الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

لمصلحة مَن الاستقواء بالخارج؟!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
منذ ثورة ٣٠ يونيو، التى قام بها الشعب المصرى، وانضمت إليها قواتنا المسلحة وجهاز الشرطة، وذلك تصحيحًا لثورة ٢٥ يناير، وكان من أهم نتائجها إسقاط حكم الفاشية الدينية، التى انخدع بها شعبنا، ونحن نحقق نجاحات عديدة على كل الأصعدة المختلفة، ويكفى استرداد الدولة ومؤسساتها لهيبتها وصدق من قال إننا كنا نعيش فى شبه دولة. كما استرددنا مكانتنا على المستوى العالمى والإفريقى والعربى، وهذا مكننا من إقامة العديد من المشاريع القومية الضخمة، والتى ستؤدى إلى نقلنا نقلة نوعية على طريق التنمية، لو تم استكمالها وحققنا هذا، رغم ضربات الإرهاب الأسود لفلذات أكبادنا من أبناء القوات المسلحة وجهاز الشرطة والمواطنين الأبرياء، وهذه الضربات لا تفرّق ما بين أبناء الوطن باختلاف انتماءاتهم، سواء مسلمين أو مسيحيين ومحاولة الإرهابيين الأخيرة بالتركيز على استهداف الإخوة المسيحيين بالعريش ما هى إلا خدعة مكشوفة، وغرضهم من استهداف إخواننا المسيحيين من أبناء العريش هو التخديم على مخطط ستروج له أمريكا وإسرائيل وإنجلترا ومن يدور فى فلكهم، حول «حماية المسيحيين فى مصر» للتدخل فى شئوننا الداخلية، على غرار ما حدث فى سوريا أو العراق أو ليبيا، وعلى إعلامنا مراعاة ذلك مستقبلًا، وعلينا أن نعد ملفًا كاملًا وموثقًا لكل الجرائم البشعة التى ارتكبتها الجماعات الإهابية فى حق شعبنا، وإبراز الفرق ما بيننا وبينهم، فحينما تنجح قواتنا المسلحة أو جهاز الشرطة فى ضبط بعض الإرهابيين أحياء عقب التصدى لهم من خلال المواجهات المسلحة، تقوم بعرضهم على النيابة تمهيدًا لمحاكمتهم وتوفير كل الضمانات القانونية لهم، والتعامل معهم بما يحفظ كرامتهم، ولا تتم تصفيتهم جسديًا أو التمثيل بجثثهم كما يفعلون مع أبنائنا، وخير دليل محاكمة «حبارة» أو قضايا تنظيم أنصار بيت المقدس أمام دوائر الجنايات، ونأمل أن يقوم بهذا منظمات المجتمع المدني، كما يطلقون على أنفسهم، لأننا لم نقم بتشكيل منظمات المجتمع المدنى الحقيقية بدلًا من أن يقوموا بالاستقواء بالخارج وتأليب الرأى العالمى والمنظمات العالمية ضد بلدهم وإعطائهم فرصة للتدخل فى شئوننا، مع تسليمنا بأن هذه المنظمات تقوم بالكيل بمكيالين! وبدلًا من التقارير المسمومة التى يقومون بإعدادها عن كل مناحى الحياة فى بلدنا، والتى تتضمن معلومات غير صحيحة ومفبركة نظير المبالغ المالية التى يحصولنها من تلك المنظمات تحت مسمى «تمويل». ونأمل أن يصحو ضميرهم الوطنى، مع تسليمنا بأن هذه المبالغ التى يحصلون عليها يقومون بإنفاقها على أغراضهم الشخصية، سواء فى شراء القصور والفيلات والشقق الفاخرة واقتناء أحدث موديلات السيارات الفارهة، والإقامة بفنادق ٥ نجوم تعويضًا عن أيام الفقر التى كانوا يعيشونها، ناهيك عن شراء الذمم لإعلاميين للترويج لهم وإبرازهم فى صورة مناضلين وأبطال، بالمخالفة لحقيقة نشأتهم التى نعرفها جيدًا وحينما تتدخل الدولة للحد من هذا الدور المشبوه حماية للأمن القومى، يسارعون للاستقواء بهذه المنظمات وحكوماتهم، للتدخل فى شئوننا، وهذا يفسّر العديد من التقارير التى صدرت فى الأسبوع الماضى، سواء تقرير وزارة الخارجية الأمريكية أو البريطانية أو منظمة العفو الدولية، أو ما ظهر خلال زيارة المستشارة الألمانية «ميركل»، وتحاول هذه التقارير إبراز أنهم مضطهدون وممنوعون من السفر، والتحفظ على أموالهم التى يحصلون عليها من تلك المنظمات بدون وجه حق، وإحالتهم للمحاكمة، وأن هذا يعتبر اعتداء جسيمًا على حقوق الإنسان فى مصر. وأخيرًا كان تدخل رئيس منظمة العمل الدولية السافر بمناسبة صياغة مشروع قانون العمل الجديد، الذى قامت بإعداده وزارة القوى العاملة استنادًا - أيضًا - لشكاوى غير صحيحة تلقاها من أصحاب بوتيكات ما تسمى النقابات المستقلة، والتى تعد شكلًا آخر من أشكال منظمات تلقى التمويل الأجنبى من الخارج، والتى لا وجود لها حقيقيًا على أرض الواقع إنما كيانات ورقية ولدت بمجرد إعلان صدر من وزارة القوى العاملة عقب ثورة ٢٥ يناير، كإحدى أدوات الفوضى العارمة التى كانت تنشدها وزيرة خارجية أمريكا كونداليزا فى مصر إبان إدارة الرئيس أوباما، وبالرغم من قيامنا بإعداد دستور من خلال جمعية تأسيسية ممثلة لكل أطياف المجتمع، وتم استفتاء الشعب الذى وافق عليه، وبه المادتان ٧٦ و٧٧ التى تنهى هذه الكيانات وتولى عددًا من الوزراء لوزارة القوى العاملة، ولم يلغ هذا الإعلان مع صدور أحكام قضائية وفتاوى من إدارة الفتوى والتشريع بمجلس الدولة بعدم مشروعية هذه الكيانات، إلا أنها ما زالت موجودة ومستمرة، الأمر الذى يثير الشك والريبة، وسبق لنا تناول هذا الموضوع وشكاوى هذه الكيانات لرئيس منظمة العمل الدولية أن مشروع قانون العمل الجديد خلا من مادة تنص على وجود هذه الكيانات، متناسين أن مشروع قانون العمل الجديد يجب أن يكون متسقًا مع أحكام الدستور، وإلا حكم بعدم دستوريته، وكذلك أحكام القانون والأحكام القضائية التى صدرت، ونحن نتوقف أمام هذا الأمر لإيضاح عدد من النقاط:
أولاً: أن تدخل السيد رئيس منظمة العمل الدولية فى مناقشة مشروع قانون، لم يعرض بعد على البرلمان، يعد تدخلًا سافرًا فى شئوننا الداخلية، ويتعارض مع مواثيق الأمم المتحدة وميثاق منظمة العمل الدولية التى يرأسها والاتفاقيات الدولية، خاصة الاتفاقية الدولية ٨٧ (اتفاقية الحرية النقابية وحماية حق التنظيم) والمادتين ٨ فقرة (١) والمادة ٩ (١).
ثانيًا: أن هذه الكيانات غير الشرعية ما هى إلا أداة أساسية للعبث بأمننا القومى، من خلال علاقاتها بالاتحاد الحر الذى يسيطر عليه الهستدروت الإسرائيلى واتحاد عمال أمريكا، وننوه بأن كلا من أمريكا وإسرائيل لا يوجد بها سوى اتحاد واحد للعمال، ولم يأخذوا بنظام التعددية النقابية الذى يروّجون له على مستوى الحركة النقابية الدولية، ونتمنى أن يعى مدعو النضال لدينا ذلك وأصحاب هذه البوتيكات.
ثالثًا: لم نجد أى تعقيب لهذه الكيانات بشأن الخلاف الذى دبّ ما بين وزارة القوى العاملة وقسم التشريع والفتوى بمجلس الدولة حول مادة الفصل التعسّفى فى مشروع قانون العمل الجديد الذى قدمته الوزارة لمجلس الدولة لمراجعته، تمهيدًا لإحالته للبرلمان، فقسم التشريع اعترض على المادة المتعلقة بالفصل، والتى تستوجب عدم جواز الفصل إلا عن طريق المحكمة، أى بصدور حكم قضائى، وذهب إلى أن حق الفصل من سلطات رب العمل ولا معقّب عليه، بينما وزارة القوى العاملة تمسّكت بالنص الذى وضعته، وهذه الضمانة ليست من عنديات وزارة القوى العاملة، إنما تفعيل لمواد الدستور الذى وافق عليه الشعب المصرى من خلال استفتائه عليهرابعًا: كما أننا لن ننسى دور منظمتكم فى إنفاق مبالغ مالية طائلة فى إعداد وإصدار قانون العمل الحالى رقم ١٢ لسنة ٢٠٠٣، من خلال استضافة عدد من النقابيين بفنادق الـ٥ نجوم بالزمالك، حتى تتم الموافقة على هذا القانون وتمريره، والذى يعد من أسوأ قوانين العمل، وبه انتقاص شديد لحقوق العمال المصريين وهذا يؤكد أنكم لا تدافعوا عن حقوق العمل، إنما لكم أجندتكم الخاصة، ونقول لمدعى النضال كفى استقواء بالخارج، لأن هذا ضد مصلحة الوطن، والمنظمات الأجنبية لها مصالحها الخاصة المتعلقة بالدول المسيطرة عليها.