الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

ننشر نص البحث المقدم من المستشار "خفاجي" لمجلس الدولة للفصل بين السلطتين التشريعية والقضائية.. الاستقلال ليس تمييزًا.. 10 نصوص دستورية تدعمه.. والنواب يكيل بمعيارين

المستشار الدكتور
المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
وسط ظلام الصدام بين السلطتين التشريعية والقضائية حول مشروع قانون رؤساء الجهات والهيئات القضائية واحتدام الجدل بين الجانبين، قدم المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة إلى قيادات المجلس بحثا، حصل به على الدكتوراة منذ 20 عاما عن مبدأ الفصل بين السلطات لإرساء العدل من ناحية، وصون لتشريع عصرى جديد من ناحية أخرى ولإعلاء ساحة الحوار بين السلطتين، بدلًا من مستنقع الاحتراب بين السلطات، وصاغ خفاجى بحثه على هيئة أسئلة وإجابات لتغطي كافة جوانب الجدال في القضية.

في البداية ما مفهوم استقلال السلطة القضائية وهل هو مستمد من الدستور أم من التشريع ؟
يقول خفاجى إن استقلال السلطة القضائية ليس تمييزًا لها، فهي سلطة أصيلة تقف علي قدم المساواة مع السلطتين التشريعية والتنفيذية‏،‏ وتستمد وجودها وكيانها من الدستور ذاته لا من التشريع‏،‏ وقد أناط بها الدستور وحدها أمر العدالة مستقلة عن باقي السلطات‏،‏ ومن ثم فلا يجوز -عن طريق التشريع- إهدار ولاية تلك السلطة كليا أو جزئيا‏ًً‏ أو المساس باستقلالها أو الانتقاص منه ولئن كان الدستور قد نص في المادة‏ (184)‏ منه على أن يبين القانون صلاحيتها فإن المقصود بذلك أن يتولى الشارع توزيع ولاية القضاء كاملة علي السلطة القضائية علي نحو يكفل استقلالها، وتعرضت تلك المادة في مقترح مجلس لنواب لجريمة ذات شقين الأولى جريمة التدخل في شئون العدالة والثانية جريمة التدخل في القضايا، وهنا يلزم التدخل بصدد قضية معينة، وجعل المشرع هذه أو تلك جريمة لا تسقط بالتقادم لعظم شأن العدالة.
وذكر أن المشرع الدستورى حرص على تقرير مبدأ السلطة القضائية في عشرة نصوص دستورية كل في موضعها وتتكامل جميعها في بوتقة مبدأ استقلال القضاء، وهى المواد (94 و184 و185 و186 و190 و191 و194 و196 و197) وأن المشرع الدستورى الزم مجلس النواب بأخذ رأيها في مشروعات القوانين المنظمة لشئونها، واستخدام المشرع للفظ "رأيها" لا يعنى إهداره والعمل على نقيضه، مشيرًا إلى استخدام المشرع الدستورى للفظ استقلال القضاء في عشرة نصوص له دلالته الدستورية التى يعيها رجال الفكر والفقه الدستورى، ومن مقتضى ذلك أن يتمتع مجلس النواب بسلطة إصدار التشريعات بما لا يمس مبدأ استقلال القضاء أو ينتقص منه.

كيف ورد استقلال السلطة القضائية في الدساتير السابقة وتأثيره على دعائم الحكم؟
أكد نائب رئيس مجلس الدولة أنه وإذا كان العدل أساس الملك فإن استقلال القضاء هو أساس العدل وقد اهتم دستور ‏1923 بإبراز هذه الحقيقة‏،‏ وقد أوجبه دستور‏ ‏1971‏ استقلال القضاء عن السلطتين التشريعية والتنفيذية وأكدها دستور 2014 بعشرة نصوص دستورية.وأنه بالرجوع للجذور التاريخية أن استقلال القضاء ورد في المذكرة الإيضاحية لقانون استقلال القضاء رقم ‏66‏ لسنة ‏1943‏ والخلاصة أن استقلال القضاء ضرورة دستورية كأساس لشرعية الحكم، وضرورة مجتمعية كذلك لتحقيق العدالة في المجتمع وترسيخ مفاهيمها وأواصرها وضبط مسارها، والضمان الفاعل لاحترام مبدأ المشروعية وارتقاء مكانته وتحقيق سيادة القانون وعلو كلمته.
هل مشروع مجلس النواب ينتقص من استقلال القضاء.. وما نواحى الانتقاص؟
يقول الدكتور محمد خفاجى أن مجلس النواب في حدود الدستور له سلطة التشريع مالم يقيده الدستور بقيود معينة وأن مشروع القانون –محل البحث– يستر عدوانًا على مبدأ استقلال القضاء وهو من المبادئ الدستورية، ويتعين سد هذا التحايل لأنه يفتح بابًا خطيرًا للمشرع للعدوان على القضاء.
وأوضح خفاجى بالرجوع إلى مشروع النص المعد من مجلس النواب يبين منه حثيث غاية المشرع في تتبع عدة فروض بطريقة التلاحق لا بطريقة التنظيم، ويمكن القول هنا إن المشرع خلط الأغراض المخالفة للدستور –المتمثلة في مبدأ استقلال القضاء– بأغراض ظاهرها الصحة ليحقق خفيةً بمشروع هذه النصوص ما عجز علانية عن انفاذه بما جعلها خارجة من رحمها موصومة بها في كل حلقاتها.كما تتحقق مخالفة مشروع تلك النصوص للدستور ولو كان خطأ مجلس النواب يرجع إلى عدم فهمه لنصوص الدستور على صحيح وجهها والذى أكده المشرع الدستورى عشر مرات في الدستور بتكرار النص في أكثر من مناسبة عن استقلال القضاء.
هل سلب القضاة إرادتهم في اختيار رؤسائهم جريمة.. ولو كانت كذلك ما أركانها.. وما رأيك فيما قاله مجلس النواب بأن مشروع القانون من اطلاقات سلطة مجلس النواب دستوريًا؟
يقول المستشار الدكتور محمد خفاجى ردًا على على ذلك إن مجلس النواب أعلن أنه غير ملزم دستوريًا بما ينتهى إليه رأى الجهات والهيئات القضائية دون الزامه بالموافقة عليها، وأن مطالبة القضاة بمعيار الأقدمية على خلاف مشروع القانون هو إهدار بمبدأ الفصل بين السلطات وتدخل في صميم عمل البرلمان، وهو ما يحتاج إلى وضع هذا القول في الميزان الدستورى، ليبين مدى رجحانه أو إخفاقه، وهل ثقلت موازينه فينعم رجال العدل بعيشة راضية أم خفت موازينه فيلقى بالعدالة في الهاوية.
ويضيف الدكتور محمد خفاجى أنه لكل نص تشريعى حالة حدوثية يعالجها لا قوام لها بغيرها ما لا حدوث لها فإذا ما انصرفت مخيلة المشرع من تنظيم قصده لمعالجة حالة حدوثية وامتدت إلى معالجة عدة حالات فرضية متلاحقة لإصراره على حالات ليست متناهية عد مخالفًا لأصول التشريع، مفصحًا بذلك عن أن ما يركن إليه ابتداء في قاعدة هى في الأصل تنظيمية فيجعلها في ركاب زواجره ونواهيه، ذلك أن جوهر ملامح أى تشريع، هي التي يتعين ضمانها من خلال قواعد محددة تحديدًا دقيقًا ومنصفًا ومنضبطًا، تكون محورها الحالة ذاتها وهى طريقة اختيار رؤساء الجهات والهيئات القضائية بالعدل والقسطاط بما يعبر عن مبدأ دستورى قوامه استقلالهم لا في نظر قضاياهم وانما في كافة مناحى شئون العدالة وأقلها إعلاء إرادتهم بشأنها، لا طبقًا لما وضعه من نص اَثم يغل إرادة استقلال القضاء.
ويشير الدكتور محمد خفاجى إلى أنه لا يجب على السلطة التشريعية أن تعزل السلطة القضائية عن نفسها عن اختيار من يمثلها بما تجيل بصرها فيها، منقبة من خلال عناصرها عما يرونه القضاة عدلًا وحقًا قصدوا إليه الأقدمية معيارًا مجردًا، ومن ثم تعكس هذه العناصر تعبيرًا ماديًا ملموسًا عن إرادة واعية، وهذه الإرادة الواعية هي التي تتطلبها الأمم المتحضرة في مناهجها في مجال استقلال السلطة القضائية بوصفها ضمانة أساسية لحقوق وحريات المواطنين من ناحية وركنًا من أركان شرعية الحكم في الدولة من ناحية أخرى، لتكون أصلا ثابتا كامنًا في طبيعتها، وليس أمرًا فجًا أو دخيلًا مقحمًا عليها أو غريبًا عن خصائصها. ذلك أن حرية إرادة القضاة تعنى حرية الاختيار وهم الاقدر على التمييز، لا يعهد بهذا الاختيار لرئيس الجمهورية وحده وهو بحكم طبيعيته البشرية –أى رئيس بصفته– يتنازع جوانحه الخير والشر بحكم بشريته. ولكل رئيس وجهة هو مُوَلِّيها، لتنحل ارادته في الاختيار لرؤساء الجهات والهيئات القضائية -في معناها- إلى علاقة تقوم على مَن مِن بين هؤلاء جديرًا بالاختيار، وغدا أمرًا ثابتًا -وكأصل عام- ألا يحرم القضاة من اختيار رؤسائهم الاختيار الحر.

هل يجوز في النظام القضائى أن يتولى الأحدث مقام الأقدم كما يريد مشروع القانون؟
يقول المستشار الدكتور محمد خفاجى إن ما يجهله مجلس النواب أنه فى ظل النظام القضائى لا يجوز أن يكون المرؤوس رئيسًا لرئيسه، فهذه النصوص انهدام لعراقة القضاء وتجريده من أقدميته وهى عزته وشرفه وسمعته التى عاش بها جيلًا بعد جيل، ويضيف أن مشروع القانون المتقدم سيثير فتنة داخل الأسرة القضائية الواحدة، إذ ما هو المعيار المنضبط لهذا الاختيار إلا للولاء لإرادة من اختاره لأن القضاة هم أيضًا ينتمون للطبيعية الكامنة في النفس البشرية، الغائرة في أعماقها، وهو ما يقتضى أن تكون طريقة اختيار رؤساء تلك الجهات والهيئات القضائية محددة بصورة يقينية لا التباس فيها. ذلك أن هذه القوانين تدعو المخاطبين بها إلى الامتثال لها كي يدفعوا عن حقهم في خبرة السنين التى تراكمت خلف ظهورهم فانحنت تقديسًا لتراب هذا الوطن ومن ثم كان أمرًا مقضيًا، أن تصاغ النصوص التشريعية المنظمة للسلطة القضائية بما يحول دون المساس بها أو تباين الآراء حول الانتقاص منها.
هل ترى أن رئيس الجمهورية في الدستور الجديد ما زال حكمًا بين السلطات كدستور 71.. وهل ما زال يرأس مجلس القضاء؟ 
يقول المستشار خفاجى إن رئيس الجمهورية في الدستور الجديد لم يعد حكمًا بين السلطات ولم يعد يرأس المجلس الأعلى للقضاء وذلك له دلالته الدستورية، فكيف يختار رؤسائه؟ وأن تضمن دستور 1971 نصًا في المادة (73) منه بأن رئيس الجمهورية يرعى الحدود بين السلطات لضمان تأدية دورها في العمل الوطنى، ولم يعد ذلك النص قائمًا في دستور 2014 أى لم يعد رئيس الجمهورية الحكم بين السلطات الثلاث بعد أن حدد لكل سلطة حدودها وأُطرها واختصاصاتها، كما أن دستور 1971 قد نص في مادته (173) على أن تقوم كل هيئة قضائية على شئونها ويشكل مجلس يضم رؤساء الهيئات القضائية يرأسه رئيس الجمهورية ويرعى شئونها المشتركة، ويبين القانون تشكيله واختصاصاته وقواعد سير العمل به، وهذا النص بدوره الغاه دستور 2014 إذ جاءت المادة (188) منه خالية من رئاسة المجلس الأعلى للقضاء من رئيس الجمهورية وهذا أمر له دلالته الدستورية في عميق الفكر الدستورى بغل يد الرئيس عن التدخل في شئون العدالة بمعناها الواسع وليس بصدد قضايا معينة وكلتاهما باتت جريمة بنص المادة (184) من الدستور الحالى لا تسقط بالتقادم وما يسرى على الرئيس كسلطة تنفيذية بشأن هذين الجريمتين يسرى من باب أولى على السلطة التشريعية حينما تقدم على تشريع ينال أو ينتقص من شئون العدالة.
هل تعتقد أن مجلس النواب يطبق الدستور بمعيارين.. وما الفرق بين طريقة اختيار رئيس مجلس النواب وطريقة اختيار رؤساء السلطة القضائية.. وما دور رئيس الجمهورية في الحالتين؟
يقول المستشار الفقيه المستشار الدكتور محمد خفاجى إن مجلس النواب مجلس النواب يطبق الدستور بمعيارين، الأول فيما يخصه باختيار رئيسه والثانى إهداره عشرة نصوص دستورية عن استقلال القضاء فى اختيار رؤسائه وأن ما أعلنه مجلس النواب بانه مطلق السلطة دستوريا في مشروع القانون هو الذى ينال من مبدأ الفصل بين السلطات ويخل بالتوازن والتعادل بينها، ويقوض دعائم شرعية الحكم في البلاد، فمن بين مفاهيم مبدأ الفصل بين السلطات حقيقة لا شعارًا ألا تطغى سلطة على أخرى أثناء ممارسة اختصاصاتها الدستورية، كما أن العصر الحديث انتهى إلى أن الفصل بين السلطات يجب أن يكون فصلًا مرنًا بالتعاون فيما بينها وليس فصلًا جامدًا، وهذا التعاون يكون بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، لأن السلطة القضائية بطبيعتها مستقلة، ويجب ألا تكون في ميدان التعاون بحكم ولايتها وإنما تكون على القمة في التوازن مع باقى السلطات، فكيف يشرع مجلس النواب لاستقلاله هو ثم يمس استقلال السلطة القضائية؟!
ويشير الدكتور محمد خفاجى إلى أن مبدأ الفصل بين السلطات برئ مما يسنون غدرًا في سحب استقلال القضاء الذى هو عماده وكرامته، ومبدأ الفصل بين السلطات قد خجل مما يقولون، وفى الميزان الدستورى هم الخاسرون، وتفسير ذلك واَيته، إنه وفقًا لنص المادة (12) من القانون رقم (1) لسنة 2016 بإصدار اللائحة الداخلية لمجلس النواب ينتخب المجلس من بين أعضائه في أول اجتماع لدور الانعقاد السنوي العادي الأول الرئيس والوكيلين لمدة الفصل التشريعي، وأن مجلس النواب قنن لنفسه اختيار رئيسه دون تدخل من رئيس الجمهورية، ويريد تشريعًا يتدخل فيه رئيس الجمهورية فى اختيار رؤساء الجهات والهيئات القضائية بما يمس استقلالهم، فإذا قيل أن هذا التقنين جاء تطبيقًا لنص المادة (117) من الدستور الحالى الذى نص أن ينتخب مجلس النواب رئيسه، فلماذا يطبق مجلس النواب النص الدستورى الخاص بانتخاب رئيسهم ثم يهدرون الدستور فى عشرة نصوص دستورية تتعلق باستقلال القضاء المواد(197،196،194،193،191،190،186،185،184،94) فهل تجدون الفكر الدستورى مما يجيز لكم التشريع خارج حدود الدستور، ففى علم القانون أفلا تستحون ولا تخشون؟!
كما يضيف الفقيه الدكتور محمد خفاجى أن الأسوأ مما تقدم، أن مجلس النواب قنن لنفسه أيضًا أنه يحقق علم رئيس الجمهورية باختيار رئيسه بمجرد الاخطار وفقًا (13) من قانونه، فأين أنتم من توازن السلطات.. وأين لديكم تعادل السلطات؟! وقد أهدرتم مبدأ الفصل بين السلطات في معاناه وأدميتموه في فحواه بمشروع ينزف دمًا في مغزاه، وخالفتم ما هو مستقر عليه في كافة دساتير العالم، وتجاهلتم عشرة نصوص دستورية مصرية، وغم عليكم ادراك الفقه والفكر الدستورى المقارن في أقل الدول ديمقراطية وفهمًا للفصل بين السلطات.
ما طوق النجاة والحل من وجهة نظرك لإنهاء تلك الأزمة بين القضاء والبرلمان.. وهل ترى طريقة اختيار رؤساء الجهات والهيئات القضائية في مشروع القانون تتفق مع طريقة اختيار رئيس المحكمة الدستورية العليا؟
يقول الفقيه المستشار الدكتور محمد خفاجى إن التماثل فى المراكز القانونية التى تنتظم طريقة اختيار رئيس المحكمة الدستورية تستوجب وحدة القاعدة القانونية التى ينبغى أن تنتظم سائر رؤساء الجهات والهيئات القضائية وقد تضمنت المادة (193) من الدستور الحالى –خلافًا للدساتير المصرية السابقة- طريقة اختيار رئيس المحكمة الدستورية العليا بأن تختار الجمعية العامة رئيس المحكمة من بين أقدم ثلاثة نواب لرئيس المحكمة كما تختار نواب الرئيس، وكان هذا النص لسببين: الأول يرجع إلى حكم ما قبل ثورة 25 يناير من سد الطريق على اختيار رئيس لها من خارج قضاتها، والثانى يرجع إلى ما قبل ثورة 30 يونيه 2013 مما تعرضت له تلك المحكمة من تهديد وعدوان غاشم من الفاشية الدينية، فأراد المشرع الدستورى أن يضمن طريقة اختيار رئيسها، ولا يتصور أن يكون مقصود المشرع الدستورى ذاته من تحديد طريقة اختيار رئيس المحكمة الدستورية أن يتضمن تمييزًا لها عن جهات القضاء وهيئاته، وإذ جاز القول بذلك التمييز المنهى عنه دستوريًا بإجماع دساتير العالم لتناقض المشرع الدستورى مع نفسه وخالف هو ما يسنه للمشرع العادى من إعمال مبدأ المساواة للأقران، وذوى المراكز المتماثلة. 
وأوضح الدكتور محمد خفاجى أنه لا يتصور أن يكون مقصود المشرع الدستورى ذاته من تحديد طريقة اختيار رئيس المحكمة الدستورية أن يتضمن تمييزًا لها عن جهات القضاء وهيئاته، وإذ جاز القول بذلك التمييز المنهى عنه دستوريًا بإجماع دساتير العالم لتناقض المشرع الدستورى مع نفسه وخالف هو ما يسنه للمشرع العادى من إعمال مبدأ المساواة للأقران، وهذا ما يتنزه عنه المشرع الدستورى إذا قيل بذلك التفسير بالتمايز، أتشرعون للناس بالمساواة وتميزون الدستورية دون السلطة القضائية وتخالفون وحدة تنظيم الأقران، أفلا تقارنون؟!
هل ترون مشروع قانون مجلس النواب عن اختيار رؤساء الهيئات القضائية يخالف المعايير الدولية؟
يقول المستشار الدكتور محمد خفاجى إن المواثيق والإعلانات العالمية نصت على مبدأ استقلال القضاء كدعامة أساسية لتحقيق لعدالة وحماية حقوق الإنسان ولا يتسع المجال هنا لسردها وأنه بناء على هذه المبادئ الدولية يمكن القول مشروع القانون الذى اعده مجلس النواب المصرى على صورته الراهنة يمثل مخالفة للمعايير الدولية التى اعلت من شأن استقلال القضاء فى كل دولة.