الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

اقتصاد

العالم يحيي بعد غد اليوم الدولي للتحويلات المالية الأسرية

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يحيي العالم لأول مرة اليوم الدولي للتحويلات المالية الأسرية في 16 يونيو من كل عام، ويهدف هذا اليوم إلى الإعتراف بالمساهمة المالية الكبيرة للعمال المهاجرين في رفاهية أسرهم في وطنهم وتحقيق التنمية المستدامة في بلدانهم الأصلية. كما يهدف هذا اليوم أيضا إلى تشجيع القطاعين العام والخاص، فضلا عن المجتمع المدني، إلى بذل المزيد من الجهود والتعاون من أجل تحقيق أقصى قدر من تأثير هذه الأموال بالنسبة للعالم النامي.
وقد اختارت جميع الدول الأعضاء الـ 176 لمجلس إدارة صندوق الدولي للتنمية الزراعية في دورته الـ 38 التي عقدت في فبراير عام 2015، يوم 16من يونيو ليكون اليوم العالمي للتحويلات الأسرية. وقد أعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن الهجرة الدولية والتنمية القرار 237 / 71 في يناير 2017، وقد دعمت 22 منظمة من منظمات الأمم المتحدة ضمن مجموعة الهجرة العالمية الاحتفال باليوم الدولي للتحويلات المالية الأسرية.
وقد أحتفل بهذا اليوم للمرة الأولى في 16 يونيو 2015 بحضور 400 شخصية من صناع السياسات وممثلين عن القطاع الخاص، وقادة المجتمع المدني في افتتاح المنتدى العالمي الخامس حول التحويلات والتنمية في ميلان، برعاية أميرة هولندا ماكسيما، بصفتها المناصرة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة فيما يتعلق بالشؤون المالية في التنمية الشاملة، وكانايو نوانزي، رئيس الصندوق الدولي للتنمية الزراعية، وإنريكو موراندو، نائب وزير الاقتصاد والمالية في إيطاليا.
ويمثل إعلان اليوم العالمي للتحويلات الأسرية فرصة ثمينة، ليس فقط للتعرف على جهود العمال المهاجرين على المستوى العالمي، ولكن أيضا من أجل تعزيز الشراكات الحالية وخلق مجالات جديدة للتعاون بين القطاعات بهدف تعزيز الأثر الإنمائي للتحويلات المالية في جميع أنحاء العالم من خلال: خلق الشراكات بين القطاعين العام والخاص لإيجاد بيئة تنظيمية وأسواق أكثر مواتاة لتدفقات التحويلات، وخاصة تحقيق "الشوط الأخير" للمجتمعات الريفية من خلال الوصول إلى الخدمات المالية والشمولية ؛ خلق مبادرات من القطاع الخاص للمساهمة في زيادة المنافسة، وخفض تكاليف المعاملات وتوفير منتجات مالية مبتكرة لتلبية احتياجات الأسر ذات الدخل المنخفض؛ وتعزيز تعاون المجتمع المدني من أجل تحديد مجموعة واسعة من الفرص الاقتصادية وتبادل المعارف التي تساهم في المزيد من الخيارات التي من شأنها أن تساهم في تحسين مستويات معيشة للأسر التي تعتمد على التحويلات.
ويوجد حاليًا ما يقرب من 250 مليون مهاجر دولي في جميع أنحاء العالم ممن يعيشون خارج بلدانهم التي يطلقون عليها اسم الوطن. وفي تاريخ الحضارة، دأب الكثيرون على ذلك العمل بحثًا عن فرص أفضل لأنفسهم وذويهم، باعتبار ذلك قدر الإنسان وظروفه التي وقع فيها.
وأضحت الهجرة من المناطق الريفية إلى المناطق الحضرية وعبر الحدود الوطنية في القرن الـ 21 بأعداد لم يسبق له مثيل. ويمكن عنونتها باسم "الوجه الإنساني للعولمة". وفيما يترك العديد من الناس بلادهم، يبقى آخرون هناك.
وتشير التقديرات إلى أن التحويلات العائلية المالية التي يرسلها العمال المهاجرون إلى أقاربهم تدعم 750 مليون شخص آخر في جميع أنحاء العالم. وتمس تحويلات المرسلين والمستفيدين معا بشكل مباشر حياة شخص واحد من بين كل 7 أشخاص في العالم.
وترسل أغلبية كبيرة من العمال المهاجرين الأموال إلى بلدانهم الأصلية عادة ما بين 200 أو 300 دولار أمريكي عدة مرات في السنة. وفي حين قد تبدو هذه المبالغ قليلة نسبيا، إلا أنها غالبا ما تمثل50 % أو أكثر من دخل أسرهم في الوطن. ففي عام 2015، وصلت التحويلات المالية الناتجة عن مليارات الدولارات مجتمعة معا إلى أكثر من 450 مليار دولار أمريكي، وهذا أكثر من 3 أضعاف المساعدة الإنمائية الرسمية لجميع المصادر الأخرى.
وقبل 15عاما، لم تكن لمساهمة التحويلات المالية الأسرية أهمية أو قيمة، وذلك بسبب عدم أهمية مساهمة العمال المهاجرين وأسرهم. ولكن تغير هذا الوضع بشكل كبير، حيث أصبحت التحويلات الآن جزءا هاما في جدول أعمال التنمية للحكومات والمنظمات الدولية العاملة في جميع أنحاء العالم من خلال خفض تكاليف النقل، وتعزيز الشمول المالي، وتعزيز أثر هذه الموارد لصالح الأسر والمجتمعات المحلية.
بمقدورنا إعطاء أهمية كبيرة لمساهمة كل دولار، يورو، جنيه استرليني، والروبل والين والدينار أو نايرا والذي يتم كسبه بشق الأنفس وأثرها في حياة العائلات في الوطن. وتمثل هذه التدفقات بالفعل حبل النجاة الضروري بالنسبة للملايين من الأسر، حيث يساعد في رفع مستوى معيشة العائلات وتمكينها، وتحسين الصحة والتعليم والسكن، أو في بدء أو توسيع الأعمال التجارية.
وهناك قدرة كبيرة لتأثير هذه التحويلات المالية والتعويل عليها. وفي الواقع، يمكن زيادة الأثر الإيجابي للتحويلات على المستوى المحلي ومساهمتها الكبيرة في توفير المزيد من الخيارات والفرص الاقتصادية للأسر المستفيدة.
ويرى الصندوق الدولي للتنمية الزراعية أنه من الممكن التعويل على هذه التحويلات وأثرها الكبير على المدن والقرى الريفية الصغيرة في البلدان النامية في جميع أنحاء العالم. وهنا، تقاس القيمة الكبيرة وأهمية التحويلات الفردية التي ترسل بانتظام من قبل الأب أو الأم أو الابن أو البنت أو الأخت أو الأخ إلى أسرهم كدليل على التفاني والالتزام بمستقبل أسرهم، وليس من خلال الملايين أو المليارات.
وتشير تقارير الصندوق الدولي للتنمية الزراعية، إلي أن هناك تأثيرا إيجابيا كبيرا لتدفقات التحويلات المالية، حيث تساهم بشكل كبير في عدة أولويات رئيسية في التنمية من خلال شراكات جديدة، وتحسين السياسات العامة وتوسيع نطاق الابتكارات عن طريق:

1- الإدماج المالي: حيث تعمل التحويلات الأسرية على تحسين فرص الحصول على منتجات وخدمات مصممة خصيصا، مثل الادخار والائتمان وفرص الاستثمار والتدريب المالي والوصول إلى المجتمعات الريفية.
2- نظم المدفوعات الدولية والمحلية: حيث تساعد البنية التحتية المالية الوطنية والإقليمية في الوصول إلى الأسواق المحرومة، وزيادة المنافسة وتمكين المدفوعات الإلكترونية والتكنولوجيات الجديدة التي سيطبقها.
3- الأمن الغذائي: من الممكن استثمار ادخارات المهاجرين والتحويلات في الزراعة وسلاسل القيمة لدعم الأسواق المحلية، وخلق فرص العمل وبالتالي تحسين الأمن الغذائي.
4- التدفقات فيما بين بلدان الجنوب: وتعتبر المعرفة وتكامل الأسواق وأنظمة المدفوعات وسيلة لتوسيع التجارة، وتوليد النمو الاقتصادي بتكاليف أقل للتحويلات.
5- الدول الهشة: إن توفر التحويلات المالية ليس فقط شريان الحياة لتلقي الأسر والمجتمعات المحلية في أوقات الحاجة، ولكن أيضا بذور فرصة كبيرة نحو الانتعاش والاستقرار.
6- المساواة بين الجنسين: حيث تشكل النساء الغالبية العظمى من عملاء التمويل الصغار، ويمكن أن تساهم التحويلات في توفير الموارد اللازمة لتوسيع الشركات العائلية الناجحة، وتعزيز الأنشطة الاقتصادية المحلية.
7- الشباب: يمكن أن تخلق التحويلات المزيد من الفرص - من خلال برامج التعليم والتدريب الموجه، مما يؤدي إلى خلق أنشطة ريادة الأعمال وفرص العمل للجيل التالي وتشجيعهم في البقاء في الوطن والمساهمة في مجتمعاتهم المحلية.

وفي سياق متصل، توقعت أحدث دراسة للبنك الدولي عن الهجرة والتنمية زيادة طفيفة في التحويلات المالية إلى البلدان النامية عام 2016 في ظل ضعف النمو العالمي. ومن المتوقع أن تزيد التحويلات المالية إلى البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل بنسبة 0.8% إلى 442 مليار دولار. هذا التعافي المتواضع الذي شهده هذا العام مدفوع بدرجة كبيرة بالزيادة في التحويلات التي ترسل إلى بلدان أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي. وعلى النقيض، هناك مناطق أخرى تشهد تراجعا في التحويلات التي يرسلها المغتربون. يأتي هذا في أعقاب انخفاض في مستوى التحويلات المسجلة لعام 2015.
وتشير الدراسة، إلي أن أسعار النفط ظلت عاملا مؤثرا في تقلص التحويلات من روسيا ودول مجلس التعاون الخليجي. وعلاوة على ذلك، لعبت العوامل الهيكلية دورا في الحيلولة دون زيادة التحويلات. واضطرت إجراءات مكافحة غسل الأموال البنوك إلى إغلاق حسابات عملاء تحويل الأموال، مما حول النشاط إلى قنوات غير رسمية.
كما حدت السياسات التي تفضل توظيف مواطني الدولة على الاستعانة بالعمالة الخارجية من الطلب على العمالة الأجنبية في دول مجلس التعاون الخليجي. وأدت القيود المفروضة على تداول العملة في دول تمتد من نيجيريا إلى فنزويلا إلى بطء عرقلة التحويلات.
ومن المتوقع أن يظل النمو العالمي في التحويلات إلى البلدان النامية متواضعا ليقف عند 3.5% خلال العامين القادمين. ويتوقع أن تحقق المناطق النامية نموا يصل إلى 2% أو أقل باستثناء أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي.
وقد ظل المتوسط العالمي لتكلفة تحويل 200 دولار في الربع الثاني من عام 2016 عند 7.6%، انخفاضا من 9.8% عام 2008. وما فتئت منطقة أفريقيا جنوب الصحراء أعلى المناطق كلفة في تحويل الأموال إليها إذ تبلغ 9.6% بينما منطقة جنوب آسيا هي الأقل تكلفة في إرسال التحويلات إليها.
ويؤكد "أوجستو لوبيز كارلوس" مدير مجموعة المؤشرات العالمية بالبنك الدولي، أن التحويلات تظل مكونا مهما في الاقتصاد العالمي، متفوقة في ذلك على المساعدات الدولية. هذا الواقع الجديد من تضاؤل نمو التحويلات يمكن أن يشكل تحديا لملايين الأسر التي تعتمد عليها بشدة.
وأضاف كارلوس، أن هذا بدوره يمكن أن يؤثر بدرجة خطيرة على اقتصاد العديد من الدول في مختلف أنحاء العالم ليجلب العديد من التحديات الجديدة للنمو الاقتصادي.
وقد تناولت دراسة أعدها البنك الدولي تحت عنوان "الهجرة والتنمية: دور لمجموعة البنك الدولي"، عرضا عاما للدوافع الرئيسية للهجرة والمنافع والتحديات الاقتصادية المصاحبة لها.
كما تحدد الدراسة دورا لمجموعة البنك الدولي ومؤسسات التمويل الدولية لكي تضطلع به في هذا المجال، ومن ثم تكمل إعلان نيويورك بشأن اللاجئين والمهاجرين الذي تم الاتفاق عليه في قمة الأمم المتحدة حول اللاجئين والمهاجرين التي عقدت في 19 سبتمبر 2016.
وبوسع مؤسسات التمويل الدولية المساهمة في أجندة الهجرة العالمية من خلال أربعة مجالات: (1) تمويل برامج الهجرة؛ (2) التصدي للدوافع الرئيسية للهجرة؛ (3) تعظيم فوائد الهجرة وإدارة مخاطرها في البلدان المصدرة والمستقبلة للمهاجرين؛ (4) التوعية لوضع سياسات مستنيرة وتحسين التصورات السائدة عند الجمهور.
وتشير الدراسة إلى وجود ما يقرب من 250 مليون مهاجر في العالم ونحو ثلاثة أضعافهم نازحون في الداخل. ويضم هؤلاء 21.3 مليون لاجئ (من بينهم 5.2 مليون لاجئ فلسطيني). ورغم الارتفاع الكبير في عدد اللاجئين مؤخرا، فإنه لم يبلغ المستويات التي بلغها في أوائل تسعينيات القرن الماضي. ووجدت الدراسة أن الهجرة بين دول المنطقة كبيرة وأن الهجرة بين دول الجنوب تفوق الهجرة من الجنوب إلى الشمال. ويظل انعدام المساواة، والعوامل الديموغرافية وتغير المناخ هي الدوافع الرئيسية للهجرة الاقتصادية. وأشار "ديليب راثا" المؤلف الأول للبحث ورئيس مبادرة الشراكة العالمية في المعرفة بشأن الهجرة والتنمية، إلي أن الهجرة مفيدة بدرجة هائلة، إلا أن هناك ثمن يجعل التصورات السائدة عنها عند الجمهور تميل إلى السلبية. ومع استعداد المجتمع الدولي لصياغة عقد عالمي حول الهجرة بحلول عام 2018، فإن هناك حاجة إلى أفكار ثورية للاستفادة من المزايا المقترنة بالهجرة والحد من مخاطرها. والنظر إلى الهجرة من منظور الحد من الفقر وتعزيز الرخاء المشترك يمكن أن يوفر إطارا لاستجابة شاملة.
وأشار تقرير البنك الدولي لعام 2016، إلي أن الاتجاهات الإقليمية للتحويلات النقدية تشير أن التوقعات المستقبلية للتحويلات ساءت في شرق آسيا والمحيط الهادئ بسبب ضعف الاقتصاد العالمي. فقد انخفض النمو من 4.1% عام 2015 إلى 2.1% عام 2016، مع ترجيح بأن تشهد الفلبين أبطأ نمو منذ عقد. ويتوقع أن تزيد التحويلات إلى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بنسبة 1.5% عام 2016، إلا أن هناك توقعات بتقلص التحويلات من دول مجلس التعاون الخليجي، ومن المتوقع أن تعود إلى التعافي التدريجي بعد 2016. كما يتوقع أن تنخفض التحويلات إلى أوروبا وآسيا الوسطى مرة أخرى بنسبة 4 % عام 2016. ومع هذا، فإن هذا أقل بكثير من الانخفاض الذي شهدته عام 2015 والذي بلغ 22.5%. وتظل بعض دول المنطقة، ومنها بلغاريا والجبل الأسود والبوسنة والهرسك، معرضة لتحقيق نمو متواضع في التحويلات.
في حين شهدت منطقة أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي زيادة في تدفق التحويلات المالية في النصف الأول من عام 2016، ويرجع هذا أساسا إلى تعافي الاقتصاد الأمريكي. ومن المتوقع أن تزيد التحويلات إلى المنطقة بنسبة 6.3% لتصل إلى 72 مليار دولار بنهاية 2016. وستشهد منطقة جنوب آسيا خلال هذا العام تراجعا في التحويلات الواردة إليها بنسبة 2.3%، ويعزى هذا أساسا إلى تأثير انخفاض أسعار النفط وسياسات إحلال العمالة الوطنية محل الأجنبية على التحويلات الواردة من دول مجلس التعاون الخليجي. وبالمضي قدما، يتوقع أن يظل نمو التحويلات الواردة من المنطقة منخفضا. ووفقا للتوقعات، ستتراجع التحويلات إلى منطقة أفريقيا جنوب الصحراء بنسبة 0.5% عام 2016. وبالنسبة لعام 2017، يتوقع أن تزيد التحويلات بنسبة 2.5%، مدعومة في ذلك بثباتها في نيجيريا التي تستحوذ على ثلثي التحويلات التي ترد إلى المنطقة.