودعاة هذا الدين الفساد والفتن وأن يبارك في جهودهم وأن يحفظ عليهم دينهم".

أما أحمد سالم الشهير بـ"أبي فهر" فتحمل صفحته اكثر من مليون و200 ألف إعجاب، وتتميز صفحته بأنها حيوية جدا، وهو متابع لها بشكل مستمر ويجيب يوميا على كم هائل من الأسئلة، على مدار الأربع والعشرين ساعة، وهذا ما يفسر كثرة عدد متابعيه علاوة على أي صفحة آسك أخرى.

هذا بالإضافة إلى صفحات أخرى كثيرة أغلب أصحابها من الدعاة الشباب الذين يتلقون أسئلة بعضها يسألهم عن حياتهم الشخصية –فهي في الأصل صفحات شخصية- وبعضها يسألهم عن أحكام دينية لأشياء قابلتهم في حياتهم


من جانبه، أكد الدكتور محمد الشحات الجندي، عضو مجمع البحوث الإسلامية، أنه لا يؤيد مثل هذه الظاهرة، موضحا أن الإفتاء يعتمد على مواجهة السائل ومعرفة كيف حدثت الواقعة وغير ذلك من الأسئلة فالفتوى تحتاج إلى بيان، لأن من يسال يسأل بطريقة إيحائية أي يصيغ الفتوى بطريقة معينة لكي يحصل على جواب معين.

وأضاف الجندي في تصريحات خاصة لـ"البوابة"، أن هذا الأمر لا يخدم الفتوى ولا ينتج فتاوى منضبطة ولا تعبر عن صحيح الشرع ومن شأنها أن تؤدي إلى فتاوى مغلوطة وخاطئة حتى لو كان المتصدون للفتوى هنا حاصلين على شهادات أزهرية فلا يلزم من هذا أنهم مؤهلين للفتوى بل المؤهل للفتوى هو من درس الشريعة وعلوم الشريعة كالفقه المقارن والفقه العام وأسباب النزول وآيات الأحكام وأصول الفقه.

وتابع: "ينبغي عدم الاعتماد عليها وعدم اللجوء لها وأخشى أن تكون أشبه بوجبات الـ"تيك أواي".

كانت مشيخة الأزهر الشريف ودار الإفتاء ووزارة الأوقاف حاولوا تفعيل جميع الأساليب لمواجهة ذلك من خلال صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي وأكشاك فتوى في محطات المترو وتفعيل الجامع المدرسة، ورغم كل ذلك إلا أن هؤلاء المشايخ والدعاة الجدد ما زالوا يسيطرون على العقول إما بالأسلوب الجديد أو استثمار حالة الحب التي يتلقاها حسب التيار التابع لهم.


وفي هذا الصدد يقول الدكتور أحمد كريمة أستاذ الفقه المقارن والشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، إن هؤلاء يجب محاربتهم لأنهم كانوا سببا في تحول عقول الشباب وذلك من خلال ترك الفتاوى لغير المتخصصين من رجال الأزهر.

ويضيف كريمة، في تصريح خاص للبوابة نيوز، أن وقف تداول الفتاوى وغلق جميع الأبواب التي تستخدمها هؤلاء لنشر أفكارهم الشاذة أو غيرها من الفتاوى غير المسؤولة.