الثلاثاء 14 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

التعايش هو الحل

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
غلب استخدام مصطلح إسلام ومسلمين، بما يرمز إلى الفئات المتطرفة، التى صارت بسبب جرائمها تمثل العنوان البارز للدين وأهله، وهذا الاختصار بطبيعة الحال ظلم الجميع دون تمييز. وعندما طرحت أمس مفهوم إسلامين اثنين؛ إسلام المعتدلين وإسلام المتطرفين، لم يكن الهدف منه فقط تصحيح المصطلح والصورة، ضد التمييز والتعميم الظالم؛ بل أيضًا حتى لا ننجر أنفسنا وراء الدعاية الصادرة عن الأنظمة والجماعات الشريرة، وندافع عنها باسم الدفاع عن الإسلام والمسلمين، فإسلامهم المتطرف ليس إسلامنا.
المفاهيم الدينية المتشددة رافقت المواجهات السياسية، بين النظام الإيرانى والغرب، ثم استنسختها ماكينة دعاية تنظيمى «القاعدة» و«داعش»، وغيرهما لاحقًا، تحرض على الرفض بدل التعايش، والاقتصاص التاريخى، واعتبار كل ما هو غربى أو حداثى اعتداءً على الماضى المقدس. عمّ التطهير الفكرى كل مناحى الحياة الإيرانية، وانتقل إلى الدول الأخرى. وكما فعلت الثورة الثقافية الماوية فى الصين، أسست الثورة الإسلامية الإيرانية مشروعًا ثقافيًا، متطرفًا أيديولوجيًا، تغلغل فى المجتمعات الإسلامية، بما فيها الجاليات المسلمة فى الغرب، وعليه تأسست حركات إسلامية تقلده أو تنافسه فى التطرف.
وقام أتباع هذه الجماعات بعملية تطهير، رافعين سيف التكفير، وتخويف المسلمين المعتدلين، واعتبارهم أعداء للدين، وكذلك حاربوا الأنظمة التى تقف فى وجه مشروعاتهم الفكرية والحركية. وقد عانت غالبية المسلمين من المتطرفين طويلًا، وبكل أسف لم تقم الحكومات بمحاربة التطرف إلا عندما وجدته يتحول إلى مشروع يهدد وجودها. اليوم فى الإسلام، توجد مدارس فكرية متطرفة تدعو إلى القتال والصدام، ويوجد بين المسلمين مسلمون متطرفون خطرون على العالم، ومن ينكر هذه الحقائق إما أنه مكابر أو جاهل.
وعندما يقال فى الغرب: «الإسلام المتطرف»، فإن المعنى به نظام مثل الذى فى طهران، وعندما يقال: «الإسلام الإرهابى» يقصد به تنظيمات مثل «داعش» و«حركة الشباب المسلم» فى الصومال، وتنظيم «أنصار الشريعة» فى ليبيا، وهى جميعها إرهابية، ولا يقصد به أن الإسلام بمجمله متطرف أو إرهابى. ومع صحة هذه المصطلحات فى السياق الذى تحدثت عنه، فإننا نرفض استخدامها فقط خشية التشابه، وسهولة التعميم الذى يؤذى غالبية المسلمين التى لا علاقة لها بالتنظيمات ولا تعتنق الفكر التكفيرى.
ويمكن أن نقول الشيء معكوسًا، أى أنهم يجب ألا يعمموا ويظلموا كل المسلمين، ونحن أيضًا يفترض ألا ندافع عن كل أفكار الذين يستخدمون الإسلام لأغراض سياسية ضد الغير.
لن ندافع عن إسلام الولى الفقيه فى إيران، ولا إسلام أبوبكر البغدادى فى الرقة فى سوريا، هؤلاء يفتعلون قضايا، مثل الرسوم الكاريكاتيرية فى الدنمارك أو المجلة الساخرة فى فرنسا، يريدون تجييش المسلمين لأغراضهم. فالعالم يتسع للمؤمنين وغير المؤمنين وأتباع الديانات الأخرى.
والمسلمون هم أكثر حاجة إلى الإيمان بالتعايش مع الأديان الأخرى وأتباعها؛ لأن عددهم كبير، مليار ونصف المليار منتشرون فى أنحاء الدنيا، ويتقاسمون العيش مع أتباع الديانات الأخرى، من الصين البوذية إلى البرازيل الكاثوليكية. والسبب الآخر، أنهم المعذبون فى الأرض بسبب الحروب والمجاعات ويشكلون معظم اللاجئين فى العالم الذين فى حاجة إلى الإيواء والدعم الخيرى والإنسانى.
وهذا يقودنى إلى النقطة الأخيرة، وهى الأهم؛ لا يكفى أن نعرف أننا نعانى من هذه الإشكالات الفكرية والتنظيمية الخطيرة، ونرفضها كموقف عام، بل يفترض أن يكون التعايش ثقافة ومنهجًا يدرس فى كل المراحل التعليمية. لو أن الحكومات جعلته ضمن تعليمها لما وجد المتطرفون مكانًا لهم.
نقلًا عن «الشرق الأوسط»